أجرى وزير شؤون الشرق الأوسط في الخارجية البريطانية، هيمش فولكنر، اتصالاً هاتفياً مع صحيفة «الشرق الأوسط» خلال زيارته إلى مدينة عدن يوم الثلاثاء 18 نوفمبر (تشرين الثاني) 2025، ليصبح بذلك أرفع مسؤول بريطاني يزور العاصمة اليمنية المؤقتة منذ زيارة وزير الخارجية الأسبق جيريمي هنت في عام 2019. وخلال الحوار، أكد فولكنر احتفاظ بلاده بقنوات اتصال مع جماعة الحوثيين، قائلاً: «نحافظ بالطبع على كل أنواع الاتصالات التي تتوقعونها منا لضمان حضور كامل في المنطقة، لكنني لا أرغب في الخوض في تفاصيل ذلك حالياً».
•إعادة تأكيد الشراكة
وأوضح الوزير أن زيارته تأتي «لإعادة تأكيد شراكة بريطانيا مع اليمن وتعميق التنسيق العملي». واستهلّ جولته بتفقّد مركز صحي في أحد مخيمات النازحين، قبل أن ينتقل لزيارة مقر خفر السواحل اليمني. وقال: «أنا فخور بالشراكة والعمل الذي نفذناه معاً. لقد اعترض خفر السواحل عدداً متزايداً من الشحنات، بما في ذلك شحنات تحتوي على مواد تقنية عالية يمكن استخدامها عسكرياً».
وشدد فولكنر على أهمية العلاقة بين لندن واليمن، وعلى «التعاون الوثيق» بين بريطانيا والسعودية في ملفات الأمن والدعم الإنساني والتنمية، مشيراً إلى فعالية مشتركة سيتم تنظيمها قريباً حول احتياجات خفر السواحل اليمني.
وكشف الوزير أن لقاءاته في عدن شملت رئيس مجلس القيادة الرئاسي الدكتور رشاد العليمي، ورئيس الوزراء، ووزير الخارجية، والقائد الأعلى لخفر السواحل، مؤكداً: «هذه المرة الثانية التي ألتقي فيها الرئيس خلال أسابيع قليلة بعد لقائنا في القاهرة. أجرينا اليوم نقاشات جيدة وسنبقى على تواصل وثيق».
•أمن الملاحة في البحر الأحمر
وتطرّق فولكنر إلى تصاعد الهجمات البحرية المنسوبة للحوثيين منذ عام 2023، والتي يقدّر غربيون أنها تجاوزت 228 هجوماً، وأدّت إلى غرق سفن واحتجاز أخرى ومقتل بحارة، إضافة إلى تعطيل خطوط الشحن العالمية ورفع تكاليف النقل والتأمين بعد تحويل طرق الملاحة نحو رأس الرجاء الصالح.
وقال الوزير: «كنت واضحاً أن اليمن والمنطقة والبحر الأحمر تحتاج إلى الأمن والاستقرار، والحكومة اليمنية شريك أساسي. كما كنت واضحاً في إدانة خطف الحوثيين للعاملين الإنسانيين وفرضهم القيود على المساعدات، ودورهم المزعزع في البحر الأحمر».
وأشار إلى أن المساعدات البريطانية لخفر السواحل اليمني بلغت في سبتمبر (أيلول) 2025 نحو 4 ملايين دولار، شملت قوارب جديدة ومجددة. وأضاف أنه صعد إلى سفينة «عدن»، إحدى القطع التي أعادت بريطانيا تأهيلها، وشاهد معدات اتصالات «أُخفيت ضمن شحنة تجارية» وتم ضبطها بواسطة السفينة.
•صعوبة مسار الحل السياسي
ويعزو باحثون يمنيون تعثر الحل السياسي إلى تعقيدات داخلية وخارجية. وترى الباحثة ميساء شجاع الدين أن «اليمن ليس أولوية حالياً لأي طرف»، وأن المعالجة الجذرية «صعبة وسط تعدد الأزمات الإقليمية». فيما يعتبر محمود شحرة، الزميل في «تشاتام هاوس»، أن «تغيير موازين القوى على الأرض هو ما سيدفع عملية السلام».
وحول ما إذا كانت بريطانيا تستخدم نفوذها مع واشنطن لدفع الملف اليمني إلى الأولويات، قال فولكنر: «ناقشنا بالتأكيد كل هذه القضايا مع الجميع»، مشيراً إلى نقاشاته في عدن مع القيادات اليمنية وإلى التنسيق المستمر مع السعودية والولايات المتحدة والإمارات.
•زيارة أولى لعدن
وعبّر الوزير عن انطباعاته في أول زيارة له إلى عدن، قائلاً: «لقيت استقبالاً دافئاً؛ إنها مدينة جميلة، وكان يوماً مهماً ومفيداً. لكنني رأيت أيضاً أطفالاً يعانون سوء التغذية، ونازحين يكافحون للبقاء. هناك الكثير مما يجب فعله».