يرتجف جسدها بالكامل، ويداها متجمدتان من شدة التوتر، وهي مضطرة لخلع ملابسها تماما والاستلقاء على سرير عيادة الطبيب. "في هذه اللحظة، كرهت كوني امرأة"، بهذه الكلمات القاسية، تلخص منى تجربة العديد من النساء في إيران، حيث لا تزال النساء مجبرات على تقديم شهادة طبية تثبت عذريتهن قبل الزواج، علما أنها ألغيت رسميا عام 2021.
فقد أعدت الصحيفة الإيرانية الإصلاحية "شرق" تقريرا حول هذه الممارسة الرجعية، موثقة شهادات النساء، ولاحظت ازدياد الرفض لها، خصوصا بين فتيات الجيل الجديد اللواتي يسعين لاستعادة السيطرة على أجسادهن.
وتروي منى كيف أتت إلى العيادة برفقة والدتها وخطيبها، علما أنه لم "يكن موافق تماما في البداية، حين حجزت والدتي موعدا لدى الطبيب"، وتابعت: "مع ذلك، جاء معنا في ذلك اليوم، وهذا لم يزد إلا من شعوري بالحرج".
وأشارت منى إلى أن الطبيب "اعتمد في البداية نبرة حادة، واستقبلني بشكل سيء"، لكن بعد انتهاء الفحص، وعندما "تأكد من أنني لم أخض أي علاقة جنسية، تغير سلوكه وعاد إلى طبيعته".
وتقول شابة أخرى من عائلة ميسورة في طهران: "في عائلتي، يجب على كل الفتيات الحصول على شهادة عذرية قبل الزواج". وتضيف: "عائلتي تتبنى نمط عيش حديث في الظاهر، ولو قابلتموهم لما صدقتم أنهم ما زالوا متمسكين بهذه العادات".
وتؤكد أنها الوحيدة التي رفضت الخضوع لهذا الفحص. بعد مرور أكثر من ست سنوات على زواجها، تتذكر: "قبل أيام قليلة من الزواج، طلب مني والدي الذهاب إلى طبيب نساء لإجراء الفحص. كنت حينها في الثامنة عشرة من عمري. لم أنتظر حتى ينهي كلامه، وانهمرت دموعي. كنت مضطربة جدا. وغادرت والدتي الغرفة دون أن تقول كلمة".
وأضافت: "شعرت بغضب هائل تجاه جميع الرجال. لعدة أيام رفضت حتى التحدث إلى زوجي. أذكر أن أجمل الأيام قبل الزواج قد دُمرت تماما بسبب هذا الطلب".
من جانبها، تحكي باريسا كيف أُلغيت خطوبتها عندما طلبت عائلة خطيبها منها تقديم شهادة عذرية، وتقول: "كنا مخطوبين منذ حوالي ثلاثة أشهر، وكان كل شيء يسير على ما يرام. كنا سعيدين جدا معا، وكانت العائلتان تحضران للزفاف، حتى جاء اليوم الذي اتصلت فيه والدة خطيبي بوالدتي"
وتابعت: "ما زلت أتذكر الغضب في صوت والدتي عندما أنهت المكالمة فجأة. شعرت وكأن العالم قد انهار. لم أتوقع أن يُطلب منا شهادة طبية. تحطم قلبي في ذلك اليوم. كنت أفكر فقط في خطيبي، وحرصه على رضا عائلته. لكن بعد ذلك، لم أرغب أبدا في رؤيته مرة أخرى".
في هذا الإطار، أوضحت مارزيا مدديدرستاني، الدكتورة في الأنثروبولوجيا بجامعة طهران، أن غالبية النساء اللواتي خضعن للفحص قمن بذلك تحت الإكراه وفي ظروف ضغط نفسي شديد، لافتة إلى أن "مسألة العذرية تعمل كأداة للسيطرة الاجتماعية، وتطال جميع الطبقات الاجتماعية.
وقالت: "مع فحص العذرية، تُمحى الهوية الإنسانية للمرأة. تُختزل إلى مجرد مفهوم للنقاء أو النجاسة، للعقاب أو المكافأة".