في الوقت الذي أجبرت فيه الأزمة اليمنية، الكثير من اليمنيين، على ترك طقوسهم العيدية وإحياء عاداتهم وتقاليدهم مع كل مناسبة فرائحية، يحاول يمنيو المهجر استحضار نكهات أعيادهم اليمنية للبلدان المستضيفة لهم، في ما يشبه يمنًا مصغرًا، وتعويضًا عن حرمانهم من اليمن الكبير.
ولا يقتصر حضور الطقوس العيدية للجالية اليمنية في مصر، على أغاني العيد، بل يمتد لتوفير الأزياء الشعبية، وتجهيز موائد الأعياد اليمنية من مكسرات وكعك وعصائر وإقامة الرحلات، فضلًا عن زيارة الأصدقاء اليمنيين المقيمين في القاهرة أو المرضى المقبلين للعلاج.
وتقدر إحصائيات غير رسمية عدد اليمنيين المقيمين في جمهورية مصر العربية، بنحو مليوني نسمة، معظمهم لاجئين من البلاد التي دخلت عامها السابع من الحرب، فضلًا عن المقيمين للعلاج والدراسة في مصر التي تعد القبلة الأولى لليمنيين علاجًا وتعليمًا.
تمسك الحاجة أم محمد، بقنينة المشروب اليمني الذي لا يفارقها في مناسباتها العيدية منذ كانت في اليمن، بعدما بحثت عنه كثيرًا قبل أن تجده في محل تجاري يوفر كافة المنتجات اليمنية، قائلة إن لا شيء يعوض قضاء عيدها خارج صنعاء، لكنها تأنس كثيرًا بهذه الأجواء الفرائحية اليمنية المستقبلة للعيد.
وتقول أم محمد إن ما شد انتباهها هو توفير كافة متطلبات اليمنيين، حتى يشعر المغترب أنه في بلده، مشيرة إلى أن ما يضاهي فرحتها باقتناء مستلزماتها ذات الطابع اليمني، تجهيزًا لأول أعيادها في القاهرة، هو كثرة اليمنيين المتواجدين في محيطها، بحيث تأنس بهم أكثر، فضلًا عن انطباعاتها عن المصريين الذين تقول إن حفاوتهم تشعرها كأنها في وطنها الأم.
ويعمد محمد صالح، 30 عامًا، إلى تشغيل الأغاني العيدية اليمنية مع كل عيد، مؤكدًا أن صوت علي الآنسي بأغنية “أنستنا يا عيد”، يشد الناس أكثر للإقبال على محله وشراء مستلزمات العيد، التي يقبل عليها حتى اليمنيون المتفرقون في أطراف العاصمة، نظرًا لعدم توفر محلات لبيع المستلزمات اليمنية سوى في مناطق محدودة، بينها حي الدقي وشارع فيصل.
وعلى الرغم من ارتفاع أسعار المستلزمات اليمنية، نظرًا لتكاليف شحنها من اليمن وتوفيرها في القاهرة، إلا أن كثيرًا من اليمنيين، لاسيما ذوي الدخل المحدود، يجهدون لشرائها، لما تمثله من اكتمال للطقوس العيدية اليمنية.
وتحرص اليمنيات المقيمات في القاهرة على أن يزينّ أيديهن بنقشات الخضاب والحناء، احتفاءً بالعيد، وهو جزء من طقوسهن العيدية التي اعتدن عليها في بلدهن الأصل.
تقول الأربعينية أم وليد، التي تعمل في رسم نقشات الخضاب على أيادي النساء: “تزداد نسبة العمل قبل العيد بشكل كبير، إذ ان معظم اليمنيات يفضلن استقبال العيد وعلى أيديهن نقشات الحناء”.
ويتركز تواجد اليمنيين كثيرًا في أحياء “الدقي وفيصل وأرض اللواء والمنيل”، ما يسهل لهم الالتقاء وزيارة بعضهم البعض وإقامة رحلات للمتنزهات والنيل، فضلًا عن إقبالهم على المطاعم اليمنية التي تتميز بطابعها اليمني الجميل، إلى جانب تقديمها الوجبات اليمنية الشعبية، كما أنها تعد ملتقى لليمنيين القادمين من أماكن شتى في أنحاء العاصمة المصرية.