اليمن: تقرير للبنك الدولي يحذر من تعمق الأزمة الاقتصادية وسط انكماش حاد وتدهور معيشي واسع
يمن فيوتشر - متابعات خاصة الإثنين, 02 يونيو, 2025 - 01:36 مساءً
اليمن: تقرير للبنك الدولي يحذر من تعمق الأزمة الاقتصادية وسط انكماش حاد وتدهور معيشي واسع

حذّر البنك الدولي من استمرار تدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في اليمن، في ظل استمرار الصراع وتفاقم التجزؤ المؤسسي وتراجع الدعم الخارجي، مؤكدًا أن الاقتصاد اليمني يواجه ضغوطاً شديدة تهدد بعرقلة مسار التعافي، في حال عدم التوصل إلى تسوية سلمية شاملة.

وجاء في تقرير المرصد الاقتصادي لليمن – ربيع 2025، الصادر تحت عنوان “الهشاشة المستمرة وسط تزايد المخاطر”, أن نصيب الفرد من إجمالي الناتج المحلي الحقيقي قد انخفض بنسبة 58% منذ عام 2015، بينما ارتفعت معدلات التضخم في المناطق الخاضعة للحكومة المعترف بها دولياً إلى أكثر من 30% خلال عام 2024.

وأشار التقرير إلى أن سعر صرف الريال اليمني شهد تراجعاً حاداً أمام الدولار، من 1,540 ريال إلى 2,065 ريال خلال العام المنصرم، ما أدى إلى تآكل إضافي في القوة الشرائية للأسر، وسط موجة غلاء متسارعة في أسعار السلع الأساسية.

ويبرز التقرير تأثير الحصار المستمر الذي تفرضه جماعة الحوثيين على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض حاد في الإيرادات العامة للدولة، حيث تراجعت إيرادات الحكومة -باستثناء المنح- إلى 2.5% فقط من الناتج المحلي الإجمالي عام 2024، رغم تقلص العجز المالي إلى النسبة نفسها مقارنة بـ7.2% في العام السابق.

 

تجزؤ اقتصادي وبيئة هشة

يشير التقرير إلى أن الانقسام العميق بين المنطقتين الاقتصاديتين – الخاضعتين للحكومة من جهة، وللحوثيين من جهة أخرى – يُسهم في تقويض جهود التنسيق المالي والنقدي على مستوى الدولة، ويُكرّس تفاوتاً واسعاً في الخدمات والمؤسسات وأسعار الصرف والأنظمة المصرفية.

وأدى تصاعد التوترات في البحر الأحمر إلى مزيد من التعقيد، حيث سجل عام 2024 أكثر من 450 حادثاً وهجوماً بحرياً، ما تسبب في تعطيل حركة التجارة عبر مضيق باب المندب، ورفع تكاليف الشحن، الأمر الذي انعكس سلباً على أسعار السلع الأساسية وتوفرها.

 

أزمة إنسانية متفاقمة

على المستوى الاجتماعي، حذر البنك الدولي من تفاقم حدة الأزمة الإنسانية، موضحاً أن أكثر من ثلثي السكان يعانون من انعدام حاد في الأمن الغذائي، وسط تنامي اللجوء إلى استراتيجيات تكيّف سلبية، مثل تقليص الوجبات وبيع الأصول، في ظل تقلص موارد الأسر.

 

دعوات لتعزيز صمود المؤسسات

وفي تعليقها على التقرير، قالت دينا أبو غيدة، مديرة مكتب مجموعة البنك الدولي في اليمن: “إن الاقتصاد اليمني يعاني من التجزؤ والهشاشة، ومع ذلك، فإن إمكانية التعافي لا تزال حقيقية”. وأضافت أن اتخاذ خطوات فورية مثل دعم المؤسسات المحلية وحماية الخدمات الأساسية يمكن أن يسهم في تخفيف الأعباء عن اليمنيين، رغم أن تحقيق التعافي الشامل يظل مشروطًا بتحقيق السلام.

 

توقعات قاتمة لعام 2025

ويُتوقع أن ينكمش الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي في عام 2025 بنسبة 1.5%، بينما ينخفض نصيب الفرد من الناتج المحلي الاسمي بنسبة 19%. ويُرجح أن تتفاقم الآثار السلبية بفعل انخفاض قيمة العملة، وتراجع الدعم المالي، وتقلص السيولة، واستمرار أزمة الوقود.

وفي حين تتواصل الضغوط التضخمية في مناطق الحكومة، فإن اقتصاد المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون يتجه بشكل متزايد نحو الاقتصاد غير الرسمي، بما في ذلك الاعتماد على المقايضة، مع تراجع التحويلات وضعف الأنشطة الاقتصادية.

 

ثلاثة سيناريوهات للمستقبل

ويختتم التقرير باستشراف ثلاثة مسارات محتملة للاقتصاد اليمني: استمرار الوضع الراهن، أو تصعيد جديد في الصراع، أو التوجه نحو سلام دائم. وفي السيناريو الأخير، يتوقع البنك الدولي أن يشهد الاقتصاد نمواً سنوياً بمعدل 5% على مدى الخمسة عشر عاماً المقبلة، مدعوماً بإعادة الإعمار، وتعزيز المؤسسات، وتدفق الاستثمارات الجديدة.


التعليقات