تصاعدت المخاوف في الأوساط الحقوقية والسياسية من حملة قمعية جديدة في مناطق سيطرة جماعة الحوثيين، في ظل تنامي الخطاب التحريضي وتكثيف القبضة الأمنية.
التوجس العام ينبع من مؤشرات على استعداد الجماعة لتنفيذ حملة اختطافات واسعة بحق معارضين ونشطاء ومدنيين، بتهم فضفاضة من قبيل "العمالة" و"التجسس" لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل، وهي تهم غالبًا ما تُستخدم تمهيدًا لأحكام إعدام ترهب المجتمع وتُخرس الأصوات المخالفة.
وسائل إعلام حوثية تحدثت عن لقاء جمع رئيس جهاز الأمن والمخابرات عبد الحكيم الخيواني، ووكيل وزارة الداخلية علي حسين الحوثي، نجل مؤسس الجماعة، لمناقشة ما سُميت "توجيهات الرئيس المشاط للأجهزة الأمنية"، عقب اجتماع لمجلس الدفاع الوطني، وهو أعلى هيئة عسكرية وأمنية شكّلها الحوثيون.
وبحسب قناة "المسيرة"، تطرق اللقاء إلى ما اُعتبر "نجاحات" أمنية في كشف خلايا تجسس تابعة لـ"استخبارات العدو"، في إشارة إلى أجهزة استخبارات غربية وعربية.
في السياق نفسه، أطلق مهدي المشاط، رئيس ما يسمى "المجلس السياسي الأعلى"، تصريحات وُصفت بالتحريضية، دعا فيها إلى "الحزم" مع من وصفهم بـ"المتورطين في المعركة مع الأمريكي والإسرائيلي"، معتبرًا أن الإعدام هو العقوبة المناسبة، حد تعبيره. كما تحدث عن "تحرك قبلي لصياغة وثيقة شرف ضد الخونة"، في خطوة تُقرأ كمحاولة لحشد الغطاء الاجتماعي لممارسات قد تصل إلى التصفية الجسدية.
وذهب المشاط إلى القول بعيدًا بأنها "معركة بين يهودي ومسلم"، في محاولة لنزع البعد السياسي عن المعارضة وتحويلها إلى خيانة دينية، ما يفتح الباب أمام مزيد العنف والتصفية المباشرة.
تأتي التصريحات في وقت تتواصل فيه الضربات الجوية الأميركية على مواقع مفترضة للجماعة المصنفة على قائمة الإرهاب، شمالي وغربي البلاد، منذ منتصف مارس/آذار الماضي، وهو ما استغلته لتعزيز خطابها الأمني والديني، وتوسيع دائرة الاتهام بالعمالة لتشمل معارضين سياسيين وناشطين ومواطنين لا يدينون لها بالولاء.
ولطالما استخدمت الجماعة المدعومة من إيران تهم "التجسس" كوسيلة لإسكات الأصوات المخالفة وتصفية الحسابات، قبل أن تضيف مؤخرًا "العمالة لأمريكا وإسرائيل وبريطانيا" إلى قاموسها الخاص، في سياق يتسق مع تصعيدها الإعلامي والأمني منذ بداية الضربات الغربية.
ومع إشارة المشاط العلنية إلى الإعدام كعقوبة محتملة، تتعزز المخاوف من تنفيذ عمليات مباشرة بحق مدنيين خارج إطار القضاء، في ظل توظيف ممنهج للقانون كأداة قمع سياسي.