قال مدير مكتب الشؤون العامة للبهائيين في اليمن، نادر السقاف، إن البهائيين ما زالوا يواجهون اضطهادًا ممنهجًا من قبل الحوثيين، يشمل الاخفاء القسري والتنصت على التلفونات إلى جانب مصادرة الممتلكات والتحريض العلني عبر المنابر الإعلامية والدينية.
وأوضح في حوار مع "يمن فيوتشر" أن الحوثيين يستخدمون القضاء لترسيخ هذا التمييز، بعدما تعرض عديد البهائيين لمحاكمات غير عادلة وأحكام قاسية على خلفية معتقداتهم الدينية.
وأكد السقاف أن الانتهاكات تأتي ضمن سياسة تهدف إلى إقصاء البهائيين من الحياة العامة، فيما تمضي الجماعة المصنفة على لائحة الإرهاب إلى فرض رؤيتها الدينية والسياسية بالقوة، كاشفًا عن حالات موثقة لاختفاء قسري وتعذيب مختطفين من أتباع الديانة الجديدة.
وأشار على هامش مشاركته النسخة الثالثة من منتدى اليمن الدولي المنعقد في عمّان، فبراير/شباط المنصرم، إلى أن تحقيق السلام المستدام في البلد المحترب يتطلب إشراك جميع فئات المجتمع، بما في ذلك الأقليات الدينية.
-كيف تقيمون مشاركتكم المستمرة في منتدى اليمن الدولي، وخاصة النسخة الثالثة منه؟ وما الرسالة التي أردتم إيصالها؟
في البداية الشكر موصول إلى مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية للدعوة الكريمة للمشاركة في هذه المساحة المهمة والتي تعكس مبدأ التنوع والشمولية للعديد من مكونات المجتمع اليمني. منتدى اليمن الدولي الثالث شكل فرصة فريدة لمناقشة قضايا العدالة والتعايش من منظور يشمل جميع فئات المجتمع، وخاصة الأقليات والمجتمعات المهمشة. هذه الفئات غالبًا ما يتم استبعادها من عمليات السلام وإعادة الإعمار، رغم أنها كانت من بين الأكثر تضررًا خلال النزاع. مشاركتنا تأتي من إيماننا بأن أي عملية سلام حقيقية ومستدامة يجب أن تكون شاملة، وتضمن مشاركة الجميع في بناء مستقبل اليمن. إن تجاهل إشراك جميع مكونات المجتمع اليمني بحجة أن "الوقت غير مناسب" لن يؤدي إلا إلى استمرار دورة الظلم والصراع. معالجة مواطن الخلل الهدف منها بأن يكون جميع اليمنيين مشاركًا فعالًا في بناء مستقبل اليمن.
مكتب الشؤون العامة للبهائيين في اليمن مستمر على العمل في إطار الحوارات المجتمعية التي يقودها لتعزيز ثقافة التعايش كركيزة ورسالة أساسية.
-هل وجدتم تجاوبًا مع القضايا التي طرحتموها خلال المنتدى؟ وهل هناك مؤشرات على إمكانية تحقيق خطوة أفضل بشأن الأقليات؟
لا يمكن تحقيق سلام مستدام إذا لم تكن هناك عدالة حقيقية، والعدالة تتطلب الاعتراف بمواطن الخلل وتصحيحها. كان هناك العديد من المشاركين في المنتدى متجاوبين مع القضايا التي طرحت ومن ضمنها العديد من الانتهاكات التي تعرض لها البهائيون وغيرهم وبأنها ليست مجرد أحداث فردية أو معزولة، بل هي نتيجة قوانين غير عادلة أو تمييز في تطبيقها. عدم الاعتراف بهذه الحقيقة سيؤدي إلى استمرار نفس السياسات والممارسات التي أججت النزاع في المقام الأول ولهذا من الجميل أن نرى نموًا في نسبة الوعي لدى العديد من المشاركين في المنتدى لهذا العام.
من أجل تحقيق خطوة أفضل نحن بحاجة إلى تغيير هذه العقلية، والاعتراف بأن تحقيق السلام لا يعني فقط إنهاء العنف، بل يعني أيضًا تصحيح الأخطاء الماضية، وإدماج جميع اليمنيين – بغض النظر عن خلفياتهم الدينية أو العرقية أو الاجتماعية – في بناء مستقبل مشترك. لا يمكننا تجاهل هذه الحقيقة، وإلا فإننا سنجد أنفسنا نكرر نفس الأخطاء ونعيق أي تقدم حقيقي نحو بناء مستقبل أفضل لجميع اليمنيين.
-كيف تصف وضع البهائيين في الداخل اليمني اليوم؟ وما المتغيرات التي طرأت العام الماضي وهذا العام بشأن أتباع الديانة الجديدة؟
البهائيون في اليمن يُشكّلون جزءًا لا يتجزأ من نسيج المجتمع اليمني، ومن الممكن الإشارة إلى جانبين للوضع الحالي:
الأول هو حول استمرار مشاركة البهائيين في عملية المساهمة في بناء المجتمع وذلك بطرق مختلفة منها الحوارات المجتمعية، العمل الاجتماعي، التعليم والتربية وغيرها من النشاطات الأخرى.
الثاني وهو للأسف استمرار عمليات الاضطهاد المنهجية الحاصلة من طرف الحوثيين ولعل آخرها الاخفاء القسري للبهائيين بتهم مرتبطة بديانتهم ونشاطاتهم المجتمعية. في مايو/أيار 2023، أقدم الحوثيين على الاخفاء القسري لمجموعة من 17 من البهائيين خلال اجتماع سلمي، في خطوة وصفتها منظمات حقوقية بأنها جزء من "حملة اضطهاد منهجية". مع بداية 2024، لم يظهر أي تحوّل جوهري في سياسة الحوثيين تجاه البهائيين، بل استمرت وسائل التضييق عليهم بطرق مختلفة منها الرقابة المستمرة، التنصت على التلفونات، مصادرة الممتلكات، مصادرة الحسابات البنكية وغيرها من قائمة تطول من الانتهاكات والتي تهدف بطريقة أو أخرى محاولة القضاء على مكون من مكونات المجتمع اليمني. ولا يزال التنمر الاجتماعي وخطاب الكراهية الإعلامي التحريضي من طرف الحوثيين قائمًا لمحاولة خلق نوع من الرفض المجتمعي للبهائيين وبالتالي يسهل من عملية الاضطهاد المنهجي المستمرة.
-هل لا يزال البهائيون معرضين للاعتقال أو الاختطاف والمحاكمات التعسفية؟ وما آخر المستجدات في هذا الجانب؟
نعم، البهائيون في اليمن لا يزالون معرضين للاعتقال والاختطاف والمحاكمات التعسفية، وهذا ليس فقط خطر فردي، بل سياسة حوثية مستمرة تهدف لتصفية المجتمع البهائي ويرقى إلى محاولة إبادة لمكون من مكونات المجتمع اليمني.
وآخر المستجدات:
•الاعتقالات والاختطافات: آخر موجة كانت في مايو/أيار 2023، لما تم الاخفاء القسري ل 17 بهائيًا بعد اقتحام اجتماع سلمي لهم في صنعاء. حتى منتصف 2024، كان عدد منهم لا يزال محتجزًا بدون السماح لهم بالتواصل المنتظم مع عائلاتهم أو محاميهم.
• خطاب الكراهية التحريضي: الخطاب الإعلامي الحوثي لا يزال يحرض ضد البهائيين، مما يعرضهم لخطر أكبر في المجتمع ويؤجج العنف ضدهم.
•المصادرة والاستيلاء على الممتلكات: السلطات الحوثية استمرت في الاستيلاء على أملاك البهائيين، سواء بيوت خاصة أو مكاتب أو ممتلكات شخصية.
-كيف تتعامل كل من الحكومة المعترف بها دوليًا وجماعة الحوثيين مع البهائيين؟ هل هناك فروقات؟
الحكومة اليمنية تتبنى رسميًا خطابًا واضحًا بأن البهائيين جزء لا يتجزأ من مكونات المجتمع اليمني. وكانت هناك تصريحات واضحة وصريحة من العديد المسؤولين الحكوميين اليمنيين للمطالبة بإطلاق سراح البهائيين سابقًا من معتقلات الحوثيين والمطالبة من المجتمع الدولي بالتدخل لإنهاء هذا الاضطهاد المنهجي.
أما عن الحوثيين، فإعلامهم ما زال يشن حملات شيطنة وتحريض وكراهية ضد البهائيين كجزء من التعبئة الإعلامية والتعليمية والدينية للحوثيين.
وما زالوا يقومون بـ:
•اعتقالات تعسفية جماعية وفردية.
•محاكمات أمام المحكمة الجزائية المتخصصة.
•مصادرة الممتلكات، سواء عقارات أو أموال أو وثائق شخصية.
•التعذيب أثناء الاحتجاز لإجبارهم على الاعتراف أو التخلي عن معتقداتهم.
•النفي القسري، إجبار بعض البهائيين على مغادرة اليمن كشرط للإفراج عنهم.
-هل اضطر بهائيون إلى مغادرة اليمن بأعداد كبيرة؟ وما أبرز التحديات التي تواجههم في الخارج؟
البهائيون يمنيون متمسكون بالبقاء في بلدهم وللأسف اضطر البعض بسبب الإبعاد القسري والنفي والضغوط الشديدة من الحوثيين للخروج من اليمن لكن الغالبية وهم بالآلاف متواجدين في اليمن ويعانون مما يقوم به الحوثيون بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، ورغم ذلك يسعون إلى مواصلة ما يقومون به من محاولات للمساعدة في بناء مستقبل اليمن.
الهجرة ليست خيارًا، بل اضطرارًا في هذه الحالة، والتحديات في الخارج تمتد من أزمات قانونية إلى اقتصادية ونفسية. مع ذلك، البهائيون اليمنيون في المهجر أظهروا قدرة كبيرة على التكيف، لكن الألم العميق بسبب التهجير القسري والنفي من الوطن لا يزال حاضرًا بقوة.
-كيف تؤثر الحرب على ممارسة البهائيين لمعتقداتهم وطقوسهم في الداخل؟
الحرب حولت ممارسة البهائيين لمعتقداتهم من تجربة روحانية إلى تجربة محفوفة بالمخاطر والمراقبة.
البهائيون اليوم في الداخل حتى أبسط الأمور مثل قراءة نص مقدس أو الاحتفال بعيد ديني صار تهمة أمنية.
البهائيون كمواطنين يمنيين كانوا يشاركون احتفالاتهم بالأعياد البهائية المقدسة مع غيرهم من اليمنيين، مثل الاحتفال بعيد الرضوان وعيد النيروز اللذين يعتبران من أهم الأعياد البهائية، وهما عيد إعلان دعوة الدين البهائي وعيد بداية السنة البهائية على التوالي، لكن الاحتفال بهذه المناسبات صار محفوفًا بالمخاطر.
الحوثيون يراقبون الإنترنت والاتصالات، وينشرون خطاب الكراهية مما يسبب تهديدًا إضافيًا على البهائيين.
في عدة حالات، وآخرها في مايو/أيار 2023، تم اعتقال المشاركين مباشرة من داخل منازلهم أثناء اجتماعات سلمية. وهو ما خلق حالة خطر دائم، إذ صارت كل ممارسة دينية محفوفة بالمخاطر، حتى لو كانت مجرد دعاء أو احتفال بأحد الأعياد البهائية.
الهجرة القسرية والنفي فرقت الكثير من العائلات البهائية، فبعض أفراد العائلة في الخارج، والباقون تحت الاضطهاد الممنهج في الداخل.
في صنعاء، استولى الحوثيون على المقابر البهائية وصادروا الأراضي والممتلكات للعديد من البهائيين، وكانوا سبب في فقدان العديد منهم لأعمالهم مما أدى لفقدان مصدر رزقهم.
الحوثيون استولوا أيضًا على مؤسسات خدمية بهائية كانت تهدف لخدمة المجتمع.
-برأيكم، ما العوائق الرئيسية التي تحول دون تحقيق العدالة والتعايش في اليمن؟
هناك عدة تحديات تعرقل تحقيق العدالة والتعايش في اليمن بشكل ملموس، وأهمها:
1. غياب الإرادة الجمعية لتنفيذ إصلاحات حقيقية: رغم أن هناك حديثًا مستمرًا عن العدالة والمساواة، إلا أن تنفيذ الإصلاحات الفعلية تواجه مقاومة بسبب عدم إعطائها أولوية في هذه المرحلة.
2.رواسب ثقافية واجتماعية تعزز الإقصاء: للأسف، هناك نظرة سائدة تعتبر الأقليات والمهمشين مواطنين من الدرجة الثانية، مما يجعل من الصعب تحقيق شراكة حقيقية على أرض الواقع.
3. استخدام القوانين كأداة للتمييز: بعض القوانين اليمنية لا تزال تعزز التمييز بدلًا من أن تحمي حقوق الجميع، وهناك حاجة ماسة لمراجعتها وإصلاحها.
4.ضعف دور المجتمع المدني بالمطالبة بتغييرات حقيقية: رغم وجود منظمات حقوقية ناشطة، إلا أنها بحاجة إلى دعم أكبر وتمكين قانوني حتى تكون قادرة على التأثير الحقيقي في عملية صنع القرار.
- كيف يمكن تحقيق مواطنة متساوية لجميع اليمنيين بصرف النظر عن انتماءاتهم الدينية أو العرقية؟ (هل حققتم تقاربًا في هذا الجانب مع مختلف الأحزاب والمكونات والأديان والمذاهب اليمنية، وبخاصة المؤسسة الدينية الإسلامية؟)
هناك بعض العوامل التي من الممكن أن تساعد في تحقيق مواطنة متساوية لجميع اليمنيين بغض النظر عن الدين أو العرق ومنها:
- المعرفة والإنصاف التاريخي
● الإشارة الصريحة بالانتهاكات التي تعرضت لها الأقليات (ومنهم البهائيون، المسيحيون، اليهود، المهمشون وغيرهم) عبر التاريخ اليمني.
● لا يجب النظر بأنها مجرد خطوة رمزية، بل هي مقدمة أساسية للتسامح؛ لأن الإنكار يرسّخ الإقصاء.
- إصلاح القوانين
● اليمن بحاجة إلى مراجعة شاملة لمنظومة القوانين بحيث تكون المواطنة مبنية على أساس فردي وليس على أساس الانتماء الديني أو العرقي.
● إلغاء أي مواد قانونية تسمح بالتمييز في الحقوق السياسية، المدنية، الاجتماعية، والثقافية.
● تبني تعريف شامل للمواطنة يقر ويعترف أن كل اليمنيين متساوون أمام القانون، مع حماية خصوصية المعتقد.
- إشراك الأقليات في صناعة المستقبل
● الأقليات والفئات المهمشة هم جزء أصيل من النسيج الوطني ولهذا من المهم أن تكون في فضاءات الحوار حول مفاوضات السلام وصياغة أي تعديلات دستورية.
- إطلاق برامج تعليمية وتوعوية
● النظام التعليمي والإعلامي بحاجة إلى إعادة صياغة بحيث ينشر قيم التعددية والتنوع.
● إدخال مقررات تتحدث عن التنوع التاريخي اليمني، وتعرض قصص نجاح شخصيات من أقليات دينية وعرقية.
● إلغاء الخطاب الإقصائي في الكتب المدرسية والخطاب الديني الرسمي.
- الإعلام والتغيير الثقافي
● الإعلام اليمني (الرسمي والمستقل) يجب أن يلعب دورًا في إعادة تعريف المواطنة.
● تسليط الضوء على قصص نجاح بهائيين، مسيحيين، يهود، مهمشين وأقليات أخرى، من أجل أن يعي المجتمع اليمني بأنهم جميعًا شركاء في الوطن.
● الإعلام يجب أن يكون مساحة لتعريف الناس بتاريخ التعايش في اليمن قبل أن يزرع التعصب هذه الكراهية.
بالنسبة لما يخص التقارب في هذا الجانب مع مختلف الأحزاب والمكونات والأديان والمذاهب اليمنية، وبخاصة المؤسسة الدينية الإسلامية، فالحل هنا يكون من خلال فتح حوارات فكرية عميقة مع الجميع، وإبراز أهمية التعددية التي كانت جزءًا من التاريخ اليمني وليس تهديدًا له. ما زلت هذه الخطوات بطيئة وربما هناك تقارب أفضل مع الأقليات والأديان المختلفة في اليمن جراء مرورهم بنفس التحدي، لكن الطموح الأكبر أن تقوم الأحزاب والمكونات الأخرى أيضًا بمبادرات أكثر وضوحًا والتي يمكن لها أن تشكل أساسًا أفضل لهذا التقارب.
- ما الإصلاحات القانونية الضرورية لضمان عدم التمييز ضد الأقليات؟
مثلما ذكرتُ سابقًا لا يمكن تحقيق سلام مستدام إذا لم تكن هناك عدالة حقيقية، والعدالة تتطلب الاعتراف بمواطن الخلل وتصحيحها.
ضمان عدم التمييز ضد الأقليات، يحتاج أن ننظر له من عدة زوايا، منها:
• المواطنة المتساوية تتطلب إصلاحات دستورية وقانونية عميقة
• حماية الأقليات، وبشكل عام كل مكونات المجتمع اليمني، جزء من بناء دولة مدنية حديثة
الإصلاحات القانونية الضرورية لضمان عدم التمييز ضد الأقليات عديدة ومنها:
- نص دستوري واضح على المواطنة المتساوية
● الدستور يجب أن يحتوي على نص بشكل مباشر يتكلم عن أن:
●الدين أو المذهب أو العرق أو اللون أو النوع أو الخلفية الاجتماعية لا يؤثر على حقوق المواطنة.
●كل الأديان والمذاهب لها الحق في ممارسة شعائرها بحرية، بما لا يتعارض مع حقوق الآخرين.
- إلغاء القوانين ذات الطابع التمييزي
● أي مواد في القانون اليمني لها طابع تمييزي يجب أن تتغير لضمان حماية حقوق جميع اليمنيين ومنها حرية الاعتقاد.
- إقرار قانون لحماية الأقليات
●قانون يضمن للأقليات حقوقها والاعتراف الرسمي بها.
- مراجعة قانون الأحوال الشخصية
● قانون الأحوال الشخصية يحب أن يراعي التنوع المجتمعي ويعطي حقوق جميع المواطنين باختلاف معتقداتهم.
- تجريم التحريض، خطاب الكراهية، والتمييز الديني
● يجب أن يكون هناك قانون صريح يجرّم:
o التحريض الديني وخطاب الكراهية ضد الأقليات.
o التمييز في التوظيف أو التعليم بسبب الدين أو العرق أو اللون أو النوع أو الخلفية الاجتماعية.
● وأن يكون الإعلام والمنابر الدينية تحت الرقابة القانونية فيما يخص خطاب الكراهية.
- هل تنشطون في هذا الاتجاه مع المجلس الوطني للأقليات في اليمن أم منفردين؟ وهل لديكم شركاء؟
هذا سؤال مهم، وأعتقد من المهم هنا إيضاح نقطة هامة، وهي من هم المجلس الوطني للأقليات في اليمن ومن هو مكتب الشؤون العامة للبهائيين في اليمن؟
-المجلس الوطني للأقليات في اليمن هو تحالف مدني سلمي تأسس في مارس/آذار 2022، ويضم البهائيين والمسيحيين واليهود وذوي البشرة السوداء (المهمشين) والمولدين. يهدف إلى الدفاع عن حقوق الأقليات الدينية والعرقية في اليمن، وتعزيز ثقافة التنوع والتسامح، والعمل من أجل مواطنة متساوية تحترم جميع الهويات، استنادًا إلى القانون الدولي لحقوق الإنسان.
- مكتب الشؤون العامة للبهائيين في اليمن نحن نمثل المجتمع البهائي اليمني على المستوى الوطني، من خلال المساهمة في أبرز الحوارات المجتمعية الملحة والمصيرية. نسعى إلى تعزيز مبادئ الوحدة والتعايش والعدالة، ونعمل عبر شراكات بنّاءة مع منظمات المجتمع المدني والجهات الحكومية وغير الحكومية، بهدف الإسهام في بناء يمن يحتضن تنوعه الثقافي والديني، ويضمن المواطنة المتساوية لجميع أبنائه وبناته.
وبناء عليه، فمن المؤكد أن نشاطات المكتب تتقاطع في بعض الأمور مع المجلس؛ لأنّ الهدف المشترك الذي يجمعنا مع غيرنا من اليمنيين هو السعي لبناء مجتمع أفضل لكل اليمنيين.
يعمل المكتب مع العديد من منظمات المجتمع المدني المحلية، الناشطين، الإعلاميين وأعضاء في الحكومة اليمنية نحو هدف مشترك يشمل مشاركة جميع أبناء الوطن تحت مفهوم المواطنة المتساوية في بناء حاضر ومستقبل اليمن.
- ما رؤيتكم لمستقبل البهائيين في اليمن؟ وهل تعتقدون أن هناك فرصة للعيش في بيئة تحترم التنوع الديني؟
- إذا تم العمل بجدية على تحقيق مفهوم العدالة الحقيقي وضمان مبدأ التعايش، فإن اليمن سيكون قادرًا على الخروج من دوامة الصراعات والانقسامات، وبناء مجتمع أكثر ازدهارًا واستقرارًا. السلام الحقيقي لا يتحقق بمجرد وقف إطلاق النار، بل عبر تأسيس مجتمع يحترم حقوق جميع أفراده، ويضمن الحقوق المتساوية لكل شخص ينتمي لهذا الوطن.
إذا استطعنا تحقيق ذلك، فإننا لن نحمي فقط حقوق الأقليات، بل سنؤسس لسلام شامل ومستدام يفيد جميع اليمنيين، ويؤدي إلى نهضة حقيقية تعيد اليمن إلى موقعه الطبيعي كمجتمع متنوع ومتسامح ومستقر.
- كيف يمكن للمجتمع المدني والمنظمات الحقوقية دعم البهائيين والأقليات الأخرى في اليمن؟
هذا سؤال في غاية الأهمية؛ لأن دور المجتمع المدني والمنظمات الحقوقية أساسي في حماية الأقليات والدفاع عن حقوقهم في ظل السياق اليمني المعقد.
المجتمع المدني والمنظمات الحقوقية هي حلقة وصل بين الأقليات وبين المجتمع الأوسع - السلطات السياسية - العالم الخارجي. دعم الأقليات ليس خدمة لفئة بعينها، بل لبنة أساسية لبناء يمن يحترم حقوق الإنسان. والمطلوب ليس فقط الدفاع عن الأقليات، بل تغيير الثقافة السياسية والاجتماعية تجاه فكرة المواطنة المتساوية والتنوع.
هناك العديد من الأمور التي من الممكن أن يقوم بها المجتمع المدني والمنظمات الحقوقية ومن أهمها:
- تعزيز الخطاب الإعلامي
● المنظمات الحقوقية والإعلامية تحتاج إلى:
o إنتاج قصص إنسانية عن الأقليات.
o إبراز التنوع الثقافي والديني كقيمة يمنية إيجابية.
o مواجهة خطاب الكراهية بخطاب إعلامي مدروس يُبرز كيف ساهمت الأقليات تاريخيًا في بناء المجتمع اليمني.
- إدماج قضايا الأقليات في أجندات السلام
●المجتمع المدني يجب أن يناصر ويدعم:
o تضمين مفاوضات السلام بندًا صريحًا عن حقوق الأقليات.
o تمثيل الأقليات بشكل مباشر في أي حوار وطني قادم لرسم مستقبل اليمن.
o ربط حقوق الأقليات بمشروع العدالة الانتقالية في اليمن.
- البرامج التوعوية والتعليمية
● تنظيم ورش تدريبية للإعلاميين والمعلمين والناشطين حول:
o حقوق الأقليات في القانون الدولي.
o ثقافة التنوع الديني والعرقي.
o كيف تُبنى المجتمعات المتعددة بشكل إيجابي.
● إدماج قصص الأقليات في المناهج البديلة والبرامج الثقافية.
- هل هناك جهود دولية ملموسة لدعم حقوق البهائيين في اليمن، أم أن قضيتهم لا تزال في الهامش؟
نحن في المكتب نؤمن بأن التغيير الأساسي والمستدام هو النابع من الداخل المحلي. ولهذا هناك بارقة أمل خلال السنوات الأخيرة ومنها:
● بدأت بعض منظمات المجتمع المدني اليمنية تتبنى خطاب المواطنة المتساوية والتعايش بشكل أوسع.
● ثمة حضور أكبر لقضايا الأقليات، ومشاركتنا في منتدى اليمن الدولي لهو خير دليل على ذلك.
وغير ذلك هناك مشاركات مختلفة في:
o ورش العمل.
o الفعاليات الثقافية.
o الحوارات الإعلامية.
بالتأكيد التحديات مستمرة لكننا في الاتجاه الصحيح بوجود العديد من الناشطين، منظمات المجتمع المدني وأعضاء من الحكومة اليمنية يشجعون على التعاطي بمفهوم المواطنة المتساوية لجميع اليمنيين باختلافاتهم.
- ما الرسالة التي توجهونها إلى اليمنيين، سواء من صناع القرار أو من عامة الناس، حول أهمية التعددية وحرية الاعتقاد والتعايش؟
رسالتنا إلى إخواننا وأخواتنا اليمنيين/ات،
اليمن بلد غني بتنوعه، وهذا التنوع الديني والثقافي والعرقي ليس عبئًا على وحدتنا الوطنية، بل هو ثروة وطنية يجب أن نحميها ونفتخر بها. تاريخ اليمن لم يكن أبدًا لونًا واحدًا أو صوتًا واحدًا، بل كان دائمًا لوحة متعددة الألوان، عاش فيها المسلم والبهائي واليهودي والمسيحي وذوو البشرة السمراء والمولَّدُون وغيرهم من مكونات المجتمع اليمني في نسيج واحد.
إن حرية الاعتقاد ليست مجرد حق فردي، بل هي ضمانة لبقاء اليمن نفسه؛ لأن الأوطان التي تحترم التنوع، وتحتضن كل أبنائها على اختلاف أفكارهم ومعتقداتهم، هي الأوطان التي تبني السلام الحقيقي المستدام، وتحمي مجتمعاتها من الانقسام والصراع.
ونحن في المجتمع البهائي اليمني، لا نطلب لأنفسنا شيئًا أكثر مما نطلبه لكل يمني:
أن نعيش في وطن يعترف بنا كما نحن، دون خوف أو إقصاء، وأن نساهم مع كل اليمنيين في بناء يمن يحترم حقوق الجميع، ويحمي الإنسان اليمني؛ لأنُّه إنسان لا لأن دينه أو أصله يتوافق مع الأغلبية.
لصُنَّاع القرار نقول:
مستقبل اليمن لن يُبنى على الإقصاء، بل على التسامح والمواطنة المتساوية، وهذه ليست شعارات دخيلة بل قيم يمنية أصيلة عاشها أجدادنا عندما كانت الأسواق والمدارس والأحياء تضم الجميع.
ولأهلنا البسطاء نقول:
نحن أبناؤكم، من هذا التراب، ومن هذه الأرض، نحب هذا الوطن كما تحبونه، ونريد لأطفالنا كما تريدون لأطفالكم:
● مدارس آمنة بلا تحريض.
● إعلام يُعَرِّف بغنى التنوع بدل خطاب الكراهية.
● مستقبل يسع الجميع.
إن اليمن، بكل مكوناته، يستحق أن يكون نموذجًا للتنوع الخلاق، لا نموذجًا للفرز والإقصاء.
وحدتنا الحقيقية تبدأ عندما ننظر لبعضنا البعض، ليس كأعداء أو تهديد، بل كشركاء في الأرض والحلم والمستقبل.