أفادت مجلة ذا أتلانتيك يوم الاثنين بأن مستشار الأمن القومي للرئيس ترامب أضاف عن طريق الخطأ رئيس تحرير المجلة إلى مجموعة نصية تضمنت مناقشات بين كبار المسؤولين حول خطط حساسة للغاية لقصف اليمن.
لماذا يهم الأمر؟
يمثل هذا الخرق غير العادي كشفًا لمعلومات سريّة ومداولات خاصة بين كبار المسؤولين في الحكومة الأميركية، ما أثار تساؤلات جدية بشأن الإهمال في التعامل مع أسرار الدولة داخل إدارة ترامب.
وضمت المحادثة على تطبيق Signal
18 مسؤولًا رفيع المستوى، من بينهم نائب الرئيس (ڤانس)، ومستشار الأمن القومي (مايك والتز)، ونائب رئيس الأركان (ستيفن ميلر)، ووزير الخارجية (ماركو روبيو)، ومدير وكالة الاستخبارات المركزية (جون راتكليف).
وأكد البيت الأبيض صحة الرسائل التي نشرها رئيس تحرير ذا أتلانتيك (جيفري غولدبرغ)، مشيرًا إلى أنه بدأ تحقيقًا لمعرفة "كيف تم إضافة رقم غير مقصود إلى سلسلة المحادثة."
و صرّح ترامب نفسه للصحفيين في مؤتمرٍ صحفي يوم الاثنين بأنه لم يكن على علم بالحادثة.
وقال: "لا أعرف شيئًا عن ذلك. لست من كبار المعجبين بمجلة ذا أتلانتيك."
• أربع نقاط رئيسية:
1. خرق أمني مذهل
أعرب خبراء الأمن القومي عن صدمتهم واستيائهم الشديد من الخطأ الذي ارتكبه والتز، متسائلين كيف يمكن أن يحدث مثل هذا الإهمال، ولماذا تمت مناقشة خطط حرب حساسة على Signal، وهو تطبيق مراسلة مشفر متاح للعامة.
حيث لا تسمح الحكومة الأميركية باستخدام Signal لنقل المعلومات السرية، بما في ذلك تفاصيل الضربات العسكرية ضد الحوثيين في 15 مارس/ آذار، التي نوقشت في المحادثة المسربة.
و اقترح بعض المحامين المتخصصين في الأمن القومي أن والتز ربما انتهك قانون التجسس من خلال تنسيق خطط تتعلق بـ"الدفاع الوطني" بهذه الدرجة من الإهمال.
و اللافت أن عدة مسؤولين شاركوا في المحادثة، بمن فيهم والتز وروبيو، الذين كانوا لسنوات من أشد المنتقدين لوزيرة الخارجية السابقة (هيلاري كلينتون) بسبب استخدامها خادم بريد إلكتروني خاص لإدارة شؤون حكومية.
2. ڤانس الصوت المعارض داخل الإدارة
في الوقت الذي كان فيه الزخم يتزايد لصالح توجيه ضربات للحوثيين -الجماعة المدعومة من إيران التي عطّلت تجارة دولية بمليارات الدولارات في البحر الأحمر- عبّر نائب الرئيس ڤانس عن معارضته، قائلًا: "أعتقد أننا نرتكب خطأً."
وأضاف ڤانس: "لست متأكدًا مما إذا كان الرئيس يدرك مدى تناقض هذا القرار مع رسالته بشأن أوروبا في الوقت الحالي."
و جادل ڤانس بأن حرية الملاحة في البحر الأحمر لها أهمية اقتصادية أكبر بكثير لأوروبا مقارنة بالولايات المتحدة، وأن الضربات قد تؤدي إلى ارتفاع أسعار النفط.
كما رأى أن تأجيل العملية لمدة شهر سيمنح الإدارة مزيدًا من الوقت لإقناع الرأي العام الأميركي.
لكن في وقتٍ لاحق، قال ڤانس لـ هيغسيث: "إذا كنت تعتقد أننا يجب أن ننفذ الضربات، فلننفذها."
وفي تعليق لمجلة ذا أتلانتيك، أكد متحدث باسم ڤانس أن الأخير أجرى "محادثات لاحقة" مع ترامب بشأن الضربات، وأنهما متفقان تمامًا حول الموقف.
3. الخلاف حول "الرسائل الإعلامية" وليس الاستراتيجية العسكرية
لطالما تداخلت السياسة الداخلية مع السياسة الخارجية، لكن هذا التداخل بدا أكثر وضوحًا في الرسائل النصية المسربة.
و لم تتضمن الرسائل التي كشف عنها غولدبرغ أي نقاش حول الجدوى العسكرية المحتملة للضربات في اليمن، رغم أن مثل هذه المناقشات ربما جرت في سياقات أخرى. و ما يظهر بوضوح في التسريبات هو التركيز على كيفية صياغة السرد الإعلامي داخل الولايات المتحدة.
و ردًا على مخاوف ڤانس بشأن تعارض الخطة مع رسالة ترامب بشأن أوروبا، كتب هيغسيث:
"أعتقد أن صياغة الرسائل ستكون صعبة بغض النظر عن أي شيء -لا أحد يعرف من هم الحوثيون- ولهذا السبب علينا التركيز على: 1) بايدن فشل، و 2) إيران هي الممول."
4. استياء واضح من الأوروبيين
لم يكن ازدراء ڤانس للنخب السياسية الأوروبية مجرد استعراض سياسي، بل كان موقفًا حقيقيًا. فقد عارض تنفيذ الضربات لأنه رأى أنها ستخدم المصالح الأوروبية بالدرجة الأولى، وبالتالي يجب أن تكون مسؤولية الأوروبيين، وليس الولايات المتحدة.
حتى بعد أن رد والتز وآخرون بأدلة تثبت أن واشنطن وحدها قادرة على تنفيذ العملية، أجاب ڤانس قائلًا: "أنا فقط أكره أن نضطر لإنقاذ أوروبا مرة أخرى."
ورد عليه هيغسيث قائلًا: "أتفق تمامًا مع استيائك من استغلال الأوروبيين لنا. إنه لأمر بائس."
• التفاصيل المثيرة:
أضاف مستخدم يُعرف باسم "SM" (ويرجح أنه ستيفن ميلر) أن الإدارة ستتأكد من أن الأوروبيين والمصريين يدركون "ما نتوقعه في المقابل"، متسائلًا: "ماذا لو لم تعوضنا أوروبا؟"
وتابع قائلًا: "إذا نجحت الولايات المتحدة في استعادة حرية الملاحة بتكلفة باهظة، فيجب أن يكون هناك مكسب اقتصادي إضافي يُستخرج في المقابل."
و من غير الواضح ما نوع التعويض الذي كانت تسعى إليه واشنطن من حلفائها الأوروبيين مقابل تنفيذ الضربات في اليمن.
• ما يجب مراقبته:
أثار خبر التسريب عاصفة في الكونغرس، حيث طالب الديمقراطيون بإجراء تحقيقات وفرض عقوبات محتملة على المسؤولين عن الأمن القومي المتورطين في الحادث.
وغرد السيناتور (كريس كونز) قائلًا:
"كل مسؤول حكومي شارك في هذه المحادثة النصية ارتكب الآن جريمة، حتى لو كان ذلك عن غير قصد."
وأضاف: "لا يمكننا الوثوق بأي شخص في هذه الإدارة الخطيرة لحماية الأميركيين."