عمان: "أطباء بلا حدود" تحذّر من مخاطر تفاقم سوء التغذية في اليمن بعد تراجع المساعدات
يمن فيوتشر - العربي الجديد: الاربعاء, 19 مارس, 2025 - 10:25 مساءً
عمان:

حذّرت منظمة أطباء بلا حدود من خطر سوء التغذية في اليمن حيث تفوق احتياجات الناس بكثير القدرة العلاجية الحالية، الأمر الذي يؤكد عمق الأزمة الإنسانية.
وتربط ذلك بنقص التمويل الدولي الذي توفّره المنظمات، ما أدّى إلى ضعف الخدمات المقدّمة لليمنيّين، علماً أنّ ثمّة منظمات علّقت عملها. جاء ذلك في مؤتمر صحافي عقدته المنظمة في العاصمة الأردنية عمّان، اليوم الأربعاء، وقد دعت المجتمع الدولي إلى تقديم دعم مالي أكبر بعد انخفاض تمويل المساعدات الإنسانية، خصوصاً أنّ سوء التغذية في اليمن منتشر بنسب مرتفعة تبعث على القلق، فيما تشير إلى أنّها تحاول إدارة الأمور بما هو متوفّر من إمكانات.
وقالت رئيسة البعثة الطبية لمنظمة أطباء بلا حدود في اليمن إيلاريا راسولو لـ"العربي الجديد"، على هامش المؤتمر الصحافي، إنّ منظمتها تنشط في اليمن منذ عام 1986، وهي موجودة هناك بصورة متواصلة منذ عام 2017، وتقدّم خدماتها في 13 محافظة من أصل 22. أضافت أنّ المنظمة تواجه جملة من التحديات، أبرزها نقص الإمدادات الطبية، إلى جانب التحديات الأمنية. وبيّنت راسولو أنّ "النساء والأطفال هم أكثر الذين يعانون في اليمن"، مضيفة أنّ "نسبة كبيرة من النساء الحوامل تعاني من سوء التغذية ومن ظروف صحية صعبة، الأمر الذي ينعكس خصوصاً على حديثي الولادة".
وتابعت راسولو: "للأسف، نشعر أحياناً بأنّنا ندور في دائرة مغلقة، فيها أزمات وتحديات كثيرة". وإذ أفادت بأنّ "مرافق ومؤسسات صحية كثيرة في اليمن تعيش أوضاعاً صعبة"، أشارت إلى أنّ "هذه المرافق مكتظة بالأطفال المحتاجين إلى الرعاية، وكثيرين منهم يعانون كذلك من الحصبة والكوليرا والإسهال المائي الحاد". وأكدت أنّ "حتى إبريل/ نيسان 2024، كانت نحو 46% من المرافق الصحية في اليمن تعمل بصورة جزئية أو خرجت عن الخدمة كلياً". وأكملت راسولو أنّ "على الرغم من أنّ أطباء بلا حدود عزّزت قدراتها العلاجية، فإنّها غير قادرة على تلبية كلّ الاحتياجات. 
في الإطار نفسه، قال مسؤول برامج أطباء بلا حدود في الشرق الأوسط حميدان محمد إنّ في الفترة الممتدّة بين يناير/ كانون الثاني 2022 وديسمبر/ كانون الأول 2024، عالجت المرافق التي تدعمها أطباء بلا حدود 35 ألفاً و442 طفلاً دون الخامسة من عمرهم يعانون من سوء التغذية في خمس محافظات يمنية؛ عمران وصعدة وحجة وتعز والحديدة. أضاف أنّ الأرقام  تعكس المعاناة المستمرة التي تواجهها الأسر في البلاد لشراء الغذاء وللحصول على الرعاية الصحية بعد سنوات من النزاع وعدم الاستقرار، علماً أنّها تفاقمت بسبب تدهور اقتصاد البلاد.
وشدّد محمد على أنّ "هذا ليس وقت أنصاف الحلول"، لافتاً إلى أنّ الأطفال في حالة تزداد سوءاً. وتابع أنّه "لم يعد في إمكان الناس انتظار المساعدة التي لا تأتي بالسرعة الكافية. إذا لم نتحرك الآن من خلال تعزيز برامج التغذية وضمان النقل بأسعار معقولة إلى المرافق الصحية وتقريب الرعاية ومرافقها من المحتاجين، فإنّنا نخاطر بوقوع زيادة أكبر في سوء التغذية في الأشهر المقبلة".
وبيّن مسؤول برامج أطباء بلا حدود في الشرق الأوسط أنّ "تعليق برامج المساعدات الغذائية وتخفيضها أديا إلى زيادة الصعوبات التي يواجهها الناس في كلّ أنحاء اليمن". على سبيل المثال، أشار إلى أنّ "في عامَي 2023 و2024، تلقّى أكثر من 10 آلاف طفل العلاج في المرفق الصحي الذي تدعمه أطباء بلا حدود في مستشفى الضحي بمحافظة الحديدة، فيما سجّل مستشفى عبس في محافظة حجة نسبة مؤرّقة لإشغال الأسرّة بلغت 200% في سبتمبر/ أيلول 2024، ثمّ 176% في أكتوبر/ تشرين الأول من العام نفسه، وهي أعلى نسب إشغال في السنوات الستّ الماضية". وأكمل أنّ في ضوء التخفيضات المفاجئة والجذرية في التمويل الإنساني المخصّص لليمن، فإنّ "مشاركة المانحين المستمرة والتمويل المرن من المانحين الرئيسيين أمران في غاية الأهمية لمعالجة الأزمة الإنسانية المتفاقمة" في هذه البلاد.
من جهتها، أفادت المنسقة الطبية لمنظمة أطباء بلا حدود في اليمن ماريسيا لستر بأنّ ثمّة "حاجة ماسة إلى مزيد من عمليات توزيع الأغذية الموجّهة"، وذلك من أجل "ضمان حصول النساء الحوامل والمرضعات وكذلك الأطفال دون الخامسة على التغذية التي يحتاجونها قبل أن تُهدَّد صحتهم". وحذّرت من أنّ "في حال عدم اتّخاذ تدابير عاجلة وموحّدة، سيستمرّ سكان اليمن الأشدّ حاجة في مواجهة مزيد من المصاعب، في ظل نظام رعاية صحية منهك ومعدلات سوء تغذية متصاعدة".
ولفتت لستر إلى أنّ "في شهر سبتمبر/ أيلول الماضي، خلال موسم الذروة السنوي لسوء التغذية، بلغت معدلات إشغال الأسرّة في المرافق التي تدعمها أطباء بلا حدود مستويات عالية جداً في معظم المرافق". وبيّنت، على سبيل المثال، أنّ في مستشفى السلام الذي تدعمه أطباء بلا حدود في محافظة عمران، ارتفع معدل إشغال الأسرّة إلى 254% في ذلك الشهر، الأمر الذي يشير إلى "درجات قصوى من الاكتظاظ. وتضطر كوادر الرعاية الصحية، في الغالب، إلى تقديم الرعاية للمرضى في الممرات المزدحمة والأماكن البديلة غير المجهّزة".


التعليقات