قال هانس غروندبرغ المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى اليمن إن البلاد تقف عند منعطف حرج آخر، منبها إلى أن الخيارات التي يتم اتخاذها اليوم سوف تحدد مسار مستقبله. وأكد أن التوصل إلى حل مستدام لهذا الصراع لا يزال ممكنا لكنه يتطلب الالتزام والشجاعة والعمل من جميع الأطراف.
وفي إحاطته أمام اجتماع مجلس الأمن اليوم عن الوضع في اليمن، دعا هانس غروندبرغ الأطراف إلى الانخراط بحسن نية واتخاذ الخطوات اللازمة لتحويل الالتزامات إلى واقع.
وقال المسؤول الأممي إنه وبينما يسعى إلى توضيحات بشأن اعتزام الولايات المتحدة إدراج أنصار الله على قائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية، "فمن المهم أن نحمي الجهود الرامية إلى دفع عملية السلام إلى الأمام".
وأكد التزامه بأداء واجباته وفقا للتفويض الصادر عن مجلس الأمن لإنهاء الصراع في اليمن، مشيرا إلى أنه وعلى مدى الشهر الماضي، واصل انخراطه النشط مع جميع الجهات الفاعلة الإقليمية والدولية، وكان آخرها في واشنطن.
وأضاف: "رسالتي للجميع تظل أن التسوية السياسية للصراع فقط هي التي ستدعم اليمنيين في تطلعاتهم إلى السلام الدائم. وهي أمر يمكن تحقيقه، وممكن، وعملي".
•الاعتقالات التعسفية تطور مقلق
من ناحية أخرى، وصف هانس غروندبرغ المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى اليمن الموجة الرابعة من الاعتقالات التعسفية لموظفي الأمم المتحدة، التي نفذتها جماعة أنصار الله الشهر الماضي بأنها تطور مقلق للغاية.
وقال إن هذه الاعتقالات ليست فقط انتهاكا لحقوق الإنسان الأساسية، بل تمثل أيضا تهديدا مباشرا لقدرة الأمم المتحدة على تقديم المساعدات الإنسانية لملايين المحتاجين في اليمن. وأضاف أن الأمر الأكثر إثارة للحزن هو وفاة أحد الموظفين الأمميين العاملين في برنامج الأغذية العالمي يدعى أحمد أثناء احتجازه من قبل جماعة أنصار الله.
وضم صوته إلى الأمين العام للأمم المتحدة في الدعوة إلى إجراء تحقيق فوري وشفاف وشامل حول ملابسات وفاته ومحاسبة المسؤولين عن ذلك، معربا عن خالص تعازيه لعائلة أحمد وبرنامج الأغذية العالمي.
كما جدد إدانة الأمين العام القوية لهذه الاعتقالات، داعيا إلى الإفراج الفوري وغير المشروط عنهم، إلى جانب بقية موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية المعتقلين تعسفيا.
•تطور ملحوظ ولكنه هش
المسؤول الأممي أشار إلى ما وصفه بالتطور الملحوظ في منطقة الشرق الأوسط على الرغم من هشاشته، مع وقف إطلاق النار في غزة، كما أشار إلى وقف الهجمات التي تشنها جماعة أنصار الله على السفن في البحر الأحمر والأهداف في إسرائيل.
وقال إن هذا الانحسار المؤقت في الأعمال العدائية، إلى جانب الإفراج عن طاقم سفينة غالاكسي ليدر، يعد تطورا إيجابيا، مشددا على ضرورة استغلال هذه الفرصة لترسيخ مزيد من التهدئة. "ومع ذلك، رغم ترحيبنا بهذا الهدوء النسبي، لا يمكن التغافل عن التحديات الكبيرة التي لا تزال تواجه اليمن".
•حماية العامين الإنسانيين ضرورة قصوى
وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية توم فليتشر استهل كلمته بدعوة أعضاء مجلس الأمن إلى الانضمام إليه في الإعراب عن الحزن والغضب إزاء وفاة موظف في برنامج الأغذية العالمي أثناء احتجازه من قبل سلطات الأمر الواقع. وأكد على ضرورة حماية العاملين في المجال الإنساني.
وقال توم فليتشر إن النداء الإنساني لليمن، الذي أصدرته الأمم المتحدة الشهر الماضي، يرسم صورة قاتمة، مشيرا إلى أن نحو 20 مليون شخص يحتاجون إلى الدعم الإنساني. ويعاني الملايين من الجوع ويواجهون خطر الإصابة بأمراض تهدد حياتهم. ويشكل الأطفال والنساء غالبية المحتاجين.
وفقا لتقرير برنامج الأغذية العالمي الصادر في كانون الأول/ ديسمبر، لم يتمكن 64 في المائة من سكان اليمن من تلبية احتياجاتهم الغذائية الدنيا. وسيرتفع هذا الرقم مرة أخرى هذا الشهر، مدفوعا بالندرة الناجمة عن موسم العجاف وارتفاع أسعار المواد الغذائية.
•موت خمسة أطفال كل ساعة
وقال وكيل الأمين العام إن 3.2 مليون طفل في اليمن غير ملتحقين بالمدارس. ونصف الأطفال دون سن الخامسة يعانون من سوء التغذية الحاد. ولم يتلق 70% من الأطفال – ممن تتراوح أعمارهم بين ثلاث وأربع سنوات –جرعة كاملة من التطعيمات.
وحذر من أن الأطفال دون سن الخامسة يموتون بمعدل مروع بسبب حالات يمكن الوقاية منها أو علاجها بمعدل خمسة أطفال كل ساعة في عام 2023.
وأشار إلى أن العمليات الإنسانية في جميع أنحاء اليمن تستمر إلى حد كبير، لكن احتجاز مزيد من موظفي الأمم المتحدة في كانون الثاني/يناير أدى إلى اتخاذ قرارات صعبة بشأن قدرة منظومة الأمم المتحدة ككل على تقديم المساعدة للمحتاجين.
وأضاف: "لا يمكن ببساطة أن نتوقع من الأمم المتحدة والشركاء الإنسانيين العمل في ظل غياب الضمانات التي تؤكد قدرتهم على العودة إلى ديارهم بأمان كل ليلة".
وقال إن الأمم المتحدة اضطرت إلى إيقاف عملياتها مؤقتا في محافظة صعدة، مبينا أن المنظمة تتخذ كافة الخطوات اللازمة للحفاظ على قدرتها على استئناف العمليات بمجرد الحصول على ضمانات أمنية. وأكد في هذا السياق الالتزام الكامل بمساعدة ملايين المحتاجين.
وقال فليتشر إن الوضع في اليمن خطير، مقدما ثلاثة طلبات لأعضاء مجلس الأمن أولها إطلاق سراح موظفي الأمم المتحدة والمجتمع المدني. "فهم موجودون نيابة عنكم. احموهم، كما يطالب القانون الدولي الإنساني".
ثانيا، دعمنا لإعادة عمليات الأمم المتحدة بكامل طاقتها، وفي ظل التحديات التمويلية العالمية الحالية، امنحونا المال لتقديم الخدمات لأولئك الذين نخدمهم.
ثالثا، لا تتخذوا إجراءات تؤثر على وصول المدنيين إلى الخدمات الأساسية. لا ينبغي للقرارات السياسية والأمنية معاقبة المجتمعات المتضررة من خلال الحد من تدفق السلع الأساسية إلى اليمن.