باريس: مقاتلة رافال تدمر طائرة مسيّرة إيرانية من طراز شاهد
يمن فيوتشر - bulgarianmilitary- ترجمة ناهد عبدالعليم: الثلاثاء, 11 فبراير, 2025 - 01:00 صباحاً
باريس: مقاتلة رافال تدمر طائرة مسيّرة إيرانية من طراز شاهد

في استعراض استثنائي للدقة والتفوق التكنولوجي في القتال الجوي، نشرت القوات الجوية الفرنسية مؤخرًا مقطع فيديو مذهل يُبرز قدرات مقاتلة رافال في اعتراض طائرة مسيّرة انتحارية من طراز شاهد، وهو سلاح يستخدمه الحوثيون في اليمن بشكل متزايد.
و يوثق الفيديو، الذي تم التقاطه عبر شاشة التهديف الأمامية (HUD) لمقاتلة رافال، اللحظة الدقيقة التي يصيب فيها الصاروخ الهدف بنجاح، مما يبرز مستوى التطور والفعالية التي تتمتع بها الأنظمة العسكرية الفرنسية في الحروب الحديثة.
و يعرض التسجيل مشهدًا حقيقيًا من قمرة قيادة مقاتلة رافال التابعة للقوات الجوية الفرنسية خلال مهمة لاعتراض طائرة مسيّرة انتحارية من طراز شاهد تابعة للحوثيين. وتظهر الشاشة الأمامية (HUD) معايير حاسمة للاشتباك، بما في ذلك السرعة، والارتفاع، وبيانات الاستهداف.
كما يُظهر نظام التهديف المتقدم للمقاتلة كيفية قفل الهدف على الطائرة المسيّرة، مع عرض موقعها النسبي بالنسبة للطائرة، مما يعكس دقة أنظمة التتبع المتطورة لمقاتلة رافال. 
وبعد تحديد الهدف، تبدأ عملية إطلاق الصاروخ، حيث تُظهر شاشة التهديف الأمامية (HUD) مسار الصاروخ نحو الطائرة المسيّرة، مما يجسد الدقة الفائقة التي تتمتع بها منظومة تسليح رافال.

ويأتي هذا الاشتباك في سياق الصراعات المستمرة، حيث يستخدم الحوثيون الطائرات المسيّرة لمهاجمة أهداف مختلفة، مما يسلط الضوء على الدور الاستراتيجي المتزايد للطائرات المسيّرة في الحروب الحديثة.
وقد أثارت الفجوة الكبيرة في التكلفة بين الصاروخ الذي أطلقته مقاتلة رافال والطائرة المسيّرة المستهدفة نقاشاتٍ حول الفعالية الاقتصادية في العمليات العسكرية، إذ أن تكلفة الصاروخ تفوق بكثير تكلفة الطائرة المسيّرة، مما يعكس أبعادًا أوسع للنقاشات الاستراتيجية العسكرية.
وتُظهر قدرة رافال على العمل بشكلٍ مستقل في مثل هذه العمليات، دون الحاجة إلى دعم من الحرب الإلكترونية، مدى تطور أنظمة الدفاع الذاتي لديها، والتي أثبتت فعاليتها بشكلٍ لافت خلال عمليات سابقة، مثل التدخل العسكري فوق ليبيا في عام 2011.
و يقدم هذا التسجيل نظرة عميقة على القُدرات التشغيلية لمقاتلة رافال في ساحات القتال الحقيقية، مما يؤكد دورها المحوري في العمليات العسكرية الدولية ضد الفاعلين غير الدوليين، مثل الحوثيين.
وتعد طائرات شاهد المسيّرة، التي طُورت في إيران، تهديدًا كبيرًا في الصراع المستمر بين جماعة الحوثي والتحالف الذي تقوده السعودية لدعم الحكومة اليمنية.
وقد تم تصميم هذه الطائرات المسيّرة الانتحارية لحمل المتفجرات والارتطام بأهدافها، مما يوفر وسيلة منخفضة التكلفة وذات تأثير كبير لضرب الأهداف العسكرية والاستراتيجية.
و قدرتها على التهرب من أنظمة الدفاع الجوي التقليدية، إلى جانب تكلفتها المنخفضة مقارنة بمنظومات الصواريخ المتطورة، جعلتها أداة مفضلة في حروب اللا متماثلة.
و تُعد رافال واحدة من أكثر المقاتلات متعددة المهام تطورًا في القوات الجوية الفرنسية، حيث تتميز بأنظمة إلكترونيات الطيران وأجهزة الاستشعار والتسليح المتقدمة. وفي هذا الاشتباك، يُظهر تسجيل شاشة التهديف الأمامية (HUD) لمقاتلة رافال لحظة قفلها على طائرة شاهد المُسيّرة القادمة، مما يبرز قدرتها على تتبع وتدمير الأهداف الجوية الصغيرة وسريعة الحركة.
و هذه القدرة تعد حاسمة في مواجهة تهديد المسيّرات، التي يصعب اعتراضها نظرًا لحجمها الصغير وبصمتها الرادارية المنخفضة.
و قد تم تزويد رافال بصواريخ جو-جو متطورة مثل ميتيور (Meteor)، المصممة للتعامل مع كل من الطائرات التقليدية والأهداف الأصغر والأكثر مراوغة، مثل الطائرات المُسيّرة. ويُظهر الفيديو إطلاق الصاروخ بدقة فائقة، ما أدى إلى إصابة مباشرة لطائرة شاهد المُسيّرة، وتدميرها في الجو.
وبالإضافة إلى البعد العسكري، فإن هذا الاعتراض يمثل أيضًا إشارة إلى التعاون الدولي في مواجهة التهديدات المشتركة. فقد شاركت القوات الفرنسية في عمليات عسكرية بالشرق الأوسط، دعماً لحلفائها في المنطقة، مما يبرز المرونة التشغيلية لمقاتلات رافال في مختلف سيناريوهات القتال.

بدأت قصة رافال في ثمانينيات القرن الماضي، عندما سعت فرنسا إلى استبدال أسطولها المتقادم من مقاتلات ميراج (Mirage) بطائرة جيلٍ جديد قادرة على تلبية الاحتياجات المتنوعة لكل من القوات الجوية الفرنسية والبحرية الفرنسية.
وعلى عكس نظيراتها الأوروبية، مثل يوروفايتر تايفون (Eurofighter Typhoon) وساب غريبن (Saab Gripen)، وُلدت رافال برؤية فرنسية خالصة، حيث فضّلت باريس الاستقلال التام عن الشراكات الدولية، بعد خلافات حول متطلبات التصميم مع دول أخرى.
و تولت شركة داسو للطيران (Dassault Aviation)، التي تمتلك تاريخًا عريقًا يعود إلى أوائل القرن العشرين، هذه المهمة، ونجحت في تطوير مقاتلة متعددة المهام يمكنها الانتقال بسلاسة بين القتال الجوي، والضربات الأرضية، والاستطلاع، وحتى تنفيذ مهام الردع النووي.

وقد أُخِذ النموذج الأولي لـ رافال إلى السماء في عام 1986، ولكن لم تدخل المقاتلة الخدمة رسميًا إلا في عام 2001، مما يعد شهادة على الاختبارات الصارمة والتطوير المستمر الذي خضعت له.
و في قلب قدرات رافال تكمن طبيعتها "المتعددة الأدوار"، وهو مصطلح ابتكرته شركة داسو لوصف قدرتها على أداء أنواع متعددة من المهام باستخدام طائرة واحدة.
 تخيل طيارًا ينطلق من حاملة الطائرات الفرنسية شارل ديغول، مسلحًا بمزيج من صواريخ ميتيور بعيدة المدى جو-جو وقنابل AASM الموجهة بدقة.
و أثناء الرحلة، يتغير الهدف، حيث يتم رصد طائرة معادية، فتقوم رافال بتغيير التكتيك، وتدخل في معركة جوية حامية قبل أن تعود إلى مهمتها الأصلية في الهجوم الأرضي.
و هذه المرونة ليست مجرد حيلة تسويقية، بل تعتبر ميزة استراتيجية تتيح للقوات الجوية القيام بالمزيد باستخدام عدد أقل من الطائرات في عصر تتسم فيه الميزانيات بالضيق والتهديدات بالتعدد.
و قدرة رافال على حمل ما يصل إلى 9.5 طن من الأسلحة والوقود الخارجية، جنبًا إلى جنب مع 14 نقطة تثبيت، تجعلها قوة لا يستهان بها، سواء كانت تطلق صواريخ كروز SCALP للضربات العميقة أو تطلق صواريخ إكسوست (Exocet) المضادة للسفن ضد الأهداف البحرية.

و من الناحية التكنولوجية، تتميز رافال بأنظمة إلكترونيات الطيران المتقدمة وأجهزة الاستشعار التي تُعد من بين الأكثر تطورًا في العالم.
و رادار RBE2، يُعتبر رادار نشط يعمل بتقنية المصفوفات الممسوحة إلكترونيًا، يمكنه تتبع عدة أهداف في وقتٍ واحد، مما يوفر للطيارين رؤية شاملة سريعة للمعركة.
كما يُكمل هذا النظام نظام الحرب الإلكترونية SPECTRA، الذي يعمل كدرع دفاعي للكشف عن الرادارات المعادية وتشويشها، بينما يحمي الطائرة من تهديدات الصواريخ. كما أن قمرة القيادة في رافال تعتبر من أعظم ما توصلت إليه تكنولوجيا التفاعل بين الإنسان والآلة، حيث تضم شاشة عرض هولوغرافيكية واسعة الزاوية وأداة توجيه مثبتة على الخوذة تسمح للطيارين بالتركيز على الأهداف ببساطة من خلال النظر إليها.
و ما يميز رافال بشكل خاص هو دمج بيانات متعددة الحساسات، وهي عملية تدمج المعلومات الواردة من الرادار، وأجهزة الاستشعار الحرارية، وغيرها من الأنظمة في صورة واحدة ومتجانسة. وهذا يحول الطيار من مجرد مشغل إلى صانع قرار تكتيكي قادر على التفاعل مع التهديدات والفرص في الوقت الفعلي.
و تصميم رافال يوازن بين الأداء وقدرة البقاء على قيد الحياة.

 فالتصميم الجناحي على شكل دلتا، المرافق له أجنحة أمامية قصيرة، يمنحها قدرة استثنائية على المناورة، مما يسمح لها بتحمل تسارع كبير في المعركة—وهو ما يكفي للتفوق على معظم الأعداء في قتال جوي عنيف. ومع ذلك، ليس الأمر مجرد خفة فحسب؛ فـ رافال غير مستقرة ديناميكيًا عن قصد، حيث تعتمد على أنظمة الطيران الإلكترونية الرقمية للحفاظ على استقرارها في الجو.
و وضع الاستقرار، رغم انه يبدو متناقضًا، إلا أنه يعزز من استجابتها، مما يجعلها مفترسة سريعة في السماء. وتدفع المحركات Snecma M88، التي تنتج كل واحدة منها أكثر من 16,000 رطل من الدفع مع تعزيز الاحتراق، الطائرة إلى سرعات تتجاوز ماخ 1.8، أو ما يعادل حوالي 1,400 ميل في الساعة.
و تم تصميم هذه المحركات لتكون مضغوطة وفعّالة خصيصًا لـ رافال، وتتميز بتوجيه الدفع من أجل مزيد من التحكم خلال المناورات العالية الضغط. بالإضافة إلى ذلك، تتمتع الطائرة بملف خفي -ليس مثل F-22 أو F-35 التي لا تُرصد، لكن رافال تتمتع بقدرة مخفضة على الرصد من خلال مواد ماصة للرادار وتصميم يحد من المقطع العرضي للطائرة- مما يجعلها شبحًا في السماء، يصعب اكتشافها و ضربها.
و من الناحية التشغيلية، أثبتت رافال جدارتها مرارًا وتكرارًا، مما أكسبها سمعة كطائرة محاربة ذات خبرة كبيرة. ومنذ ظهورها القتالي الأول في عام 2007، شاركت في بعض أكثر مسارح العمليات صعوبة في العالم، من أفغانستان إلى ليبيا ومالي والعراق وسوريا.
و في عام 2013، خلال تدخل فرنسا في مالي، نفذت رافال مهام طيران استمرت حتى تسع ساعات، حيث استهدفت مواقع المتمردين بدقة عالية وعادت إلى قواعدها دون أية مشاكل.
و في ليبيا، حافظت الطائرة على معدل عملياتي مرتفع، حيث قامت بإلقاء القنابل وجمع المعلومات الاستخباراتية على حد سواء. وتُعد قدرتها على العمل من قواعد أرضية وحاملات الطائرات، كما يظهر في نسخة رافال إم التابعة للبحرية الفرنسية، إضافة إلى مرونتها الاستراتيجية.
و تتميز رافال إم بعجلاتها المعززة وخطاف التوقف، مما يمكنها من الإقلاع والهبوط على سطح حاملة الطائرات شارل ديغول، وهي قدرة لا تضاهيها إلا قلة من المقاتلات. و تمتد هذه القدرة على التعاون إلى التحالفات الدولية، حيث عملت رافال جنبًا إلى جنب مع مقاتلات F-15 وF-16 الأمريكية، بفضل روابط البيانات المتوافقة مع حلف الناتو.
علاوة على فرنسا، أصبحت رافال لاعبًا عالميًا، حيث حصلت على طلبات تصدير من دول متنوعة مثل مصر والهند وقطر واليونان وكرواتيا والإمارات العربية المتحدة وإندونيسيا. و لهذه الدول، تقدم رافال بديلاً جذابًا للمقاتلات الأمريكية أو الروسية، دون الأعباء السياسية التي غالبًا ما ترافق مثل هذه الصفقات.
على سبيل المثال، طلبت الهند 36 طائرة رافال في عام 2016، مع خطط لشراء المزيد في المستقبل، مٌقدرة قدرتها على حمل الأسلحة التقليدية والنووية. أما الإمارات العربية المتحدة، فقد أبرمت صفقة تاريخية بقيمة 19 مليار دولار لشراء 80 طائرة رافال F4، وهي أحدث نسخة التي تتميز بقدرات محسنة على الاتصال وحرب الشبكات.
و هذه النجاحات في التصدير ليست فقط فائدة لشركة داسو، بل أيضًا لاقتصاد فرنسا، حيث تدعم آلاف الوظائف عبر سلسلة إمداد تشمل عمالقة مثل تاليس وصافران وإم بي دي إيه.

ومع ذلك، فإن شعبية رافال قد أرهقت الإنتاج، حيث تكافح داسو لتلبية الطلب المتزايد مع تراكم الطلبات، وهي تحديات تبرز جاذبيتها ولكن أيضًا اعتمادها على قاعدة صناعية تقتصر على دولة واحدة.
وعلى المدى الطويل، من المتوقع أن تظل رافال حجر الزاوية في القوة الجوية الفرنسية حتى عام 2040 على الأقل، عندما ستُستبدل بمقاتلة الجيل القادم، وهو مشروع مشترك مع ألمانيا وإسبانيا في إطار برنامج نظام الطيران القتالي المستقبلي.
و حتى ذلك الحين، ستستمر رافال في التطور، مع ترقيات مثل F4 والمواصفات المخطط لها F5 التي ستضيف أسلحة جديدة، وأجهزة استشعار محسّنة، وحتى دمجها مع الطائرات المُسيّرة.
و بالنسبة لفرنسا، تعد رافال أكثر من مجرد طائرة مقاتلة؛ إنها أصل استراتيجي، ورمز الفخر الوطني، وضامن ردعها النووي. أما بالنسبة لطياريها، فهي حصان موثوق، قادر على التفوق في المناورة والتسليح على معظم الأعداء.
وللعالم، تعد رافال تذكيرًا بأن الابتكار والاستقلال والمرونة يمكن أن تخلق مكانًا لها في سماء تهيمن عليها القوى الكبرى. وبينما تشق رافال الأفق، تاركة وراءها أثرًا من البخار وإرثًا من التفوق، فهي تمثل شهادة على ما يمكن أن تحققه العبقرية البشرية عندما يلتقي الطموح مع الدقة.

 

لقراءة المادة من موقعها الاصلي: 

https://bulgarianmilitary.com/amp/2025/02/10/rafale-destroys-iranian-shahed-drone-head-up-display-view/


التعليقات