قابل اليمنيون قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إعادة إدراج حركة الحوثي اليمنية على قائمة “المنظمات الإرهابية الأجنبية” بمخاوف وحذر من الضرر المحتمل الناجم عن تداعيات القرار.
ويفرض القرار الذي أعلنه البيت الأبيض يوم الأربعاء عقوبات أشد من تلك التي فرضتها إدارة الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن على الجماعة المتحالفة مع إيران، وذلك ردا على هجماتها على حركة الشحن التجاري في البحر الأحمر وعلى سفن حربية أمريكية معنية بالدفاع عن هذا الممر المائي الهام.
ويقول مؤيدون لهذه الخطوة إنها متأخرة، غير أن بعض الخبراء يقولون إنها قد تكون لها تبعات على أي ممن يُنظر إليهم على أنهم يساعدون الحوثيين، بما في ذلك بعض منظمات الإغاثة.
ونددت الحكومة التابعة للحوثيين بالقرار وشددت على أن التصنيف لن يزيد الشعب اليمني “وقواه السياسة الحرة وفي المقدمة أنصار الله (جماعة الحوثي) إلا ثباتا وصمودا”.
واعتبرت جماعة الحوثي أن القرار “القديم الجديد لا يخدم الاستقرار في المنطقة وجهود السلام التي ترعاها الأمم المتحدة لتحقيق السلام العادل والمشرف للشعب اليمني”.
* دفن خارطة الطريق
قال المحلل والباحث السياسي ماجد المذحجي رئيس مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية اليوم الخميس "إن اللافت في تصنيف الرئيس الأمريكي ترامب للحوثيين منظمة إرهابية أجنبية بقرار تنفيذي بدل الانتظار لمشروع قانون في الكونجرس هو النص المتشدد للغاية للقرار الذي يحشد ويعاقب - بنص فضفاض يمكن التوسع بتأويله- أي علاقه مع الحوثيين بما فيها قطع التمويل الأمريكي عن أي منظمة لا تقوم بما يكفي من توثيق لانتهاكاتهم".
واعتبر المذحجي أن القرار يدفن نهائيا خارطة الطريق الأممية لإحلال السلام في البلاد، ويستأنف تنفيذ قرارات البنك المركزي بنقل البنوك إلى عدن رغما عن الجميع.
وأشار إلى أن القرار يغلق باب السياسة والحوار والتفاوض مع الحوثيين ويصعد إلى السطح سياسات الخنق الاقتصادي الأقصى للجماعة.
وتقول الأمم المتحدة إن اليمن يشهد أسوأ أزمة إنسانية في العالم حيث يحتاج أكثر من 80 بالمئة من سكانه إلى مساعدات، ويقف ملايين على شفا مجاعة واسعة النطاق.
وقال أحد سكان صنعاء لرويترز بعدما طلب عدم نشر اسمه "سيترتب على قرار ترامب تداعيات سلبية على المستويات الاقتصادية والإنسانية بدرجة كبيرة ومنها المساعدات الإنسانية.
وأضاف أن التأثير السلبي سيزيد من معاناة اليمنيين في مناطق سيطرة الحوثيين حيث الغالبية العظمى من سكان اليمن البالغ عددهم 35.6 مليون نسمة.
ومضى يقول "لا يمكن هنا تجاهل تأثير ذلك على التحويلات المالية إلى مناطق الحوثيين من خلال إلغاء نظام السويفت عن البنوك العاملة في صنعاء".
وقال مقيم آخر في صنعاء يدعى فايد علي محسن "القرار الأمريكي الجديد سيزيد من معاناة الشعب اليمني من جميع الجهات ...في بلد يعاني بالفعل من تردي الأوضاع الاقتصادية وانهيار العملة وانعدام الخدمات وحرب أوصلت واحدة من أفقر الدول العربية إلى حافة المجاعة".
لكن وحيد الفودعي المحلل والباحث المتخصص في الشؤون الاقتصادية والمصرفية قال إن القرار سيكون له تأثير إيجابي على تعزيز الضغط الدولي على الجماعة، ما قد يدفعها للتفكير في تقديم تنازلات والمشاركة بجدية في مسار السلام.
وأشار الفودعي إلى أن القرار يبعث أيضا برسالة قوية ضد الأنشطة التي تهدد الاستقرار في اليمن والمنطقة.
كما أوضح أن القرار قد يسهم في تحفيز الجهات الدولية والمحلية على العمل على آليات بديلة لضمان وصول المساعدات الإنسانية مباشرة إلى المستفيدين، بعيدا عن تأثير الجماعة.
وأضاف "القرار يعزز من موقف الحكومة الشرعية بشكل عام".
* ترحيب وتشديد حكومي
قال المحلل الاقتصادي في عدن ماجد الداعري إن القرار سيكون له تأثير نسبي محدود على الحوثيين ومصالحهم ككيان مع تجفيف مواردهم المالية من الضرائب الجمركية لميناء الحديدة ورأس عيسى.
لكنه أوضح لرويترز أن القرار سيشكل في الوقت نفسه كارثة على مستقبل عمل البنوك في صنعاء، وضربة موجعة للقطاع المصرفي اليمني كليا، باعتبار البنوك التي ستطالها العقوبات تمثل أكثر من 70 بالمئة من رأس مال القطاع المصرفي اليمني إجمالا.
ورحبت الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا يوم الخميس بالقرار الأمريكي، وأمر رشاد العليمي رئيس مجلس القيادة الرئاسي باليمن حكومته باتخاذ إجراءات تنفيذية بهذا الشأن بالتنسيق مع البنك المركزي في عدن والمجتمع الدولي.
وذكرت وزارة الخارجية اليمنية في عدن في بيان أن القرار "يعكس تفهما حقيقيا لطبيعة الخطر الذي تمثله هذه الجماعة المدعومة من إيران على الشعب اليمني والأمن الإقليمي والدولي".
ونفذت جماعة الحوثي أكثر من 100 هجوم على السفن بالبحر الأحمر منذ نوفمبر تشرين الثاني 2023 معلنة أن تحركها يأتي تضامنا مع الفلسطينيين في غزة.
وأسفرت الهجمات عن غرق سفينتين ومقتل أربعة بحارة على الأقل. واستولت الجماعة على سفينة أيضا.
وعطلت الهجمات حركة الشحن العالمية وأجبرت الشركات على تغيير مسارها إلى رحلات أطول وأكثر تكلفة حول جنوب القارة الإفريقية لأكثر من عام.