في شهرها السادس، تلقت أماني صدمة كبيرة عندما علمت بجفاف السائل الأمنيوسي (ماء الجنين) حول جنينها، مما أدى إلى وفاته. ورغم أنها أنجبت سابقا دون مشاكل، إلا أن نقص الوعي بالصحة الإنجابية جعلها تتجاهل الآلام المستمرة التي رافقتها طوال فترة الحمل.
أماني ليست الوحيدة التي مرت بمثل هذه التجربة، فقد تعرضت فاطمة أيضًا لحالة مشابهة، حيث أدى نقص السائل الأمنيوسي إلى التصاق جنينها بالرحم، مما تسبب له بتشوهات.
ومع ذلك، تمكنت بصعوبة من تجاوز الأزمة.

•السائل الأمنيوسي
توضح الدكتورة سعاد الحبابي أخصائية نساء وولادة، أن نقص السائل الأمنيوسي من الحالات الشائعة التي تواجهها في العيادة، وتكثر في الثلاثة الأشهر الأخيرة من الحمل، ومنهن من يتجاوزن وهن كُثر، ومنهن من يتعرضن لأثار ومخاطر قد تصل لأن تفقد جنينها. 

نقص السائل الأمنيوسي، والمعروف بنقص الماء حول الجنين وهو من أخطر الأمور اللي تتعرض لها الحوامل لان الماء الموجود حول الجنين هو المسؤول عن حماية الجنين وتغذيته بالمواد اللازمة وحماية جدار الرحم وقلة الماء تؤدى إلى التصاق الجنين بالرحم بسبب الجفاف وظهور تشوهات للجنين او ولادة مبكرة.

•إنهاء الحمل
تقول أماني: "بدأت أشعر بألم وتحجر أسفل البطن منذ الشهر الثالث تقريبًا، وهو ألم لم أشعر به في حملي السابق الذي رزقت فيه بطفلة بصحة جيدة".
لكن منزلها الريفي البعيد عن المركز الصحي في منطقة الدمنه حال دون زيارة الطبيب في وقت مبكر.
مع دخولها الشهر السادس، زارت أماني والدتها في مدينة تعز، حيث أصرت والدتها على عرض حالتها على طبيبة مختصة.
هناك، اكتشفت غياب السائل الأمنيوسي حول الجنين.
نصحتها الطبيبة بإنهاء الحمل، موضحة أن الجنين لن يبقى على قيد الحياة حتى الشهر التاسع، أو قد يولد بتشوهات ويفارق الحياة.
رغم هذه النصيحة، رفضت أماني وزوجها فكرة الإجهاض، خاصة بعدما علما أن الجنين ذكر، وهو ما طالما تمنياه بعد إنجاب ابنتين. بذلت أماني جهدًا كبيرًا في الالتزام بالعلاجات والتغذية على أمل إنقاذ جنينها.
عند بداية الشهر التاسع، وضعت أماني طفلها الذي ولد بحالة صحية حرجة.
ورغم تلقيه الرعاية الطبية في الحضانة، فارق الحياة بعد يومين. انتهت معاناة الأم، التي قدمت كل ما بوسعها لتمنح الحياة لجنين انتظرته بشوق.

•عدم وعي
للأسف غالبا ما يؤدي قلة الوعي الصحي الى ظهور هذه الحالات حيث أشارت الدكتورة سعاد إلى أن غالبية الحوامل اللاتي يعانين من هذه المشكلة يفتقدن للوعي الصحي أو يعانين من نقص التغذية، وقد يكون بسبب أمراض بكتيرية وفيروسية.
أما الدكتورة عايدة قاسم أخصائية نساء وولادة فقد أرجعت ما مرت به أماني لقله الوعي الصحي وهو ما جعلها تتأخر عن زيارة الطبيب خصوصا أنها قد مرت بتجربة حمل سابقة، وتعرف أن هذه الاعراض غير طبيعية.
وأضافت بأن نقص سائل الأمنيوسي في بعض الحالات قد يحدث دون أن يصاحبه تسرب ودون معرفة الحامل وهنا تكمن الخطورة، فيبدأ الماء يقل تدريجياً ويأثر على الجنين وقد يسبب تشوهات جنينية وتشوهات في الكلى وفي الجهاز البولي والجهاز الهضمي والتنفسي.
وهو ما يتوجب على الحامل عمل جهاز تلفزيوني من ثلاث إلى أربع مرات خلال فترة الحمل، لمراقبة وضع الجنين، فالسائل يمنع انضغاط الأعضاء الداخلية للجنين والخارجية، ونقصه يؤدي لتشوهات خلقية وتشوهات في الكلى والمسالك البولية.
 

•ولدته مشوهاً
في الوقت الذي كانت فاطمة تترقب بفارغ الصبر قدوم طفلها الأول. كانت حينها في الشهر الأخير من حملها عندما بدأت تعاني من تسرب غير طبيعي لماء الجنين. 
في البداية، لم تكن تعلم خطورة الموقف، بسبب غياب الوعي بمخاطرها، ظنت أنها مجرد حالة عابرة ستزول. لكن الأمور تضاعفت حتى كادت تفقد جنينها.
تضاعفت حالة فاطمة، فيما نساء القرية، ظلت كل واحدة منهن تحمل نصيحة مختلفة عن الأخرى، منهن من نصحنها بأن تبقى نائمة ومسترخية على ظهرها وعدم التحرك، في حين نصحتها أخريات بربط بطنها أو رفع قدميها والنوم على ظهرها لساعات. بالرغم من تلك المشورات، استمر تسرب الماء مع مرور الأيام، وفي نهاية المطاف، بدأت تشعر فاطمة بفقدان حركة الجنين.
دفعها الخوف، لأخبار والدتها بأنها لم تعد تشعر بحركة الجنين في بطنها، كانت الساعة قد تجاوزت العاشرة ليلا، وكانت قريتها بعيدة عن المستوصف.
وقالت لم أستطع النوم في تلك الليل من كثرة الخوف والقلق انتظر الصباح، وعند اشعاع أول ضوء للشمس تحركنا مع أحد سيارات القرية كان زوجي راكبا بالقرب من السائق، وأمي تحاول طمئنتي طول الطرق حتى وصلنا إلى المستوصف.
عندما وصلوا، كانت المفاجأة في انتظارها. عندما أخبرتها الطبيبة أن الجنين قد التصق بجدران الرحم نتيجة نقص الماء، وهو ما كان يتطلب تدخلاً سريعًا. تم إعطاؤها العلاجات والفيتامينات لإنقاذ الجنين.
بعد أيام، وضعت فاطمة جنينها واكتشفت أن طفلتها تحمل تشوهًا في بطنها يظهر كأنه حرق، وظل مصاحب لها حتى كبرت وبلغ عمرها 9 أعوام.

•مضاعفات خطيرة
أرجعت الدكتورة سعاد، نقص ماء الجنين أو السائل الأمنيوسي لمجموعه من الأسباب، والتي قد تكون بسبب مشاكل صحية لدى الجنين وهو ما يزال في بطن أمة، باعتبار بول الجنين هو من يكون الماء في رحم الأم، وبالتالي فإن نقصه قد يشير إلى خلل في عمل الكلى أو الجهاز البولي لدى الجنين
كما بيّنت أن هناك أسبابًا أخرى محتملة لنقص السائل الأمنيوسي، مثل الإصابة بأمراض بكتيرية أو فيروسية، وارتفاع ضغط الدم، وتسمم الحمل، أو تمزق الأغشية المحيطة بالجنين قبل الولادة، مما قد يؤدي إلى مخاطر كبيرة مثل فقدان الحمل أو ولادة أطفال يعانون من تشوهات خلقية.
وأكدت أن تأثير نقص السائل الأمنيوسي يعتمد على نسبة النقص والمرحلة الزمنية التي يحدث فيها أثناء الحمل.
ففي الأشهر الثلاثة الأولى، قد يزيد نقص السائل من احتمالية الإجهاض أو ولادة جنين ميت.
أما في الثلثين الثاني والثالث، فيؤثر بشكل مباشر على نمو وتطور الجنين، خاصة تطور الكليتين والرئتين، وقد يؤدي إلى جفاف الجلد وزيادة احتمال حدوث مضاعفات خطيرة أثناء الولادة أو تشوهات خلقية.
كما حدث مع فاطمة التي انجبت طفلة بتشوه في جسمها بسبب نقص الماء والتصاق الجنين في الرحم.
وشددت الدكتورة على أهمية متابعة الحمل بشكل دقيق، خاصة في مراحله الأخيرة، من خلال فحوصات دورية لتقييم مستويات السائل الأمنيوسي واتخاذ التدابير المناسبة لضمان صحة الأم والجنين.

•حالات نقص السائل
قدمت الدكتورة عايدة مجموعة من النصائح المهمة للنساء الحوامل لتجنب مخاطر نقص السائل الأمنيوسي.
وأوضحت أنه من الضروري مراجعة الطبيب عند الشعور بأعراض مثل ألم ناتج عن حركة الجنين، أو ملاحظة صغر حجم البطن مقارنة بالفترات السابقة، أو انعدام حركة الجنين تمامًا، وفي حالات أخرى يحدث نقص للماء دون أن تشعر الحامل بأي أثار جانبية.
ونصحت الحوامل بالإكثار من شرب الماء والسوائل، بما لا يقل عن ثلاثة لترات يوميًا، إلى جانب متابعة الطبيب بشكل فوري عند ظهور أي من هذه العلامات، لتجنب أي مضاعفات محتملة.
كما شددت على أهمية إجراء فحص تلفزيوني خلال الحمل بمعدل ثلاث إلى أربع مرات، حيث يساعد ذلك في مراقبة حالة الجنين وتجنب حدوث انضغاط في أعضائه الداخلية والخارجية بسبب نقص السائل.
وأكدت أيضًا على ضرورة إجراء الفحوصات الدورية للكشف عن أي التهابات بكتيرية أو فيروسية، نظرًا لدورها المحتمل في التسبب بمشكلة نقص السائل الأمنيوسي، مشيرة إلى أن الوقاية والفحص المنتظم هما الأساس للحفاظ على صحة الأم والجنين.

تم إنتاج هذه المادة ضمن مشروع تعزيز دور وسائل الإعلام في دعم قضايا الصحة الإنجابية والعنف القائم على النوع الاجتماعي الذي ينفذه مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي.