سيواجه المبعوث الخاص القادم للأمم المتحدة في اليمن مهمة صعبة للغاية نظرًا لتعدد العقبات التي تواجهها عملية السلام في البلاد وتعقيدها، ويعتبر الدور الإيراني أحد أبرز التحديات.
إيران هي أحد الفائزين القلائل في الحرب المدمرة باليمن. تدخلت السعودية عام 2015 على رأس تحالف مكوّن من 10 دول، وكان سبب التدخل جزئيًّا هو الهدف المعلن والمتمثل في دحر النفوذ الإيراني في الطرف الجنوبي الغربي لشبه الجزيرة العربية، لكن الحرب كان لها تأثير معاكس تمامًا لما هدفت له. في الحقيقة وخلال أكثر من ست سنوات ويزيد من الحرب، تحولت علاقات إيران بالحوثيين من مجرد علاقات محدودة إلى موطئ قدم راسخ في شمال غرب اليمن. في عام 2014، كانت إيران تقدم كميات محدودة من الأسلحة الصغيرة والذخيرة للحوثيين، أما الآن فقد زاد هذا الدعم بشكل كبير من ناحيتين، الكم (أي المزيد من الأسلحة الصغيرة) والنوع (أي أسلحة أكثر تقدمًا أيضًا، مثل قطع الطائرات المسيّرة والصواريخ).
يخلق هذا الأمر معضلة للأمم المتحدة، فمن ناحية برزت إيران كلاعب لا غنى عنه في اليمن. ومن الناحية النظرية على الأقل، لا يمكن لأي عملية سلام أن تنجح إذا استبعدت اللاعبين الرئيسيين، ومن المفترض أن هذا هو سبب سفر المبعوث مارتن غريفيث -الذي سيغادر منصبه قريبًا- إلى إيران في فبراير/شباط لعقد اجتماعات، هي الثانية من نوعها رسميًّا بين مكتبه وطهران.
يثير ها الواقع تساؤلات حول وجهات نظر طهران في عملية السلام، فمن الناحية النظرية هي لا تعارض عملية السلام، لكنها، ونظرًا لاستعدادها التحلي بالصبر؛ تقوم بالتقييم وتصل إلى تقييم صحيح بأن الحوثيين هم من ينتصرون في الحرب. وبالتالي تعرف أن تعثر عملية السلام يزيد من نزيف خصمها، السعودية، ويسمح لشركائها الحوثيين في اليمن بمواصلة التوسع وتعزيز السيطرة على المناطق الواقعة تحت أيديهم. الأمر الثاني هو أن إيران لن تدعم عملية السلام إلا إذا كانت تلك العملية ترسخ نفوذ وسلطة الحوثيين في أي تسوية بعد الحرب. كما أن أي جهد يدعو -على وجه الخصوص- إلى نزع سلاح الحوثيين من جانب واحد كما يفعل قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2216 لا يمكن أن يكون بداية لعملية السلام من منظور إيران. وكما يظهر العقدان الماضيان بوضوح، فإن الجمهورية الإسلامية تتمتع بمهارات عالية في إفساد التطورات السياسية الإقليمية التي تعتقد أنها لا تأخذ مصالحها في الاعتبار بالشكل الكافي.
مبعوث الأمم المتحدة القادم في وضع حرج؛ فإيران ظهرت أكثر جرأة كلاعب لا يمكن تجاهله في اليمن؛ نتيجة لاستثمار مادي محدود، ومن ناحية أخرى ستعمل السعودية بدعم من الولايات المتحدة الأمريكية على حرمان إيران من مكان على طاولة عملية السلام. ما يعنيه ذلك هو أن طهران والحوثيين سيستمرون في معارضة أي عملية سلام يرون أنها مدعومة من الولايات المتحدة وتقودها السعودية وتهدف إلى تهميشهم وحرمانهم من المساحة التي يعتقدون أنهم قد استحقوها. هذا لن يؤدي إلا إلى إطالة أمد الحرب الطويلة والمدمرة.
هناك مستوى آخر من التعقيد في المسألة وهو أن الحوثيين ليسوا على الإطلاق وكلاء لإيران. فعلى الرغم من أنهم يستفيدون من الدعم الإيراني المتزايد، إلا أنهم يتمتعون بحكم ذاتي إلى حد كبير، وبكل تأكيد لا يتلقون الأوامر من شريكهم الإيراني. أضف إلى ذلك أن إيران والحوثيين يتفقون إلى حد كبير على القضايا الاستراتيجية الرئيسية، وعلى هذا النحو لا يوجد احتمال لدق إسفين بينهما. بعبارة أخرى، من غير المرجح أن يكون إشراك إيران في عملية السلام قناة ضغط يمكن تطبيقها على الحوثيين لتقديم تنازلات.
خلاصة القول هي أنه سيتعين على المبعوث الأممي القادم تحقيق توازن صعب، فالفشل في إشراك إيران في عملية السلام سيؤدي إلى إفشال الأخيرة عملية السلام، وفي الوقت ذاته ستواصل السعودية والولايات المتحدة -دول سيحتاج المبعوث إلى تعاونها- في مقاومة التدخل الإيراني. أضف إلى ذلك أن مجرد محاولة إدخال إيران في المعادلة سيعرض المبعوث نفسه للانتقاد بأنه يحاول تسهيل تقوية الدعم الإيراني لحكم حوثي قمعي ووحشي جدًا في مناطقهم باليمن.
* توماس جونو هو زميل غير مقيم في مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية. يعمل الدكتور جونو أستاذًا مساعدًا للشؤون العامة والدولية في كلية الدراسات العليا بجامعة أوتاوا – كندا.