في ذكرى مرور عام على هجوم حماس على إسرائيل، خرج زعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي ليعلن عن استهداف 193 سفينة وإطلاق أكثر من 1000 صاروخ ومسيرة على أعداء الحوثيين بما في ذلك إسرائيل منذ بدء الصراع قبل عام.
وزعم عبد الملك الحوثي أن كافة الهجمات كانت في إطار دعم حماس وحزب الله، على حد تعبيره. وأضاف أن الحوثيين"أسقطوا 11 طائرة مسيّرة مسلحة أمريكية من نوع MQ9 خلال عام".
وتشير قدرة الحوثيين على الاستمرار في هجماتهم إلى حقيقة مفادها أن التحالف البحري بزعامة واشنطن لحماية الملاحة الدولية في البحر الأحمر أو الغارات الجوية التي استهدفت مواقعهم، فشلت في دحرهم.
وفي تحليل نُشر في وقت سابق من الشهر الجاري، كتب مايكل نايتس، الزميل البارز في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، أن الحوثيين باتوا "أكثر قوة وأكثر قدرة من الناحية التقنية وأصبحوا من الأطراف الهامة في محور المقاومة مقارنة بمرحلة ما قبل الحرب".
ويتألف ما يُعرف بـ "محور المقاومة" من فصائل مسلحة مدعومة من إيران سواء في غزة ولبنان والعراق و اليمن تناوئ إسرائيل والولايات المتحدة.
وأضاف نايتس "يمكن القول بأن الحوثيين قد صمدوا على مدار العام من دون تكبدهم خسائر وانتكاسات كبيرة مما ساهم في تقديمهم أفضل أداء عسكري" داخل المحور المدعوم من إيران.
وعلى وقع ذلك، بات الحوثيون أكثر الفصائل الفاعلة داخل هذا المحور مع الترويج بأن عبد الملك الحوثي قد يصبح على رأسه، بديلا عن الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله الذي قُتل في غارة إسرائيلية الشهر الماضي.
وتعتبر دول عديدة حزب الله، أو جناحه العسكري، منظمة إرهابية من بينها الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي وبريطانيا ودول أخرى. كما حظرت ألمانيا نشاط الحزب على أراضيها في عام 2020 وصنفته كمنظمة إرهابية.
وفي تعليقه، قال محمد الباشا، المحلل الأمني المتخصص في شؤون الشرق الأوسط والمقيم في الولايات المتحدة، إنه في "ظل غياب نصر الله، تمكن عبد الملك الحوثي من سد الفجوة على نحو سريع".
•هل يكون الحوثيون الطرف المزعج؟
ويرجح مراقبون أن يكون الحوثيون الطرف الأكثر ازعاجا داخل المحور المدعوم من إيران. وعزا الباشا ذلك إلى عدة أسباب أهمها البعد الجغرافي بينهم وبين إسرائيل على عكس التنظيمات الأخرى كحماس و حزب الله.
وفي مقابلة مع DW، قال الباشا إنّ "المسافة بين الحوثيين وإسرائيل أكثر من 2000 كيلومتر. يُضاف إلى ذلك أن حزب الله كان تحت المراقبة الإسرائيلية لأكثر من أربعة عقود. في المقابل، ظلت المعرفة بشأن قدرات الحوثيين محدودة".
وأضاف "قام الحوثيون على مدى عقود من القتال بالعمل بطريقة غير مركزية في تنفيذ كافة عملياتهم سواء المتعلقة بإمدادات الوقود والغذاء وحتى تصنيع الأسلحة. معاقل وتمركزات وقواعد الحوثيين في جبال اليمن وفي أنفاق مما يضعف فعالية أي ضربات جوية تستهدفهم، فضلا عن أن أداءهم القوي في العمليات البرية يقلل من رغبة أي دولة في شن اجتياح بري".
ويقول مراقبون إن الحوثيين أقاموا اتصالات مع كيانات تتجاوز حدود اليمن؛ إذ زعم هؤلاء أنّ لديهم مكاتب في العراق حيث شنوا هجمات على إسرائيل بالتعاون مع ميليشيات مدعومة من إيران في العراق.
•الحوثيون.."تسليح إيراني أفضل"
ويشير المراقبون إلى احتمالية تزويد إيران الحوثيين بتسليح أفضل. وفي ذلك، قال الباشا إنه قبل السابع من أكتوبر/تشرين الأول العام الماضي، كانت إيران تسلح الحوثيين "بصواريخ ومسيرات ليست حديثة، لكن الآن جرى رصد إطلاق الحوثيين أنواعا معدلة من صاروخ 'خيبر شيكان' الإيراني وهو صاروخ باليستي متوسط المدى".
وأشار الخبير إلى أن "ظهور صواريخ فاتح الإيرانية الأسرع من الصوت في اليمن ليس سوى مجرد وقت إذ لم يكن هذا الصاروخ قد ظهر بالفعل".
وفي تحليله، قال مايكل نايتس، الزميل البارز في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، إن اليمن سيكون ساحة مثالية لمثل هذه الصواريخ بسبب موقعه وإمكانية إخفاء هذه الصواريخ في الجبال.
ونظرا لقربهم من السعودية والإمارات، فإن الحوثيين يمتلكون القدرة على استهداف دول الخليج وتعطيل حركة التجارة والنفط. وفي هذا الصدد، خرج المتحدث باسم الحوثيين قبل أيام ليهدد باستهداف "كافة المصالح الأمريكية والبريطانية في المنطقة".
ويشير المراقبون إلى أنه في حالة ما هاجمت إسرائيل في نهاية المطاف منشآت نفطية إيرانية ردا على الهجوم الصاروخي الأخير، فقد يرد الحوثيون باستهداف منشآت نفطية لحلفاء واشنطن في المنطقة. الجدير بالذكر أنه سبق أن استهدف الحوثيين منشآت نفطية في السعودية والإمارات.
وفي مقابلة مع DW، قال مايكل مولروي، نائب مساعد وزير الدفاع الأمريكي السابق للشرق الأوسط، إن هذه الاحتمالية "تعد مصدر قلق لنا بالتأكيد؛ إذ يمكن للحوثيين مهاجمة البُنى التحتية لدول الجوار ويمكن لإيران أن تزرع ألغاما في مضيق هرمز."
وخلال ندوة عبر الإنترنت، أضاف مولروي، الزميل البارز في معهد الشرق الأوسط ومقره واشنطن، أنه "من المؤكد أن الإيرانيين لديهم القدرة على القيام بذلك وهذا من شأنه أن يغلق خطوط نقل الطاقة خارج المنطقة، ما سيترتب عليه صدمات اقتصادية. ويمكن للحوثيين أيضا المضي قدما في استهداف الملاحة الدولية".
•الحوثيون "باتوا أكثر جرأة"
وفي تعليقه، قال الباشا إن "الحوثيين بعد انتصارات دامت عقدين من الزمان، باتوا أكثر جرأة. انخرط العديد من مقاتلي الحوثيين في قتال منذ مرحلة الشباب ولم يعد لديهم ما يخسرونه. عقلية 'لم لا' التي تساورهم تمنحهم ميزة استراتيجية بما يحمل في طياته تجاوزا قد يصعب على الآخرين تجاوزه".
ومازال اليمن يئن تحت وطأة حرب أهلية منذ إطاحة الحوثيين بالحكومة المعترف بها دوليا والسيطرة على صنعاء عام 2014. وقد أدى ذلك إلى انقسام اليمن وتدمير بنيته التحتية فيما أضحى الصراع هناك بمثابة حرب بالوكالة بين السعودية وإيران، وحول اليمن إلى واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم.
ويسيطر الحوثيون في الوقت الراهن على أجزاء كبيرة من شمال اليمن وغربه فضلا عن قدرتهم إلى حد كبير على تعطيل الملاحة البحرية الدولية في عرض البحر الأحمر، بينما تسيطر القوات الحكومة المعترف بها دوليا على جنوب وشرق البلاد.
لكن بعد تسع سنوات من القتال، تغيرت سياسة السعودية بشأن اليمن إذ تحدث ولي العهد السعوي محمد بن سلمان صراحة عن رغبته في خروج بلاده من هذه الحرب فضلا عن انخراط السعودية في مفاوضات مع الحوثيين للوصول إلى اتفاق شامل يؤدي إلى وقف إطلاق نار دائم بما يمهد الطريق أمام إنهاء الحرب التي تقودها الرياض في اليمن منذ تسع سنوات.
من جانبه، قال إبراهيم جلال، الباحث غير المقيم في مركز كارنيغي للشرق الأوسط، "بالنسبة لإيران، يمكن اعتبار الحوثيين عبئا، لكن في الوقت نفسه يمكن اعتبارهم شكلا من أشكال النفوذ. فهم يشكلون نفوذا بسبب عدم القدرة على التنبؤ بتصرفاتهم، لكنهم يشكلون عبئا بمعنى أنهم قد يختارون التصعيد."
ونوه الباحث بتصريحات صدرت عن الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال مؤتمر صحافي الشهر الماضي مع وسائل إعلام أمريكية في نيويورك، قال فيها إن الحوثيين "لا يستمعون إلى أوامر الحكومة الإيرانية".
وقال جلال إنه عقب تهديد الحوثيين الولايات المتحدة بالرد العسكري عقب تدشين الأخيرة تحالفا دوليا لحماية التجارة في البحر الأحمر، خرج أنصار الحوثي وهم يهتفون: "لتكن حرب عالمية كبرى".
وأضاف أن الحوثيين "لا يعيرون للأمر أي اهتمام. هذا ضرب من الجنون بعض الشيء. هذا يعكس مستوى تجاهلهم لمعاناة اليمنيين الذين يئنون تحت وطأة صراعات إنسانية واقتصادية هائلة على مدى العقدين الماضيين. والآن يتسبب [الحوثيون] في إحداث المزيد من المتاعب مثل الضربات الجوية الإسرائيلية على البنية التحتية المدنية مما يفاقم من معاناة السكان أكثر".