قال رئيس مجلس القيادة الرئاسي، رشاد العليمي، إن رحلة اليمن المليئة بالمعاناة والتحديات الصعبة التي جلبتها جماعة الحوثيين خلال العشر السنوات الماضي، خلفت دمارًا هائلًا في كافة مناحي الحياة.
وأضاف أمام "قمة المستقبل" التي انطلقت الأحد على هامش اجتماعات الدورة التاسعة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك، "لذلك فإن أولوياتنا قد تبدو مختلفة عن أجندة معظم البلدان خصوصًا تلك التي تنعم بالسلام والاستقرار، لكن تطلعاتنا واحدة نحو المستقبل الواعد الذي تستحقه شعوبنا جميعًا".
وأوضح العليمي أن اليمن اليوم بات يشكل "أحد أكبر الأزمات الإنسانية في العالم، مثقلًا بتداعيات الحرب على مختلف المستويات، بما في ذلك تعثر الوفاء بالتزاماته المرتبطة بأهداف الألفية والتنمية المستدامة"، مستدركًا، "رغم تلك التحديات الهائلة، يبقى صمود، وتصميم الشعب اليمني قويًا وثابتًا في السعي نحو مستقبل أفضل".
ولفت إلى أن جزءًا من أسباب هذا الصمود يعود إلى الدعم المستمر الذي تتلقاه الحكومة اليمنية من دول تحالف دعم الشرعية، وشركائها الإقليميين والدوليين، والمنظمات التمويلية المعنية، وعلى وجه الخصوص الصندوق والبنك الدوليين.
وشدد الأكاديمي المتخصص بعلم الاجتماع، الذي تسنم قيادة البلد المحترب للعام الثالث على التوالي، "لدى شعوبنا آمال لا حدود لها في العمل معًا لبناء مستقبل يسوده السلام والازدهار، تحفظ فيه الكرامة الإنسانية، والمواطنة المتساوية، وفي عالم متعدد الأطراف، فعالًا وعادلًا وشاملًا، يضمن عدم ترك أحد منا خلف الركب"، حد تعبيره.
وجدد الرئيس اليمني التزام حكومته بمبادئ التضامن العالمي، والاحترام المتبادل، والتعاون الوثيق التي تأسست عليها هذه منظمة الامم المتحدة.
وأكد، "على الرغم من وطأة الحرب والأزمة التمويلية التي فاقمتها الهجمات الحوثية الإرهابية على المنشآت النفطية، إلا أن الحكومة اليمنية تحقق صمودًا مدهشًا بدعم من شركائها الإقليمين للوفاء بالالتزامات الحتمية، والدفع قدمًا بالأفكار، والمشروعات النوعية التي تحقق قدرًا من الاستدامة"، حد وصفه.
وتحدث في هذا الإطار أن الحكومة المعترف بها تعمل مع باقي أعضاء الأسرة الدولية على بلورة استراتيجية مغايره تجاه اليمن، تقوم على الانتقال من الإغاثة الى التنمية، والنظر بعين الجدية إلى أجندة الشباب والمستقبل، تمامًا مثلما تحرص على أجندة وقف الصراع وتحقيق السلام الشامل، حسبما قال.
وفي سياق تأكيده على قوة إرادة الشعب اليمني في مقاومة ظروف الحرب، وصناعة الأمل، أشار الرئيس إلى أن الجهود الحكومية تكللت مؤخرًا بالنجاح في التعاقد مع شركة "ستارلينك" العالمية لتقديم خدمة الانترنت الفضائي للمواطنين، ليصبح اليمن من الدول الرائدة في المنطقة بالتعامل مع هذه الخدمة.
وقال إن حكومته تراهن على خدمة "ستارلينك" في تعزيز تبادل المعلومات، والمعرفة، وتمكين الفتيات والفتيان من الالتحاق بالتعليم عن بعد، وحمايتهم من استقطاب جماعات العنف، والتنظيمات المتطرفة.
وأكد الرئيس العليمي على هذا الصعيد بأن الحكومة الشرعية تكافح في إطار ثلاث جبهات، "تتمثل الأولى بمواجهة مشاريع العنف والتطرف والتخلف القادمة من الماضي، فيما تتمثل الجبهة الثانية بالعمل على ترميم الآثار الفادحة التي تسببت بها الحرب على الواقع المعاش، وتتمثل الجبهة الثالثة بالسعي إلى مواكبة المستقبل قدر الإمكان".
وأعرب عن تطلعه من خلال مشاركته في قمة المستقبل، إثبات أهمية دعم وتشجيع المجتمع الدولي للدول التي تعيش حروبًا، وهشاشة مؤسسية، نحو مواكبة التقدم العالمي، طالما توافرت الإرادة والتفكير الخلاق من اجل اللحاق بالركب.
ودعا المجتمع الدولي للوفاء بالتزاماته، وتقديم دعم أكبر للتكيف مع تغير المناخ، وبناء القدرات المحلية لتعزيز الاستدامة البيئية ليشمل ذلك نقل التكنولوجيا كأمر حاسم في دعم الجهود المشتركة على هذا الصعيد.
كما أعرب الرئيس العليمي في هذا السياق عن تطلعه للاستفادة الكاملة من نتائج القمة بما في ذلك إعلانها المقترح الذي يعبر إلى حد كبير عن حقائق اليوم، ويقدم حلولًا ملموسة في الاستجابة للتحديات الدولية، ودعم الدول النامية والأقل نموًا في مساعيها لتحقيق أهداف التنمية المستدامة بحلول عام 2030.
وتطمح قمة المستقبل إلى صياغة إجماع دولي جديد حول كيفية تحقيق حاضر أفضل بشكل يكفل أيضًا حماية المستقبل، وتسريع الجهود الرامية إلى الوفاء بالالتزامات الدولية الحالية واتخاذ خطوات ملموسة للاستجابة للتحديات والاستفادة من الفرص الناشئة، في ضوء تحديات القرن الواحد والعشرين ومواكبة المتغيرات المتسارعة التي تواجه البشرية، بما يشمل الحروب، والنزاعات، والكوارث الطبيعية، والتغيرات المناخية، والتطورات التكنولوجية المتسارعة.
وتُركز فعاليات القمة على خمسة مسارات رئيسية، تشمل التنمية المستدامة والتمويل، والسلام والأمن، ومستقبل رقمي للجميع، والشباب والأجيال المقبلة، والحوكمة العالمية، وموضوعات أخرى تتقاطع مع أعمال الأمم المتحدة، بما في ذلك حقوق الإنسان، والمساواة بين الجنسين، وأزمة المناخ.
ومن المقرر أن يصدر في ختام القمة اتفاقات تصادق عليها الدول المشاركة، تتمثل في "ميثاق المستقبل" و"الميثاق الرقمي العالمي"، و"إعلان الأجيال القادمة".
ويتضمن "ميثاق المستقبل" فصولًا حول التنمية المستدامة والتمويل من أجل التنمية، والسلام والأمن الدوليين، والعلوم والتكنولوجيا والابتكار والتعاون الرقمي، والشباب والأجيال المقبلة، والحوكمة العالمية.
وسيعمل "الميثاق الرقمي العالمي" على سد الفجوات الرقمية، حيث سيكون أول اتفاق عالمي بشأن تقنيات الذكاء الاصطناعي، ليضع أسس إنشاء منصة دولية يكون مركزها الأمم المتحدة، تجمع كافة الأطراف معًا، فيما سيركز "إعلان الأجيال القادمة"، على إلزام القادة بوضع المستقبل بعين الاعتبار عندما يتخذون قراراته.