كشف تقرير حديث عن كارثة إنسانية في اليمن بسبب انقلاب الحوثيين، حيث تدهورت الأوضاع المعيشية والحقوقية بشكل كبير على مدار 10 سنوات من عمر الانقلاب.
وأصدرت منظمة "سام" للحقوق والحريات، تقريرًا حقوقيًا يوثق 10 سنوات من انقلاب جماعة الحوثيين على السلطة، وما سببه من أزمة إنسانية وانهيار شامل على كافة الصعد السياسية والاقتصادية والحقوقية.
وأشار التقرير إلى أن البلاد شهدت تراجعًا ملحوظًا في الحريات السياسية والمدنية، وتدهورًا كبيرًا في أوضاع حقوق الإنسان.
وقال التقرير الذي يحمل عنوان "عقد من الانهيار"، إن اليمن شهد تحولاً جذريًا عندما نفذ الحوثيون انقلابًا على السلطة في سبتمبر/أيلول 2014 ، مما أدى إلى سلسلة من الأحداث السياسية التي أضعفت الدولة بشكل كبير، وجعلت اليمن ساحة خلفية للتدخلات الإقليمية والدولية، مما زاد من تعقيد الجهود الرامية إلى تحقيق الاستقرار والسلام في المنطقة.
*ملعب خلفي*
وأضاف التقرير أن الانقلاب الحوثي حوَّل اليمن إلى ملعب خلفي للدول الاقليمية والدولية، بما في ذلك إيران التي دعمت الحوثيين، مما أثر بشكل عميق على مسار الحرب والأوضاع الإنسانية والسياسية في البلاد، وزاد من تعقيد الصراع وجعل الحلول السلمية أكثر صعوبة، لتؤدي هذه العوامل مجتمعة إلى تقسيم اليمن إلى مناطق نفوذ منفصلة، وظهور تحديات كبيرة أمام استعادة الدولة لوحدتها وسيادتها.
وأوضح التقرير أن هذه الأوضاع التي أفرزها الانقلاب تسببت في توقف عجلة التنمية تمامًا، حيث توقفت رواتب الموظفين وارتفعت الأسعار بشكل كبير، مما زاد من معاناة الشعب اليمني، كما أدى النزاع إلى نزوح أكثر من مليوني مدني بشكل قسري.
كما تسبب الانقلاب الحوثي في واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم، حيث أصبح أكثر من نصف سكان البلاد بحاجة ماسة إلى مساعدات إنسانية، وقرابة 17.8 مليون شخص بحاجة إلى مساعدات صحية، نصفهم أطفال، كما أدى الحصار والمعارك الدائرة إلى نزوح واسع للسكان، مما زاد من تعقيد الوضع، بحسب التقرير.
*انهيار الاقتصاد*
وأورد التقرير أن الصراع أدى إلى انهيار الاقتصاد المحلي، حيث انكمش النشاط الاقتصادي بحوالي 50% من الناتج المحلي، وبلغت الخسارة الاقتصادية بين 170 و200 مليار دولار، مبينًا أن الحرب تسببت في تعطيل التجارة وتدمير المنشآت الحيوية، مثل الموانئ والمطارات، مما جعل من الصعب على اليمنيين تأمين احتياجاتهم الأساسية، كما أدى التضخم وانهيار العملة إلى تفاقم الفقر والبطالة.
وأبرز التقرير سياسة الإفقار الممنهج والإنهاك الاقتصادي التي انتهجها الحوثيون طوال عشر سنوات من الانقلاب، إذ فرضوا جبايات ورسوم باهضة على التجار والمواطنين.
وبيّن التقرير أن إيرادات خزانة الحوثي خلال 2022 - 2023 فقط، من قطاعات الضرائب والجمارك والزكاة والأوقاف والنفط والغاز، بلغت ما يقارب 8.7 مليار دولار.
ونوه التقرير بأن النظام القضائي تعرض للاهتزاز، حيث عملت جماعة الحوثي على تسييسه واستخدمته كوسيلة للانتقام من الخصوم السياسيين.
مشيرًا إلى إصدار المحاكم الخاضعة لسلطة الجماعة أكثر من 550 حكمًا بالإعدام ضد المعارضين، استنادًا إلى تهم ملفقة.
*تراجع الحريات*
ولفت التقرير إلى أنه ومنذ انقلاب الحوثيين على الدولة الشرعية في اليمن، شهدت البلاد تراجعًا ملحوظًا في الحريات السياسية والمدنية، وتدهورت أوضاع حقوق الإنسان بشكل كبير، حيث عطلت الجماعة النشاطات السياسية وحظرت الأحزاب السياسية والنقابات، وفرضت قيودًا على حرية التجمع، ومنعت التظاهرات والاحتجاجات.
وأضاف: تم فرض قيود صارمة على وسائل الإعلام، حيث تم ارتكاب ما يقارب ألف انتهاك موثق بحق الحريات الإعلامية، بالإضافة إلى توقف قرابة 163 صحيفة ومجلة وإذاعة، وحجب أكثر من 200 موقع إخباري محلي وخارجي عن المتابعين في اليمن، واعتقال عشرات الصحفيين الذين حاولوا تغطية الوضع، فضلًا عن تعرض الناشطين الحقوقيين للتهديدات والمضايقات.
*انتهاكات متعددة*
وبين التقرير أن جماعة الحوثي اعتقلت تعسفًا أكثر من 18 ألف مدنيًا وأخفت العديد من الضحايا في سجون غير رسمية لا تخضع لإشراف القضاء.
ولفت إلى أن أكثر من 17 ألف حالة تعذيب بحق المعتقلين في سجون الحوثي تم رصدها وتوثيقها بواسطة المنظمات الحقوقية.
وأشار أن العديد من المناطق شهدت قصفًا عشوائيًا على الأحياء السكنية، بمختلف الأسلحة، مما أدى إلى مقتل أكثر من 15 ألف مدنيًا، وإصابة أكثر من 34 ألف آخرين، منذ انقلاب الحوثيين في سبتمبر/أيلول 2014.
كما أشار التقرير أن جماعة الحوثي ارتكبت أكثر من 21500 حالة انتهاك ضد المرأة خلال الفترة سبتمبر/أيلول 2015، وحتى أكتوبر/تشرين الأول 2022.
كما مارست جماعة الحوثيين انتهاكات جسيمة بحق المدنيين في اليمن، حيث زرعت أكثر من مليونين و300 ألف لغم في مختلف المناطق، مما أدى إلى مقتل 2632 شخصًا، بينهم 477 طفلًا و168 امرأة، وإصابة 3386 آخرين، بينهم 730 طفلًا و219 امرأة، وتضرر 4743 منشأة خاصة و456 منشأة عامة بالألغام، خلال الفترة من 2014 إلى 2022.
بالإضافة إلى ذلك، قامت الجماعة بتفجير 713 منزلًا بشكل كلي حتى ديسمبر/كانون الأول2023، وجندت نحو 30 ألف طفل منذ عام 2014، مما يعكس حجم المعاناة التي يعيشها المدنيون جراء هذه الانتهاكات، بحسب التقرير.