كشفت وكالة "بلومبيرغ نيوز" الأميركية أن المملكة العربية السعودية مارست ضغوطًا على محافظ البنك المركزي والحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا؛ لحثهما على إعادة النظر في الإجراءات الاقتصادية المالية المصممة لإضعاف الحوثيين، في مسعاها للتهدئة بعيد التهديدات التي أطلقها زعيم الجماعة الدينية عبدالملك الحوثي باستهداف منشآتها الحساسة.
وأضافت الوكالة، وفق "خمسة أشخاص لديهم معرفة مباشرة بهذه المناقشات" أن الرياض لوّحت بـ"تقليل الدعم الاقتصادي والعسكري للإدارة اليمنية إذا تم تنفيذ التحركات ضد الحوثيين وأنها ستواجه بمفردها صراعًا محتملًا" مع الجماعة الشيعية المدعومة من إيران.
وصعّد الحوثيون حملتهم البحرية إلى مستويات غير مسبوقة منذ ديسمبر/كانون الأول الماضي، بعدما أصدروا لقطات لمواقع خططوا لاستهدافها في المملكة العربية السعودية، قبيل شنهم هجومًا مميتًا على تل أبيب، أدى إلى مقتل شخص للمرة الأولى، ما دعا الأخيرة للرد بقصف ميناء الحديدة، غربي اليمن، في سابقة لم تشهدها المنطقة من قبل.
وأضافت الوكالة الأمريكية، أن السعوديين أكدوا للحوثيين "أنهم يفعلون كل ما في وسعهم لوقف تنفيذ التدابير، وفقًا لشخصين مطلعين على الأمر"، في إشارة إلى إحباط القرارات الاقتصادية التي اتخذها محافظ البنك المركزي اليمني أحمد غالب المعبقي، وهدفت إلى استعادة الحكومة المعترف بها السيطرة الشاملة للسياسة النقدية والمصرفية في البلاد.
وقالت فاطمة أبو الأسرار، الباحثة في معهد الشرق الأوسط للأبحاث، إن المملكة العربية السعودية تواجه خيارات صعبة بالنظر إلى "القفزة الكبيرة" في قدرات الحوثيين منذ عام 2015، كما يتضح من إرسال طائرة بدون طيار على بعد 2000 كيلومتر تقريبًا (1242 ميلًا) من اليمن إلى قلب تل أبيب، مضيفة أن الاستمرار في تقديم التنازلات يهدد بتشجيعهم، وفق ما نقلته الوكالة.
وقال برنارد هيكل، أستاذ دراسات الشرق الأدنى بجامعة برينستون، إن السعوديين حذرون من المواجهة الجديدة مع الحوثيين وإيران.
وأضاف، "لقد استوعب السعوديون درسًا، وإدراكًا بأن الأميركيين قد يكونون هنا اليوم ويذهبون غدًا، لكن إيران والحوثيين هنا اليوم ولن يرحلوا غدًا".
وقالت الأمم المتحدة هذا الأسبوع إن الأطراف اليمنية توصلت إلى اتفاق من شأنه أن يؤدي إلى إلغاء القيود المالية المفروضة على المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون، والتي تعد موطنًا لنحو 20 مليون شخص يعتمدون على المساعدات الإنسانية الدولية والتحويلات المالية من الخارج، مضيفة في بيان أنها "أدركت الدور المهم للمملكة العربية السعودية في تحقيق هذا الاتفاق".
وقالت ندوى الدوسري، الخبيرة في شؤون اليمن والمقيمة في واشنطن العاصمة والمستشارة لعدة حكومات غربية، إن جدوى هذه الاستراتيجية على المدى الطويل مشكوك فيها، حيث ينظر الحوثيون إلى أنفسهم بشكل متزايد كقوة إقليمية تريد التغلب على المملكة العربية السعودية وتكثيف المقاومة لإسرائيل والولايات المتحدة، مشيرة إلى أن "الأيديولوجية هي التي تحرك الحوثيين، الذين قلل الكثير من الناس من شأنهم".
وكانت "بلومبرج نيوز"، أفادت أوائل يونيو/حزيران الماضي، أن الرياض وواشنطن دعمتا في السابق إجراءات البنك المركزي للضغط على الحوثيين، معتقدين أنها ستساعد في إنهاء الأعمال العدائية البحرية وبدء محادثات السلام التي تقودها الأمم المتحدة لحل الصراع في اليمن، قبيل أن تفشل الضربات الجوية التي شنتها الولايات المتحدة وبريطانيا على مدى أشهر ضد أهداف الحركة الشيعية منذ يناير/كانون الثاني، في إنهاء هجمات البحر الأحمر.