تقرير: عدن بلا كهرباء في كلّ صيف..مقتدرون إلى الفنادق والفقراء يعانون
يمن فيوتشر - النهار العربي- عبدالرحمن أنيس: الجمعة, 07 يونيو, 2024 - 08:42 مساءً
تقرير: عدن بلا كهرباء في كلّ صيف..مقتدرون إلى الفنادق والفقراء يعانون

على امتداد كورنيش ساحل أبين في مديرية خورمكسر في مدينة عدن اليمنية، الشارع الذي يضم عشرات الفنادق السياحية، اصطفت سيارات كثيرة لنزلاء غالبيتهم من أبناء المدينة نفسها، لجأوا إلى الفنادق هرباً من جحيم الصيف وانقطاعات الكهرباء.
إلى جانب أحد الفنادق توقفت سيارة "لاند كروزر" نزل منها الشاب علي سعيد يساعده شقيقاه على دخول الفندق. سعيد خرج من المستشفى بعد عملية جراحية قبل يوم، وفق إفادة شقيقه محمد، وكاد وضعه الصحي يسوء بسبب انقطاع الكهرباء لأكثر من ثماني ساعات متواصلة.
وأصبح معتاداً في عدن وغيرها من المدن اليمنية أن يلجأ السكان المقتدرون إلى الفنادق التي تتراوح تكلفة الإقامة فيها بين 40 دولاراً و100 دولار لليلة، خصوصاً إذا كان لديهم أطفال أو مريض أو كبير في السن لا يستطيع تحمل درجة الحرارة العالية والانقطاعات الطويل للكهرباء، فيما يواجه الفقراء والمعدمون مشكلة الحر بالبقاء في منازلهم وتحمل مضاعفاته التي تصل ببعض كبار السن إلى الوفاة.

 

توليد بوقود مكلف
وتولد مدينة عدن الكهرباء بالاعتماد على محطات تعمل بوقود الديزل المكلف، وقال رئيس الوزراء اليمني أحمد بن مبارك في مقابلة تلفزيونية أخيراً إن حكومته أنفقت ما يزيد على تريليون ريال يمني على قطاع الكهرباء العام الماضي، منها 775 مليون ريال على الوقود.
المهندس في محطات توليد الكهرباء محمد زيد تحدث إلى "النهار العربي" عن الأزمة بقوله: "تتكرر أزمة الكهرباء سنوياً لسببين رئيسين، أولهما هو قلة محطات توليد الكهرباء، إذ تجاوزت حاجة عدن من الطاقة الكهربائية إلى 700 ميغاوات، فيما ما هو متاح لجميع المحطات الحكومية والمستاجرة لا يصل إلى 300 ميغاوات".

 

تهالك خطوط النقل
وإضافة إلى النقص في القدرة على إنتاج الكهرباء، تأتي أزمة الوقود التي تعصف بمحطات التوليد والتي ساهمت كثيراً في انهيار منظومة الكهرباء، بحسب زيد الذي يذكر أيضاً تهالك خطوط النقل بسبب الربط العشوائي والزيادة الكبيرة للعمران لا يقابله تأهيل للشبكة الكهربائية، ما سبب ضغطاً متزايداً وكبيراً على المنظومة الكهربائية.
ماذا عن الحلول الجذرية لأزمة الكهرباء؟ يقول زيد: "عملت الحكومة أخيراً على مشاريع استراتيجية للتخفيف من معاناة السكان، مثل استكمال الأعمال الفنية لمحطة كهرباء الرئيس (بترومسيلة) للدخول بكامل طاقتها (264 ميغاوات) وأيضاً وصول مشروع توليد الكهرباء بالطاقة الشمسية إلى مراحله الأخيرة للدخول بـ120 ميغاوات على الشبكة الكهربائية"، مشيراً إلى أن هذين المشروعين من شأنهما تخفيف المعاناة، لكن شرط توافر الوقود بانتظام لكل المحطات الكهربائية العاملة بالوقود.

 

مأساة تتكرر
ويتوقع زيد أنه خلال السنوات المقبلة إذا لم تبن محطات كهربائية جديدة من الطاقة النظيفة التي لا تستهلك وقوداً مكلفاً كمحطات الطاقة الشمسية أو توربينات الرياح، ستتكرر المأساة سنوياً، لا سيما مع تزايد الحاجة مع تزايد عدد السكان. 
ويلفت إلى أن كهرباء عدن تزود محافظات مجاورة كأبين ولحج والضالع ومدينة ردفان بالطاقة الكهربائية "ومن غير المعقول الاعتماد على محطات الديزل لتشغيل الكهرباء وهو الأعلى تكلفة عالمياً، خصوصاً أننا في دولة تعيش وضعاً صعباً جداً اقتصادياً، فيما معظم الدول المستقره اقتصادياً استغنت عن محطات الديزل".

 

جريمة وليست أزمة
ويذهب الصحافي رعد الريمي إلى أن حال خدمة الكهرباء في عدن تمثل "جريمة مكتملة الأركان" تتطلب تدخلاً عاجلاً لوضع حد لها ومحاسبة المعنيين.
ويقول لـ"النهار العربي": "ما تعانيه عدن من انقطاع شبه دائم للتيار الكهربائي ليس مجرد أزمة، بل هو جريمة مكتملة الأركان تُرتكب بحق المواطنين المعدمين والفقراء بالأساس، إذ إن توفير خدمة الكهرباء هو أهم حقوق المواطن، علاوة على كون الأزمة تعكس حجم الفساد المستشري في أروقة الجهات المسؤولة عن هذا القطاع الحيوي".
ويضيف: "المواطنون يعانون من الحر الشديد، ويضطرون لشراء المولدات الكهربائية الباهظة الثمن، ناهيك بأن ممتلكاتهم من الأجهزة الكهربائية تتعطل جراء الانقطاعات المستمرة، وتتوقف كذلك الأعمال التجارية والصناعية".
ويرى الريمي أن "وضع الكهرباء في عدن وصل إلى حدّ لا يمكن السكوت عليه، فهناك من يتعمد تدمير هذا القطاع على حساب معاناة المواطن اليومية، فيما لا تبالي الحكومة والسلطات بمعاناة الناس جراء ذلك".


التعليقات