لا يتوقف الجدل في اليمن حول قطاع الاتصالات، في ظل تزايد أهميته وتوسع إيراداته، الأمر الذي جعله محل تجاذب ونزاع، يزداد احتداماً مع إطلاق كل خدمة جديدة في هذا القطاع. يأتي ذلك، في الوقت الذي يثير فيه هذا القطاع الغموض مؤخراً نتيجة للضعف المفاجئ الذي تشهده خدمة الإنترنت، وسط أحداث متصاعدة في البحر الأحمر ومختلف ممرات اليمن المائية، شملت تبعاتها كابلات الاتصالات العالمية التي تمر في هذه الممرات المائية والتهديدات التي تطاول صيانتها بسبب هذه الأحداث.
ويشكو مواطنون في مدينة عدن ومناطق أخرى تحت سيطرة الحكومة المعترف بها دولياً من ارتفاع أسعار شرائح أرقام الاتصالات المرتبطة بخدمة الإنترنت الحديثة (تقنيات الجيل الرابع "الفور جي")، إضافة إلى استمرار ارتفاع تكاليف خدمات الشبكة المحلية التي تم تدشينها قبل نحو عامين.
المواطن كمال الشجري يشير لـ"العربي الجديد"، إلى آخر حدث أثار الجدل في الاتصالات وخدمات الإنترنت في عدن، وهو ما أعلنت عنه إحدى شركات الاتصالات عن تقديمها خدمة الإنترنت بتقنية الجيل الرابع "فور جي"، لكن اكتشف البعض أنها ستكون بأسعار خيالية، إذ تداول الكثير من المواطنين وجود عروض لبيع شرائح أرقام اتصالات جديدة للشركة بسعر مرتفع يصل إلى 60 ألف ريال (نحو 35 دولارا) للشريحة الواحدة.
ودشنت المؤسسات المعنية بالاتصالات في اليمن مشروع النطاق العريض اللاسلكي وتقنية الجيل الرابع "فور جي" لأول مرة في البلاد نهاية عام 2022، حيث تضمنت المرحلة الأولى تدشينه في 11 محافظة، قبل إيصال الخدمة لجميع محافظات الجمهورية.
من جانبه، يصف المواطن جبر ناصر، لـ"العربي الجديد"، ما يجري في ارتفاع تكاليف خدمات الاتصالات والإنترنت في عدن وترد كبير في الخدمة دون وجود أي بدائل ملموسة تقدمها الحكومة لتخفيف معاناتهم. في السياق، تكشف مصادر مطلعة في وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات الحكومية في عدن، عن استثمارات جديدة مهمة في قطاع الاتصالات سيتم تدشينها في الفترة القليلة القادمة، بالتزامن مع تنفيذ خطة مماثلة لتطوير أداء الهيئة العامة للبريد، وعديد الخدمات والاتصالات في قطاع الاتصالات كالشبكة الأرضية والإنترنت الفضائي والأرضي، والشركات العاملة في مجال الاتصالات.
يتطرق المحلل الاقتصادي صادق علي، في حديثه لـ"العربي الجديد"، إلى نقطة مهمة في هذا الخصوص، تتعلق بعدم توفر بنية تحتية مناسبة في قطاع الاتصالات في عدن ومناطق الحكومة المعترف بها دولياً، في ظل تردي الخدمات القائمة والمحدودة وتحجيم انتشار وتوسع هذه الخدمات لأسباب غير معروفة تتعلق بالصراع القائم في البلاد.
وتقدّر بيانات رسمية نسبة اليمنيين الملتحقين بشبكات الاتصالات بنحو 60%، حيث لا يتجاوز متوسط سرعة الإنترنت عبر الهاتف المحمول أكثر من 1 ميغابايت في الثانية، مقارنة بالسرعة على الصعيد العالمي التي تتجاوز 30 ميغابايت، وذلك بالرغم من تدشين خدمة الجيل الرابع في اليمن قبل نحو عامين، لكن بحسب كثير من المستخدمين لم تشكل التقنية الحديثة أي إضافة ملموسة في تحسين خدمة الإنترنت.
الخبير في مجال تقنية المعلومات مروان سالم يوضح لـ"العربي الجديد"، أن خدمة الجيل الرابع لا تحتاج إلى كابل أو صيانة حيث يتم الربط بالشبكة بدون أي إعدادات مسبقة، مؤكداً أن هناك زيادة كبيرة في حجم استهلاك خدمات هذه التقنيات في اليمن بمقابل قدرات محدودة لتغطية هذه الفجوة من الاحتياجات. وتجمع السلطات المتصارعة في اليمن على أهمية قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات وخدماته المتعددة وأثرها المباشر على حياة الناس والتنمية والاقتصاد عموماً في السلم والحرب، إضافة إلى أنه قطاع يعول عليه أن يكون مصدرا مستمرا ورافدا حقيقياً للموازنة العامة للدولة، في ظل شحة الموارد التي يعاني منها اليمن.
وتنفذ وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات الحكومية في عدن خطة تستهدف من خلالها تطوير هذا القطاع. وتقول إنها حققت نتائج مهمة خلال الـ100 يوم الأولى من مستهدفات الخطة؛ حيث بدأت تتضح معالمها رغم كل الظروف والمعطيات الحاضرة.
كانت وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات في صنعاء قد أكدت في بيان بمناسبة اليوم العالمي للاتصالات ومجتمع المعلومات في 17 مايو الجاري، أنها تسعى بما يتوفر لها من طاقة وإمكانيات إلى مواكبة المسار العالمي في مجال التكنولوجيا، من خلال محاولة تجسير الفجوة الرقمية التي تعتبر عائقاً أمام تفعيل طاقات الابتكار الرقمي في اليمن.