ناقشت القمة العربية التي استضافتها العاصمة البحرينية المنامة الأزمة اليمنية وتداعياتها، إذ أكدت كلمات القادة العرب وبيانهم الختامي أهمية الحل السياسي لإنهاء أكثر من عقد من الصراع الدامي الذي خلف واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم، بحسب تصنيف الأمم المتحدة.
وتناولت القمة تطور الأحداث في اليمن والتي امتدت إلى المياه الدولية في البحر الأحمر وخليج عدن والخليج العربي، وكذلك ترك مجال للقنوات الدبلوماسية لمواصلة مسعاها إلى إعادة الاستقرار، مع التأييد العربي للحل الشامل في البلاد.
وصدر بيان "إعلان البحرين" في ختام الدورة العادية الـ33 لمجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة، إذ نص على تجديد "الدعم الثابت لمجلس القيادة الرئاسي في الجمهورية اليمنية برئاسة رشاد محمد العليمي، ومساندة جهود الحكومة في سعيها إلى تحقيق المصالحة الوطنية بين المكونات كافة، ووحدة الصف تحقيقاً للأمن والاستقرار في اليمن".
•رفض الأمر الواقع
وأعلن البيان "تأييد المساعي الأممية والإقليمية الرامية إلى التوصل إلى حل سياسي شامل للأزمة اليمنية وفق المرجعيات المعتمدة دولياً، ممثلة في المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات الحوار الوطني اليمني وقرار مجلس الأمن رقم (2216) بما يحقق غايتنا الجماعية لتحقيق التطلعات المشروعة للشعب اليمني الشقيق في السلام والاستقرار والنماء والازدهار".
وعلى الجانب الآخر رفض الحوثيون البيان العربي وأكدوا أن "الحلول العربية والزمن ومعطيات الواقع قد تجاوزتها"، بحسب المتحدث الرسمي للجماعة محمد عبدالسلام.
وارتبطت حلول الأزمة اليمنية بمرجعيات ثلاثة أكدتها القمة العربية، وهي مخرجات مؤتمر الحوار الوطني الذي عقد بين مارس (آذار) 2013 ويناير (كانون الثاني) 2014، وينص أبرز بنودها على إنشاء دولة اتحادية من ستة أقاليم، إضافة إلى قرارات مجلس الأمن الدولي الخاصة باليمن والمبادرة الخليجية التي جرت عام 2011 خلال الاحتجاجات الشعبية ضد نظام الرئيس الراحل علي عبدالله صالح، ووضعت خريطة زمنية لترتيب نقل السلطة في البلاد، وانتهت بانتخابات رئاسية جديدة في فبراير (شباط) 2012 فاز فيها الرئيس التوافقي السابق عبدربه منصور هادي.
من جهته يقول السفير اليمني لدى منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونيسكو) محمد جميح، إن "قمة المنامة أكدت دعم الحكومة الشرعية وجهودها في إجراء المصالحة والحل السياسي وفقاً للمرجعيات السياسية الثلاث التي طرحت سابقاً".
ويرى جميح أنه "لا يمكن أن يكون هناك ما هو أكثر من ذلك في الملف اليمني، لكن هذا التأكيد العربي على رؤية الحل السياسي وفق المرجعيات الثلاث مهم بطبيعة الحال، في ظل محاولات بعضهم تجاوز هذه المرجعيات في اليمن وفرض أمر واقع جديد ومطالبات أخرى"، مؤكداً أنه "تجاوز للقرار الدولي رقم (2216) ومخرجات الحوار الوطني".
•مزيد من العزلة
وتصطدم جهود الحل السياسي في اليمن بالرفض الحوثي المتكرر الذي يشترط إلغاء هذه المرجعيات، كونها وفقاً لمراقبين تسحب من الجماعة المكتسبات التي جنتها بقوة السلاح عقب انقلاب سبتمبر (أيلول) 2014 وتعيدها لصفوف ممارسة الدور السياسي تحت جناح الدولة.
وتطرق رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي خلال القمة إلى أوضاع اليمن "مع استمرار التصعيد والانقلاب الحوثي وجرائم الميليشيات التابعة لإيران بحق الوطن والمواطن، ومساعي السلام وموقف الشرعية اليمنية من الجهود الإقليمية والأممية في هذا الشأن"، مؤكداً "استناد ذلك إلى المرجعيات الثلاث".
من جانبه قال المستشار الإعلامي لدى سفارة اليمن في السعودية صالح البيضاني، إن "أهم ما يتعلق بحضور الشرعية اليمنية في قمة المنامة يتمثل في جملة من الأمور تتمثل في حال الدعم العربي لمجلس القيادة الرئاسي، باعتباره السلطة الشرعية الوحيدة المعترف بها دولياً، في مقابل الجماعة الحوثية التي تزداد عزلة في ظل تزايد قناعة المجتمع الدولي يوماً بعد يوم أنها مجرد ميليشيات لا تمتلك أية رغبة في إحلال السلام".
ويضيف البيضاني أن الأمر الآخر "يتمثل في طبيعة الوفد الرفيع الذي شارك في القمة برئاسة رشاد العليمي إلى جانب عضوي مجلس القيادة الرئاسي عثمان مجلي وعبدالرحمن المحرمي، وهما من أبرز القيادات اليمنية التي عرفت بتاريخها في مناهضة المشروع الحوثي المدعوم إيرانياً".
وعن رمزية هذا الحضور فقد اعتبرها البيضاني "رسالة ضمنية تفيد بأن الشرعية اليمنية بقدر ما تمد يديها نحو سلام عادل يقوم على المرجعيات الثلاث، فهي كذلك لديها كثير من الخيارات لمواجهة محاولات تعميق معاناة الشعب اليمني".
المزايدة بفلسطين وموقف إيران
وتمثل مشاركة اليمن في القمة العربية رسائل عدة حملها العليمي، وأكدت في شقها الإقليمي "الموقف الثابت الذي تتبناه الشرعية في دعم القضية الفلسطينية"، وفق البيضاني الذي يرى أن ذلك "بعيد من المزايدات الحوثية التي تحاول الاختفاء خلف عدالة قضية فلسطين وشعبها لتحقيق أغراض داخلية وخارجية".
وكان العليمي ألقى كلمة أمام القمة العربية أكد فيها "تحميل النظام الإيراني مسؤولية استمرار الحرب في اليمن من خلال دعم الميليشيات الحوثية التي تسببت في تشريد أكثر من 4 ملايين يمني، وحاصرت المدن وصادرت الممتلكات".
وذكّر رئيس المجلس الرئاسي العالم بخطورة التساهل مع "ميليشيات محلية يمكن أن يمتد ضررها إلى العالم، كما هو الحال مع الجماعة الحوثية التي باتت تهدد اليوم أمن الملاحة الدولية وتزعزع أمن المنطقة".