تعرّف على (نسرين ضرار) و (فائزة حيدرة) اللتين تحدتا الصور النمطية المتعلقة بالجنس في اليمن من خلال افتتاح مطعم في تعز.
و تقول نسرين لصحيفة "العربي الجديد ": "قمنا بكسر التقليد الذي ينص على أن فتح المطاعم حكرًا على الرجال فقط. و حاولنا إقناع المجتمع بأن المرأة يمكنها أيضًا العمل في المطاعم، و ليس هناك ما يستدعي الخجل من ذلك."
و حصلتا نسرين وفائزة على شهاداتٍ جامعية، و مكّنهما تعليمهما من اكتساب الثقة لتخطي التحديات وتنفيذ أفكارهما التجارية المشتركة.
و لم تتلقَ الاثنتان أي دعمٍ مالي لإطلاق مشروعهما، مطعم "بيتوتي"، كما توضح نسرين قائلة: "ماليًا، بدأ المشروع بمدخراتنا الشخصية، حاولنا توفير كل ما يلزم للأعمال بأنفسنا."
و قد سمح هذا المشروع لنسرين وفائزة بتعلم المزيد عن هذا المجال وتحقيق الاستقلال المالي، بالإضافة إلى قدرتهما على خلق فرص عمل للنساء الأخريات. وتضيف نسرين: "انه شعور رائع أن تكوني رائدة أعمال وتقومي بتحقيق الاكتفاء الذاتي."
و في مجتمعٍ محافظ مثل اليمن، من الصعب إقناع الأب أو الأم بالسماح لبناتهم بالعمل في مطعم. حيث يوجد لديهم العديد من الأسباب المبررة لاتخاذ موقفٍ من هذا القبيل. و هذا كان التحدي الرئيسي الذي واجهته فائزة ونسرين عند الاستعداد لافتتاح المطعم.
و تقول فائزة لصحيفة "العربي الجديد": "كان العثور على موظفات صعبًا. لم يكن أحد مستعدًا للسماح لابنته أو شقيقته أو زوجته بالعمل في مطعم. ولكن تغيرت مواقفهم عندما فهموا أننا ندير المطعم بشكلٍ مسؤول."
• تجربة مشجعة: لقاء ياسر عبده في مطعم بيتوتي:
صرح (ياسر عبده)، البالغ من العمر 40 عامًا ومقيم في مدينة تعز، لصحيفة "العربي الجديد" أنه وجد الأمر "غريبًا" عندما دخل مطعم بيتوتي للمرة الأولى في يناير/ كانون الثاني من هذا العام ووجد فريقًا مؤلفًا بالكامل من النساء.
و قال: "طلبت الغداء، وجاءت نادلة ترتدي سترة طويلة تحمل الوجبة إلى الطاولة. و كان الأمر غريبًا لأنني لم أرى ذلك في مدينة تعز من قبل."
وأضاف: "كان الطعام لذيذًا، والمطعم بدا نظيفًا ، ويحتوي على قسمين منفصلين للذكور والإناث. و لا أعرف إدارة الأعمال النسائية لهذا المشروع، ولكنّي أفتخر بهن."
يعتبر عبده نجاح فائزة ونسرين مثالًا "مشجّعًا" للنساء اليمنيات اللاتي يرغبن في فتح أو إدارة منشآت خدمة الطعام في محافظة تعز أو في أي مكان آخر في اليمن.
كما قالت (نوال محمد)، طالبة جامعية في تعز، إن وجود هذا المطعم الذي تملكه النساء في مدينة تعز "ملهم".
"جعلني أفكر في فتح مقهى يقدم وجبات خفيفة، خاصة مجموعة متنوعة من عصائر الفاكهة والسندويشات. و ستكون العاملات جميعهن نساء."
وأضافت: "إذا نجحت النساء في تعز وفي محافظاتٍ يمنية أخرى كأطباء وممرضات وأساتذة جامعيات، فيمكنهن أيضًا إدارة مشاريع خدمة الطعام. إنما هي القواعد الاجتماعية التي تحد من قدراتنا."
• تأثير الحرب: كيف تدفع الصراعات النساء ليُصبحن معيلات للأسرة:
اندلعت الحرب الأهلية في اليمن في عام 2015، مما أدى إلى عدة مِحن اقتصادية، وخاصة تدهور قيمة العملة وارتفاع التضخم وفقدان فرص العمل.
و كان العديد من ضحايا الحرب هم معيلو الأسرة. و مع رحيلهم، تُركت الأسر بلا معيل، مما دفع النساء إلى تحمل أعباء جديدة والبحث عن عمل لكسب لقمة العيش.
و تعمل )هدى ناصر)، البالغة من العمر 20 عامًا وحاصلة على شهادة الثانوية العامة، كنادلة في مطعم في صنعاء منذ أغسطس/ آب الماضي. و وصفها أصدقاؤها بأنها "شجاعة"، حيث يهيمن الرجال على هذه الوظيفة في اليمن.
و تعترف هدى بأن ظروف عائلتها المالية دفعتها لقبول وظيفة النادلة.
و قالت: "سمح لي أبي بالعمل كنادلة في قسم العائلات في المطعم، وهذا يعني أن الزبائن اللاتي أخدمهن هن نساء مع أزواجهن أو إخوتهن أو أطفالهن. و لا أدخل القسم الذي يخدم فيه الرجال قط."
وأضافت: "تعود القيود الاجتماعية على عمل النساء في المطاعم إلى عقود من الزمن. ومع ذلك، دفعت الحرب، جنبًا إلى جنب مع الظروف الاقتصادية الصعبة، النساء إلى قبول وظائف كانت في السابق تعتبر صعبة أو غير مناسبة."
• التصدي للمعوقات: إصرار نسرين وفائزة في ظل الصعوبات الاقتصادية في اليمن:
الحفاظ على استمرارية العمل التجاري هو تحدٍ كبير في بلد يعاني من الحرب وعدم الاستقرار السياسي لما يقارب عشر سنوات.
حيث شنّت الأطراف المتحاربة في اليمن -جماعة الحوثي المدعومة من إيران والحكومة اليمنية المدعومة من السعودية- حربًا اقتصادية إلى جانب حروبهم العسكرية. وقد أحدث ذلك بؤسًا للمدنيين وتحديات كبيرة أمام رواد الأعمال.
فقد أوقفت العديد من الشركات عملياتها أو انتقلت إلى بلدان أخرى، هربًا من البيئة غير الآمنة والضرائب الثقيلة المفروضة من قبل الجماعات المسلحة.
و على الرغم من التحديات المتعددة التي تواجه الأعمال في اليمن، تحاول نسرين وفائزة التغلب على الصعوبات التي تواجه مشروعهما.
و توضح نسرين: "ارتفاع الأسعار وعدم استقرار العملة ونقص الخدمات الأساسية مثل الكهرباء والماء والغاز للطهي هي من بين الصعوبات الرئيسية التي نواجهها. ولكننا نقوم بأفضل ما لدينا للتعامل مع المشاكل التي تواجه عملنا والاستمرار في تقديم وجباتٍ لذيذة للعملاء".