أدانت جمعية البنوك اليمنية قرار البنك المركزي الحكومي في عدن بنقل مقار البنوك الرئيسية من صنعاء، ووصفته بالتعسفي، معتبرةً أن لا مبررات قانونية أو متغيرات اقتصادية تدفع إلى اتخاذ مثل هذا القرار.
وقال رئيس الجمعية، محمود ناجي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن عوامل تتعلق بالتنازع بين البنكين المركزيين (في عدن وصنعاء) على النطاق الجغرافي لسلطاتهما الإشرافية والضغوط السياسية، دفعت الحكومة لإصدار القرار، معتبرا أنه لا يراعي مصلحة القطاع المالي والمصرفي، ولا المصلحة العامة للبلاد.
تابع ناجي: "الجميع يعلم أن البنوك ما هي إلا شركات تقدم خدمات مالية مطلوبة لوحدات النشاط الاقتصادي، وتهدف إلى تحقيق العائد الأفضل للمساهمين فيها، وتختار مواقع مراكزها الرئيسية وفقاً لعوامل السوق، أي العرض والطلب، فهي تتبع حركة النشاط الاقتصادي في البلاد، وتختار الموقع الذي يحقق الطلب الأكثر على خدماتها، وهو الذي يقع فيه النشاط الاقتصادي الأكثر، ويقع فيه العدد الأكبر من مراكز الشركات المتعاملة معها".
في حالة السوق اليمنية تقع مراكز غالبية الشركات التجارية والصناعية (وهي المحرك الرئيسي للنشاط الاقتصادي، والعملاء الرئيسيون للبنوك) في مدينة صنعاء والمحافظات التي تتبعها، وارتباط البنوك بعملائها الرئيسيين من الشركات وأفراد الجمهور، يحتم عليها اختيار صنعاء كموقع أمثل لمراكزها، نظراً لقربه من المراكز الرئيسية للبنوك، وفق رئيس جمعية البنوك اليمنية،.
أضاف أن القوانين المنظمة للنشاط المصرفي في اليمن لم تحدد موقعاً معيناً لمراكز البنوك، بل تركت ذلك للمساهمين في البنوك ليحددوا موقع المركز الرئيسي لكل بنك.
من جانبه، يرى الخبير المالي والاقتصادي أحمد شماخ، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن البنوك تواجه أعباء متصاعدة نتيجة المطالب والقرارات والاشتراطات التي تتلقاها بصورة متواصلة دون توقف منذ أيام، بل منذ شهور وأعوام، مؤكداً أنه في ظل اقتصاد الحرب تعمل كل دول العالم للحفاظ على القطاع المصرفي، بهدف تجنب انهيار الاقتصاد والتجارة ومعيشة المواطنين، داعياً إلى عدم استخدام المصارف كأداة في الصراع.
وانقسام السياسة المالية والنقدية من أكبر التحديات الاقتصادية التي خلفها الصراع في اليمن، إذ بدأ ذلك بعد أن نقلت الحكومة المعترف بها دولياً مقر البنك المركزي من صنعاء إلى عدن التي أعلنتها عاصمة مؤقتة لها عام 2016، وحينها أصبح البنك المركزي اليمني في عدن في حقيقة الأمر مؤسسة مشكلة حديثاً تمتلك إمكانية الوصول إلى الأسواق والأدوات النقدية، لكنها تفتقر إلى السيولة الكافية من النقد الأجنبي.
وفي الوقت نفسه ظلت صنعاء، التي سيطر عليها الحوثيون، المركز المصرفي والتجاري لليمن، والمقر الرئيسي للبنوك، والمتحكمة بتدفقات التحويلات المالية ومدفوعات وكالات المعونة المنفذة عبر النظام المصرفي الرسمي، كون عدد السكان الذين يعيشون في مناطق الحوثيين أكبر من المناطق الأخرى.
وكان البنك المركزي اليمني في عدن أصدر، في 2 أبريل/ نيسان الجاري، قرارا بنقل المراكز الرئيسية للبنوك التجارية والإسلامية وبنوك التمويل الأصغر من صنعاء إلى عدن، العاصمة المؤقتة للحكومة المعترف بها دولياً. وأمهل القرار البنوك 60 يوماً للتنفيذ، مؤكداً أن من يتخلف سيتم اتخاذ الإجراءات القانونية بحقه طبقاً لأحكام قانون مكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب النافذة ولائحته التنفيذية.
وأرجع البنك المركزي الحكومي في عدن سبب قراره، الذي أثار جدلا واسعا، إلى ما اتخذته جماعة الحوثي في صنعاء من إجراءات بإصدار عملات غير قانونية، ما يعد إخلالاً بالنظام المالي والمصرفي في البلاد.