تثير الهجمات المتصاعدة التي تشنها جماعة الحوثيين في البحر الأحمر حالة من القلق في الأوساط الصحفية ومراكز البحوث الإسرائيلية، في ظل الحديث عن امتلاك الجماعة أسلحة متطورة مثل الصواريخ فرط صوتية التي تنطلق خمسة أضعاف أسرع من الصواريخ الباليستية.
وفسّر معهد أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي ما الذي يعنيه امتلاك الحوثيين لتلك الصواريخ، في حين استعرض تقرير صحفي آخر التدابير التي يمكن اتخاذها من قِبل السفن العابرة للبحر الأحمر كي تتفادى الهجمات الحوثية المتكررة.
وفي تقرير نشرته صحيفة هآرتس، جادل كاتبه أن هجمات الحوثيين في البحر الأحمر لم تعد ردة فعل على الحرب في غزة، بل إن الجماعة صارت تواصل القتال ضمن سرديتها المتعلقة بأنها تخوض المعركة الحقيقية، وهي فقط من تملك الجرأة على مواجهة قوى الغرب ولا سيما الولايات المتحدة.
وقدم تقرير آخر قراءة لما يمكن أن تستفيده إسرائيل من الأزمة الحالية في السيطرة على البحار، التي لطالما كانت -تقليديًا -ساحة ثانوية في الصراع العربي الإسرائيلي، بينما تناول تقرير آخر السيناريوهات الممكنة للتعامل مع جماعة الحوثيين التي باتت قادرة على أن تغيّر في الواقع الجيوسياسي للمنطقة.
وما تزال الضربات الأمريكية والبريطانية التي تُشن على مواقع الحوثيين مثار جدل في الصحافة الإسرائيلية؛ إذ يرى تقرير أن واشنطن ما تزال تحجم عن التدخل بكل قوتها في اليمن لتأمين مرور السفن في البحر الأحمر، فيما يفصّل تقرير آخر الموقف الصيني من التصعيد في البحر الأحمر ويصفه بأنه موقف أناني لا يمثل موقف دولة عظمى.
وكان الخطاب الدعائي للحوثيين والسيطرة المعلوماتية على مواقع التواصل الاجتماعي، وكيف منحت الجماعة القادمين من الأوساط الإعلامية والصحفية مناصب كبيرة ومؤثرة، رغم أنها جماعة دينية مسلحة، موضوعًا مثيرًا للاهتمام في مقال آخر.
ويترجم مركز صنعاء للدراسات مواد كاملة أو مقتطفات لأبرز ما أوردته الصحافة العبرية والمراكز البحثية المعنية بالشؤون الإسرائيلية وعلاقتها بالمنطقة، وهي جزء من سلسلة ترجمات وإصدارات ينتجها المركز في سياق اهتماماته والمقاربات الإقليمية التي يقدمها.
•هل حقًا يمتلك الحوثيون صواريخ فرط صوتية؟
المصدر: معهد أبحاث الأمن القومي
كاتب المقال: يهوشع كاليسكي
يبدو أن الأخبار التي نقلتها وكالة الأنباء الروسية “نوفوستي” عن مصادر في جماعة الحوثيين بشأن الانتهاء من تطوير صواريخ فرط صوتية مثيرة للقلق، لذا لا بد من وضع الأمور في نصابها.
الصاروخ هو جسم يتحرك بسرعة تزيد خمسة أضعاف عن سرعة الصوت 5 ماخ. في الواقع، يتحرك كل صاروخ باليستي بعيد المدى بسرعة تفوق سرعة الصوت، ويمكن أن تصل سرعته أحيانًا عند اختراقه الغلاف الجوي من الفضاء إلى 20 ماخ. يمكن لنظام “السهم 3” اعتراض مثل هذا الصاروخ؛ لأنه يتحرك في مسار باليستي محدد، حتى لو كان يتمتع بقدرة معينة على المناورة، فإن “السهم 3” هو صاروخ مناور يتحرك بسرعات عالية للغاية حتى يصيب الصاروخ المستهدف.
والاحتمال الآخر هو أن الخبر يشير إلى احتمال امتلاك الحوثيين لصاروخ فرط صوتي مع قدرة الانزلاق، أي صاروخ فرط صوتي يُطلق خارج الغلاف الجوي بواسطة صاروخ باليستي، ويكتسب سرعة تفوق سرعة الصوت وينزلق إلى هدفه خارج الغلاف الجوي أثناء المناورة ويتوجه إلى هدف محدد بسرعة تفوق سرعة الصوت. على أي حال، إن أنظمة دفاع الجيش الإسرائيلي العاملة خارج الغلاف الجوي يمكنها اعتراض الصواريخ الباليستية أو الصواريخ الانزلاقية التي تفوق سرعتها سرعة الصوت.
يأتي التحدي التكنولوجي في التعامل مع نظام صواريخ كروز الفرط صوتية، حيث يصعب اعتراض هذه الأنظمة بسبب قدرة صاروخ كروز على المناورة، بما في ذلك صاروخ كروز الذي تفوق سرعته سرعة الصوت. ولكن يجب التأكيد من أن بناء نظام صواريخ كروز الفرط صوتية، أي نظام يتحرك ويناور بسرعة تصل إلى 5 ماخ وأكثر، يتطلب بنية تحتية تكنولوجية عالية، تتمثل في قوى عاملة ماهرة، وأنفاق رياح خاصة، وصناعة طيران، وهندسة مواد على أعلى مستوى. علاوة على ذلك، هناك حاجة إلى وسائل إطلاق خاصة تتكيف مع المحركات الخاصة لصواريخ كروز التي تفوق سرعتها سرعة الصوت.
•جماعة الحوثيين آلة دعائية متكاملة
المصدر: thecipherbrief
كاتب المقال: أري هايستاين
ضمت حكومة الأمر الواقع في صنعاء، في السنوات الثلاث الأولى بعد سيطرتهم على العاصمة اليمنية عام 2014، مجموعة من المنظرين الحوثيين قليلي الخبرة إلى جانب البيروقراطيين المخضرمين المرتبطين بالرئيس السابق وحليف الحوثيين آنذاك علي عبدالله صالح.
همَّش الحوثيون أنصار صالح بعد أن انشق وانضم إلى التحالف المناهض لهم واُغتيل عام 2017، وأُسندت كافة المناصب الرفيعة في صنعاء تدريجيًا إلى أنصار الحوثيين المخلصين. ولوحظ بالفعل أن بعض العائلات من خارج أسرة الحوثي، مثل الأخوين المراني أو عائلة الحُمران، تشغل مناصب قيادية كثيرة في الجماعة. ومع ذلك، فقد تغاضوا منذ فترة طويلة عن ملء شخصيات إعلامية حوثية بعض أهم أدوار جماعة الحوثيين وأكثرها نفوذًا.
أولًا، إحدى الشخصيات البارزة في جهاز الأمن والمخابرات الحوثي هو شخصية إعلامية سابقة. ولتوضيح الأمر، فإن جهاز الأمن والمخابرات الحوثي منظمة عنيفة مسؤولة عن أنشطة عدة من التصدي لعمليات التخريب الأجنبية إلى السيطرة على الاقتصاد المحلي، واستهداف “غير المرغوب فيهم” (الأقليات الدينية، والناشطين الاجتماعيين، ومنتقدي الحوثيين) في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون. وقد فرضت الولايات المتحدة عقوبات على كثير من المسؤولين الذي يشغلون مناصب عليا في الوكالة بموجب قانون ماغنيتسكي الدولي، لدورهم في الانتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان.
يشغل “فواز نشوان” حاليًا منصب وكيل جهاز الأمن والمخابرات، وكان يكتب مقالات لوسائل الإعلام اليمنية، قبل استيلاء الحوثيين على السلطة، تمجد فضيلة الحقيقة، وتدين الاتهامات الموجهة لأنصار الله. وبعد أن زحف الحوثيون إلى صنعاء، عمل لدى مخابرات الحوثيين لرصد أنشطة اليمنيين عبر الإنترنت. كان “نشوان” في الواقع رئيسًا لجهاز الأمن الوطني قبل عملية الدمج بين وكالتي المخابرات الرئيسيتين للحوثيين[3] عام 2019 ليشكل جهاز الأمن والمخابرات. وفي عام 2022، انتشرت تقارير غير مؤكدة تفيد أنه خلال غياب رئيس جهاز الأمن والاستخبارات، عبد الحكيم الخيواني، لفترة قصيرة، تنازع نشوان وعبدالقادر الشامي نائب الخيواني على منصب الرئيس المؤقت. وإن صحت هذه المعلومة، فإن ذلك من شأنه أن يضع نشوان في مصاف أكثر الشخصيات نفوذًا في إحدى أقوى المنظمات في اليمن الذي يسيطر عليه الحوثيون.
ثانيًا، في نطاق العلاقات الخارجية المحدودة للحوثيين، همّش مسؤولو الإعلام في الجماعة الدبلوماسيين ذوي الخبرة. شغل إبراهيم الديلمي، بعد تعيينه منصب المدير العام لقناة “المسيرة” الناطقة باسم الحوثيين، سفير الحوثيين في إيران ولا يُعرف أنه كان لديه أي خبرة دبلوماسية أو حكومية سابقة. ويشغل خليفته في قناة “المسيرة”، عمار الحمزي، حاليًا منصبين: مديرًا عامًا للقناة التي تتخذ من بيروت مقرًا لها، ويعمل أيضًا ممثلًا للحوثيين في لبنان. ومع ذلك، فإن دور الحمزي في تمثيل جماعة الحوثيين في لبنان ليس رسميًا؛ لأن الدولة اللبنانية لا تعترف بالجماعة حكومة رسمية لليمن؛ وفي هذه المرحلة، الدول الوحيدة التي اعترفت بهم هي إيران وسوريا، وقد تراجعت الأخيرة عن هذا الاعتراف مؤخرًا.
وفي سوريا، حيث سيطر الحوثيون على السفارة اليمنية في دمشق، حتى طردهم نهاية عام 2023، شغل “عبدالله صبري” منصب السفير. وقد عمل صبري في السابق “صحفيًا” حوثيًا في صنعاء، وقاد أحد الأذرع الدعائية للجماعة المعروفة باسم “اتحاد الإعلاميين اليمنيين”. أُصيب صبري قبل تعيينه في دمشق بغارة جوية سعودية، وجرى تناولها في وسائل الإعلام على أنها هجوم ضد الصحفيين اليمنيين عوضًا عن استهداف مسؤول بارز في منظمة حرب المعلومات التابعة للحوثيين.
المشرف الحوثي في دمشق -شخصية إعلامية شابة تُعرف باسم “ياسر مهلل” -هو المسؤول عن تقديم التقارير إلى صنعاء والتأكد من أن العاملين جميعهم في السفارة يعملون وفقًا لتعليمات الجماعة. عمل “مهلل” تحت غطاء مستشار صحفي في السفارة.
الملحق العسكري العقيد الركن شرف الماوري، الذي عمل سابقًا طيارًا في القوات الجوية، هو على الأرجح العضو الذي يتمتع بأكبر قدر من الخبرة الحكومية بين طاقم السفارة في سوريا. ربما بسبب ولائه للرئيس الأسبق علي عبدالله صالح، انضم الماوري عام 2014 إلى صفوف الحوثيين خلال التحالف بين الحوثيين وصالح، وحصل على جائزة نقدية لتنفيذه شخصيًا ضربات جوية، ترقى إلى محاولات اغتيال، على مقر إقامة الرئيس المؤقت -حينها -عبدربه منصور هادي عام 2015. وبغض النظر عن الخبرة، يبدو أن موقفه كأحد أنصار صالح السابقين كان سببًا في تهميشه، وبدا أنه يشغل في المقام الأول وظائف شرفية في دمشق.
وأخيرًا، النفوذ المذهل الذي مارسه المتحدث باسم الحوثيين محمد عبدالسلام. غالبًا ما يعمل عبدالسلام من مقرات الحوثيين في عُمان حيث يشغل منصب وزير خارجية الحوثيين بحكم الأمر الواقع. ويتولى إدارة المفاوضات الدولية للحركة مع عمله رئيس لمجلس إدارة قناة “المسيرة” الإعلامية الرئيسية التابعة للحوثيين. وربما بسبب هذا الارتباط الوثيق بقناة الحوثيين، يبدو أن عبدالسلام يضم في وفده أعضاءً من طاقم هذه القناة الإعلامية كمفاوضين ومتحدثين رسميين. على سبيل المثال، يشغل حامد رزق دورًا بارزًا في قناة “المسيرة”، وشارك في وفود الحوثيين لإجراء المفاوضات الدولية برفقة عبدالسلام. كما شارك رزق في الجهود التوعوية الأخرى، ومن بينها الجهود الرامية إلى تعزيز التعاون بين وسائل الإعلام التابعة للحوثيين وحزب الله، واستكشاف خيارات تعاون الحوثيين مع القادة السياسيين من جنوب اليمن.
يجدر التساؤل عن سبب ارتقاء كثير من الشخصيات الإعلامية إلى هذه المناصب القيادية في جماعة دينية سياسية عسكرية مثل الحوثيين. قد يتوقع المرء أن يجد في هذه المناصب كثير من علماء الدين أو زعماء القبائل.
التفسير الرئيسي هو أن العمليات المعلوماتية التي تجري عبر وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي عنصر مهم في نشاط الحوثيين، أثبتت أهميتها في قدرة الحركة على التغلب على خصومها في الداخل والخارج. كانت الحملة الإعلامية التي شنها الحوثيون على التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن ضرورية في خلق لامبالاة كبيرة تجاه السعودية في العواصم حول العالم؛ وكان الضرر الذي لحق بسمعة الرياض في واشنطن -من بين أضرار أخرى تكبدتها الرياض إضافة إلى حالة الجمود على الأرض -عاملًا رئيسيًا في القرار السعودي بأن الحكمة تقتضي السعي للتوصل إلى اتفاق عن طريق التفاوض.
محليًا، استثمر الحوثيون قدرًا كبيرًا من الموارد في السيطرة على المعلومات المتاحة لليمنيين واستهدافهم بدعاية لا هوادة فيها على وسائل التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام التقليدية، وفي المدارس والمخيمات الصيفية وأماكن العمل والمساجد. وهذا أمر ضروري لضمان وجود سكان يسهل انقيادهم رغم الفقر المدقع، والفساد الحكومي المستفحل لسلالة كليبتوقراطية من عائلة الحوثي والمقربين منهم.
التفسير الثاني هو أنه في أعقاب الربيع العربي، بدأ حزب الله اللبناني والحرس الثوري الإيراني في تجنيد ورعاية المسؤولين الحوثيين بذريعة ندوات تدريبة إعلامية في بيروت وأماكن أخرى. ونظرًا لطبيعة هذه الفعاليات والغطاء المستخدم لجذبهم هناك، فليس من المستغرب أنه يميل بشدة نحو صناعة الإعلام. على المستوى العملي، من المرجح الذين حضروا هذه الفعاليات عادوا وهم مرتبطون ارتباطًا وثيقًا ببعضهم وعلى صلة جيدة مع رعاة المجموعة المهمين في بيروت وطهران؛ ومن المحتمل أن يبشر هذا بالخير لمستقبلهم المهني في صنعاء.
قد يكون من المبالغة القول إن الحوثيين يؤمنون بفكرة أن “القلم أقوى من السيف”. ولكن قد يكون الأكثر دقة أن نستنتج أنهم يرون جدوى دمج هذين العنصرين لتعزيز كل منهما الآخر. كلما كانت الحركة أكثر إقناعًا، زاد عدد المجندين إلى صفوفها، وتقل المقاومة التي ستواجهها في الداخل والخارج. وبالمثل، كلما كانت منظمة ما أكثر نجاحًا في ساحة المعركة، يسهل تقديم الحجج في مجال المعلومات.
•الحوثيون لا يخشون نشوب حرب إقليمية في سبيل تحقيق رؤيتهم
المصدر: هاآرتس
كاتب المقال: تسفي برئيل
قدم الحوثيون أنفسهم في بداية الحرب في غزة على أنهم شركاء في محور المقاومة، الذين يقاتلون من أجل وقف الحرب وإنقاذ سكان قطاع غزة. لكنهم الآن يتحدثون بالفعل عن حقيقة أن حربهم ليست مجرد رد فعل على الحرب في غزة، ولكنها موجَّهة للولايات المتحدة وبريطانيا وبقية الدول الأعضاء في التحالف البحري الذي أنشأته واشنطن في البحر الأحمر.
كما يؤكد الحوثيون أنهم الوحيدون الذين يواصلون القتال في المعركة الحقيقية، وأنهم فقط من يجرؤون على مواجهة قوى الغرب ولا سيما الولايات المتحدة. في الواقع إنهم صادقون. لقد توقفت الميليشيات الشيعية الموالية لإيران في العراق -شركاءهم في الحملة -عن مهاجمة الأهداف الأمريكية منذ 4 فبراير في العراق وسوريا.
ليس للحوثيين تحالفات استراتيجية مع دول المنطقة تقيدهم أو تملي عليهم سياسات تتباين مع مصالحهم المباشرة والآنية. إن علاقتهم الجوهرية مع إيران، التي تزودهم بالأسلحة والعتاد العسكري والتكنولوجيا المتقدمة، ليست ثنائية. ولدى زعيمهم عبدالملك الحوثي أجندته الخاصة، التي لا تتماشى بالضرورة، مع أجندة إيران. نشرت مجلة أتلانتيك، هذا الأسبوع، مقابلة استثنائية مع القيادي الحوثي البارز، عبدالملك العجري، أوضح فيها صراحة أن الحوثي يطمح إلى أن يكون المرشد الأعلى لليمن بأسره.
ومن المقرر أن يسهم العجري، الذي شارك ضمن وفد المفاوضات بين الحوثيين والسعوديين، أيضًا في الحوار الذي قد يجري مع الحكومة اليمنية الرسمية والمعترف بها. وأوضح في المقابلة التي أجراها في العاصمة العمانية مسقط، أن زعيم الحوثيين يطمح إلى إقامة نظام مماثل للنظام الإيراني، يرأسه مرشد ديني يخضع له الجميع. إلا أن طموح الحوثي الذي لا يتمثل في كونه قائدًا سياسيًا وعسكريًا فحسب، بل الزعيم الديني أيضاً -الذي يتصرف وفق “إرادة الله”، مما قد يجعله منافسًا للمرشد الأعلى في إيران ويعرّض أيضًا بقية دول الشرق الأوسط للخطر، وخاصة السعودية التي تضم أكثر المعالم أهمية للإسلام.
إنها أيديولوجية بعيدة المدى، تتجاوز إلى حد بعيد التطورات في غزة أو الشراكة في “محور المقاومة”. ومن غير المهم في الوقت الراهن إذا كان هناك أي احتمال لتطبيقها في اليمن. وتكمن أهميتها في أنها ترسم نطاق الصراع الذي يخطط له الحوثيون، والتحدي الاستراتيجي الذي يشكله على دول المنطقة والغرب. يستغل الحوثيون موجة الدعم اليمني للفلسطينيين، ليس في المناطق التي يسيطرون عليها فحسب، بل في كل اليمن -حيث يخرج المواطنون إلى المظاهرات تضامنًا مع غزة، رافعين الأعلام الفلسطينية، وينشرون ملصقات طويلة تطالب بإنقاذ القطاع من الاحتلال الإسرائيلي. لكن حملة دعم غزة لها أهداف داخلية مهمة؛ حيث إنها تساعد الحوثيين على تجنيد الشباب اليمني في صفوفهم، وتطهير صفوفهم من المعارضين السياسيين، واعتقال ومنع معارضيهم -الحقيقيين أو المتخيلين -وفرض غرامات اقتصادية صارمة، وجمع الضرائب والرسوم غير القانونية، وترويع الجمهور.
فشل الردع
أصبحت الحرب في البحر الأحمر في معزل عن سببها الأصلي، ساحة غزة، وتحولت إلى “حرب تحرير” هدفها الحفاظ على حكومة الحوثيين وتوسيع سيطرتها في اليمن وخارجه. وفي الوقت ذاته، تواجه الولايات المتحدة صعوبة في التوصل إلى الرد المناسب لضمان الملاحة في البحر الأحمر. وقد تبنت الولايات المتحدة استراتيجية جديدة هدفها ردع وتقويض قدرة الحوثيين العسكرية بعد فشل استعراض القوة البحرية المتمركزة في المنطقة في الردع. ولكن لم يسفر هذا أيضًا عن نتائج يمكنها حسم الحرب.
ولم يقتصر الأمر على فشل شرط “الردع” في معادلة رد الفعل الأميركية، بل إن الضرر الذي لحق بالقدرات العسكرية للحوثيين لا يزال بعيدًا عن كبح نشاطهم. تنتشر منصات إطلاق الطائرات المسيّرة والصواريخ في كافة المناطق الخاضعة لسيطرتهم، وأغلبها متحركة ولا تتطلب آليات تشغيل ثابتة ودائمة، كما يبدو أن لديهم مخزونًا كافيًا فضلًا عن الإمدادات التي تصلهم من إيران. لقد أحجمت الولايات المتحدة عن الإضرار بالبنية التحتية المدنية أو الاقتصادية للحد من الإضرار بالمواطنين وتجنب الوصول إلى حالة تستدعي الحرب الشاملة. إن السيناريو الأكثر تهديدًا هو إجبار القوات الأمريكية على غزو اليمن وإعادة فتح الجبهة العسكرية في البلاد. ومن الأفكار التي يجري مناقشتها هذه الأيام تعزيز الجيش اليمني واستخدامه لمواجهة الحوثيين.
لكن “الجيش اليمني” هو مصطلح نظري. إنه هيكل مكون من وحدات متنافسة، وعناصر قبلية ليسوا “إخوة في السلاح” كما ينبغي. تعرّض الجيش لهزيمة نكراء في السنوات الأخيرة، حيث لا تزال السعودية والإمارات تشنان حربًا واسعة النطاق في مواجهة الحوثيين. لا تخضع بعض القوات المسلحة في اليمن على الإطلاق للحكومة الرسمية أو المجلس الرئاسي الذي يقود البلاد. ويطمح بعضهم -مثل الخاضعين لـ “المجلس الانتقالي الجنوبي المؤقت” الذي تأسس عام 2017 برئاسة عيدروس الزُبيدي -إلى إعادة تأسيس الدولة الجنوبية لليمن، مع أنهم أعضاء في المجلس الرئاسي. وتعتمد هذه القوى على تلقي دعم هائل من دولة الإمارات التي أصبحت منافسًا للسعودية في الساحة اليمنية.
السعودية والإمارات ومصر ليست مستعدات للانضمام إلى التحالف البحري الأمريكي. إن هذه الدول تحاول دفع العملية السياسية داخل اليمن، وفي الوقت الحالي لا يمثل ذلك آفاقًا واعدة. الحوثيون ليسوا في عجلة من أمرهم. وفي تقديرهم أن استمرار الحرب في البحر الأحمر لن يحقق لهم إلا مزيد من الإنجازات على الساحة السياسية وسيجبر الحكومة اليمنية وحلفاءها -بما في ذلك الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي -على نقل صلاحيات واسعة من السيطرة. ومن هذا المنطلق، فإنهم يسعون جاهدين إلى تحقيق حلم زعيمهم، وخاصة من خلال السيطرة على حقول النفط في جنوب اليمن، التي فشلت محاولات الاستيلاء عليها حتى الآن.
•كيف تشكّل هجمات الحوثيين معالم الاقتصاد الجديد؟
المصدر: موقع كالكاليست
كاتب المقال: دورون بيسكين
كتب اقتصاديون في ستاندرد أند بورز، أن هجمات الحوثيين على السفن في البحر الأحمر خطوة تبعث على القلق من تصعيد الصراع في الشرق الأوسط. قد يتسبب التأثير على سلاسل التوريد والتضخم في بعض الاضطرابات قصيرة المدى، لكن يمكن التحكم فيها إلى حد كبير ما لم تندلع حرب إقليمية تؤدي إلى استخدام موارد الطاقة كسلاح لمواجهة الغرب من خلال فرض قيود على مرور ناقلات النفط والغاز في مضيق هرمز.
يمر نحو 30% من النقل البحري للنفط الخام و20% من النقل البحري للغاز المسال عبر المضيق الذي يربط خليج عمان في المحيط الهندي بالخليج العربي. وأي إغلاق جزئي سينجم عنه اضطراب هائل في السوق العالمية، ولن يلقى ترحيبًا من الشركاء التجاريين المهمين لمنتجي النفط في الخليج مثل الصين والهند.
1. الغاز والنفط -إن أهم سلعتين للطاقة في العالم اللتان تمكنان الاقتصادات الحديثة من أداء وظائفها -ليستا القصة الكاملة. لقد أصبحت الاضطرابات ملحوظة بالفعل في جميع الصناعات تقريبًا: من السيارات إلى الموضة. ففي نهاية المطاف، يمثل الطريق الذي يتأثر بالحوثيين أكثر من عُشر (بين 10-12%) التجارة البحرية العالمية. لقد تغير الوضع في البحر الأحمر ومضيق هرمز بالفعل: فقد شنت القوات الغربية (الولايات المتحدة والمملكة المتحدة) غارات جوية في المنطقة بعد تسجيل 25 هجومًا لـ “الجماعة الإرهابية”، مما دفع عددًا من الشركات إلى تجنب استخدام هذا المسار، وإطالة وقت وصول البضائع بحوالي 40٪، من 25 إلى 35 يومًا.
ووفقاً للبيانات الأخيرة الصادرة عن CBS، تمثل آسيا (بما في ذلك الصين) 27% من واردات إسرائيل مقارنة بـ 10% فقط من الولايات المتحدة. ولا تزال أوروبا في الطليعة، حيث تأتي ثلث الواردات من هناك. الاستنتاج واضح: صحيح أن الوضع خلال جائحة كوفيد 19 كان أسوأ بكثير، لكن هذا لا يعني أن التطورات الحالية في البحر الأحمر إيجابية وليست حتى قريبة منها.
2. حتى لو لم تكن هناك صدمة دائمة في إمدادات الطاقة أو الغذاء، فإن تعطيل إمداد سلاسل التوريد وفرض الزيادة في التكاليف، بما في ذلك الطاقة، على المنتج النهائي، قد يعقد من استعادة استقرار البنوك المركزية، ويتطلب إعادة ضبط سعر خفض معدل الفائدة التي أعاد السوق تسعيرها بالفعل”.
3. لا يوجد لقاح لمواجهة هذه الاتجاهات طويلة المدى. أي أن هذا التعطيل، حتى لو كان أقل نطاقًا مقارنة بالجائحة، قد يستمر لفترة أطول. وقد نشهد مزيدًا من حوادث “الإرهاب” البحري التي سينجم عنها ارتفاعًا في الأسعار وتعطيل سلاسل التوريد، وبناءً عليه زيادة التضخم على نحو غير متوقع. لأنها، كما نشهد بالفعل، قفزة ملحوظة في الطاقة والمركبات، وكذلك في كثير من الخدمات مثل: الكهرباء، والغاز، والفنادق، والمطاعم. وفي الحالات بعيدة المدى، سنرى أيضًا شركات غير راغبة في نقل البضائع والمواد الخام، وهذا سيؤدي إلى تعطيل سلاسل التوريد بدرجة أكبر.
•تحييد هجمات الحوثيين في البحر الأحمر
المصدر: جريدة هاموديع
كاتب المقال: رفائيل هوفمان
يحذر الكثيرون من أن الحوثيين لديهم قدرة عالية على تحمّل الخسائر في مقابل كسب مزيد من النفوذ في مواجهة الولايات المتحدة، مما يجعل التصعيد خطرًا بالغًا. ولفهم الحوثيين جيدًا والعوامل المؤثرة على الصراع الحالي، تحدث موقع “هاموديع” إلى كريستيان كوتس أولريخسن، وهو زميل في شؤون الشرق الأوسط في معهد بيكر للسياسة العامة بجامعة رايس.
ما أهداف الحوثيين الداخلية؟
حكم الزيديون اليمن لمدة ألف عام حتى عام 1962، ويحاول الحوثيون استعادة هذا الحكم. لكن خطابهم الدعائي يتجاوز ذلك، وشعارهم: “الموت لأميركا، الموت لإسرائيل، اللعنة على اليهود”. لقد جعلوا تحديد هوية أعدائهم، بما في ذلك أي شيء يهودي أو أمريكي، أمرًا أساسيًا في ماهيتهم. لقد استغلوا ذلك لحشد الدعم في بلد يحمل معظمه مشاعر راسخة معادية لأمريكا وإسرائيل.
منذ عام 2014، حكم الحوثيون بأسلوب استبدادي قمعي، يعتمد على حكم الناس بالقوة، ولم ينشئ الحوثيون أي مؤسسات حقيقية.
هل وفر الحوثيون الحوكمة أو الأمن في المناطق الخاضعة لسيطرتهم؟
لقد وفروا مستوى من الأمن بالحفاظ على ثباتهم في مواجهة الجماعات المدعومة من السعودية والإمارات في البلاد. هناك سيطرة أكبر في المناطق الخاضعة للحوثيين مقارنة بمناطق أخرى في اليمن تتنافس فيها القاعدة وغيرها من الجماعات المتطرفة على السلطة. ومن هذا المنطلق، فهي توفر الأمن الأساسي. لكن حكمهم ليس له أي شيء إيجابي. لم يحققوا ما يساعد على تحسين حياة الناس.
ما مساحة اليمن الخاضعة لسيطرة الحوثيين، وما مدى إحكام سيطرتهم على السلطة هناك؟
يسيطر الحوثيون على العاصمة صنعاء والمناطق المحيطة بها، والتي تقع في أغلب مناطق شمال غرب اليمن.
يصعب القول أكثر من ذلك، لأن اليمن مقسم إلى ثلاث مناطق نفوذ مختلفة على الأقل. توجد مناطق تقودها السعودية مرتبطة بالحكومة المعترف بها رسميًا. لديهم مستوى معين من السيطرة في الشرق. وتتمتع الجماعات الانفصالية، المدعومة من الإمارات، بدرجة معينة من القوة في الجنوب.
يتمتع الحوثيون بميزة عن كلتا المجموعتين؛ وهي تقارب المناطق الخاضعة لسيطرتهم. أما الجماعات الأخرى تستحوذ على مناطق متناثرة هنا وهناك، وكذا أيضًا تلك الأماكن التي تتنازع عليها الجماعات الإرهابية وغيرها من الجهات الفاعلة في اليمن.
ما مدى أهمية الدعم الإيراني لقدرات الحوثيين العسكرية التي تمكنهم من السيطرة على البحر الأحمر وتهديده؟
إن الدعم الإيراني يزيد من قدرة الحوثيين على استعراض أنفسهم خارجيًا، ولكن داخليًا، أعتقد أنهم باقون دون الحاجة إلى الدعم الإيراني.
لا يمكن اختزال الحوثيين على أنهم وكيل إيراني. إنهم مستقلون ولهم أهدافهم الخاصة على الصعيد السياسي، والاقتصادي، والأمني. أعتقد أنهم قادرون تمامًا على استخدام الموارد المحلية للسيطرة على اليمنيين في منطقة نفوذهم. أما النقطة التي أصبحت فيها إيران أكثر أهمية تكمن في إتاحة الإمكانات للحوثيين للرد على السعودية، والآن في استهداف الشحن في البحر الأحمر.
ما مدى أهمية إسرائيل وتهديد الولايات المتحدة للحوثيين؟ هل تخدم الهجمات مصالحهم أم أنها غالبًا بأوامر من إيران؟
كما هو الحال عندما هاجم الحوثيون السعودية، فإن إيران كانت مسرورة برؤية أعدائها وهم يتعرضون للهجوم بطريقة تمنحهم درجة من الإنكار. لكنني أعتقد أن هذه الهجمات مصدرها الحوثيون أكثر من إيران.
أمضى الحوثيون السنوات العشرين الماضية في حشد السكان المحليين في اليمن قائلين: “الموت لأمريكا، الموت لإسرائيل”. لقد أدركوا الآن أنها فرصتهم لإظهار أن هذه ليست مجرد شعارات؛ إنهم على استعداد لتنفيذها.
إذا كان ثمة شئ، أعتقد أن إيران قد تكون أكثر حذرًا في التصعيد من الحوثيين. لا تسعى إيران أو السعودية للتصعيد، وقد تناقشوا كثيرًا مؤخرًا. وقد نرى حدود النفوذ الإيراني هنا إذا قرر الحوثيون أن تنفيذ هذه الهجمات يخدم مصالحهم.
هل حِرص الحوثيين على إقحام أنفسهم في التوترات المحيطة بالحرب في غزة هو في الأساس وسيلة لحشد الدعم المحلي أم أنه مدفوع أيديولوجيًا؟
أعتقد أنه مزيج من الأمرين. لقد أرادوا أن يظهروا أنهم ينفذون شعاراتهم. وإذا لم يتحركوا، أعتقد أن أنصارهم كانوا سينتقدونهم لعدم بذلهم جهودًا كافية لإلحاق أضرار بإسرائيل والولايات المتحدة بعد 20 عامًا من شعاراتهم، التي صنفتهم على أنهم أعداء.
قصف الولايات المتحدة والمملكة المتحدة أتاح للحوثيين نقطة الحشد التي كانوا يأملونها. في الأسابيع الماضية، شهدنا مسيرات حاشدة تدعمهم في صنعاء، لذلك إذا كان هدفهم هو إعادة الناس إلى الدعم الكامل، فقد نجحوا.
ما مدى شعبية الحوثيين في اليمن قبل بدء هذه الهجمات؟
من الصعب الحصول على بيانات جيدة بشأن هذه الأمور، ولكن كانت هناك بعض الدلائل على أن دعمهم كان في تراجع. لم تتحسن حياة الناس خلال السنوات التسع الماضية. وعلى الرغم من توقف القتال بينهم والسعودية والقوات الحكومية منذ عام 2022، إلا أن المواطنين لم يشهدوا تحسنًا ملموسًا في حياتهم. في ظل هذه الظروف، كان من المحتم أن يبدأ الناس في التساؤل عن سبب عدم تحسين الحوثيين لحياتهم. ولكن الآن، مع هذه الهجمات، يبدو أن الناس يلتفون حول قيادة الحوثيين.
السعودية حاربت الحوثيين لسنوات. والآن، هم ليسوا غائبين عن قتالهم فحسب، بل يقال أيضًا إنهم يثنون الولايات المتحدة عن اتخاذ إجراء في اليمن. ما سبب هذا التحول؟
في مارس 2022، استضافت السعودية سباق الجائزة الكبرى للسيارات في جدة على خلفية دخان أسود كثيف ناجم عن هجوم صاروخي للحوثيين على مستودع للوقود على بعد أميال قليلة من المسار. لكي تنجح رؤية 2030، يحتاج “ابن سلمان” إلى استثمارات تجارية دولية ضخمة، وملايين من الزيارات السياحية. ولن يتحقق أي من هذين الأمرين إذا اعتقد العالم أن السعودية هدف للهجمات.
يقترب السعوديون من هدفهم لعام 2030 ويحتاجون إلى تحقيق ثمارها. ولهذا السبب فهم عازمون على تهدئة التوترات في جميع أنحاء المنطقة. وتحتاج الرياض الآن إلى التركيز على القضايا المحلية والاقتصادية، ولا يمكنها تحمل التقلبات الإقليمية. ونظرًا لعلاقات اليمن مع السعودية، فإن التصعيد هناك أمر يسعون إلى تجنبه بشدة.
هل تعتقد أن الولايات المتحدة قادرة عمليًا على ردع هجمات الحوثيين وتأمين البحر الأحمر بالضربات الجوية التي تنفذها؟
إذا كانت الولايات المتحدة لديها معلومات استخباراتية جيدة حول مواقع الإطلاق ومخازن الأسلحة، ويمكنها القضاء على تلك الأهداف المحددة، فيجب عليها تقويض قدرة الحوثيين على مهاجمة السفن. لكن الحوثيين يتعرضون للقصف منذ تسع سنوات. لديهم خبرة حصيفة في إخفاء الأسلحة وتحريكها. لذا، من الصعب رؤية نجاح أي شيء أقل من حملة قصف ضخمة.
ما رأيناه حتى الآن هو تصعيد الحوثيين من وتيرة هجماتهم بعد تعرضهم للقصف. إذا كان الهدف هو محاولة جعل البحر الأحمر آمنًا للشحن الدولي، فقد يكون له تأثير عكسي، على المدى القصير.
هل ترى طريقًا لتحييد تهديد الحوثيين للمنطقة؟
يحاول المسؤولون الأمريكيون والبريطانيون إنكار العلاقة بين هذه الهجمات والحرب في غزة. وهذا يؤدي إلى نتائج عكسية، لأنه بغض النظر عن رأي المرء في الحوثيين أو الحرب ضد حماس، فإن الحوثيين أنفسهم يقولون بوضوح إنهم يفعلون ذلك لنصرة الشعب الفلسطيني في غزة. وهذا يتوافق مع 20 عامًا من قول الحوثيين: “الموت لإسرائيل، الموت لأمريكا”. وإلى أن يكون هناك حل لوقف الحرب في غزة أو على الأقل المرحلة الحالية من العملية العسكرية هناك، فمن الصعب رؤية ما الذي قد يدفع الحوثيين إلى وقف هذه الهجمات.
•ما التدابير التي يمكن أن تتخذها سفن البحر الأحمر لمواجهة هجمات الحوثيين؟
المصدر: جيروزاليم بوست
كاتب المقال: ميخائيل ستار
تعرضت السفن التي تعبر مضيق باب المندب لهجمات لم تشهدها منذ بزوغ القراصنة الصوماليين؛ نظرًا للتحدي الذي يمثله “الإرهاب” الحوثي. ومع ذلك، يمكن أيضًا استخدام أفضل الممارسات التي طُورت لمكافحة القرصنة في مكافحة الإرهاب البحري.
لقد آثرت كثير من شركات الشحن الالتفاف حول أفريقيا وتجنب مسار البحر الأحمر وخليج عدن في آن واحد، ومع ذلك، توجد وسائل أخرى تساعد من يضطر عبور المنطقة الملاحية المزدحمة على تحاشي الهجوم:
1. يعد تقليل انبعاث الضوء في الليل وسيلة سهلة للحد من الرصد والتعقب. وهذا يتطلب من طاقم السفينة التأكد من تغطية النوافذ في جميع الكبائن عند الغسق وأن تكون المقصورات معتمة.
2. تعد الأسلاك الشائكة إحدى الإجراءات الدفاعية المنتشرة حيث يمكن ربطها على طول محيط السفينة لمنع المهاجمين من التسلق من الزوارق الصغيرة، كما يمكن أيضًا كهربتها؛ لزيادة قوة ردع الحواجز الدفاعية.
3. اعتادت بعض السفن أيضًا -أثناء ذروة القرصنة الصومالية -استخدام خراطيم المياه عند دخول منطقة شديدة الخطورة، لأن ضغط المياه سيؤدي إلى تراجع المتسللين المحتملين إلى البحر.
4. كان العامل الرئيسي في انخفاض أعمال القرصنة الصومالية، إلى جانب الدوريات البحرية متعددة الجنسيات، هو الاستعانة بأفراد أمن مسلحين لصد المهاجمين. ويبدو أن الحوثيين أفضل تسليحًا من القراصنة الصوماليين، لكن قوة كافية من شركات الأمن البحري قد توفر حماية متزايدة لأفراد الطاقم. لا شك أن استئجار متعهدين لهذا الدور الخطير سيكون مكلفًا، ولكنه على الأرجح أقل تكلفة في الوقود والوقت للعبور حول أفريقيا.
5. بالنسبة للسفن التي ترفض توظيف أفراد الأمن، فإن البديل الأرخص هو وضع دُمى لتظهر وكأنها حراس مسلحين.
6. إذا فشلت هذه التدابير في ردع “الإرهابيين” البحريين، فيجب أن يكون لدى السفن غرف آمنة حتى تكون ملاذًا للطاقم ريثما تصل المساعدة. إبان فترة القراصنة الصوماليين، أنشأت السفن قلاعًا، أحيانًا في غرف المحركات، حيث يمكنهم الاختباء داخلها بأمان.
كثير من هذه الممارسات التي استخدمت لمواجهة القراصنة الصوماليين ملائمة، لأن “الإرهابيين” الحوثيين يستخدمون أيضًا زوارق سريعة لاعتراض سفن الشحن المدنية. ومع ذلك، فقد فرض الحوثيون أيضًا تحديات جديدة على الشحن، وأحيانًا الهجوم من طائرات الهليكوبتر.
كما أنهم لا يسعون بالضرورة إلى اختطاف السفن، وقد يفضلون إغراق السفن أو إتلافها أو قتل بعض أفراد الطاقم. قد لا تكون قذائف RPG-7 المشتركة بين الحوثيين والقراصنة الصوماليين قادرة على إغراق سفينة، لكن إيران زودت وسلحت الحوثيين أيضًا بصواريخ مضادة للسفن. سيظل المجتمع البحري بحاجة إلى النظر في طرق أخرى للحد من هذه التهديدات.
•ما الذي يمكن أن تتعلمه إسرائيل من هجمات التحالف على الحوثيين
المصدر: جيروزاليم بوست
كاتب المقال: إيهود عيران
تعد هجمات الحوثيين التي تستهدف الشحن البحري منذ نوفمبر 2023 فصلًا آخر في عقود من الأعمال العدائية المناهضة لإسرائيل في البحر الأحمر، والتي سبقت إعلان إقامة الدولة.
ومع أن إسرائيل قدمت في الغالب ردًا عسكريًا ناجعًا على التهديدات التي تتعرض لها في مجالها البحري المباشر، مثل كبح النشاط الفلسطيني المسلح في البحر الأبيض المتوسط في السبعينيات، إلا أنها فشلت في تقديم رد بحري ملموس في المناطق البعيدة من البحر الأحمر.
كما أن العرقلة التي فرضتها مصر منذ عام 1947 على المرور الإسرائيلي عبر قناة السويس لم تحل بالقوة البحرية، ولم تتمكن أيضًا من رفع الحصار المصري عن مضيق باب المندب أثناء حرب يوم الغفران، على الرغم من دراسة مثل هذه الخيارات، على الأقل في عام 1973.
أثارت التهديدات والهجمات المتجددة على السفن المرتبطة بإسرائيل في البحر الأحمر، هذه المرة من الحوثيين في اليمن، قلقًا دوليًا بشأن هذه الانتهاكات لحرية الملاحة الدولية، مع صدور قرار من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة يدعو الحوثيين إلى وقف الهجمات، وإدانة ما لا يقل عن 40 دولة. وناشدت القوتان العظيمتان -الولايات المتحدة والصين -إيران مباشرة لممارسة نفوذها على الحوثيين لإنهاء الهجمات. وحتى روسيا تجنبت فرض حق النقض على قرار مجلس الأمن.
أعلنت الولايات المتحدة، في ديسمبر 2023، تدشين عملية “حارس الازدهار” من تحالف قوات دولية لحماية حركة الملاحة في البحر الأحمر وخليج عدن. كما هاجمت الولايات المتحدة وبريطانيا أهدافًا في اليمن في محاولة لفرض إنهاء هجمات الحوثيين في البحر.
وحتى الآن لم يحقق التحالف أهدافه ولا تزال هجمات الحوثيين متواصلة. كما فشل أيضًا تصعيد الرد الأمريكي، الذي شمل هجومًا واسع النطاق على أهداف الحوثيين بالتعاون مع القوات البريطانية، في تحقيق هدفه. ومع ذلك، بعد مرور أكثر من شهر على تدشين نشاط التحالف، يمكن استخلاص عدة أفكار ذات الصلة بإسرائيل.
أولًا، يتطلب الدفاع عن مصالحها زيادة اعتماد إسرائيل على حلفائها، خاصة الولايات المتحدة، إضافة إلى توريد الأسلحة والدعم السياسي على الساحة الدولية، وهو أمر طورته منذ السبعينيات. يتضمن التحالف الحالي، لأول مرة منذ عام 1991، استخدام القوة العسكرية الدولية، وتحديدًا الأمريكية، للدفاع عن المصالح الإسرائيلية.
ثانيًا، كما حدث في 1991، يمكن لواشنطن أن تستخدم مثل هذا الاعتماد العسكري المباشر وسيلة ضغط لتعزيز خياراتها، على سبيل المثال فيما يتعلق بالمفاوضات الإسرائيلية- الفلسطينية.
ثالثًا، إذا تعرضت إسرائيل لهجوم على «شرعيتها الدولية» في ساحات مثل لاهاي، فإنها تتمتع بحماية عسكرية من النظام الدولي في البحر الأحمر، وتتوافق مصالحها مع قرار مجلس الأمن.
رابعًا، ما يقوم به التحالف مهم أيضًا من حيث هيكل القوة الإسرائيلية وانتشارها. إسرائيل ليست عضوًا رسميًا في التحالف البحري، ولكن من المفترض أنها تنسق مع الولايات المتحدة بشأن جوانب معينة من استخدام القوة في البحر الأحمر. وكلما ساهم هذا التحالف (وربما تحالفات مماثلة في المستقبل) في حماية إسرائيل، تحسنت ظروف مشاركة إسرائيل في أطر التحالف المستقبلية، ومنها الأطر الإقليمية.
وأخيرًا، يدرك خصوم إسرائيل بوضوح مدى الضرر الذي قد يلحق بإسرائيل بسبب التهديد البحري. لقد كان البحر -تقليديًا -ساحة ثانوية في الصراع العربي الإسرائيلي، لكن التطورات الأخيرة في باب المندب دفعت إيران والميليشيات الموالية لها في العراق إلى الإعلان أنها، في ظل ظروف معينة، قد تهدد المصالح البحرية الإسرائيلية في مناطق أخرى أيضًا، ولا سيما البحر الأبيض المتوسط والموانئ الإسرائيلية.
ولذا، فإن البحر قد يتطور إلى ساحة تتطلب جهدًا إسرائيليًا أكبر، لكنه قد يخلق أيضًا فرصًا إضافية للتعاون الدولي، وليس فقط في البحر الأحمر.
•هل الحوثيون متورطون؟ محاولة للسيطرة على شبكة اتصالات رحلات شركة العال
المصدر: معاريف
كاتب المقال: موشيه كوهين
تبين خلال الأيام القليلة الماضية أنه جرت محاولتان للسيطرة على شبكة الاتصالات الخاصة بطائرات شركة العال،[9] أثناء مرورها فوق سماء منطقة الصومال وهي في طريقها إلى تايلاند.
وقد نفذت هذه العناصر المعادية بالفعل محاولة للتلاعب بالمسار الجوي بتقديم إرشادات ترددية خاطئة، وكانت المنطقة المعنية قريبة من الأجواء اليمنية.
ردًا على ذلك، ذكرت شركة العال: “أن هيئة الطيران المدني المحلية في الصومال أصدرت، مؤخرًا، تحديثًا لجميع شركات الطيران الدولية بشأن الاضطرابات المتوقعة في هذه اللامركزية. كما جرى إخطار طياري شركة العال بهذه الشأن، وصدرت توجيهات باستخدام وسائل اتصال بديلة إذا تطلب الأمر. نؤكد على أن التعطيل ليس موجهًا لطائرات شركة العال، كما أنه ليس حادثًا أمنيًا. ولم يؤثر التعطيل على المسار الطبيعي للرحلة بفضل احترافية الطيارين الذين استخدموا وسائل الاتصالات البديلة، وتمكنوا من مواصلة الرحلة في المسار المخطط له.”
قال النائب السابق لرئيس مجلس الأمن القومي وكبير الباحثين في معهد دراسات الأمن القومي، تشيك فريليتش، إن “التهديد السيبراني للمجال الجوي من أخطر التهديدات في العالم، وقد اعترف به أيضًا النظام السيبراني الوطني الإسرائيلي”. تعمل وحدة خاصة في مطار بن غوريون للحماية من الهجمات السيبرانية في المجال الجوي. إذا كان بالفعل هجومًا سيبرانيًا، فهذه بالتأكيد ليست المرة الأولى. عندما وصل قادة من جميع أنحاء العالم إلى إسرائيل، في عام 2020، لحضور الذكرى 75 لتحرير معسكر أوشفيتز تعرض مطار بن غوريون وطائرات القادة التي هبطت إلى إسرائيل لعدة هجمات سيبرانية قبل هبوطها.
•الحوثيون كشفوا أن الصينيين نمر من ورق
المصدر: موقع بيزبورتال
في حين يراقب العالم التحركات الأمريكية، قد يكون أكثر جزء مثير للاهتمام من الناحية الجيوسياسية مرتبط بإحراج وعجز الصين. وبينما يواصل الحوثيون هجومهم على السفن التجارية في البحر الأحمر، فإن هذه الأزمة اختبار جديد لتطلعات الصين لتصبح وسيطًا جديدًا للقوة في الشرق الأوسط.
حتى الآن، اقتصر الرد الصيني المعلن على دعوات وقف الهجمات والانتقادات التي تتسم بالتردد على العمليات العسكرية التي تقودها الولايات المتحدة. وقد سعت واشنطن إلى تحفيزها للضغط على إيران -التي تدرّب وتموّل الحوثيين -لوقف الهجمات. هذا تحد دبلوماسي للزعيم الصيني شاي جين بينغ، الذي تعهد في السنوات الأخيرة “بالمساهمة بالحكمة الصينية لتعزيز السلام والهدوء في الشرق الأوسط” في إطار مبادرته لتقديم بديل للترتيبات الأمنية التي يقودها الغرب.
ومع أن الحوثيين قالوا إنهم لن يركزوا على السفن الصينية أو الروسية، إلا أن مصالح الصين لا تزال مهددة بسبب الأزمة. وكي لا يكون هناك سوء فهم؛ فإن هجمات الحوثيين تؤثر إلى حد كبير على الصين -مباشرة لأنها تهدد حرية الملاحة والأمن، وبوجه غير مباشر، لأنها تؤثر على استثماراتها في المنطقة وهذه قضية مهمة للصين. من الواضح أيضًا أن تحويل كثير من شركات الشحن مسارها من البحر الأحمر إلى طريق رأس الرجاء الصالح يضر بالاقتصاد الصيني، أكبر مصدّر والثالث بعد أكبر مستورد في العالم.
تقول شركة فليكسبورت المتخصصة في الخدمات اللوجستية، ومقرها سان فرانسيسكو، إن 90٪ من البضائع المرسلة من الصين إلى أوروبا، كانت تمر عبر البحر الأحمر، ولكنها الآن تلتف حول إفريقيا. ارتفعت تعريفة النقل بأكثر من 300٪ بين نوفمبر ويناير بسبب الاضطرابات مما يمثل تحديًا هائلًا للمصدّرين الصينيين. علاوة على ذلك، تعرضت الموانئ والبنية التحتية الأخرى في البحر الأحمر -استثمرت الصين في كثير منها -لخسائر مالية، وكذلك الشركاء الاستراتيجيين للصين، من بينهم مصر والسعودية.
•الرد الصيني
منذ نوفمبر، تعرضت كثير من السفن للتهديد والهجمات، مثل السفن التي تبحر تحت علم النرويج، وألمانيا، وإيطاليا، وبريطانيا، وحتى روسيا والصين وغيرها. على مدى عدة أسابيع، كان رد فعل الصين المعلن هو الصمت. ومع أن الأسطول الصيني لديه فرقة عمل خاصة لمواجهة سفن القرصنة، التي تبحر في خليج عدن وله قاعدة دعم في جيبوتي المجاورة، التي بدأت في مرافقة سفن تجارية صينية في البحر الأحمر، إلا أنه لم يستجب لنداءات الإغاثة من السفن القريبة التي تعرضت للهجوم، وهو أمر يبعث بالتأكيد على الخجل، كما أنه يظهرهم على أنهم أنانيون لا يكترثون إلا بمصالحهم. هذه ليست طريقة دولة عظمى.
كل ما فعلته الصين هو الدعوة لوقف الهجمات على السفن المدنية، ودعوة “الأطراف المعنية تجنب تأجيج الوضع”، وأشارت إلى أن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لم يوافق أبدًا على استخدام القوة لمواجهة اليمن. أكد مسؤولون صينيون مرارًا وتكرارًا على أن أزمة البحر الأحمر هي أحد توابع الصراع في غزة، وأشاروا إلى أن وقف إطلاق النار الفوري بين إسرائيل وحماس أولوية قصوى. باختصار، كما لو أنهم لم يقولوا شيئًا.
من الواضح أن الصينيين غير معنيين بالانضمام إلى الائتلاف الغربي بقيادة الولايات المتحدة؛ مثل هذا الإجراء سيعزز مكانة الولايات المتحدة بوصفها سلطة إقليمية ويضعف مكانة الصين في المنطقة. لكن الصين في وضع معقد: ينبغي لها أن توازن بدقة بين إيران، الحليف المناهض لأمريكا، ودول الخليج، الذين هم بلا شك أهم شركائها الاقتصاديين في المنطقة.
لقد اتضح أنه عندما تكون هناك تهديدات أمنية حقيقية، في شكل إرهاب وهجمات على الشحن العالمي، فإن الأمور المعيارية لم تعد ذات أهمية. نحن بحاجة إلى حلول أمنية حقيقية وصعبة، والصين لا توفرها في الوقت الحالي. الولايات المتحدة فقط هي التي تفعل ذلك.
•لماذا تحجم الولايات المتحدة عن مهاجمة الحوثيين بكامل قواها؟
المصدر: جلوبس
كاتب المقال: د. شموئيل ألماس
العالم صاخب وثائر، حقًا، في أعقاب وفاة أفراد من طاقم سفينة True Confidence، وهي سفينة مملوكة للولايات المتحدة ترفع علم بربادوس تعرضت لهجوم من الحوثيين. من المحزن أن نقول أن الأمور كانت واضحة أمام البيت الأبيض منذ اختطاف سفينة جلاكسي ليدر في 19 نوفمبر، ولكن على مدى أربعة أشهر تقريبًا، يواجه الرئيس الأمريكي جو بايدن وفريقه صعوبة في تمييز هذا الواقع.
في البداية، هاجم الحوثيون السفن المرتبطة فقط بإسرائيل، وغضت الولايات المتحدة الطرف عن ذلك. ووسعوا لاحقًا تهديدهم ليشمل أي سفينة تصل إلى إسرائيل، مما أدى إلى إنشاء تحالف “حارس الازدهار” بقيادة الأسطول الخامس. لم يحدث هذا بسبب قلق بايدن الصادق على دولة إسرائيل، ولكن لأن عمالقة الشحن -الذين رأوا عجز واشنطن -قرروا الالتفاف حول رأس الرجاء الصالح.
أدرك بايدن تداعيات وقف مرور السفن في البحر الأحمر، الذي يمر عبره حوالي 12٪ من التجارة العالمية. ومن بينها، إطالة وزيادة تكلفة سلاسل التوريد من الشرق الأقصى إلى أوروبا، وارتفاع أسعار التأمين، وزيادة وقود كل سفينة بحوالي مليون دولار في المتوسط، وكذلك الانخفاض في إتاحة السفن عمومًا وناقلات النفط على وجه الخصوص. لماذا يعتبر هذا مهمًا؟ لم تتأثر أسعار النفط ذاتها بهجمات الحوثيين، لكن الطلب على الناقلات زاد إلى حد كبير لأن كل مهمة زادت مدتها أسبوعين. والنتيجة هي ارتفاع تكلفة الإيجار.
إن خطأ الرئيس الأمريكي الجسيم لا يكمن في توقيت إنشاء قوة التحالف الدولي، لأنه أن تأتي متأخرًا خير من ألا تأتي. ولكن ينبع خطأه المستمر في تركيزه على الانتخابات الرئاسية المقرر عقدها في 5 نوفمبر، وفي فكره الدائم الذي يدور في الأشهر الأخيرة حول السؤال “كيف سأمنع مشاركة أمريكية فعلية بحرب إقليمية في عام الانتخابات؟”.
ورغم الإحاطات ومقاطع الفيديو المدهشة للقيادة المركزية الأمريكية للعمليات في البحر الأحمر، ترى واشنطن أنها تتفاعل تمامًا مع الحدث. في البداية، رأينا اعتراضات كثيرة، وبعدها هجمات، ولكن لا توجد مبادرة جوهرية. لا يوجد أي ضرر لأهداف الحوثيين الاستراتيجية، الذين لا يحتاجون بالضرورة إلى جنود. يتطلب الأمر شن هجمات مكثفة لإلحاق أضرار بالغة بوكيل إيران، وليس من المؤكد على الإطلاق أن الضربات الجوية ستكون كافية.
لماذا؟ لأن مركز قوة الحوثيين ليس في البحر الأحمر أو في سواحله، ولكنه في وسط محافظة صعدة. إنها منطقة جبلية، لا يعرفها أحد بدقة بقدر الحوثيين. هذا أيضًا أحد أسباب فشل الحرب الأهلية في اليمن، التي بدأت من عام 2015 إلى أبريل من العام الماضي وتوقفت في إطار هدنة. ويتطلب لهزيمة الحوثيين قوة كبيرة ومتحدة.
ومع ذلك، هناك حل آخر يمكن أن يكون مهمًا: هجوم شديد على مدينة الحديدة الساحلية الاستراتيجية التابعة للحوثيين والسيطرة عليها. سيكون هذا إنجازًا استراتيجيًا، بعد أن تعوّدنا حتى الآن على بيانات القيادة المركزية الأمريكية على استهداف منصات الحوثيين، ولم نلاحظ أية تكتيكات جوهرية غربية في البحر الأحمر. في الواقع، العكس هو الصحيح: لقد تناولوا غرق روبيمار قبل بضعة أيام على أنه حدث يشكل خطرًا بيئيًا.
في الواقع يشكل غرق السفينة تهديدًا خطيرًا على الشعاب المرجانية الرائعة في البحر الأحمر، لكن روبيمار ذاتها تشكل ضربة أخرى لحركة الملاحة البحرية. لقد غرقت في مياه ضحلة نسبيًا، وخوفًا من اصطدامها بسفينة مهمة فإن المنظمة البحرية الدولية (IMO) طلبت الآن تحديد موقعها. هذا يبدو إجراءً تقنيًا، ولكنه يعني ضرورة تحرك السفن من حولها. في موقع جغرافي ضيّق شمال باب المندب الذي يبلغ عرضه 30 كيلومترًا فقط، فإن روبيمار قد تعطّل حركة الملاحة البحرية الضعيفة بطبيعة الحال.
إن الضرر الشديد الذي لحق بسفينة True Confidence هو “ثقل” آخر يُغرق به بايدن ردعه الخاص في البحر الأحمر. إذا لم ينتبه، سيدرك أن هذا ليس أسوأ تصعيد، ولذا يجب على الولايات المتحدة مهاجمة الحوثيين بكامل قوتها، إن سفينة حربية أمريكية تغوص في الأعماق تشبه تمامًا ما حدث للروس مع سفينة “موسكو” في البحر الأسود. هذا ليس سيناريو تهديد، ولا مسألة ما إذا كان ذلك ممكنًا، ولكن في ظل سلوك الرئيس الأمريكي الحالي فإن السؤال هو: متى؟.
•القصة المذهلة لإجلاء من تبقى من يهود اليمن
المصدر: زمان يسرائيل
كاتب المقال: شالوم يروشاليمي
ساعدت دولة عربية إسرائيل عام 2021 على إجلاء زهاء مائة يهودي من اليمن ونقلهم إلى دولة ثالثة، وهي مصر. وتكشف صحيفة “زمان إسرائيل” الآن للمرة الأولى تفاصيل تلك العملية، في حدود ما تسمح الرقابة بنشره.
عاش اليهود -آخر من بقي في اليمن -في مجمع آمن بصنعاء، وحمتهم السلطات من الحوثيين، الذين سيطروا على أجزاء شاسعة من اليمن في الحرب الأهلية الطويلة التي اندلعت في البلد المسلم. كان اليهود قد انتقلوا إلى صنعاء بعد إقامتهم في مجمع أقل أمانًا في بلدة ريدة، تقع شمال صنعاء حيث كانت تتركز جالية يهودية كبيرة. ومع ذلك، حتى في صنعاء كان الخطر واضحًا كل يوم، والحاجة إلى إخراجهم من اليمن باتت ضرورية.
طلبت إسرائيل آنذاك مساعدة عاجلة من دولة عربية لا تربطها علاقات بإسرائيل، ووصل مبعوثون منها إلى صنعاء لإجراء مفاوضات بشأن إخراج اليهود من المجمع. وفي الوقت ذاته، أجرت الدولة العربية مفاوضات مع مصر، حتى توافق على إقامة اليهود اليمنيين في القاهرة.
لم يرغب بعض هؤلاء اليهود، الذين كانوا خاضعين لتأثير “حسيدية ساتمر” المناهضة للصهيونية، في الهجرة إلى إسرائيل، لأنهم يعتبرونها دولة علمانية ومرتدة. علاوة على ذلك، وفي إطار الصفقة المعقدة بين الدولة العربية وإسرائيل وصنعاء، رفض اليمنيون ذاتهم السماح لليهود بالسفر إلى إسرائيل -وخاصة لمن لديهم أقارب من الدرجة الأولى في إسرائيل.
وهكذا، غادر اليمن ما يقرب من مائة يهودي عام 2021 إلى مجمع في القاهرة، وكل ذلك بتمويل أجنبي. وقاد العملية مبعوث خاص -تحتفظ هيئة التحرير باسمه -نيابة عن ذلك البلد العربي.
ولسوء الحظ، بقي يهودي واحد في صنعاء، منعت السلطات مغادرته. اسمه سالم ليفي مرحبى. وعلى حد علمنا، فإن المبعوث الخاص لتلك الدولة العربية يأتي إلى صنعاء كل شهر للاطمئنان على صحته.
عاش مرحبى في إسرائيل في الماضي، لكنه عاد إلى اليمن بعد أن واجه صعوبات استيعاب في البلاد. قبل عودته، جرى تصويره في مارس 2016 مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إلى جانب مهاجرين يمنيين آخرين، وهم يلقيان نظرة إلى كتاب توراة قديم يعود تاريخه إلى 800 عام هُرِّبَت إلى إسرائيل من اليمن -مما أثار حفيظة السلطات اليمنية، وليس الحوثيين فقط.
وفور عودته إلى اليمن، أُلقي القبض على مرحبى، وحكم عليه عام 2018 بالسجن لمدة 3 سنوات ونصف. وانتهت هذه الأمور منذ فترة طويلة، لكن لم يُطلق سراحه من السجن منذ ذلك الحين. قبل ثلاثة أشهر، نشر آريئل شنابل من موقع ماكور ريشون أن مرحبى محتجز في سجن تابع للحوثيين، وأنه يتعرض، بحسب التقارير، للتعذيب وقد فقد كل أسنانه بالفعل.
وبحسب مصادر في الدولة العربية المعنية، فإن اليهود الذين يعيشون حاليًا في المجمع المغلق بالقاهرة لا يشكلون عبئًا على السلطات المصرية. إنهم يعملون في صياغة الذهب، ويقتاتون من كداهم، وقد أصبحت منتجاتهم الفنية مطلوبة في المدينة.
في الواقع، ربما يكون اليمنيون من صنعاء هم اليهود الوحيدين الذين يعيشون في مصر اليوم بعد تفكك الجالية اليهودية في البلاد على مر السنين. الشرطة المصرية هي التي تراقب هؤلاء اليهود الجدد اليوم.
ولا يُتطرق في إسرائيل إلى هذه القضية. ولم يصل أي رد من مكتب رئيس الوزراء ولا من الجهات الحكومية التي تتعامل مع اليهود في الدول المنكوبة.
لقراءة المادة الاصلية من موقع مركز صنعاء على هذا الرابط: