دعا المبعوث الأممي الخاص أطراف النزاع في اليمن إلى عدم استغلال الأوضاع الراهنة كفرصة للتخلي عن التزاماتهم وتعهداتهم التي التزموا بها في خارطة الطريق، مشددا على أن "هذا ليس الوقت المناسب للمناورات ذات المحصلة الصفرية والتكتيكات قصيرة المدى".
وأضاف غروندبيرغ، في حوار أجرته معه قناة تلفزيون الصين المركزي: "هذه هي اللحظة المناسبة للنهج طويل المدى، هذا هو وقت اتخاذ القرارات الشجاعة، وهذا ما أعتقد أنه مطلوب بشدة للمضي قدما في التقدم الذي تم تحقيقه"، داعيا المجتمع الدولي إلى دعم مكتبه في السعي لتحقيق الهدف الأساس وطويل المدى، المتمثل في "تحقيق عملية سياسية تحقق تسوية الصراع في اليمن على أساس طويل الأمد".
وأكد أنه في ظل الوضع المعقد محليا وإقليميا "هناك ثلاثة أشياء ستكون حاسمة للغاية: الأول هو: ضرورة وجود استقرار على نطاق أوسع، أعني استقرار أوسع في الشرق الأوسط. وسيسمح ذلك أيضا للأطراف، وكذلك للمجتمع الدولي، بإعادة التركيز وإعادة الانخراط في التسوية طويلة المدى للنزاع في اليمن".
أما الأمر الثاني وهو بالأهمية نفسها فهو أن الوقت ليس مناسبا "للأطراف لاستخدام الوضع الحالي لتصعيد الأمور داخل اليمن. نحن بحاجة للحفاظ على الاستقرار أو وقف الأعمال العدائية التي شهدناها. يجب الحفاظ على ذلك بينما نعمل على تحقيق التقدم وعلى تحقيق انفراجة".
وأضاف: "أخيرا أعتقد أن قنوات الاتصال التي كانت مفتوحة وعلى نطاق واسع، بحاجة إلى أن تظل كذلك قدر الإمكان، إذا أردنا التأكد من أننا سنستطيع تحقيق ما حددناه سلفا".
وأوضح أن الحرب في غزة وما تلاها من توتر الوضع في البحر الأحمر تسببت بتباطؤ زخم الاتصالات ومحادثات التسوية، محذرا من أنه "إذا استمر هذا الوضع، فهناك دائما خطر أن تقوم الأطراف بتشديد مواقفها، ويمكن أن تعيد حساباتها أيضا. وهذا يعني أن الحلول التي نتصورها قد يصبح تحقيقها أكثر صعوبة".
وأشار المبعوث الأممي إلى أنه وفي حين يتعامل مع الوضع الحالي بمزيج من القلق والعزيمة، فإن نهجه يقوم أيضا على الصمود والمرونة، موضحا أن "القلق بالتأكيد مرتبط بعدم الاستقرار الأوسع الذي شهدناه في الشرق الأوسط حتى الآن، وتأثير ذلك على مجال الوساطة وإمكانية تحقيق انفراجة في اليمن".
واستدرك: "لكن العزيمة لا تزال قائمة، بفضل حقيقة أن مسارنا عندما يتعلق الأمر بالهدف طويل المدى من أجل اليمن لا يزال قائما".
وأوضح أن الصمود يعني الثبات على الهدف طويل المدى، والمرونة قائمة على إدراك وفهم الوضع شديد التعقيد الذي يشهده اليمن والمنطقة عموما، داعيا الأطراف إلى الثبات والمرونة في الوقت ذاته؛ الثبات على الهدف، والمرونة في تعاملهم مع بعضهم ومع مختلف القضايا.
وأشار جروندبيرغ إلى أن البنود التي تضمنتها خارطة الطريق تمثل في الأساس احتياجات أساسية للشعب اليمني، من تسليم رواتب وفتح طرقات وموانئ ومطارات لتسهيل الحركة التجارية وتدفق البضائع والمساعدات الإنسانية.
وأشاد بمواقف الصين في دعم جهوده وفي دعمها لليمن عموما، كما أشاد بجهود الوساطة العمانية والسعودية، مشيرا في الوقت ذاته إلى إيجابية المشاورات التي أجراها في موسكو وواشنطن مؤخرا.
وعن الوضع الإنساني في اليمن قال جروندبيرغ: "للأسف، وأود حقا أن أؤكد على هذا، "للأسف"، لا تزال الاحتياجات الإنسانية في اليمن هائلة. وعندما أؤكد على كلمة "للأسف" فإنني أفعل ذلك لأنني كنت أود أن يكون الأمر مختلفا، بالنظر إلى حقيقة أننا ندخل العام العاشر من الحرب. كنت أود أن أكون في وضع لا تكون فيه الاحتياجات الإنسانية بهذا الحجم الهائل كما هي اليوم"، مضيفا أن الأموال والمساعدات التي كانت متاحة لليمن "لم تعد متاحة كما كانت في السابق".
وقال: "هناك حاجة إلى دعم إضافي لليمن في السنوات القادمة. ولذلك، فإن زملائي الذين يعملون في مجال إيصال المساعدات الإنسانية هم في وضع لا يحسدون عليه، حيث يحتاجون إلى تحديد أولويات جهودهم وأولويات إيصال المساعدات داخل اليمن، وكنت أتمنى ألا يكونوا في هذا الوضع"، مستطردا: "كل ذلك يعني أن هذا يؤكد أيضا ضرورة وإلحاح التوصل إلى انفراجة بشأن التسوية السياسية للنزاع في اليمن، لأن هذا وحده ما سيمكن اليمن من الارتقاء إلى مرحلة جديدة يصبح فيها التركيز على القضايا الجادة ممكنا، إعادة الإعمار الذي يحتاجه اليمن والدعم التنموي الذي يحتاجه".
وعن تأثير تصنيف واشنطن لجماعة الحوثي كجماعة إرهابية عالمية قال جروندبيرغ: "أعتقد أنه عندما نواجه وضعاً كهذا، فإن القلق الرئيسي للأمم المتحدة في هذه المرحلة هو ضمان استمرار إيصال المساعدات الإنسانية دون عوائق. ولهذا السبب فإن زملائي الذين يعملون في مجال توصيل المساعدات الإنسانية على اتصال وثيق مع نظرائهم في الولايات المتحدة لضمان إصدار التصريحات العامة حتى نتمكن من ضمان استمرارية المساعدات الإنسانية إلى اليمن. وهذا التقييم مستمر.
وأضاف أن هناك قلقا أوسع أيضا، "لأنه بحسب ما نشاهد في مثل هذه المواقف حين يكون هناك تصنيف، يمكن أن يكون لذلك تأثير سلبي على الاقتصاد الأوسع بحد ذاته، ويمكن أن يؤثر أيضا على الوضع الاقتصادي العام، وهذا ما نريد تجنبه. لذلك، هذه قضية نقوم بتقييمها ومحاولة معالجتها بشكل يومي".