اليمن: مخاطر انقراض زراعة البن عالميا تمنح اليمن فرصة حقيقية
يمن فيوتشر - حلم أخضر: الأحد, 31 مارس, 2024 - 04:43 صباحاً
اليمن: مخاطر انقراض زراعة البن عالميا تمنح اليمن فرصة حقيقية

خلصت دراسة أعدتها شركة  مختصة بالأبحاث البيئية إلى أن مستقبل زراعة وإنتاج البن اليمني سيكون واعداً بالاستدامة في العقود القادمة، في حال تظافر الاهتمام الرسمي والمجتمعي لتنمية هذه الصناعة، ومعالجة تحدياتها الراهنة، وفق رؤية استراتيجية وتدخلات فعالة.
وقالت الدراسة التي أجرتها شركة "حلم أخضر للدراسات والاستشارات البيئية"،  وحملت عنوان "راسخ الجذور: لمحة عن صناعة القهوة اليمنية والوضع الراهن"، إن مساحة زراعة البن وكمية إنتاجه في اليمن اتسمت بالثبات النسبي خلال الفترة (2014 – 2020)، وأن بمقدور البن اليمني التكيف مع تغيرات المناخ والتهديدات البيئية الأخرى.
رغم ذلك لم يتغير كثيراً واقع جمود هذه الصناعة وتطورها ونمو تصديرها إلى السوق العالمية، أمام جملة من التحديات في ظل حالة عدم الاستقرار واستمرار الحرب والصراع. ناهيك باكتساح زراعة القات للمناطق الزراعية طيلة السنوات الماضية.
واستندت الدراسة إلى أبحاث علمية أثبتت مؤخراً أن “اليمن يحتوي على مجموعة الأصول الوراثية الكاملة لأنواع البن المزروع في العالم”، مشيرة إلى أن البن ما يزال أحد أسرار اليمن التي تحتاج إلى إعادة اكتشاف من منظور مورفولوجي وثقافي وتاريخي، وبسبب ندرة الأبحاث الوراثية والخرائط الجينية للبن في اليمن، فإن الكثير من أصناف البن اليمني لم تكن موضوع دراسات متعمقة، ولم يتم إنجاز مدخر وراثي لجميع أصناف البن في اليمن.  
وأشارت الدراسة إلى ما أظهرته أبحاث علمية حديثة من ارتفاع مخاطر انقراض أنواع البن في مناطق زراعته حول العالم خلال العقود القادمة، وتحذيراتها المتزايدة من تراجع إنتاجه عالميا بنسبة 50 بالمئة في مناطق تشمل بلدان أفريقيا وجنوب شرق آسيا.
وعليه فإن الاهتمام بزراعة البن يمثل فرصة حقيقية لليمن؛ كون التهديدات التي يمثلها تغير المناخ حتى العام 2080 ستمنح اليمن فرصة لإعادة إنتاجها من البن إلى الواجهة مجدداً، باعتبار اليمن البلد الأم لأصول البن الوراثية على مستوى العالم.
كما استنتجت الدراسة أن تغير المناخ في اليمن لن يكون ضاراً بزراعة وإنتاج البن في اليمن مستقبلا، بل وعلى العكس، قد يخلق الظروف الملائمة لزيادة إنتاجه.
وأوضحت الدراسة أن المحاصيل النقدية في اليمن فقدت خلال الفترة (2014 – 2020) مساحة كبيرة جداً من الأراضي المحصولية، بلغت حوالى 11,508 هكتارا ؛ جراء عديد عوامل، أبرزها الحرب بما فرضته من قيود على النقل وحركة التجارة الخارجية وتصدير السلع الزراعية، وشحة الوقود، وتدهور البنية التحتية، ناهيك بعوامل مثل موجات الجفاف، وأسراب الجراد... خصوصا في العام 2018 الذي يعد الأسوأ على الزراعة عموما، وزراعة البن بشكل خاص، وشهد تناقصاً وتراجعاً كبيراً في المساحة الزراعية والإنتاج.
الدراسة أشارت إلى أن محصول القطن أيضا فقد مساحة شاسعة جدا، إذ تراجعت مساحة زراعته من 14,375 هكتارا عام 2014، إلى حوالى 4,053 هكتارا في العام 2020. خلال الفترة 2014 – 2020.
بناء على ذلك وغيره من المعطيات والاستنتاجات، أوصت الدراسة بمجموعة من السياسات التي اقترحتها على الحكومة اليمنية وأخرى على الدول والمنظمات الدولية المانحة لليمن، تهدف إلى تعزيز وتنمية قطاع البن في ظل التغيرات المناخية الوشيكة والمؤثرة في إنتاج عالميا.
فقد رأت الدراسة أن على الحكومة اليمنية فرض تشريع يمنع إحلال القات أو أي محاصيل أخرى محل البن في الأراضي الزراعية اليمنية، ووضع وتنفيذ خطة استراتيجية لاستعادة وتطوير أراضي المزارع البحثية في المحافظات وتفعيل أنشطتها، وإقرار سياسات عملية فاعلة لحماية الأصول الوراثية للبن اليمني كعنصر هام للتنوع البيولوجي، وتوسيع مناطق زراعة البن وزيادة انتاجه وتصديره.
كما أوصت بضرورة استعادة الدور الأساسي الذي أنشئ لأجله بنك التسليف التعاوني الزراعي، والمتمثل في تمويل ودعم الفلاحين وصغار المزارعين، كونه البنك الحكومي المختص بتنمية القطاع الزراعي في اليمن، وضرورة تسهيل دور بنوك ومؤسسات التمويل الأصغر، لتوسيع خيارات برامج التمويلات في المجتمعات الزراعية. الى جانب تعزيز وتسهيل دور القطاع الخاص في الاستثمار بقطاع البن اليمني.  كما أوصت الدراسة، 
واقترحت الدراسة، اطلاق برنامج وطني لصيانة وتأهيل المدرجات الزراعية (المتدهورة) التي تزرع البن، وتنفيذ تعداد وحصر لها. وضرورة تفعيل سياسات الارشاد الزراعي. كما اوصت الدراسة بضرورة دعم الأبحاث الوراثية وجمع وتصنيف وتوصيف التنوعات الوراثية لأصناف البن العربي اليمني التي تزرع في جميع المحافظات، واجراء مدخر وراثي لها. والعمل على جمع البذور الممثلة للأمهات المختارة وزراعتها في مشتل خاص لبحوث البن. مع تعزيز مشاتل البن وإعادة تشغيل المشاتل التي دمرتها الحرب.
وأوصت الدراسة الدول المانحة لليمن والمنظمات الدولية، بدعم وتوسيع برامج النقد مقابل العمل في المجالات الزراعية الغذائية في الريف اليمني، بما يسهم في زيادة الإنتاجية في قطاع البن بشكل مستدام وتحسين دخل أسر صغار المزارعين. كما أوصت الدراسة المنظمات الدولية بتخصيص جزء من مشاريع التمويل المناخي لدعم برامج مؤسسات التمويل الأصغر في اليمن، والتي تقدم تمويلات غير ربحية لبناء قدرات مزارعي البن، وتطوير البنية المؤسسية لمنتجي ومصدري القهوة اليمنية.


التعليقات