اليمن: الاندفاعة الحوثية في البحر الاحمر تقوض فرص السلام
يمن فيوتشر - مركز صنعاء للدراسات الإستراتيجية: الخميس, 29 فبراير, 2024 - 11:13 مساءً
اليمن: الاندفاعة الحوثية في البحر الاحمر تقوض فرص السلام

قال رئيس مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية، ماجد المذحجي، إن الصراع في البحر الأحمر أوقف الاتفاق الذي أعلنته الأمم المتحدة أواخر العام المنصرم، المتعلق بتدابير وقف إطلاق النار في اليمن وتحسين الظروف المعيشية.
وذكر المذحجي، في جلسة حول النزاع في البحر الأحمر، نظمها المعهد الملكي للشؤون الدولية "تشاتام هاوس" في لندن، الخميس، إن اليمن كان على وشك أن ينتهي من المسار الأول لإنهاء الحرب، لكن أحداث السابع من أكتوبر قوّضت الفرصة المتاحة، إذ جمدت جماعة الحوثيين مسار التفاهمات وذهبت باتجاه التصعيد في البحر الأحمر.
وقال: "هذه الاندفاعة الحوثية أعادت تعريف المشهد كليا، فما كان يمكن قبوله قبل السابع من أكتوبر لم يعد متاحا، حيث وجد الحوثيون أنفسهم ينتقلون من طرف في معادلة حرب محلية إلى طرف إقليمي يشكل تهديدا استراتيجيا للمصالح الدولية".
وأشار إلى أن الثمن الذي دفعته السعودية لم يعد كافيا للحصول على صفقة مؤقتة من الحوثيين.
وتراهن جماعة الحوثيين على عدم تطور مسار الأحداث إلى اشتباك أكبر بينها والمجتمع الدولي، إضافة إلى رغبة دولية في احتوائها وليس تقويضها؛ بالتالي تستطيع رفع سقفها لاستئناف المسار السياسي، حسبما يقول المذحجي.
وأضاف أن الإجراءات المترتبة على تصنيف الولايات المتحدة للحوثيين جماعة إرهابية عالمية بشكل محدد ستحول دون عملية دفع الرواتب، وهو الملف الذي عُد جوهريا في المفاوضات التي جرت بين الجماعة والسعوديين.


•استمرار الحرب
ويرى المذحجي أن احتمالا استمرار الحرب في اليمن ما تزال مرتفعة، في حين يكافح المجتمع الدولي لاحتواء الحوثيين. وقال إن هذا المسار التكتيكي وإن كان يلبي جزئيا الأهداف المعلنة للولايات المتحدة وبريطانيا، إلا أنه لا ينجح في تقويض قدرة الجماعة.
وأضاف: "قد نشهد استثمارا في الخصوم المحليين للحوثيين، باعتبار ذلك الفرصة الوحيدة المتاحة لكف الأذى، وهذا مقرون بمدى التصعيد في البحر الأحمر والتهدئة في غزة أو إذا ما تسببت الهجمات على السفن بخسائر في الأرواح".
ووفق المذحجي فإن الحوثيين وحلفاءهم في محور المقاومة أعادوا اكتشاف أهمية باب المندب بعد أن وجدوا في حرب غزة الأرضية الملائمة، وفي الاشتباك مع الولايات المتحدة الغطاء الأخلاقي الكافي.
وقال إن الحوثيين سيستثمرون البحر الأحمر مستقبلا للضغط السياسي وتحقيق امتيازات في مسارات التفاوض، سواء مع جيرانهم الخليجيين أو في التوازنات الداخلية مع خصومهم المحليين.
وأضاف أن "حرب غزة قد توقف المعركة، لكنها لن تنهي التوتر الموجود في البحر الأحمر".


•نمو الحوثيين
ووفق رئيس مركز صنعاء للدراسات فإن الحوثيين جماعة جامحة ليس لديها ما تخسره مقابل الخسائر الكبيرة لمناوئيها داخل اليمن وخارجه، كما أنها وجدت فرصا للنمو في إطار المحور الإيراني.
وقال إن الصراع في البحر الأحمر سيكون مسرح عمليات سياسيا عسكريا طويل المدى لاستثمار الحوثيين الناجح على حساب الاستجابة التكتيكية الضعيفة، كما أنه يمثل مختبرا عملياتيا متقدما للتقنيات العسكرية الإيرانية في مواجهة التقنية العسكرية الغربية.
وأشار إلى أن الحوثيين، ومن خلفهم طهران، هم الطرف الوحيد الذي يملك المبادرة السياسية والعسكرية، في حين أن الدول المشاطئة للبحر الأحمر، مثل الأردن ومصر، تلتزم الصمت، رغم كل الضرر البالغ الذي لحق بها.
وقال المذحجي إن المشهد يبدو مربكا في التعامل مع أزمة البحر الأحمر، إذ لا أحد قادر على أن يقدم صفقة سياسية للحوثيين وهم يقصفون السفن، كما لا يجرؤ أحد أيضا على أن يضع قدمه على الشاطئ لمواجهتهم.


•استثمار منخفض لكنه مربح
من جهته يقول توماس جونو، الباحث غير المقيم في مركز صنعاء للدراسات، إن إيران ترى الحوثيين قد انتصروا في حرب اليمن، وهم السلطة الحاكمة في الشمال، في الوقت الذي لا يوجد فيه أي طرف مكافئ لهم.
وقال، في الجلسة ذاتها التي عقدها "تشاتام هاوس"، إن استثمار إيران في الحوثيين كان منخفضا، لكنه حقق عوائد كبيرة، لذا على المدى الطويل ستعزز إيران سلطة الحوثيين ومؤسساتهم ودعم العملية السياسية بين الجماعة والرياض.
وأضاف: "كلما ظهر الحوثيون كقوة إقليمية أقوى فذلك يفيد إيران كثيرا، ويعزز قدراتها الردعية، ويزيد قدرتها على إلحاق الأذى بالولايات المتحدة والسعودية والآخرين، ويعطي إشارة للمجتمع الدولي أنه إضافة إلى مضيق هرمز، فإن إيران تستطيع أن تعطّل الملاحة في منطقة حيوية ومهمة".
وقال جونو، وهو خبير بالشأن الإيراني، إن المبدأ العام الذي يقود السياسة الخارجية الإيرانية هو تفادي أي توتر أو تصعيد قد يؤدي إلى مواجهة عسكرية مباشرة مع الولايات المتحدة، لذا تريد طهران أن تدفع بالتوتر نحو غزة واليمن والبحر الأحمر، وتقييد مساحة المناورة للولايات المتحدة، لتُجبر على اتخاذ خيارات سيئة.


•إخفاقات واشنطن والرياض
ويقول جونو إن إيران ليست مسؤولة لوحدها عن هذه النتيجة، وإنما أيضا سلسلة إخفاقات السياسة الخارجية للولايات المتحدة والسعودية وغيرها.
ويرى أن المشاعر المناصرة لفلسطين لن تجعل السعودية قادرة على أن تتخذ موقفا عدائيا ضد الحوثيين، الذين صار يُنظر إليهم على أنهم يدافعون عن القضية الفلسطينية، إضافة إلى أن الرياض تشهد تحولا كبيرا في السياسة الخارجية من أجل تأمين الحدود والتركيز على الاقتصاد والاستثمار. 


التعليقات