مهمة "أسبيدس" - وتعني باليونانية "الدرع" - تهدف إلى الحفاظ على حرية الملاحة في البحر الأحمر وخليج عدن، وهما مناطق تُعاني من عدم الاستقرار منذ تشرين الأول/أكتوبر عندما بدأ الحوثيون في استهداف السفن التي تعبر الممر المائي، بوابلٍ من هجمات الطائرات المُسيّرة والصواريخ.
يقول الحوثيون -وهم جماعة تدعمها إيران وتسيطر على جزء من اليمن- إن هجماتهم تأتي ردًا على حرب إسرائيل في غزة التي أودت حتى الآن بحياة حوالي 29 ألف فلسطيني.
ومع مرور 12% من التجارة العالمية وحوالي 30% من حركة الحاويات العالمية عبر هذا الممر المائي الحيوي، فإن هجماتهم تُهدد بتعطيلٍ شديد لتدفقاتِ التجارة إلى أوروبا.
وحتى الآن، أكدت فرنسا وألمانيا وإيطاليا وبلجيكا نيتها المشاركة بسفن في مهمة الاتحاد الأوروبي بقيادة تنفيذية من اليونان وعسكرية من إيطاليا وفرنسا.
وفيما وصف (جوزيب بوريل)، أعلى دبلوماسي في الاتحاد الأوروبي، المهمة أنها "خطوة جريئة لحماية المصالح التجارية والأمنية للاتحاد الأوروبي والمجتمع الدولي"، قالت رئيسة المفوضية الأوروبية، (أورسولا فون دير لاين) على منصة التواصل الاجتماعي "إكس": "إنها خطوة نحو وجود أوروبي أقوى في البحر لحماية مصالحنا الأوروبية، وليس فقط للتصدي للأزمات."
دبلوماسي أوروبي كبير قال من جهته إن "أسبيدس" لديها تفويض حصري "واقٍ" وستتصرف "فقط عند وجود تهديد، بأدنى قوة"، مضيفًا أن المهمة ستكون لديها ما لا يقل عن أربع فرقاطات وسيكون تشغيلها الكامل في "بضعة أسابيع".
وسيتم توضيب مقر العمليات في لاريسا، اليونان، وستعمل بالتعاون الوثيق مع "شركاء متفق عليهم" بالفعل في المنطقة.
وفي كلمته بعد الإعلان، قال وزير الخارجية الإيطالي (أنطونيو تاغاني)، الاثنين، إن رومانيا وألبانيا، الأخيرة مُرشحة للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، أبدتا اهتمامًا بالانضمام إلى المهمة، مشيرًا إلى أن إيطاليا تدعو إلى إتاحة الفرصة للدول غير الأعضاء في الاتحاد الأوروبي والناتو للانضمام إلى المهمة.
•المهمة دفاعية بدقة:
كانت الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي مترددة في دعم عملية حارس الازدهار (OPG)، المهمة البحرية التي تقودها الولايات المتحدة والتي تم إطلاقها في ديسمبر/كانون الأول 2023، خوفًا من أن يؤدي ذلك إلى تصعيد الصراع الذي يعصف بالشرق الأوسط.
وفي البداية، حصلت OPG على دعم ست دول أعضاء في الاتحاد الأوروبي، ثم ابتعدت ثلاثة منها عن المهمة.
ومنذ ذلك الحين، قادت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة ضرباتٍ ردعية ضد أهداف الحوثيين في الأراضي اليمنية، لكن الاتحاد الأوروبي ابتعد عن مثل هذا العمل العسكري.
وقال دبلوماسي أوروبي: "لن نعمل على تحييد التهديد على الأرض بشكلٍ هجومي، فقواعد العمل تقتصر على الدفاع عن النفس".
وبعض الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، مثل الدنمارك وهولندا، ساهمت في العمل العسكري الذي تقوده الولايات المتحدة والمملكة المتحدة على الأرض في اليمن، دعمًا لزيادة مشاركة الاتحاد الأوروبي في المنطقة لحماية الأمن والمصالح الأوروبية.
وعلى الجانب الآخر، رفضت دولة عضو في الاتحاد الأوروبي، هي إسبانيا، تحويل مهمة الاتحاد الأوروبي لمكافحة القرصنة "أتالانتا" إلى المنطقة.
وتأتي إطلاق المهمة الأوروبية بعد فترة هدوء في هجمات الحوثيين، التي وصلت ذروتها في يناير/كانون الثاني الماضي، وشهدت تحرك إيران بفرقاطتها الخاصة إلى مياه البحر الأحمر كدليل على تصاعد التوترات.
كما ظهرت علامات على استئناف نشاط الحوثيين في الأيام الأخيرة، حيث تعرضت سفينة تحمل علم بليز لهجوم يوم الاثنين، بعد ساعات من إعلان الجيش الأمريكي أنه قصف غواصة بدون طيار نشرها الحوثيون تحت الماء.
وعلى الرغم من أن الحوثيين ادعوا في البداية أن هجماتهم استهدفت سُفنًا تابعة لإسرائيل، إلا أن عديد السفن التي تعمل تحت راية الدول الأوروبية تعرّضت لهجماتٍ خلال الأشهر الأربعة الماضية.
ولذلك، حثت عديد شركات الشحن الكبرى على تجنب المنطقة، واختيار المسار البديل عبر رأس الرجاء الصالح، ما أدى إلى زيادة فترة الرحلة بمقدار شهر تقريبًا، وأثار ذلك مخاوف من أن التأخيرات والتكاليف الإضافية يمكن أن تؤثر سلبًا على اقتصاد أوروبا، إذ حذر المفوض الأوروبي للشؤون الاقتصادية (باولو جينتيلوني) في يناير/كانون الثاني من احتمال ارتفاع أسعار الطاقة في أوروبا، ما لم تقدم شركات الشحن تأكيدات بشأن الدفاع.
كما أكد أيضًا دبلوماسي أوروبي كبير أن الاتحاد استطاع الاتفاق وإطلاق المهمة بسرعة للتصدي لتهديد تدفق التجارة، على الرغم من الانقسامات المستمرة بين مواقف الدول الأوروبية من الصراع في الشرق الأوسط.