قررت الحكومة اليمنية رفع الحد الأدنى لرؤوس أموال بنوك التمويل الصغيرة المرخص لها بالعمل في البلاد إلى 15 مليار ريال يمني، بهدف دعم هذا القطاع الحيوي، وذلك بمقتضى الصلاحيات القانونية للمؤسسات النقدية والمالية الحكومية.
وبموجب هذا الإجراء، دعا البنك المركزي اليمني في عدن البنوك المعنية إلى استيفاء مبلغ الحد الأدنى لرؤوس الأموال المدفوعة لتلك النوعية من البنوك خلال سنتين ابتداءً من عام 2024، على أن يستوفي كل بنك تمويل أصغر (50%) من الزيادة المطلوبة خلال سنة، حيث تنتهي مدة الاستيفاء في 31 ديسمبر 2025.
واشترط قرار البنك المركزي اليمني على المرخص لهم للعمل كبنوك تمويل أصغر استيفاء 50% من الزيادة المطلوبة من رأس المال المدفوع، قبل منح الموافقة على الترخيص النهائي.
وبحسب خبراء اقتصاد ومصرفيين، فإن تبعات الحرب الإسرائيلية على غزة والأحداث المتصاعدة في البحر الأحمر قد تنعكس على إحداث تغيير في السياسة التمويلية للمانحين والمؤسسات والصناديق التمويلية الدولية تجاه اليمن، الأمر الذي يحتم على مختلف الجهات المعنية في الدولة البحث عدن البدائل والخيارات المتاحة لتغطية الفجوة التمويلية التي تعاني منها البلاد وتنمية قطاع التمويل الأصغر، والمشروعات الصغيرة والمتوسطة.
في المقابل، ذكر مسؤولون في الحكومة اليمنية أن قرار رفع رأس المال لبنوك التمويل الأصغر يأتي بهدف تعزيز متانة المراكز المالية لبنوك التمويل الأصغر، ورفع قدرتها لتحسين جودة خدماتها في ظل الظروف الراهنة والتطورات في مجال الخدمات المالية والمصرفية.
وعلّق الباحث الاقتصادي والمصرفي وحيد الفودعي على قرار الزيادة، مشيرا في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى أهمية توجه الحكومة اليمنية نحو قطاع التمويل الأصغر، والخطوة التي اتخذها البنك المركزي في رفع رأس المال للبنوك التي تقدم خدمات التمويل الأصغر إلى 15 مليار ريال، بعد أن كان السقف المحدد لهذه البنوك لا يتجاوز 5 مليارات ريال (الدولار = نحو 1600 ريال يمني).
ويمتلك اليمن قطاعاً ناشئاً للتمويل الأصغر، حيث نمت أصول بنوك التمويل الأصغر بنسبة ضئيلة طوال السنوات الماضية منذ عام 2018، بمقابل ارتفاع نسبة مساهمتها في هيكل أصول البنوك، الأمر الذي يمكنها من تحسين فرص تمويل الأنشطة الصغيرة والأصغر والمساهمة في الحد من البطالة والتخفيف من الفقر.
لكن مع ذلك، يقوم القطاع المصرفي اليمني بدور متواضع في تمويل الأنشطة الاقتصادية مقارنة بكثير من الدول العربية، إذ تشكل نسبة الائتمان المصرفي المقدم للقطاع الخاص إلى الناتج المحلي الإجمالي حوالي 9%، في حين تلك النسبة في الدول العربية تتجاوز 45%.
ويقتصر انتشار فروع البنوك في اليمن على المناطق الحضرية، بينما يعيش 70.8% من السكان في المناطق الريفية، مما يعرقل وصول شريحة كبيرة من السكان إلى الخدمات المصرفية.
وتمثل المنشآت الصغيرة أحد أهم مصادر توفير فرص العمل في اليمن بنسبة تزيد على 60%، وفق تقديرات رسمية.
ويعيش اليمن على وقع تغيرات كبيرة في سوق العمل، بفعل الصراع والانقسام في مؤسسات الدولة منذ 9 سنوات، وتوقف رواتب الموظفين المدنيين، إذ من المرجح أن يتجه الطلب على القوى العاملة بدرجة أساسية نحو حملة المؤهلات الفنية والتقنية والتكنولوجية.
ويثير نقص التمويل قلق المجتمع الإنساني في اليمن، مع وجود فجوة تمويلية ضخمة، ما يزيد من تفاقم الوضع في البلاد، إذ لم تحصل خطة الاستجابة الإنسانية لليمن سوى على 31.2% من مبلغ 4.34 مليارات دولار مطلوب لتمويل الخطة، الأمر الذي تسبب في تقليص حاد ومقلق في المساعدات، مما أثر على الفئات الأكثر ضعفاً في البلاد.
في السياق، أكد المسؤول في مؤسسة خاصة للمشروعات الصغيرة والمتوسطة، عبد الرقيب الوصابي، لـ"العربي الجديد"، على ضرورة تطوير أداء مؤسسات التمويل الأصغر للقيام بدور حيوي، في ظل ظروف اليمن الراهنة للحد من البطالة وتوفير سبل العيش والتخفيف من حدة الفقر، من خلال تقديم الخدمات المالية الملائمة التي تشجع على الادخار وتمنح القروض اللازمة لذوي الدخل المحدود من الرجال والنساء، لمساعدتهم على إقامة المشاريع الصغيرة، وامتلاك الأصول الإنتاجية المدرّة للدخل، وتمكينهم من الحصول على تمويل ذاتي قابل للاستدامة.
وكان البنك المركزي اليمني قد دعا، في وقت سابق، جميع شركات ومنشآت الصرافة العاملة في البلاد إلى الالتزام بتجديد تراخيص مزاولة أعمال الصرافة لعام 2024، واستكمال إجراءات التراخيص المحددة في القانون والتعليمات الصادرة عن المركزي، مهدداً بتطبيق الإجراءات القانونية على المتأخرين.