عند مستوى 80.7 دولارا، بلغ متوسط سعر برميل النفط في 2023، نزولا من متوسط 97.8 دولارا في 2022، وهو العام الذي شهد اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية، وتبعاتها على سوق الطاقة.
وبينما ينفذ تحالف "أوبك+" اتفاقا ملزما لجميع أعضائه وآخر طوعيا لبعض الأعضاء لخفض إنتاج النفط بمجموع يتجاوز 5 ملايين برميل يوميا، إلا أن أسعار الخام ما تزال دون تطلعات التحالف البالغة قرابة 95 دولارا للبرميل.
ووفق توقعات منظمة البلدان المصدرة للبترول "أوبك"، يبلغ متوسط الطلب اليومي على الخام عالميا 102.2 مليون برميل في 2023، على أن يصعد إلى 104.4 ملايين برميل يوميا في 2024.
في مقابلة مع الأناضول، يقول الخبير في الاقتصاد الدولي وشؤون الطاقة عامر الشوبكي، إن رزمة عوامل ستحدد أسعار النفط في 2024، تبدأ من النشاط الاقتصادي العالمي، ولا تنتهي ببدء البنوك المركزية، تخفيف سياستها النقدية.
إلا أن العام الجاري، افتتح على حربين الأولى في شرق أوروبا بين روسيا وأوكرانيا، والثانية في الشرق الأوسط، تشنها إسرائيل على قطاع غزة، والتوترات الناجمة عنها سواء جنوبي البحر الأحمر أو جنوب لبنان.
** *الصين والنشاط الاقتصادي*
وبحسب الشوبكي، فإن النشاط الاقتصاد العالمي يعتبر أحد أهم العوامل التي ستحدد نمو الطلب على النفط الخام، خاصة من جانب الصين، وعودة انتعاش الطلب في الأسواق الرئيسية في آسيا وأوروبا.
وتباطأ نمو الاقتصاد العالمي خلال العام الماضي، بفعل المخاوف من حدوث ركود، وتبعات الحرب الروسية الأوكرانية، وتشديد السياسة النقدية من جانب البنوك المركزية حول العالم.
وقال الشوبكي: "الصين ستكون بلدا رئيسا في تحديد نمو الطلب على النفط كثاني أهم العوامل .. الصين باتت هي محرك الطلب العالمي على الخام بسبب الاستهلاك العالي".
"قدرة الصين على معالجة مشاكلها الاقتصادية، وأهمها قطاع العقارات الذي تعاني منه البلاد منذ أكثر من عام، وقدرتها على تحقيق نمو اقتصادي يفوق 5 بالمئة، سيكون أحد أبرز عوامل نمو الطلب على الخام".
والصين أكبر مستورد للنفط الخام في العالم بمتوسط 9.5 ملايين برميل يوميا وثاني أكبر مستهلك له بعد الولايات المتحدة، بمتوسط يومي 14 مليون برميل يوميا.
** *خفض أسعار الفائدة*
ويرى الشوبكي أن عودة البنوك المركزية خاصة في الولايات المتحدة ومنطقة اليورو، لتخفيف السياسة النقدية، عبر خفض أسعار الفائدة، سيدفع نحو زيادة الطلب على الخام، لأنه سيقلل من كلفة النفط المقوم بالدولار.
كذلك، من شأن خفض أسعار الفائدة العالمية، زيادة الطلب على الاستهلاك، واستهلاك مزيد من النفط لتوليد الطاقة وزيادة الإنتاجية لتلبية الطلب المتصاعد.
ويرفع الفيدرالي الأمريكي أسعار الفائدة حاليا عند 5.5 بالمئة وهو أعلى مستوى منذ عام 2001 بحسب البيانات التاريخية لأسعار الفائدة الصادرة عن الفيدرالي الأمريكي.
** *تقليص فرص الركود*
واعتبر الخبير في الاقتصاد الدولي وشؤون الطاقة، أن تقليص فرص حدوث ركود اقتصادي خاصة في الولايات المتحدة سيكون أحد العوامل المحددة لأسعار النفط في 2024.
وأشار إلى أن مخاوف دخول الاقتصاد الأمريكي في ركود ما تزال قائمة، على الرغم من قرب انتهاء فترة التشديد النقدي، "إذ تظهر مؤشر أمريكية خاصة للسندات وعوائدها أن فرضية الركود ما تزال قائمة".
ومن شأن الركود أن يقلل من فرص الاستهلاك ويرفع أعداد العاطلين عن العمل، وخفض السيولة في الأسواق، وهو ما تمكنت الولايات المتحدة من تجنبه في عام 2023.
** *الإنتاج الأمريكي*
وتجاوز إنتاج النفط الأمريكي المستويات التاريخية السابقة البالغة 13 مليون برميل يوميا، ليسجل في ديسمبر/كانون أول الماضي 13.2 مليون برميل يوميا.
يقول الشوبكي: "أسعار النفط الحالية ما تزال دون توقعات تحالف أوبك +، والسبب زيادة الإنتاج النفط الأمريكي الذي عوض جزئيا تراجعات إنتاج التحالف، إلى جانب دخول أعضاء جدد لخط الإنتاج مثل دولة غيانا".