تفكر الولايات المتحدة وحلفاؤها في اتخاذِ ضرباتٍ عسكرية مُحتملة ضد جماعة الحوثي في اليمن، وذلك نظراً للإدراك أن قوة المهام البحرية المُعلنة حديثاً والتي تهدف إلى حماية السفن التجارية في البحر الأحمر قد لا تكون كافيةً للقضاء على التهديد للممر المائي الحيوي.
حيث تجري التخطيطات لاتخاذ إجراءاتٍ تهدف إلى تعطيل قُدرة الحوثيين على استهداف السفن التجارية من خلال ضرب المجموعة المتطرفة في مصدرها، وذلك وفقاً لأربعة أشخاص مطلعين على المسألة والذين طلبوا عدم الكشف عن هويتهم أثناء مناقشة التفاوضات الداخلية. كما أكدوا أن الولايات المتحدة لا تزال ترغب في أن تنجح الدبلوماسية ولم تتخذ قراراً بالمضي قدماً.
ومع ذلك، أفاد أحد الأشخاص بأن وزارة الدفاع الأمريكية تستعد لتقديم إمكانية الاستجابة "الثقيلة" للمُتمردين المدعومين من إيران للرئيس جو بايدن. وعندما سُئل المتحدث باسم مجلس الأمن القومي (جون كيربي)، الثلاثاء، عن إمكانية العمل العسكري، قال إنه لن يُفصح عن أي تحرُكٍ عسكري مُحتمل.
و تعكس المناقشات السريعة الجارية الاعتقاد بأن الولايات المتحدة وحلفاءها قد يحتاجون إلى بذلِ المزيد لحماية التجارة التي تمر عبر البحر الأحمر بعد سلسلةٍ من هجمات الحوثيين التي دفعت عدداً من الشركات الكبرى إلى تغيير مسار سفنها حول رأس الرجاء الصالح الجنوبي لأفريقيا، وهو مسار أطول وبالتالي أكثر تكلفة. حيث ارتفع سعر النفط الخام غرب تكساس يوم الثلاثاء إلى أعلى مستوى في أكثر من أسبوعين، وتراوح حول 74 دولاراً للبرميل بعدما أعلنت شركات بما في ذلك بي بي بلك عن تعليق شحناتها عبر البحر الأحمر.
وتوسع القوة المهمة الدولية المعلنة الجهود الأمريكية الحالية في البحر الأحمر، حيث تركز على إسقاط الصواريخ والطائرات بدون طيار القادمة عند الإمكان وتقديم المساعدة للسفن التي تتعرض للهجوم.
و الضربات التي ستُشنُّ على الحوثيين في اليمن حيث يتمركزون ستكون محفوفة بالمخاطر. و من بين أكبر هذه المخاطر هناك الاحتمالية في نشوب صراع إقليمي واسع، وهو بالضبط النتيجة التي تسعى إليها إدارة الرئيس بايدن لتجنبها بعد أن شنت إسرائيل حملتها البرية ضد مُقاتلي حماس في قطاع غزة رداً على هجوم المجموعة في 7 أكتوبر/ تشرين الأول في جنوب إسرائيل.
و تظهر تقارير وكالة بلومبرغ أن حُلفاء الولايات المتحدة في المنطقة متحفظون أيضاً.
حيث تؤيد السعودية، التي تحدها اليمن، نهجاً دبلوماسياً أكثر تدبيراً تجاه المتمردين لأنها تخشى أن تصبح هدفاً للعدوان المتجدد من الحوثيين، تماماً كما كانت السعودية قبل وقف إطلاق النار في الحرب الأهلية في اليمن في أوائل عام 2022.
و قال (جون ألترمان) ، نائب رئيس مركز الدراسات الدولية والاستراتيجية: "الأمر الصعب هو أنه لا أحد يرغب في الانخراط في حرب مفتوحة في الشرق الأوسط. ولكن كيف تعلم أن الحوثيين لن يرحبوا بالانخراط في حرب مفتوحة مع الولايات المتحدة، لأنهم سيكونون خصماً مرموقاً جداً لإحباطهم باستمرار؟"
كما أن هجمات الحوثيين ستقرب الولايات المتحدة أيضاً من المواجهة مع إيران، حيث أكد (جون فينر) -نائب مستشار الأمن القومي الأمريكي- مؤخراً أن إيران تقدم دعماً "كبيراً" عسكرياً واستخباراتياً للحوثيين.
و لم تستبعد إدارة بايدن "احتمالية التصعيد العسكري" ضد الحوثيين، ولكنها تركز في الوقت الحالي على تشكيل تحالفٍ بحري لتأمين البحر الأحمر، وفقاً لما صرّح به فينر في خطابٍ ألقاه في واشنطن في 7 ديسمبر/ كانون الأول. و لم ترد وزارة الدفاع الأمريكية على الفور على طلب التعليق.
كما تم الإعلان عن القوة المهمة المتعددة الجنسيات من قِبل وزير الدفاع الأمريكي (لويد أوستن)، الاثنين، في محاولة للمساعدة في حماية السفن التي تسافر عبر البحر الأحمر. و رفض كيربي، المتحدث باسم مجلس الأمن القومي، الثلاثاء، فكرة أن ذلك لن يردع الحوثيين.
قال: "سيكون هناك الكثير من المعدات العسكرية في البحر الأحمر الآن، معدات بحرية ليست فقط من الولايات المتحدة، بل من سفن أخرى تابعة لدول أخرى لمواجهة هذه التهديدات. لذا دعونا نرى ما الذي سيحدث".
على الرغم من أن قوة العمل الجديدة تُقدم عرضاً للوحدة -كما يرمز إليها بتسميتها عملية حارس الازدهار- إلا أن الضغط يتزايد على إدارة بايدن للقيام بالمزيد. و وفقاً لأحد المصادر، فإن الولايات المتحدة بحاجة إلى إرسال رسالةٍ واضحة بأن التهديدات الموجهة لحرية الملاحة لا يمكن تحملها.
حيث قالت (كوري شاكي)، مديرة السياسة الخارجية والدفاع في معهد الشركات الأمريكية: "لقد قام الحوثيون بقياس تقديرهم لمستوى تحمل المخاطر في إدارة بايدن، والذي كان منخفض جداً. و هذا مثال آخر على نقل القوات الأمريكية للإشارة إلى الإلتزام عندما لا نكون ملتزمين في الواقع".
ولكن التهديد بتحريض صراع واسع لا يزال قائماً، بما في ذلك بالنسبة للمملكة العربية السعودية التي تلقت مساعدةً عسكرية من الولايات المتحدة في جهودها لهزيمة الحوثيين في الحرب الأهلية في اليمن.
حيث أعلن المتمردون في عام 2019، المسؤولية عن هجوم بواسطة طائرات بدون طيار وصواريخ أدت إلى تعطيل إنتاج النفط في المملكة لفترة قصيرة.
وفي يوم الخميس، تحدث وزير الخارجية الأمريكي (أنتوني بلينكن) مع وزير الخارجية السعودي الأمير (فيصل بن فرحان آل سعود). و تركزت البيانات الصادرة عن السعودية بشأن المكالمة على الحرب في غزة، ولكن ملخص الولايات المتحدة أيضاً أكد التهديد الحوثي. وذُكر أن بلينكن "أدان الهجمات المستمرة من قبل الحوثيين على السفن التجارية التي تعمل في المياه الدولية في البحر الأحمر الجنوبي وحثَّ على التعاون بين جميع الشركاء للحفاظ على أمن الملاحة البحرية".
كما دعا السيناتور (روجر ويكر)، أكبر عضو جمهوري في لجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ، الاثنين، إلى اتخاذ إجراءات أمريكية أكثر حزماً، و قال في بيان: "ما الذي ستحققه قوة المهمة بالضبط؟ من الممكن أن تؤدي التهديدات المستمرة التي تواجه البحارة الأمريكيين وحرية الملاحة إلى كارثة قريباً إلا إذا تصرفت إدارة بايدن بالعزم الذي تفتقر إليه بشدة حتى الآن".