بيروت: اطراف النزاع اليمني تفاقم ازمة المياه في تعز
يمن فيوتشر - يمن فيوتشر: الإثنين, 11 ديسمبر, 2023 - 11:37 مساءً
بيروت: اطراف النزاع اليمني تفاقم ازمة المياه في تعز

اتهم تقرير حديث ل "هيومن رايتس ووتش" أطراف النزاع في اليمن بمفاقمة أزمة المياه في مدينة تعز، معتبرة ان الحوثيين استخدموا المياه كسلاح ومنعوا تدفقها إلى المدينة التي تسيطر عليها قوات الحكومة اليمنية، في حين باعت الاخيرة في السابق إمدادات المياه العامة للسكان لتحقيق مكاسب مادية خاصة.
وقال التقرير، الذي حمل عنوان "الموت أرحم من هذه الحياة" ان انتهاكات قوات الحوثيين والحكومة اليمنية للحق بالمياه في تعز، خلق  وضعا سيئا جدا، كما ان السيطرة المختلفة على المدينة كانت سبب اساسي في مشاكل المياه الحالية.
وقالت "هيومن رايتس ووتش" في تقريرها الذي جاء في 38 صفحة إنها أجرت مقابلات مع 25 شخصا بين مايو/ أيار وسبتمبر/ أيلول الماضيين، بينهم مدنيون، وممثلون عن المؤسسة المحلية للمياه والصرف الصحي في تعز، ومنظمات المجتمع المدني اليمنية، والمنظمات الدولية غير الحكومية ووكالات الأمم المتحدة، كما راجعت وحللت الوثائق التي قدمتها هيئة المياه و"مجموعة المياه والصرف الصحي والنظافة العامة التابعة للأمم المتحدة"، فضلا عن عشرات التقارير والتقييمات المتعلقة بتفاصيل مشكلة المياه في تعز قبل وبعد بدء النزاع.
وقالت نيكو جعفرنيا، باحثة اليمن والبحرين في "هيومن رايتس ووتش": "عانى سكان تعز على مدى السنوات الثماني الماضية، حيث جعلت أطراف النزاع من المستحيل تقريبا حصولهم على المياه النظيفة وبأسعار معقولة". أضافت جعفرنيا: "لا ينبغي استخدام المياه كسلاح حرب، ويتعين على الحوثيين والحكومة اليمنية اتخاذ إجراءات فورية للسماح بدخول المزيد من المياه إلى شبكة المياه العامة".

و قالت المنظمة الحقوقية أيضا إنها في 2 نوفمبر/ تشرين الثاني 2023، كتبت إلى سلطات الحوثيين والحكومة اليمنية بشأن النتائج التي توصلت إليها. غير أن الجماعة الحوثية ردت في 20 نوفمبر/تشرين الثاني، برفض النتائج معتبرة أنها متحيزة.

وأشارت المنظمة إلى أن 15.3 مليون يمني (أي أكثر من نصف السكان) لا يحصلون على مياه كافية ومأمونة ومقبولة للاستخدامات الشخصية والمنزلية، بما في ذلك الشرب والطهي والصرف الصحي، في واحد من أكثر بلدان العالم معاناة من ندرة المياه، بحسب الأمم المتحدة.
من هذا المنطلق رأت "هيومن رايتس ووتش" أن "على الجانبين، بالتشاور مع قادة المجتمع والمجتمع المدني المحلي، اتخاذ إجراءات فورية للسماح للمؤسسة المحلية للمياه والصرف الصحي في تعز والمنظمات غير الحكومية بالوصول إلى البنية التحتية للمياه على الخطوط الأمامية للنزاع وفي الأراضي التي يسيطر عليها الحوثيون، وإصلاحها وتشغيلها".
وأشارت المنظمة إلى أن تعز، وهي محافظة في جنوب غرب اليمن تقع على خطوط النزاع الأمامية منذ فترة طويلة، عانت تاريخيا لتوفير المياه الكافية لسكانها، غير أن نسبة الحصول على مياه مأمونة وكافية فيها قد انخفضت بشكل كبير خلال الحرب.
ذلك أن العديد من مصادر المياه والمرافق والخدمات المتعلقة بالمياه التي كان سكان تعز يعتمدون عليها سابقا أصبحت معطلة وغير صالحة للتشغيل، بسبب الأضرار الناجمة عن الحرب، أو مشاكل التملح، أو الانقطاع المستمر للكهرباء بسبب نقص الوقود الذي يتسبب في توقف مضخات المياه عن العمل.
وأوضح تقرير المنظمة أن 21 بئرا فقط ما تزال تعمل، من أصل 88 بئرا مرتبطة بشبكة إمدادات المياه العامة في تعز. ويعتمد السكان على المياه المحدودة للغاية التي لا تزال تدخل إلى شبكة المياه العامة، وتجميع مياه الأمطار، والمياه التي توفرها المنظمات غير الحكومية، و/ أو المياه التي يشترونها من شاحنات المياه أو من الآبار الخاصة.
وأضاف أن أربعة من أصل خمسة أحواض مائية في تعز تقع تحت سيطرة الحوثيين أو على الخطوط الأمامية للصراع، مما يجعل الوصول إليها غير ممكن لهيئة مياه تعز. لكن غالبية السكان يعيشون في مدينة تعز، عاصمة المحافظة، الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية.
وقد منع الحوثيون تدفق المياه من الحوضي الخاضعين كليا لسيطرتهم إلى مدينة تعز التي تسيطر عليها الحكومة، رغم معرفتهم بأن سكان مدينة تعز يعتمدون على المياه من هذين الحوضين. 
وواصل الحوثيون أيضا منع وتقييد الوصول إلى المياه كجزء من حصارهم للمدينة، مما أعاق دخول شاحنات المياه، التي يعتمد عليها الناس غير المتصلين بشبكة المياه العامة في تعز منذ فترة طويلة.
وكانت القوات العسكرية التابعة للحكومة اليمنية سيطرت، في وقت سابق من الحرب، على عدة آبار في الحوض الوحيد لمدينة تعز، لكنها باعت إمدادات المياه العامة للسكان لتحقيق مكاسب مادية.
ومن جانبها شنت قوات التحالف بقيادة السعودية والإمارات، التي تدخّلت إلى جانب الحكومة المعترف بها أثناء النزاع اليمني، غارات جوية على البنية التحتية للمياه، بما في ذلك خزانات المياه ومحطات الضخ وخطوط الأنابيب وغيرها من البنية التحتية الحيوية في جميع أنحاء البلاد، بما في ذلك في تعز.
ويعاني السكان من ارتفاع كلفة الحصول على المياه بالصهاريج والشاحنات الخاصة، أما تبرعات المياه من المنظمات غير الحكومية فلا تلبي سوى جزء صغير من احتياجات السكان.
هذا النقص في مياه الشرب المأمونة والكافية ونقص الصرف الصحي المناسب ساهم في انتشار الأمراض المنقولة بالمياه، مثل تفشي وباء الكوليرا عام 2017 في تعز والذي أودى بحياة أكثر من ألفي شخص.
و دعت "هيومن رايتس ووتش" جميع الأطراف المتحاربة إلى اتخاذ خطوات فورية لتحسين الوصول إلى المياه في تعز، بما في ذلك التنسيق، عند الضرورة، لتلبية احتياجات جميع السكان من المياه على المدى القصير والطويل. كما دعت المسؤولين المحليين أيضا إلى التنسيق مع المجتمع المدني وخبراء المياه لوضع خطة لتطوير ممارسات الإدارةالمستدامة للمياه.
كما طالبت المنظمة الحقوقية الدولية أطراف النزاع أيضا بتقديم تعويضات للسكان الذين تضرروا بشكل مباشر من الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان، بما في ذلك الأضرار المتعلقة بالحصول على المياه.
كما دعت إلى تعاون الأطراف المتحاربة فورا من أجل دعم وإصلاح البنية التحتية للمياه المتضررة وغير الصالحة.


التعليقات