حذر الرئيس رشاد العليمي، من المخاطر المتزايدة للتغيرات المناخية على الدول النامية والاقل نموا، مع تباطؤ الجهود العالمية في التعامل مع تداعياتها الكارثية، وفي المقدمة الالتزامات المرتبطة بالحفاظ على الاحترار العالمي عند 1.5 درجة مئوية.
وأعرب الرئيس عن تطلع الجمهورية اليمنية الى احراز تقدم حقيقي في الجهود الجماعية لمواجهة المتغيرات المناخية، والمخاطر المتسارعة التي تتهدد حاضر، ومستقبل كوكب الارض.
وقال الرئيس في كلمة اليمن امام مؤتمر المناخ (كوب28) الذي انطلقت اعماله بدبي أمس الخميس بمشاركة قادة دول ورؤساء حكومات ووفود تمثل نحو 200 دولة، ان الاهداف التي يلتقي حولها قادة العالم كل عام، تضعهم امام مسؤوليات ثقيلة، والتزامات حاسمة يجب الوفاء بها لحماية كوكبنا، في ظل تزايد مخاطر التغيرات المناخية مع كل ارتفاع جديد في درجات الحرارة التي وصلت ذروتها القياسية هذا العام.
اضاف "ها نحن اليوم نجتمع في رحاب مدينة دبي بدولة الامارات، على امل ان نرى تقدما حقيقيا في الجهود الجماعية لخفض الانبعاثات، وبناء القدرة على التكيف، وتعزيز تمويل برامج المناخ، وخصوصا ذلك الموجه إلى دولنا الاقل نموا التي تزداد خسائرها عاما بعد اخر".
واوضح الرئيس انه "على الرغم من التقدم المحرز، هناك الكثير مما يجب فعله للحد من التغيرات المناخية، او التكيف معها، والتخفيف من اثارها، حيث تتأخر الجهود في الحفاظ على الاحترار العالمي عند 1.5 درجة مئوية، كما ان الدول النامية والاقل نموا، ماتزال تدفع الثمن الاكبر لهذا التباطؤ في التنفيذ.
واستعرض الرئيس في هذا السياق التأثيرات المدمرة للتغيرات المناخية في اليمن "التي صارت موعدا سنويا للمعاناة، في ظل تشعب الجبهات التي تعمل عليها الدولة من الوفاء بالالتزامات الحتمية للمواطنين، الى الدفاع عن الكرامة والحرية ضد مشاريع المليشيات الحوثية والمنظمات الإرهابية المتخادمة معها، التي كان اخرها عمليات القرصنة المنظمة، والسطو المسلح على السفن التجارية في المياه الإقليمية، والدولية".
وقال "في الشهر الماضي، شاركنا اهلنا في محافظات المهرة، وسقطرى وحضرموت اياما عصيبة في قلب أسوأ عاصفة مدارية يشهدها بلدنا المنكوب بحرب المليشيات الحوثية المدعومة من النظام الايراني".
وتابع " هذا يعني اننا لسنا أفضل من العام الماضي، وفيما يبدو لن نكون أفضل في الأعوام المقبلة، اذا استمرت استجابتنا للمتغيرات المناخية على هذا النحو من الإجراءات المحدودة، وغير القائمة على العدالة، والانصاف، والمسؤوليات المشتركة".
واشار الى ان إعصار "تيج" جعل مدنا بأكملها معزولة عن محيطها، وتسبب بأضرار جسيمة في الخدمات الأساسية، كما جرفت الفيضانات حيازات زراعية واسعة، "واحالتها الى كومة من الأحجار، والرمال التي طمرت في طريقها كل شيء، بما فيها ابار المياه، وخطوط الشبكة الكهربائية، والاتصالات، ودفعت مؤقتا بآلاف السكان بعيدا عن منازلهم ليضافون الى ملايين المشردين من بطش المليشيات الحوثية الإرهابية على مدى السنوات العشر الماضية".
واشار الرئيس العليمي الى ان الحكومة اليمنية، وقفت وحيدة في مواجهة اعباء هذه الكارثة، قائلا " لم يكن لديها الشيء الكثير لتقدمه لإعادة اصلاح الطرق المدمرة، وجبر ضرر الناس، ومساعدتهم على التكيف مع المتغيرات المناخية ".
ولفت الى التحديات الامنية والاقتصادية والسياسية بالغة الصعوبة التي يواجهها اليمن، جراء الحرب المستمرة التي ترفض المليشيات الحوثية كل المبادرات لوقفها، وانهاء المعاناة الانسانية الاسوأ في العالم، موضحا بان ذلك يجعل الجهد الوطني في التصدي لمخاطر التغير المناخي أمر في غاية التعقيد، ويتطلب أعباء إضافية تفوق القدرات الشحيحة في الاصل للمؤسسات الحكومية.
واكد اهمية العمل بتوصيات الدورة السابقة من مؤتمر المناخ، التي تشدد على ضرورة أن تشعر كافة الدول النامية، خصوصا تلك الغارقة في النزاعات المسلحة، أن أولوياتها يتم التجاوب معها، وان ظروفها الاستثنائية مأخوذة بعين الاعتبار، وأنها تتحمل مسئولياتها بقدر إمكانياتها، وبقدر ما تحصل عليه من دعم وتمويل مناسبين.
واشار الى المبادرات اليمنية الايجابية للتخفيف من الانبعاثات الغازية، بما في ذلك الجهد المجتمعي الواسع للتحول نحو الطاقة الشمسية التي قد تصل قدرتها التراكمية الى حوالى 400 ميجاوات على مستوى البلاد، متعهدا بتشجيع هذا الجهد، والبناء عليه، وجعله اكثر امانا واستدامة.
وأعرب عن الاعتزاز والتقدير لمساهمات الاشقاء في دولة الامارات العربية المتحدة بدعم مشاريع الطاقة المتجددة التي دخلت الحزمة الاولى منها في مدينة عدن بقدرة 120 ميجاوات، على امل زيادة هذه المشاريع الى خمسمائة ميجاوات مستقبلا.
واختتم كلمته بالتشديد على مبدأ "الوحدة من اجل التنفيذ" الذي اختارته هذه الدورة شعارا لها، قائلا ان ذلك هو ما نحتاجه الان للوفاء بالتزاماتنا الوطنية، والدولية.
وتابع: "والأهم من ذلك بالنسبة لنا ايها القادة، هو تحلي مفاوضيكم بالمرونة والتعاطي المسؤول والجاد مع احتياجات بلداننا النامية والاقل نموا التي تتحمل العبء الاكبر للانبعاثات، وتتخلف عن ركب الجهود الجماعية للتخفيف منها، والتنبؤ بها، او التكيف معها".
اضاف: "هذه هي الفرصة السانحة امامكم لتكونوا القادة الذين أسهموا بالفعل في انقاذ الكوكب، وحمايته لأجيال عديدة قادمة".