اليمن: الصحة النفسية في يومها العالمي..لماذا لا يزال اليمنيون يتخوفون من العلاج النفسي؟
يمن فيوتشر - سمية الصريمي: الثلاثاء, 10 أكتوبر, 2023 - 10:35 مساءً
اليمن: الصحة النفسية في يومها العالمي..لماذا لا يزال اليمنيون يتخوفون من العلاج النفسي؟

قد تكون منظمة الصحة العالمية على درجة كبيرة من الصواب حين اختارت هذا العام "الصحة النفسية حق عالمي من حقوق الانسان"، شعارا لليوم العالمي للصحة النفسية، الذي يوافق 10 أكتوبر.
يأتي هذا في الوقت الذي لا يزال يحرم فيه المريض النفسي في اليمن من ابسط حقوقه، ويحاط بوصمة اجتماعية يترتب عليها نبذه وإساءة معاملته وحرمانه من ممارسة حياته بشكل طبيعي، فضلا عن حرمانه من الاعتراف بالمرض لمواجهته.
 "يمن فيوتشر" ناقش مع عضو الجمعية اليمنية للطب النفسي الدكتورة فاطمة عدلان، كيفية تعزيز حقوق المريض النفسي ورفع الوعي بهذا الحق لدى المجتمع.


•إنكار المرض
تقول عدلان وهي طبيبة نفسية في مستشفى الأمل للأمراض النفسية والعصبية، ان العديد من الاسر  تخشى ان يخضع أحد افرادها للعلاج النفسي، كي لا يقال عليه انه مريض نفسي، لذا يتم تجاهل الاعراض او سلك طريق غالبا ما تكون غير موفقة للعلاج بمعزل عن الاستشارات النفسية.
 "لا يزال هناك صعوبة في تقبل فكرة العلاج النفسي، لذلك يلجأ المريض الى المشعوذين بصورة أولية قبل أن يلجأ الى الطبيب النفسي، فيدور من مشعوذ الى اخر تحت مبرر ان الاعراض التي يعاني منها هي سحر اسود او مس شيطاني"، توضح الطبيبة النفسية فاطمة عدلان.
تضيف "بحكم ان هذه الفكرة موجودة ومتغلغلة في المجتمع، فيتم علاج المريض على هذا الأساس"
وتؤكد بأن هناك عدم تقبل واضح من الناس بفكرة ان هذه الاعراض هي اضطرابات نفسية، او خلل منشأه نفسي، ويتطلب علاج عند طبيب نفسي مختص بهذه الحالات".
 وترى بانه بعد جر المريض من قارئ الى اخر وعدم حصوله على الفائدة المرجوة، يعود المريض بأدراجه الى الطب النفسي لأنه لم يجد مخرج اخر

 
•وصمة
لكن الامر لا يتوقف عند هذا الحد، اذ تشير عدلان الى ان المجتمع غالبا لا يتسامح مع المريض النفسي حتى بعد تماثله للشفاء، حيث تظل تحيط به هالة مجتمعية قاتمة كما لو انه ارتكب عيبا او جرما، كما ان النساء أكثر تضررا في هذا الجانب من الرجال: "المرأة تصاب او تعاني من الاضطرابات النفسية مثل الاكتئاب، الهوس، الفصام وغيرها من الامراض.
ووحسب عدلان فان "النظرة المجتمعية القاصرة تجاه المصابات بالاضطرابات النفسية،  كثيرا ما تؤثر على حياتهن سلبا دراسيا وعمليا وأسريا، وحتى في ما يخص الزواج، فما دامت فكرة المرض النفسي بهذه القتامة في عقول الناس، فمن الذي سيرضى ان يتزوج بامرأة او فتاة، كانت تتعالج في مصحة نفسية، او تتعاطى علاجات نفسية".
واعتبرت ان هذا يعد من الظلم البين والقصور الفكري في الخلفية العلمية لمثل هذه الاضطرابات، ما يتوجب علينا اليوم هو توعية المجتمع، بأهمية الصحة النفسية والتصالح مع المريض النفسي ودمجه في المجتمع.

 
•مخاوف مجتمعية
وتذهب الى ان هناك ثمة عدد من الأسباب التي تجعل الناس يتخوفون من المريض النفسي والتعامل معه بحذر، من بينها الصورة الإعلامية للمريض النفسي في الدراما، اذ تظهر الدراما المريض النفسي عصبيا ويشك بمن حوله كما يتصف بالخداع والنفاق، وهو ما توصلت اليه دراسة بحثية اجراها عدد من الباحثين المصريين موسومة بعنوان: الصورة الإعلامية للمريض النفسي في المسلسلات التلفزيونية المصرية.
وتعقب الدكتورة عدلان من جانبها، ان من ضمن الأسباب التي تجعل المجتمع يخاف وينبذ المريض النفسي، هي جهل الناس بالمرض النفسي: "بعض الاضطرابات تكون اعراضها شديدة فمثلا مريض ثنائي القطب يمر بنوبة هوس يصل فيها المريض الى الذروة الجنسية او وجود بعض التصرفات الجنسية غير المقبولة شرعا او عرفا وذلك ضمن اطار اعراض المرض النفسي المتعارف عليها عند الطب النفسي مما يدخل المريض في مشاكل اجتماعية واسرية تنتهي بنبذه ووصفه بصفات غير لائقة ومعاملته بطريقة سيئة، قد تصل لدرجة التبري منه او رميه في أي مصحة او دار رعاية".
وتتساءل الدكتورة ان الأهالي لو كلفوا أنفسهم بالبحث قليلا لوجدوا ان هذه الاعراض لاضطرابات نفسية معروفة وتوجد لها علاجات معتمدة ودرجات تحسن مقبولة جدا تصل الى حد التعافي التام.

 

•الدعم أول العلاج
قد يصاب أي انسان باي مرض نفسي إذا ما توفرت العوامل المحدثة لذلك وتلازمت لتكون مرضا نفسيا يختلف في اعراضه وشدته من شخص لأخر، وما يحتاج اليه المريض في هذه الحالة: "اخذ الرعاية النفسية اللازمة وعدم طمر الرأس في التراب، فالمرض النفسي مثل أي مرض له اعراض وله علاج نافع يخفف من معاناة المريض، مع التشديد بضرورة توفر الدعم النفسي من قبل الاهل، وهي ضرورة لابد منها في رحلة العلاج".
وتلاحظ الدكتورة عدلان "ان هناك اسر تحظى بمستوى علمي وثقافي كافي وهناك اسر رغم بساطتها الا انها تقدم دعما نفسيا مناسبا للمريض وتدفعه للعلاج حتى يصل الى مرحلة الشفاء، وعلى الجانب الاخر، هناك اسر لا تتقبل فكرة المرض النفسي وتتصرف أحيانا مع المريض النفسي تصرفات نصفها بالبشعة".
وتؤكد الدكتورة ان المريض النفسي بإمكانه ان يكون فردا منتجا في المجتمع وبإمكانه ان يكون صالحا إذا تعالج العلاج الصحيح وكانت الاسرة داعمة له والمجتمع متقبلا له ولا ينظر له نظرة قاصرة من شان وضعه الصحي ان يتردى معها او يصل الى الانتحار في اسوا الأحوال.


التعليقات