يستعد وفد من جماعة الحوثيين الذين يسيطرون على العاصمة صنعاء ومناطق أخرى في اليمن، للقيام بزيارة نادرة إلى السعودية الداعمة للحكومة، في خطوة تهدف لدفع عجلة الحل السياسي قدما، حسبما أفادت مصادر دبلوماسية وسياسية الخميس.
وتأتي هذه الزيارة العلنية الاولى لوفد من الحوثيين إلى المملكة منذ أن اطلقت الرياض حملة عسكرية على رأس تحالف لوقف تقدم الجماعة المتحالفة مع إيران في البلد الفقير في 2015، بعد نحو خمسة أشهر على زيارة وفد سعودي إلى صنعاء.
واليمن غارق في نزاع مسلح على السلطة بين الحوثيين والحكومة منذ منتصف العام 2014، تسبّب بمقتل وإصابة مئات الآلاف، وبأسوأ أزمة إنسانية في العالم بحسب تقديرات الامم المتحدة.
وقال مسؤول في الحكومة اليمنية مطّلع على فحوى المحادثات بين السعودية والحوثيين لوكالة فرانس برس "هناك تحضيرات لتحرك وفد حوثي الى الرياض خلال الساعات ال72 المقبلة".
وأضاف أنّ الغاية من الزيارة "عقد جولة مفاوضات مع السعودية والتوصل لاتفاق نهائي بشأن تفاصيل الملفين الانساني والاقتصادي".
وتابع أنّ المحادثات تتركّز على مسألة تسديد رواتب موظفي حكومة الحوثيين غير المعترف بها دوليا عن طريق السلطة، وهي نقطة شائكة، وتدشين وجهات جديدة من مطار صنعاء الذي ظل مغلقا لسنوات قبل أن يسمح التحالف العام الماضي بفتح أجوائه للطائرات إلى الاردن ومصر.
وأكّد دبلوماسي غربي في اليمن زيارة الوفد الحوثي إلى السعودية، قائلا انّها قد تتم "اليوم" الخميس أو خلال اليومين المقبلين.
ولم يرد مسؤولون سعوديون فورا على أسئلة وكالة فرانس برس حيال الزيارة.
من جهته، كتب عضو "المكتب السياسي" علي القحوم، أعلى سلطة سياسية لدى الحوثيين، على منصة "اكس" (تويتر سابقا) ان الوفد الحوثي سيغادر صنعاء "على متن طائرة عمانية إلى المملكة العربية السعودية لاستكمال اللقاءات السابقة التي تمت في مسقط لأكثر من مرة مع الوفد السعودي".
وأضاف "التفاؤل قائم ولا يزال في نجاح الوساطة والجهود العمانية لتحقيق السلام في اليمن".
وتؤدي عمان دور الوسيط في النزاع. وأفادت وكالة الأنباء "سبأ" المتحدّثة باسم سلطات العاصمة اليمنية مساء الخميس بوصول وفد عماني إلى صنعاء يرافقهم المتحدث الرسمي باسم الحوثيين محمد عبد السلام المقيم في السلطنة.
ويشار إلى أنّ ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان قام بزيارة إلى سلطنة عُمان قبل أيام.
•أزمة انسانية متفاقمة
أنعشت زيارة الوفد السعودي إلى صنعاء في نيسان/أبريل، والتقارب الأخير بين الرياض وطهران، الآمال بالتوصل إلى حل سياسي للنزاع الدامي في أفقر دول شبه الجزيرة العربية.
وقال رئيس مركز صنعاء للدراسات الإستراتيجية ماجد المذحجي لفرانس برس ان زيارة الوفد الحوثي للسعودية "أشبه بنقل العلاقة بين الحوثيين والسعودية من الغرف الخلفية إلى صالة المنزل، أي شرعنة هذه العلاقة ومنحها دفعا إضافيا".
وتابع "على الصعيد السياسي، هي خطوة متقدمة لإنهاء الدور المباشر للسعودية في اليمن وإقرار الحوثيين بدورها كوسيط" إلى جانب كونها أحد اطراف النزاع.
وقد تراجعت حدة القتال في اليمن بشكل ملحوظ بعد وقف إطلاق النار الذي توسّطت فيه الأمم المتحدة ودخل حيّز التنفيذ في نيسان/أبريل 2022، ولا يزال قائما إلى حد كبير حتى بعد انتهاء مفاعيل الاتفاق في تشرين الأول/اكتوبر 2022.
لكن الأزمة الإنسانية في البلد الفقير لا تزال تتفاقم، مع تراجع المساعدات الانسانية بسبب نقص التمويل.
والخميس، طالبت 98 جهة دولية ومحلية بينها منظمات تابعة للامم المتحدة في بيان بزيادة التمويل لمواصلة مساعدة "أكثر من 21,6 مليون شخص، أي 75 بالمئة من سكان اليمن".
وأشارت هذه الجهات إلى أنّ "17 مليون شخص يعانون انعدام الأمن الغذائي" في اليمن، وهذا العدد يشمل 6,1 ملايين شخص دخلوا بالفعل "مرحلة خطيرة في نقص الغذاء وسوء التغذية الحاد".
رغم حجم هذه الاحتياجات الإنسانية، فإنّه بحلول آب/أغسطس 2023، لم تتلق خطة الاستجابة الإنسانية سوى "31,2 بالمئة من إجمالي الاحتياجات البالغة 4,34 مليارات دولار" للعام 2023، مما أدى إلى "تخفيضات جذرية ومثيرة للقلق في المساعدات"، وفقا للبيان.
إلى جانب ذلك، حذّرت اللجنة الدولية للصليب الأحمر مؤخّرا من أن اليمن بات يعاني أحد أعلى معدلات التلوث بالألغام وغيرها من المتفجرات من مخلفات الحرب في العالم، بعد تسع سنوات من بدء النزاع في البلاد.
وقال مدير عمليات الشرق الأوسط في اللجنة فابريزيو كاربوني في مقابلة مع وكالة فرانس برس، إن أفقر دول شبه الجزيرة العربية أصبحت من بين أكثر ثلاث دول تضررا بالمتفجرات.
وحذّر من أن انتشار المتفجرات "كبير للغاية، لدرجة أنه من غير الممكن إزالة" كل الألغام ومخلّفات الحرب في حال انتهى الصراع اليوم.