دانت الجامعة البهائية العالمية بالأمم المتحدة خطبة وصفتها بأنها "مليئة بالتضليل والكراهية" لمفتي جماعة الحوثيين باليمن، شمس الدين شرف الدين، هاجم فيها الطائفة البهائية في اليمن.
وقالت الجامعة في بيان، الجمعة، إن المفتي خصص خطبة في 2 من يونيو الجاري، استمرت لأكثر من ساعة، ضد البهائيين في اليمن.
وجاءت الخطبة التي لم تقتصر على المسجد، بل نشرت أيضا على شبكة الإنترنت، مما زاد من تأثيرها، بحسب البيان، بعد اقتحام مسلحين وملثمين تجمعا بهائيا سلميا، في 25 مايو.
وفي مايو الماضي، اقتحمت قوات من جماعة الحوثيين مسكنا خاصا في العاصمة، صنعاء، تجمع فيه بهائيون يمنيون لانتخاب الهيئة الإدارية الوطنية للطائفة البهائية اليمنية، وفقا للطائفة البهائية العالمية، التي تمثل أعضاء الديانة في جميع أنحاء العالم.
واعتقلت القوات 17 بهائيا يمنيا من بينهم خمس نساء، واقتيدوا إلى أماكن مجهولة تديرها أجهزة أمن الحوثيين، وفيما أطلق سراح شخص واحد، عبرت الجامعة البهائية عن خشيتها من تعرض المعتقلين لسوء المعاملة.
وأكد مفتي الجماعة اعتقال 17 بهائيا من قبل الأجهزة الأمنية، واتهم الطائفة البهائية بأنها مدعومة من قوى أجنبية، وزعم أنها تتآمر لإلحاق الأذى بالبلاد.
وقالت باني دوجال، الممثلة الرئيسية للطائفة البهائية الدولية لدى الأمم المتحدة، إن سلطات الحوثيين تؤجج حالة انعدام الأمن والاستقرار في اليمن.
وأضافت "نعلم من التاريخ أن خطاب الكراهية هو الخطوة الأولى عندما يرغب من هم في السلطة في التحريض على العنف ضد الأقليات المعرضة للخطر".
وقالت دوغال إن "مزاعم الحوثيين تعكس نفس الاتهامات الواهية، التي وجهت على مدى السنوات الـ44 الماضية في إيران، التي لم يعد أحد يصدقها".
وفي العام الماضي، أفادت منظمة غير حكومية أن السلطات الإيرانية هدمت ستة منازل يملكها أشخاص يعتنقون الديانة البهائية في تصعيد لحملة القمع التي تطال أكبر أقلية دينية غير مسلمة في البلاد.
وأضافت المسؤولة البهائية "بينما تسعى الحكومات في جميع أنحاء المنطقة العربية إلى السلام، وتتطلع إلى المستقبل، يواصل الحوثيون انتهاك حقوق البهائيين، وكثيرين غيرهم في اليمن، ومن خلال تحريض شعوبهم ضد الأقليات، فإنهم يدفعونهم إلى العودة إلى الماضي وإلى الحضيض".
وقال المفتي الحوثي في خطبته إن الدين البهائي ينتشر من خلال "الدعم السخي من بريطانيا وأميركا واليهود"، واتهم أتباع الديانة أنهم "يشكلون خطرا ويضللون الناس سرا ويفسدون الشباب والشابات".
وقالت الجامعة البهائية إن المجتمع الدولي عليه مضاعفة ضغطه حتى يتم إطلاق سراح جميع البهائيين المحتجزين.
وتعود جذور هذه الديانة إلى القرن التاسع عشر في إيران وهي تدعو إلى الوحدة بين كل الشعوب والمساواة. ويؤمن أتباعها بتعاليم بهاء الله، المولود في إيران عام 1817، ويعتبرونه أحد أنبياء الله وآخرهم. ويعد أتباعها بالملايين في العالم، ويقدر عددهم في إيران بنحو 300 ألف.
معلومات "مضللة"
وحاولت الجامعة تصحيح بعض المعلومات "المضللة" التي ذكرت في خطبة المفتي الحوثي، وذكرت أن تواجد المركز العالمي للدين البهائي في مدينتي حيفا وعكا بإسرائيل، "هو نتيجة للظلم وعمليات النفي المتتالية التي تعرض لها" مؤسس الدين البهائي، في منتصف القرن التاسع عشر كسجين منفي على يد الحكومتين، الفارسية والعثمانية.
وأشارت الجامعة إلى أن بهاء الله "نفي.. من موطنه إلى بغداد فالقسطنطينية ثم أدرنة ليصل أخيرا كسجين إلى قلعة السجن بعكا، في عام 1868، حيث بقي هناك إلى أن توفي، وذلك قبل حوالي 80 عاما من تأسيس دولة إسرائيل".
وأكدت أن تواجد المركز البهائي العالمي في حيفا وعكا "لم ينتج عنه أي معاملة تفضيلية للبهائيين أو لدينهم. ولن يكون هناك على الإطلاق للبهائيين أي انحياز أو ارتباط بأي كيان أو نشاط سياسي سواء في إسرائيل أو أي دولة أخرى، بخلاف الواجب البديهي للأفراد والمجتمعات في الانصياع لقوانين البلدان التي يعيشون فيها".
وشددت على أن "الاتهام الموجه إلى البهائيين بـ "التجسس" تم اختلاقها واستخدامها كذريعة لاضطهاد البهائيين من قبل السلطات في إيران من أكثر من 75 عاما".
وأشارت إلى أن الدين البهائي تعرض "في منتصف القرن التاسع عشر لهجوم من قبل رجال الدين الإيرانيين لأسباب طائفية. ولكن مع ظهور القومية الإيرانية في أوائل الثلاثينيات من القرن الماضي، حاول المتطرفون المعادون للدين البهائي تشويهها باختلاق مزاعم كاذبة تدعي بأنها حركة سياسية تهدف إلى إضعاف الإسلام في الوقت الذي كانت تلك الجهات نفسها تتحالف مع قوى أجنبية يُنظر إليها على أنها تتعارض مع المصالح الإقليمية".
وأضافت أن البهائيين اتهموا في إيران "بأنهم أدوات للإمبريالية الروسية والاستعمار البريطاني والتوسع الأميركي والصهيونية".
واستدلت الجامعة على "مذكرة إيرانية سرية صدرت عام 1991، والتي وقعها المرشد الأعلى، آية الله علي خامنئي، على سياسة تصدير اضطهاد البهائيين خارج حدود إيران وفي مناطق نفوذها".
وأكدت أنه في 2 يناير من عام 2018، أصدرت محكمة حوثية حكما بحق حامد بن حيدرة بالإعدام، "وهو يمني بهائي قبض عليه لأول مرة، في عام 2013، وتعرض لاحقا للاحتجاز المطول وسوء المعاملة والتعذيب الشديد من قبل سلطات الحوثيين"، مشيرة إلى أن "حكم الإعدام هذا صدر نتيجة تأثير مباشر من الحكومة الإيرانية".
وذكرت أن "خروج بن حيدرة وخمسة سجناء آخرين من البهائيين من سجون الحوثيين، بعد ضغوط دولية متواصلة، لم يكن إطلاق سراح حقيقي، بل تم نفيهم قسرا من السجن مباشرة إلى خارج وطنهم من قبل سلطات الحوثي".
واختتمت الجامعة البهائية بيانها بالقول: "لقد اتهم البهائيون في عدة مناسبات من قبل السلطات الدينية والسياسية، الحوثية والإيرانية، بارتكاب مجموعة من التجاوزات الأخلاقية والمالية الفاضحة. إلا أنه لم يتم تقديم أي دليل على الإطلاق لإثبات مثل هذه الادعاءات الخطيرة".
وأضافت "وقد لاحظ العديد من مسؤولي حقوق الإنسان أن شيطنة الأقليات المعرضة للخطر وتحويلهم لمجرد مجموعة من (الآخرين والمنبوذين) هو جزء أساسي من سياسة نشر المعلومات المضللة والكاذبة بهدف تحريض المجتمعات التي طالما كانت متجانسة مع مكوناتها وتأجيجها ضد الأقليات".