تونس: قوات الأمن توقف رئيس حركة النهضة المعارضة راشد الغنوشي
يمن فيوتشر - فرانس برس الثلاثاء, 18 أبريل, 2023 - 04:21 مساءً
تونس: قوات الأمن توقف رئيس حركة النهضة المعارضة راشد الغنوشي

[ AFP ]

أعلنت حركة النهضة التونسية المعارضة أنّ رئيسها راشد الغنوشي أوقف مساء الإثنين على أيدي وحدة أمنية دهمت منزله في العاصمة واقتادته إلى "جهة غير معلومة"، معتبرة ما جرى "تطوّراً خطيراً جدّاً".
والغنوشي من أبرز المعارضين للرئيس قيس سعيّد الذي يحتكر السلطات في البلاد منذ العام 2021. وكان زعيم النهضة رئيساً للبرلمان الذي حلّه سعيّد في 2022.
وقال الحزب في بيان على صفحته في موقع فيسبوك إنّ "فرقة أمنية قامت مساء اليوم الإثنين بمداهمة منزل الأستاذ راشد الغنوشي، رئيس حركة النهضة، واقتياده إلى جهة غير معلومة دون احترام لأبسط الإجراءات القانونية".
ولم تعلّق السلطات القضائية في تونس على أسباب هذا التوقيف الذي يأتي غداة تصريحات قال فيها الغنوشي إنّ "هناك إعاقة فكرية وإيديولوجية في تونس تؤسّس للحرب الأهلية".
وأضاف "لا تصوّر لتونس بدون طرف أو ذاك، تونس بدون نهضة، تونس بدون إسلام سياسي، تونس بدون يسار، أو أي مكوّن، هي مشروع لحرب أهلية، هذا إجرام في الحقيقة".
وأفاد مصور فرانس برس ان عناصر من الأمن كانوا متواجدين أمام منزل الغنوشي مساء الاثنين.

- "تصريحات تحريضية" -
ونقلت وسائل اعلام محلية عن مصدر من وزارة الداخلية لم تكشف عن هويته أن قرار التوقيف "إثر صدور مذكرة إيقاف من النيابة العمومية بالقطب القضائي لمكافحة الإرهاب" وأنه "سيبقى على ذمة الأبحاث في قضية تتعلق بتصريحات تحريضية كان أدلى بها".
ووصفت النهضة في بيانها توقيف زعيمها بأنه "تطوّر خطير جداً"، مطالبة "بإطلاق سراح الأستاذ راشد الغنوشي فوراً، والكفّ عن استباحة النشطاء السياسيين المعارضين".
ودعت الحركة إلى "الوقوف صفّاً واحداً في وجه هذه الممارسات القمعية المنتهكة للحقوق والحريات ولأعراض السياسيين المعارضين".
وأعلن القيادي بالحزب المنذر الونيسي في مؤتمر صحافي اثر التوقيف ان "فرقة أمنية كبيرة من الحرس (الشرطة) اقتادته إلى منطقة العوينة (ثكنة أمنية) وتم تمنع المحامين من الدخول لحضور التحقيق معه".
ومثُل الغنوشي (81 عاماً) مراراً أمام القطب القضائي لمكافحة الارهاب في إطار تحقيقات معه في قضايا عدة تتعلق بالإرهاب والفساد.
- "انتقام عشوائي" -
وحركة النهضة تنتمي للائتلاف المعارض "جبهة الخلاص الوطني" التي تضمّ أحزاباً أخرى تعارض سعيّد وتعتبر ما يقوم به "انقلاباً على الثورة ودستور 2014".
وقال أحمد نجيب الشابّي رئيس الجبهة لفرانس برس إثر توقيف الغنوشي إنّ "ما يجري الآن مرحلة جديدة من الأزمة السياسية من خلال توقيف رئيس أهمّ حزب سياسي في البلاد والذي تمسّك بالعمل السلمي السياسي".
وأضاف الشابّي "هذا يؤكد أنّه لا يوجد منطق سياسي في البلاد" وأنّ هناك "انتقاماً عشوائياً من المعارضين السياسيين" من قبل السلطة الحالية.
وفي تعليقه على تصريحات الغنوشي الأحد، أكّد الشابّي أنّ ذلك "تعبير عن رأي سياسي ولا يمكن محاكمة الرأي".
وعاد الغنوشي الذي كان معارضا شرسا لنظامي كل من الرئيس الحبيب بورقيبة وزين العابدين بن علي، إلى تونس من لندن بعد عشرين عاما من المنفى، واستقبله في العام 2011 الآلاف من أنصار حزبه ورددوا "أقبل البدر علينا".
بعد عودته، عمل الغنوشي الذي اعتبر لفترة طويلة متشددا مقربا من جماعة الإخوان المسلمين المصرية، على محو كل أثر للتطرف الإسلامي في خطابه، وأصبح يقدّم نفسه على أنه معتدل وقاد حركة النهضة في مختلف الفترات التي شارك فيها في الحكم في إطار سياسة توافق مع أحزاب أخرى.
ودعمت حركة النهضة سعيّد في الانتخابات الرئاسية التي جرت في 2019 وفاز فيها بغالبية.
بدورها نشرت ابنة الغنوشي يسرى تغريدة على صفحتها في تويتر قالت فيها "كان بإمكان أمن سعيّد إيقاف والدي خلال الاستنطاقات العديدة التي حضرها خلال العام الماضي لتهم ملفّقة تثير السخرية، لكنّه اختار اعتقاله بعد مداهمة منزله بعد أذان المغرب في ليلة السابع والعشرين من رمضان".
وفي تشرين الثاني/نوفمبر 2022، مثُل الغنوشي أمام قاضي التحقيق المتخصّص بقضايا الإرهاب لاستجوابه في قضية تتعلّق بتهم "تسفير جهاديين" من تونس إلى سوريا والعراق.
واستُدعي الغنوشي أيضًا في 19 تموز/يوليو الفائت للتحقيق معه في قضية تتعلق بتبييض أموال وفساد، في تهم نفاها حزب النهضة.
ومنذ بداية شباط/فبراير، أوقف ما لا يقلّ عن عشر شخصيات معظمهم من المعارضين المنتمين الى حزب النهضة وحلفائه، بالإضافة إلى نور الدين بوطار وهو مدير محطة إذاعية خاصة كبيرة ورجل أعمال نافذ.
ووصف الرئيس سعيّد الموقوفين بـ"الإرهابيين" واتّهمهم "بالتآمر على أمن الدولة الداخلي والخارجي".
واعتبرت "منظمة العفو الدولية" الحقوقية غير الحكومية أنّ حملة الاعتقالات هذه هي "محاولة متعمّدة للتضييق على المعارضة ولا سيّما الانتقادات الموجّهة للرئيس" وحضّت سعيّد على "وقف هذه الحملة التي لها اعتبارات سياسية".
ويسعى سعيّد إلى استكمال مشروعه السياسي القائم على نظام رئاسي معزّز ووضع حدّ للنظام البرلماني الذي أُقرّ إثر ثورة 2011 التي أطاحت نظام بن علي ووضعت البلاد على طريق انتقال ديموقراطي فريد في المنطقة.
ومنذ 25 تمّوز/يوليو 2021 استأثر سعيّد بالسلطات وعدّل الدستور لإنشاء نظام رئاسي على حساب البرلمان الذي لم يعد يتمتّع بصلاحيات فعلية.
ومطلع 2023 نظّمت انتخابات برلمانية لم يشارك فيها نحو تسعين بالمئة من الناخبين، لانتخاب برلمان جديد محدود الصلاحيات.


التعليقات