هبطت أسهم بنوك حول العالم رغم تطمينات الرئيس الأمريكي جو بايدن التي أكد خلالها أن النظام المالي في الولايات المتحدة "آمن".
يأتي ذلك بعد أن اضطرت السلطات المعنية في الولايات المتحدة لحماية إيداعات العملاء بعد انهيار بنكي سيليكون فالي وسيغنيتشر.
وتعهد بايدن باتخاذ "كل ما يلزم" لحماية النظام المصرفي، لكن هناك مخاوف حيال إمكانية انهيار مقرضين آخرين متأثرين بتبعات انهيار هذين البنكين، مما أدى إلى هبوط حاد في أسهم بعض البنوك على مستوى العالم.
وفي وقت سابق الاثنين، تراجعت أسهم بنك سانتاندر الإسباني وكوميرسبانك الألماني بحوالي 10 في المئة دفعة واحدة. كما عانى عدد من البنوك الأمريكية الأصغر حجما من خسائر أكبر من بنوك أوروبية الاثنين رغم تأكيد جميع البنوك لعملائها على أن لديها سيولة أكثر من اللازم توفر لها الحماية من الصدمات.
وأدى ذلك التذبذب إلى ظهور تكهنات بأن بنك الاحتياطي الفيدرالي قد يوقف خطته للاستمرار في رفع الفائدة مؤقتا، وهي الخطة التي يتبعها الفيدرالي منذ فترة طويلة بهدف السيطرة على التضخم.
وقال بايدن إن الأفراد والشركات الذين لديهم إيداعات لدى بنك سيليكون فالي يمكنهم إجراء التعاملات على أموالهم بداية من الاثنين بعد أن تدخلت الحكومة لحماية إيداعاتهم بالكامل.
وواجه عدد من الشركات التي لديها إيداعات في البنك الأمريكي الذي تعرض للانهيار خطر الفشل في دفع رواتب موظفيهم ومستحقات الموردين بعد تجميد أموالهم بسبب أزمة البنك.
تعهدات بايدن
قال الرئيس الأمريكي جو بايدن إن الولايات المتحدة ستفعل "كل ما هو مطلوب" لدعم البنوك بعد سلسلةٍ من الإخفاقات التي أثارت مخاوف بشأن الاستقرار المالي.
وجاءت تصريحات بايدن بعد أن ضمنت الولايات المتحدة جميع الودائع في بنك سيليكون فالي وبنك وسيغنيتشر، اللذين انهارا الأسبوع الماضي، وفي ظل محاولات السلطات لمنع الناس من سحب أموالهم من البنوك. فيما دعا بايدن الأمريكيين للاطمئنان على النظام المصرفي الأمريكي.
ولن يتحمل دافعو الضرائب أي خسائر من هذه الخطوة، والتي توفر الحماية للمبالغ التي تصل لـ 250 ألف دولار في الودائع التي عادة ما تؤمنها الحكومة، وبدلاً من ذلك ستمول السلطات هذه المبالغ من البنك نفسه.
وكان بايدن قد ألقى كلمته اليوم وسط مخاوف من أزمة مالية أوسع عقب انهيار البنك السادس عشر في التصنيف من حيث الحجم بالإضافة إلى بنك وسيغنيتشر، موضحاً بأن السلطات ستفعل كل ما هو مطلوب.
وتم إغلاق بنك سيليكون فالي - المتخصص في إقراض شركات التكنولوجيا- من قبل السلطات الأمريكية التي استحوذت على أصوله الجمعة، وهو أكبر انهيار لبنك أمريكي منذ الأزمة المالية في عام 2008 بعد أن دفع البنك باتجاه جمع الأموال لسد الخسارة من بيع الأصول المتأثرة بأسعار الفائدة المرتفعة.
وقالت السلطات الأمريكية أيضاً إنها استحوذت على بنك وسيغنيتشر الذي كان لديه العديد من العملاء المتورطين في العملات المشفرة وكان يُنظر إليه على أنه المؤسسة الأكثر عرضة للانهيار بعد بنك سيليكون فالي.
هناك قلق من أن الإخفاقات التي جاءت بعد انهيار بنك سيلفرغيت الأسبوع الماضي ما يعد مؤشرا على مشاكل في شركات أخرى.
ورغم أن الأسواق المالية الأمريكية كانت ثابتة تقريباً في التعاملات المبكرة اليوم الاثنين، إلا أن أسهم العديد من البنوك تعرضت لضغوط، وتراجعت الأسهم في بنك فيرست ريببلك في سان فرانسيسكو بنسبة 70٪ تقريباً قبل توقف التداول حيث باع المستثمرون الأسهم ، خوفا من انهياره.
وكجزء من تحركاتها لاستعادة الثقة، كشفت السلطات الأمريكية أيضاً عن طريقة جديدة لمنح البنوك إمكانية الوصول إلى أموال الطوارئ، إذ يقول المجلس الاحتياطي الفيدرالي إنه سيقدم المساعدة من خلال برنامج جديد للتمويل البنكي لأجل، مما يسهل على البنوك الاقتراض منه في حالة حدوث أزمات.
كان يُنظر إلى سيليكون فالي على أنه مُقرض مهم للأعمال التجارية في المرحلة المبكرة في قطاع التكنولوجيا، وكان الشريك المصرفي لما يقرب من نصف شركات التكنولوجيا والرعاية الصحية المدعومة من المشاريع الأمريكية التي تم إدراجها في أسواق الأسهم العام الماضي.
في أماكن أخرى قال بنك أتش أس بي سي إنه استحوذ على فرع بنك سيليكون فالي البريطاني مقابل جنيه إسترليني واحد، بينما استحوذت السلطات الكندية مؤقتاً على أصول فرع بنك سيليكون فالي في البلاد.
قال بول أشوورث، كبير الاقتصاديين في أمريكا الشمالية في كابيتال إيكونوميكس، إن السلطات الأمريكية "تصرفت بقوة لمنع انتشار العدوى".
وأضاف أشوورث أنه "من الناحية المنطقية، يجب أن يكون هذا كافياً لمنع أي عدوى من الانتشار وإغلاق المزيد من البنوك، وهو ما يمكن أن يحدث في غمضة عين في العصر الرقمي. لكن العدوى كانت دائماً تتعلق بالخوف غير المنطقي، لذلك نؤكد أنه لا يوجد ضمانات بأن هذا سينجح".
كما أعادت الإجراءات إشعال النقاشات حول ما يجب أن تفعله الحكومة لتنظيم وحماية البنوك في أعقاب الأزمة المالية في عام 2008.
ودعا بايدن إلى ضرورة وضع تعليمات أكثر صرامة، مشيراً إلى أن المستثمرين والمسؤولين عن البنوك لن يكونوا في أمان.
وأضاف بايدن "لقد خاطروا عن قصد، وعندما لا تسدد الخسائر الناتجة عن المخاطرة يخسر الجميع أموالهم، هذه هي الطريقة التي تعمل بها الرأسمالية".
أما من جانب السيناتور الجمهوري تيم سكوت الذي يُنظر إليه على أنه مرشح رئاسي محتمل في عام 2024 فقد وصف عملية الإنقاذ بأنها مشكلة، قائلاً "إن بناء ثقافة التدخل الحكومي لن تفعل شيئاً لمنع المؤسسات مستقبلاً من الاعتماد على الحكومة والانقضاض عليها بعد وقوع المخاطر".