في العام 2020م كادت السيدة الأربعينية سعاد تفقد حياتها بعد أن عجزت أن تضع مولودها الثالث خلال ولادة طبيعية، حيث نزفت كثيرا قبيل نقلها إلى المشفى.
من خلال الاستعانة بتطبيق (وريد بنك الدم الإلكتروني) الذي انتشر استعماله في اليمن خلال السنوات الأخيرة، تمكن زوجها عمار الشيباني البحث عن فصيلة دمها (+ B) ضمن قائمة المتبرعين في أمانة العاصمة.
لم يستغرق الأمر كثيرا- وفقا لكلامه- حتى استجاب عديد المتبرعين لاتصاله، وساهموا في إنقاذ سعاد وطفلها، حيث كا من هؤلاء المتبرعين عبد السلام الكشري الذي امتدح التطبيق.
الحل من رحم المعاناة
في أواخر 2018م أسس شبان من محافظة عدن مبادرة تطوعية للتبرع بالدم تقوم فكرتها على جمع أرقام المتبرعين وفقا للفصيلة الدموية، قبل أن يتحول هذا النشاط إلى تطبيق إلكتروني حمل اسم "وريد"، والذي يعد الأول من نوعه في اليمن.
يعمل التطبيق، الذي شكل له سفراء في مختلف المحافظات اليمنية، كهمزة وصل بين المتبرعين والمحتاجين للدم والمستشفيات حسب الفصيلة والمنطقة.
ويهدف التطبيق إلى بناء قاعدة بيانات للمتبرعين وأماكن تواجدهم متضمنا أرقام التواصل المباشر.
يقول نصر عبد الكريم مؤسس تطبيق وريد: "جاءت الفكرة بعد إصابة صديقي بسرطان الدم"، في البداية حشدنا متبرعين يحملون نفس الفصيلة وكنا نوفر له الدم الكافي لكن أراد الله أن تتوسع الفكرة حتى بعد وفاة صديقي". أضاف"نسعى لإيجاد حل للمرضى وجميع الذين شاطروا آلام أصدقائهم وذويهم".
وأكد عبد الكريم أن البرنامج يوفر خدمات إضافية لمن يرغب في التبرع، مثل حماية خصوصية المتبرعين".
وأشار إلى التطبيق يوفر لمن يرغب في ذلك إمكانية إخفاء بيانات المتبرع بعد التبرع، حيث يقوم التطبيق بإخفاء بيانات المتبرع فور عملية التبرع ولا يكشف عنها إلا بعد شهور من التبرع. اضاف "يمكن تحديد أي متبرع
إظهار بياناته للمستشفى فقط بحيث لا تكون مفتوحة للجميع وتقتصر على عملية الاتصال بالمستشفى أو المركز الصحي".
يتمنى نصر أن يصل مشروعه الإنساني لدول أخرى، ويختتم حديثه واجهنا عديد الصعوبات في البداية: مثل التسويق وضم متبرعين جدد لشحة توفر بعض الفصائل النادرة، وسوء خدمة الإنترنت في اليمن وعدم تجاوب بعض المستخدمين أو إعطاء بيانات مغلوطة. استدرك قائلا:لكن الحمد لله حققنا ما نريد وخدمنا حتى اللحظة أكثر من 220 ألف مستفيد في عموم البلاد.
إشكالية التبرع في اليمن
يواجه المرضى في اليمن عديد الإشكاليات للحصول على قربة دم قد تكتب لهم عمرا إضافيا ذلك لأن نسبة التبرع بالدم مقارنة بالاحتياج ضئيلة جدا؛ لانعدام ثقافة التبرع في البلاد.
ويعاني المركز الوطني لنقل الدم وأبحاثه من صعوبات عدة أهمها مادية، ويعجز في توفير فصائل الدم.
ويعزو د/ عدنان الحكيمي المدير الفني للمركز ذلك، إلى تدني الوعي الجمعي بأهمية التبرع.
ويقول الحكيمي إن المركز يعمل جاهدا وتحت كل الظروف في استجابة الطلبات التي تأتي من المستشفيات، والمراكز، والحالات المحتاجة للدم، ولا يمكن حصر العجز الذي يواجه المركز في توفير فصائل الدم ؛ فالعامل المسبب لاحتياج الدم ليس روتينيا.
أطلق المركز الوطني خلال (2016-2020) ما يزيد عن (300) حملة شارك بها (600,000) متبرعاً استفاد منها قرابة( 700,000)، وهي أعلى نسبة تبرعا شهدها المركز ومع جائحة كورونا تراجعت هذه النسبة لتصل عدد الحملات في العام (2021) إلى (67) تبرع من خلالها (28,287) واستفاد منها (36,554) مريضا ،وتراجعت في العام (2022) إلى (57) حملة شارك بها (23,766)متبرعاً ، استفاد منها ( 28,957) محتاج للدم ومشتقاته وفقا للمركز الوطني لنقل الدم وأبحاثه في صنعاء .
وتبقى -عدم الثقة بالمركز -أبرز المعضلات التي تواجه الحملات التي تنفذ في الأماكن العامة والجامعات، والمعاهد.
وهذا بالفعل ما حققه تطبيق (وريد بنك الدم الإلكتروني) حيث حقق نسبة أمان عالية للوصول لمستحق الدم بشكل مباشر، وفقا لأبرز المتبرعين مثل أحمد شجاع الذي تبرع أكثر من(12) مرة.
استمع الآن
خلافا لذلك حقق تطبيق (وريد بنك الدم الإلكتروني) نسبة أمان عالية للوصول لمستحق الدم بشكل مباشر، وفقا لأبرز المتبرعين مثل أحمد شجاع الذي تبرع أكثر من(12) مرة.
ويعد القطاع الصحي من أبرز القطاعات -عالمياً- استفادة من التطورات الرقمية ، خاصة إذا لاقت هذه الأفكار الشبابية دعما حكومياً كما هو الحال في المملكة العربية السعودية التي تبنت فكرة شبابية شبيهة ، حملت اسم تطبيق "وتين " وهي مبادرة رعتها وزارة الصحة السعودية تهدف سد احتياج بنوك الدم ورفع نسبة التبرع الطوعي إلى 100% وتشكيل حلقة وصل بين المتبرعين وبنوك الدم .
وقال ياسر السويدان مسؤول العلاقات في منصة وتين : منذ انطلاق المنصة في العام 2017م وصلت نسبة التبرع الطوعي فيه إلى (87 %) وبلغ عدد المستفيدين 1.18 مليون مستفيد.
ويفسر السويدان هذا النجاح بانه عائد الى الثقة المتبادلة بين المواطنين و وزارة الصحة السعودية.
ويصف وظيفة المنصة بأنها وسيطة بين الحالة المحتاجة للدم والمتبرعين المسجلين .
أكبر المستفيدين
مع تفشي الأمراض المزمنة في اليمن يظل الاحتياج بازدياد دائم في ظل عجز بنوك الدم اليمنية توفير قرب الدم، ومشتقاته من خلايا البلازما والصفائح، وكريات الدم الحمراء؛ حيث يحتاج مرضى الثلاسيميا قرابة (2000) قربة دم شهريا فقط للمسجلين في جمعية للثلاسيميا .
كما أن هناك حوالي (40,000) ألف مصاب بأنيميا الخلايا المنجلية، ناهيك عن مرضى السرطان وضحايا الحوادث، والحالات الطارئة وفقا لمدير جمعية الثلاسيميا مختار الحكيمي.
وحسب د/ عدنان الحكيمي المدير الفني للمركز الوطني لنقل الدم استفاد من بنك الدم في العام 2022م حوالي (36,000) مريض معظمهم من مرضى السرطانات، وأطفال اللوكيميا، والولادات القيصرية، و أطفال الحضانات، والمشافي العسكرية، وحوادث المرور.
وتبقى مشكلة نقل الدم في اليمن من أبرز المعضلات في القطاع الصحي، فالبنية التحتية لتخزين الدم سيئة و ثقة المتبرعين بالمراكز تتلاشى كل يوم، ما يضاعف أهمية المبادرات الشبابية في هذه الحلول المعاصرة للواقع التكنولوجي المتقدم.
تم انتاج هذا ( التقرير ) بالشراكة مع مؤسسة مهارات بدعم مالي من أكاديمية دوتشيه فيليه. هذا المشروع هو ضمن "مبادرة للشفافية وحرية التعبير: صمود وسائل الإعلام في الأزمات".
إن الآراء الواردة في هذا (الفيديو، التقرير،البودكاست…) هي مسؤولية المنتج/المنتجة، ولا تعبر عن آراء ومواقف أكاديمية دوتشيه فيليه او الجهات المانحة لها و مؤسسة مهارات.