حطت اللاجئة الصومالية فاطمة نور عبدي أقدامها مرة أخرى في وطنها الذي يحاول النهوض والتعافي من حرب أهدرت من عمره نحو ثلاثة عقود.
كانت فاطمة لاجئة لستة وعشرين عاما في مدينة عدن بجنوب اليمن، والتي وصلتها طفلة مع أسرتها الصغيرة هربا من جحيم الحرب في بلادها، ضمن موجات نزوح كبيرة لآلاف الصوماليين منذ مطلع تسعينيات القرن الماضي.
دفع الشوق والحنين فاطمة للعودة إلى بلادها بعد سنوات مريرة قضتها بين شتات اللجوء القسري وبؤس الأوضاع المعيشية في بلد ليس أفضل حالا من وطنها.
سكنت الشابة الصومالية في اليمن، الذي يكتوي بالحرب والفقر، لكنها ستظل تحتفظ بذكريات جميلة عاشتها مع عشرات الأسر اليمنية التي خدمتها، وعملت على رعاية منازلها منذ أن كانت طفلة في الحادية عشرة.
تركت فاطمة (37 عاما) عدن مكرهة، وتقول في تسجيل صوتي أرسلته إلى إحدى الأسر في عدن، والتي عملت لديها لعشر سنوات، لإبلاغها بسلامة وصولها إلى العاصمة مقديشو.
قالت فاطمة "تلاحقني المعاناة. يستمر التعب، الحالة صعبة في بلادي مثلما عشتها في عدن. الوضع غير مرض، المعاناة لا تختلف في البلدين".
قبل نحو شهر، غادرت فاطمة وأمها وشقيقها عدن على متن سفينة في رحلة بحرية شاقة استغرقت 24 ساعة إلى بوصاصو نظمتها المنظمة الدولية للهجرة التابعة للأمم المتحدة.
ونُقلت فاطمة بعد ذلك بيومين إلى مقديشو حيث قررت الإقامة.
وقال مسؤولون يمنيون وحكوميون لرويترز إن المنظمة رتبت عمليات إعادة اللاجئين الصوماليين ضمن برنامج "العودة الطوعية إلى الوطن".
•المعاناة نفسها
تقول فاطمة، في حديث مع رويترز من مقر إقامتها في مقديشو "مازلت أبحث عن عمل. المال الذي جمعته في عدن دفعته إيجار سكن لنا".
ولا تزال الحكومة الصومالية تواجه مصاعب كثيرة في إعانة مواطنيها.
وتروي فاطمة "منذ وصولنا لم نتلق أي اهتمام أو دعم حكومي. لم تقدم السلطات الصومالية أي مساعدات للعائدين من اليمن".
وتابعت "تبدو الحياة هنا كئيبة. لا مفر عن المعاناة، تحاصرنا المعاناة أينما ذهبنا".
عملت فاطمة في منازل يمنيين في عدن، وحظيت بتقدير وحب من عملت لديهم، وظلت تعمل في بعض الفترات متنقلة بين ثلاثة إلى أربعة منازل في اليوم الواحد لتجني أموالا قليلة في نهاية الشهر.
وتتطلع فاطمة الآن إلى استرجاع منزل والدتها الذي وجدت آخرين قد استولوا عليه. ولجأت إلى القضاء لاستعادته.
وزار وزير الخارجية وشؤون المغتربين اليمني أحمد بن مبارك الصومال الشهر الماضي للمرة الأولى. وبحث خلال زيارته ملفات من بينها قضية اللاجئين الصوماليين وتشجيع العودة الطوعية للآلاف منهم.
وقال عماد محمد سعيد، وهو مسؤول بوزارة الشؤون القانونية وحقوق الإنسان اليمنية في عدن لرويترز، إن الوزارة على علم برحلات عودة اللاجئين الصوماليين وتتابع عن كثب هذه العملية مع الشركاء الدوليين وتتم تحت إشراف مباشر من الأمم المتحدة.
وأضاف أن اليمن في الوقت نفسه يواصل استقبال لاجئين صوماليين، بموجب القانون الدولي.
ورغم التوسع في برنامج العودة الطوعية، إلا إن اليمن مازال يشهد أمواجا هائلة من المهاجرين الأفارقة.
ويقيم اليمن مخيم خرز لإيواء اللاجئين الأفارقة في منطقة صحراوية على بعد 120 كيلومترا شمال غرب عدن.
وسجل مكتب المنظمة الدولية للهجرة في اليمن وصول نحو 73 ألف مهاجر إلى شواطئ اليمن في 2022، وهو أعلى رقم على الإطلاق بين الأعوام الثلاثة الماضية، إذ وصل في 2020 ما يقرب من 27 ألف مهاجر وفي 2021 30 ألفا.
وتقول الأمم المتحدة إن 200 ألف مهاجر في اليمن حاليا، أغلبهم من إثيوبيا، بحاجة إلى مساعدات إنسانية، منهم قرابة 43 ألفا تقطعت بهم السبل ويعيشون في ظروف مزرية.