أعلنت السلطات المحلية في محافظة أبين، جنوبي اليمن، الجمعة، سقوط عدد من القتلى والجرحى بين صفوف القوات الجنوبية، بعد نصب تنظيم القاعدة (المحظور في روسيا وعدد كبير من الدول) كمائن بعبوتين ناسفتين استهدفتا آليتين عسكريتين تابعتين للمجلس الانتقالي على مدخل وادي عومران في مديرية مودية شمال شرقي أبين.
ويأتي الاستهدافان بعد أيام من مقتل وإصابة 4 جنود من قوات المجلس الانتقالي الجنوبي، يوم الاثنين قبل الماضي، إثر تفجير "القاعدة" عبوة ناسفة بآلية عسكرية في وادي الخيالة في مديرية المحفِّد شمال شرقي أبين، وذلك بعد أسبوع من كمين مماثل نصبته عناصر التنظيم لعربة عسكرية في الوادي الاستراتيجي، أدى إلى مقتل وإصابة 6 جنود.
ومنذ إعلان المجلس الانتقالي الجنوبي، في 22 آب/ أغسطس الماضي، إطلاق عملية عسكرية أسماها "سهام الشرق" لتأمين محافظة أبين الساحلية من عناصر "القاعدة"، تصاعدت هجمات التنظيم على قوات المجلس والتي توقع قتلى وجرحى في صفوفها.
حول العمليات الإرهابية في الجنوب وقدرات تنظيم القاعدة ومدى ارتباطه بقوى وأحزاب سياسية يمنية، أجرت وكالة "سبوتنيك" المقابلة الآتية مع المقدم محمد النقيب، المتحدث الرسمي باسم القوات الجنوبية.
•بداية من يقف وراء التفجيرات الأخيرة التي طالت القوات الجنوبية في أبين؟
نحن نواجه جماعات إرهابية ليست كما يصور البعض بأنها عقائدية وجهادية منفصلة تماما عن الطموحات والأطراف السياسية التابعة لها، نواجه تنظيمات إرهابية نشأت في رحم قوى سياسية راديكالية إسلامية يمنية، ولو رجعنا إلى الوراء قليلا، نجد أن أول حرب إرهابية شنت في العالم، هي التي تم شنها علينا نحن الجنوبيين في العام 1994، حيث صاحبت تلك الحرب فتوى من قبل حزب التجمع اليمني للإصلاح، وكان ضمن قادة الجيش اليمني الذي اجتاح الجنوب أمراء من الذين اجتاحوا الجنوب قيادات وصلوا إلى مستوى أمراء تنظيم القاعدة في اليمن "جزيرة العرب" إلى آخر هذه الأسماء.
•هل تقصد أن تلك التنظيمات تمارس العمل السياسي من خلال انتمائها لبعض الأحزاب؟
هناك مؤشرات وحقائق تدل على أن تلك التنظيمات الإرهابية في اليمن لها ارتباط وثيق بقوى سياسية، ولو لاحظنا أن الخطب الإعلامية للتنظيمات والتي تتوعد القوات المسلحة الجنوبية والتحالف العربي، نجد أن خطاب تلك التنظيمات يتجانس إن لم يكن يتطابق مع الخطاب الإعلامي للإخوان، وقد شاهد العالم قيادات ورموز إخوانية في قنواتهم تتحدث بالتوازي مع هذا الخطاب الصادر عن التنظيمات الإرهابية، أضف إلى ذلك أن مناطق انتشار العناصر الإرهابية وتحركها ومسرح عملياتها يتواجد حيث مناطق انتشار القوات الأمنية التي توالي جماعة الإخوان، وقد شاهدتم في أغسطس/آب 2019، محاولة عكس مسار الحرب على الحوثيين باتجاه الجنوب وبنفس الشعارات التي يرفعها تنظيم القاعدة، هذه الأمور جميعها محفوظة وموثقة.
•هل هذا يعني أن فروع التنظيمات في اليمن تستند على جانب سياسي؟
منذ العام 1994، وهو تاريخ الاجتياح الأول للجنوب من قبل الشمال وحزب الإصلاح، حيث ظهر الأمر فيما بين القوات الشمالية والتنظيمات الإرهابية كقوة واحدة من طريقة الحرب ونهب السلاح والأموال من الجنوب، وهنا تكونت أولى ركائز تنظيم القاعدة في جزيرة العرب، وحصل بعضهم على رتب عسكرية داخل الجيش اليمني بعد عملية اقتحام الجنوب، أضف إلى ذلك أن تلك التنظيمات الإرهابية لا تستهدف أي قوى في اليمن سوى القوات المسلحة الجنوبية، وهذا يعود إلى أن الإرهاب الذي تنتهجه تلك التنظيمات هو إرهاب سياسي واضح وضوح الشمس.
•ما أهمية جبهة أبين التي كان من نصيبها العملية الإرهابية الأخيرة لتنظيم القاعدة؟
تعتبر محافظة أبين خاصرة الجنوب وتربط بين عدن وشرق الجنوب فضلا عن مكانتها السياسية وموروثها القيادي والسياسي الاجتماعي، وقد كانت أحد ركائز القوة الجنوبية قبل أن يدخل في الوحدة مع الشمال، ولذا عملت صنعاء على حشد وتصدير الإرهاب إلى هذه المنطقة، لكن في الآونة الأخيرة تمكنت القوات الجنوبية وفي مرحلتها الثانية من عملية "سهام الشرق" من تطهير وتنظيف المحافظة من أكبر وأقوى معسكرات تنظيم القاعدة، والتي استمر تأسيسها منذ العام 1994 وحتى دخول قواتنا الجنوبية إليها في عملياتها الأخيرة"سهام الشرق"، وهنا نجد أن الإخوان مستميتين منذ فترة على إبقاء الإرهاب في أبين، وقواتنا المسلحة الجنوبية قامت بعمليات كثيرة في العام 2016،2017 وتمكنت من القضاء على عناصر كثيرة منها، لكنها عادت مرة أخرى و كانت لها القوات الجنوبية بالمرصاد وتشكلت غرفة عمليات مشتركة بقيادة الرئيس عيدروس الزبيدي وبدعم من دول التحالف العربي وتم تنفيذ عملية سهام الشرق الأولى والتي نجحت في السيطرة وتطهير مختلف مديريات أبين من العناصر الإرهابية ومعاقلها الرئيسية التي يزيد عمرها عن عقدين من الزمان، ومنذ أيام أعلنت القوات الجنوبية عن عملية سهام الشرق الثانية لتعزيز الأمن والاستقرار في أبين وملاحقة العناصر الإرهابية، علاوة على انتشار تأمين المناطق التي كانت تتخذ منها العناصر الإرهابية ملاذا للعودة لها مرة أخرى، لذا ليس مستغربا أن تتعرض قواتنا لعمليات إرهابية وتفجيرات وغيرها.
•من يحكم في أبين الآن؟
بكل تأكيد أن القرار العسكري والأمني في المحافظات الجنوبية وعلى رأسها أبين بيد القوات المسلحة الجنوبية، رغم أننا نواجه تركة إرهاب كبيرة، لكن لسنا وحدنا من يعاني من الإرهاب، هناك دول عربية وإقليمية تعاني من تلك الظاهرة، نحن نواجه إرهاب تم زرعه منذ قرنين من الزمان، جاء إلى الجنوب كقوة احتلال، وطالما تتواجد ثغرات أمنية في بعض المحافظات يجب تكثيف الضغط لتطهير تلك المناطق من العناصر الإرهابية المتورطة بتنفيذ عمليات إرهابية داخل عدن، لذا فإن كل القوى اليمنية المتربصة بالجنوب والتي تطمح بالعودة للجنوب تستخدم الإرهاب.
•هل هناك تنسيق بين القوى التي تستهدف الجنوب؟
في العام 2015، عندما حاربنا ودحرنا المليشيات الحوثية إلى خارج الجنوب، هنا انتعشت العناصر الإرهابية في عدن واستغلت انشغال القوات الجنوبية بالحرب ضد الحوثيين، ولولا قيام الجنوبيين ونهضتهم ضد الإرهاب لتم تجزئة عدن إلى إمارات تابعة لتنظيم القاعدة، وخضنا معهم معركة قاسية بالفعل انتصرنا في نهايتها، ونلاحظ أن العبوات المتفجرة التي تزرع في صحراء أبين وغيرها من المناطق لن تثنينا عن المضي قدما لتطهير الجنوب من العناصر الإرهابية، وللعلم ولتأكيد المؤامرة على الجنوب أصدر الحوثيين خلال الأيام الماضية قرار بإطلاق عشرات الإرهابيين من سجونه وفي ذات الأسبوع أطلقت المنطقة العسكرية الأولى التابعة لحزب الإصلاح 12 من قيادات العناصر الإرهابية في توقيت العملية العسكرية "إعصار الجنوب".
•هل هناك تنسيق بين الانتقالي والمجلس الرئاسي والتحالف بشأن تلك العمليات ضد التنظيمات الإرهابية؟
تنظيم القاعدة قبل أسابيع أو أشهر كاد أن يتقدم نحو الطريق الدولي الذي يربط عدن مع حضرموت ويطل على بحر العرب والملاحة الدولية، هنا استشعر الجميع الخطر وكان على رأس المبادرين القوات المسلحة الجنوبية وبقية القوى وتوحد الجميع، و تمكنا من إبعاد الخطر ولا نزال مستمرين في مواجهة ردات الفعل الفاشلة للتنظيم، والأشقاء في التحالف هم الداعمين الرئيسيين في تلك العمليات، كذلك المجلس الرئاسي استشعر الخطر وأيد تلك العملية العسكرية.
•ما هي توقعاتكم الفترة المقبلة فيما يتعلق بمواجهة الإرهاب؟
قبل عامين كانت كل أدوات الإرهاب من عبوات ناسفة ومتفجرات وسيارات مفخخة يتم استخدامها في عدن وبعض المحافظات، أما اليوم فنحن نحكم السيطرة الأمنية الكاملة ونطارد العناصر الإرهابية في أوكارها الرئيسية التي لم يسبق الوصول إليها من جانب أي قوة، لذا من الطبيعي أن يحاولوا زرع العبوات الناسفة أو استهداف قواتنا في الظلام، وطالما أننا نواجه إرهاب متعدد الأوجه والسياسات فإننا جاهزون لكل ما يمكن أن تفكر فيه تلك العناصر، ونحن على ثقة أن تلك التنظيمات قد تمت هزيمتها ولو كان لديها قدرة فعلية على المواجهة.