بعد انتهاء فترة الهدنة في اليمن، الأحد، المستمرة منذ ستة أشهر، والتي تم تمديدها مرتين، وإعلان الحوثيين عن "وصول تفاهمات الهدنة لطريق مسدود"، تطرح تساؤلات عن السيناريوهات والبدائل المتوقعة، وسط دعوات عربية وأممية ودولية لضرورة تمديدها وتوسيعها منعا لعودة القتال.
وقال الحوثيون في بيان صدر مساء السبت، إن هناك تأخير في فتح مطار صنعاء وتأخير متعمد للسفن لفترات طويلة بقصد زيادة الكلفة في ميناء الحديدة، ومشاكل تتعلق بصرف رواتب الموظفين ومعاشات المتقاعدين، ومشاكل بملف الأسرى والمعتقلين، وفتح الطرق في تعز وعموم المحافظات، وقضايا أخرى.
وأضاف بيان الحوثيين "خلال ستة أشهر من عمر الهدنة لم نلمس أي جدية لمعالجة الملف الإنساني، وللأسف اتضح أن دول العدوان بعد أن استنفدوا كل أوراقهم لم يعد أمامهم إلا استهداف معيشة الشعب اليمني (..)".
وفي إطار السيناريوهات المتوقعة، قال المحلل السياسي اليمني، طالب الحسني، إنه "بعد أن قال الحوثيون إن الهدنة وصلت إلى طريق مسدود، فإن ذلك يعني أن هناك بعض الشروط للموافقة على استمرارها، وفي مقدمتها ملف رواتب الموظفين".
وأضاف الحسني في حديث لموقع "الحرة" أن "الشروط الحوثية تنحصر في حل المشاكل الاقتصادية ورفع الحصار، ولن يكون هناك تمديد للهدنة في حال عدم حل هذه المشاكل".
وتابع: "أعتقد أن التحالف سيلبي شرط دفع المرتبات للموظفين لتمديد الهدنة، لأنه ليس شرطا كبيرا أو تعجيزيا حتى يتهرب منه التحالف وتعود الحرب، وأستبعد عودة القتال، لأن التحالف بحاجة ماسة إلى الهدنة، وهو يعلم أن هناك استعداد كبير جدا من الحوثيين للعودة إلى القتال".
وجاء في بيان الحوثيين : "أصبح رهانهم (التحالف) على الورقة الاقتصادية واستمرار الحصار رهانا واضحا بعد أن أفلست كل رهاناتهم العدوانية الأخرى، وصار من الواضح أن رغبتهم ليس السلام (..)".
•بيان انتهازي
وفي وجهة نظر مغايرة للحسني، يرى رئيس منظمة سام للحقوق والحريات، توفيق الحميدي، أن بيان الحوثيين "انتهازي واستغلالي".
وقال الحميدي في حديثه لموقع "الحرة" إن "بيان جماعة الحوثي لا يخرج عن مسارين، المسار الأول قد يكون بيانا انتهازيا وابتزازيا إذا جاز التعبير، للحصول على مزيد من الضمانات وتحقيق المزيد من الشروط، مثل ما عهدنا في الهدنتين الأولى والثانية".
وأضاف أن: "المسار الثاني قد يعني أن جماعة الحوثي ربما تريد استغلال الظروف لدى معسكر الشرعية، خاصة أن هناك خلاف داخل مجلس القيادة الرئاسي باعتراف رئيسه، رشاد العليمي، وذلك لتحقيق مكاسب على الأرض لتستفيد منها على الطاولة (المفاوضات)".
وتابع: لكن أرجح المسار الأول، لأن جماعة الحوثي بحاجة لأن تقدم صورة إيجابية إلى المجتمع الدولي، ولا تريد أن تخسر التصريحات الإيجابية التي حصلت خلال الفترة الماضية".
•القلق من عدم التمديد
وفي أحدث موقف على ضرورة تمديد الهدنة، أعرب الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، الأحد، عن قلقه بسبب عدم تمديد الهدنة، مؤكدا أن الوضع الانساني الخطير في اليمن يمثل أولوية عاجلة، وأن إنهاء الهدنة سوف يعيد الأزمة خطوات للوراء.
ودعا الأمين العام الطرف الحوثي إلى إعلاء مصلحة اليمن والانخراط بإيجابية مع الجهود الرامية إلى التمديدبهدف تخفيف حدة الواقع الصعب الذي يعيشه الشعب اليمني.
•عودة الحرب
ولدى سؤاله عن البدائل المتوقعة في حال عدم تلبية الشروط، قال الحسني: "قد تكون هناك ضربات قوية توجه للسعودية وتحديدا لمواقع أرامكو وللموانئ، وستعود الحرب بقوة أكثر مما كانت عليه في السابق من ناحية الأهداف الخارجية".
وأضاف أنه "فيما يتعلق بالأهداف الداخلية، سيكون هناك محاولة لاستعادة الأراضي التي يوجد بها النفط والغاز (حضرموت ومأرب مثالا)، وفك الحصار".
وأشار المحلل السياسي اليمني إلى أن "العروض العسكرية التي أقامها الحوثيون في صنعاء قبل أيام، تبعث برسائل في هذا الشأن"، وقال إن "عرض صواريخ وأسلحة بحرية وصواريخ برية، تؤشر إلى شكل أي معركة مقبلة، وأن الحرب ستكون مختلفة تماما".
ولفت الحسني إلى أن "حرب التحرير هي حرب حتمية، وخاصة تحرير المحافظات الجنوبية والنفطية، ولا بد أن نصل إلى هذا السيناريو في المستقبل حتى لو تم تمديد الهدنة لأشهر مقبلة".
وفي سبتمبر الماضي، "استعرض الحوثيون قوتهم العسكرية في عرض ضخم نظمته الجماعة المدعومة من إيران بالعاصمة اليمنية صنعاء في الذكرى الثامنة لسيطرتها عليها، شمل أسلحة جديدة واستراتيجية لم يكشف عنها سابقا"، وفقا لفرانس برس.
بدوره أشار الحميدي إلى أن "الأعمال العسكرية لم تتوقف نهائيا خلال الهدنة بل خفت عن السابق".
وقال إن "هناك اشتباكات مستمرة بين الطرفين وإن كانت بنسبة أقل، وخاصة في محور تعز، وقد تكون هناك هدنة مؤقتة على محور مأرب، لكن باعتقادي يمكن أن تعود هذه الاشتباكات العسكرية في حال فشل الهدنة".
وأضاف أن "جماعة الحوثي ترى في الهدنة مناسبة للانفتاح على المجتمع الدولي، ولإعادة ترتيب صفوفها، ولا يمكن الاستهانة بخسائرها البشرية على محور مأرب، وبالتالي هي بحاجة لالتقاط أنفاسها".
وأوضح أن "الخيار العسكري يمكن أن يعود ولكن بشكل محدود".
•ترحيب أميركي
وبالعودة إلى المواقف الدولية الداعية إلى ضرورة تمديد الهدنة، قالت وزارة الخارجية الأميركية، السبت، إن الوزير أنتوني بلينكن تحدث مع نظيره السعودي، الأمير فيصل بن فرحان آل سعود لبحث الانتهاء الوشيك للهدنة التي توسطت فيها الأمم المتحدة في اليمن.
وأضافت الوزارة في بيان عقب المكالمة "رحب الوزير بالتزام السعودية بتمديد الهدنة"، مشيرا إلى أن "مزايا توسعة الهدنة دفع رواتب المعلمين والممرضات وموظفي الخدمة المدنية الآخرين الذين لم يتلقوا رواتبهم منذ سنوات"، إضافة لزيادة الرحلات الجوية إلى صنعاء.
وشدد بلينكن على أهمية دعم المجتمع الدولي لمجلس القيادة، معربا عن قلقه من "تصرفات الحوثيين الأخيرة".
ويدور نزاع في اليمن منذ العام 2014 بين الحوثيين المدعومين من إيران وقوات الحكومة يساندها تحالف عسكري بقيادة السعودية. وتسببت الحرب بمقتل مئات آلاف الأشخاص بشكل مباشر أو بسبب تداعياتها، وفق الأمم المتحدة.
لكن منذ الثاني من أبريل، سمحت الهدنة التي ترعاها الأمم المتحدة بوقف القتال واتخاذ تدابير تهدف إلى التخفيف من الظروف المعيشية الصعبة للسكان، في مواجهة واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم.
وشمل الاتفاق السماح برحلات تجارية من مطار صنعاء الدولي الذي كان يستقبل فقط طائرات المساعدات منذ 2016، ما مثل بارقة أمل نادرة بعد حرب مدمرة.
من جانبه، أعرب السفير الأميركي في اليمن، ستيفن فاغن، في بيان، السبت، عن قلقه من "عدم إحراز تقدم في تأمين تمديد الهدنة"، داعيا الأطراف "إلى عدم تبديد تقدم الأشهر الستة الماضية وإعطاء الأولوية للشعب اليمني بقبول الهدنة وتوسيعها".
•نتائج الهدنة
وخلال فترة الهدنة، تبادلت الحكومة اليمنية والمتمردون اتهامات بخرق وقف إطلاق النار، ولم يطبق الاتفاق بالكامل وخصوصا ما يتعلق برفع حصار المتمردين لمدينة تعز، لكنه نجح بالفعل في خفض مستويات العنف بشكل كبير.
ودعت عشرات المنظمات الإنسانية والدولية العاملة في اليمن أطراف النزاع إلى تمديد وتوسيع الهدنة مشيرة أنه خلال الهدنة "شهدنا انخفاضا بنسبة 60 في المئة في عدد الضحايا".
وقال الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، في بيان، الجمعة، "أحض بقوة الأطراف اليمنيين على تمديد الهدنة".
وأضاف غوتيريش: "أحث الطرفين بشدة على اغتنام هذه الفرصة، هذه هي اللحظة المناسبة للبناء على المكاسب التي تحققت والشروع في طريق استئناف عملية سياسية شاملة للتوصل إلى تسوية تفاوضية لإنهاء الصراع".