يعد الاكتئاب أحد أكثر الاضطرابات النفسية انتشارا وشيوعا، وعلى الرغم من أنه معروف على نطاق واسع، فإنه من النادر الحديث عن أسبابه.
قال الكاتب مارك رودريغيز كاسترو، في تقرير نشرته مجلة "بسكولوخيا إي منتي" الإسبانية- إن الاكتئاب هو اضطراب عاطفي يتم من خلاله التعبير عن الألم النفسي والانزعاج، وتشمل هذه الحالة أيضا أعراضا نفسية وجسدية، لذلك من الضروري تقييم محيط المريض، بما في ذلك الأسرة أو العمل أو الحالة العاطفية أو الزوجية، لتشخيص وتطبيق العلاج المناسب.
مضاعفات الحزن: يتجاوز الاكتئاب الشعور بالحزن، لذلك ينبغي التمييز بين الاكتئاب والحزن. ويكمن الفرق الأساسي بينهما في أن الأخير استجابة طبيعية لحافز مؤلم، ويعد هذا التعبير عن الألم الذي يتجلى عاطفيا آلية استجابة ضرورية. ومع ذلك، في حال استمر الحزن وأصبح مزمنا، سواء كان ذلك لسبب أو دون سبب، وبأشكال أكثر حدة، مما يؤثر على النشاط الطبيعي للمريض في جميع مجالات حياته اليومية، فإننا نتحدث في هذه الحالة عن الاكتئاب.
وتجدر الإشارة إلى أن الاكتئاب ليس رد فعل طبيعي، ولكنه مرض يمكن أن يؤدي إلى الإعاقة، كما تكشف الدراسات الوبائية أن حوالي 20% من سكان الولايات المتحدة يعانون من هذا المرض.
عوامل وراثية: وفي حال عانى أحد أعضاء المحيط الأسري المباشر من الاكتئاب (الآباء أو الأشقاء) فسيزيد ذلك من خطر الإصابة بهذا المرض بنسبة تتراوح بين 25 و30%.
وبحسب دراسات أجريت على توائم أحادية الزيجوت، تبين أن احتمال الإصابة بالاكتئاب لدى أحد الأشقاء يزيد بنسبة تصل إلى 50% بسبب العوامل الوراثية. ومع ذلك، يقل هذا الاحتمال إلى حد كبير لدى التوائم ثنائية الزيجوت، بنسبة تصل إلى حوالي 25%.
ومع تقدم العلم في مجال علم الوراثة، وقع التوصل إلى جينات ترتبط بمدى استعداد الفرد ليكون أكثر أو أقل عرضة للاكتئاب، على غرار ناقل السيروتونين القصير. وتشير التقديرات إلى أن ما يصل إلى 214 جينا قد يكون مسؤولا عن خطر الإصابة بالاكتئاب.
عوامل فسيولوجية: يرتبط الاكتئاب بانخفاض ناقلة عصبية تدعى السيروتونين، وخاصة في التشعبات التي تنقل نبضات المحور العصبي لإحدى الخلايا العصبية إلى مجموعة أخرى من الخلايا. لهذا السبب يستخدم الأطباء النفسيون في بعض الأحيان مجموعة من الأدوية، مثل مثبطات امتصاص السيروتونين الانتقائية والتي تعمل على زيادة الاستعداد لتقبل مستويات هرمون السيروتونين لدى المرضى المصابين بالاكتئاب.
وقد ثبت أن معدل انتشار هذا المرض يرتفع بشكل ملحوظ لدى النساء، خاصة أثناء الحمل وفترة ما بعد الولادة بسبب الاختلالات الهرمونية. ويعرف اكتئاب ما بعد الولادة بأنه اضطراب عابر يظهر بين يومين وأربعة أيام بعد الولادة ويختفي تلقائيا في غضون أسبوعين. علاوة على ذلك، هناك نوعان من اكتئاب ما بعد الولادة، وهما "بيبي بلوز، اضطراب الاكتئاب" ذاته.
في الطب، يطلق اسم "بيبي بلوز" على التغيير المعتدل في مزاج الأم الذي عادة ما يكون مرفوقا بأعراض اكتئاب بسيطة، يتجلى ذلك أساسا في قلة التركيز والقلق والحزن، فضلا عن اضطراب المزاج والرغبة الملحة في البكاء. لا تتطلب هذه الحالة علاجا لأنها تختفي تلقائيا في غضون وقت قصير.
في المقابل، فيما يتعلق بحالة اكتئاب ما بعد الولادة، تظهر الأعراض في غضون 12 أسبوعا وتكون أكثر حدة، حيث يمكن أن تنطوي على أعراض نفسية وجسدية، على سبيل المثال، في الحالة الأولى يمكن أن يتولّد شعور بعدم الجدوى أو التفكير في الانتحار أو ظهور أفكار ذات الصلة بالوفاة. أما بالنسبة للأعراض الجسدية، فقد تشمل الصداع وآلام البطن، وهو ما يستدعي علاجا طبيا.