لعقود، ردّد خبراء أنّ الأقلَّ أفضل عندما يتعلّق الأمر بالدهون. ومع ذلك، تثير بحوث حديثة تساؤلات حول هذا الأمر.
عندما تُمعن النظر في علب الألبان بمحل بقالة ستجد صفوفاً من المنتجات، منها الخالية من الدهون، وأخرى قليلة الدسم، وثالثة كاملة الدسم، فما الخيار الصحيّ؟
ترى «نيويورك تايمز» أنّ اللجوء إلى إرشادات «منظمة الصحة العالمية» سيقدّم إجابة واضحة: اختَر الخالية من الدهون أو قليلة الدهون.
أما طبيب القلب وأستاذ الطب في جامعة تافتس داريوش مظفاريان، فيرى أنّ هذه التوصية تنبع من فكرة أن منتجات الألبان كاملة الدسم تحتوي على نسبة عالية من الدهون المشبّعة، واختيار قليلة الدسم قد يقلّل خطر الإصابة بأمراض القلب.
ثم يستطرد أنّ هذه النصيحة تعود إلى عام 1980، عندما نُشرت الطبعة الأولى من الإرشادات التوجيهية الغذائية للأميركيين. ويضيف أنه منذ ذلك الحين أخفقت معظم الدراسات حول الآثار الصحية للدهون في منتجات الألبان بالوصول إلى أي فوائد وراء إعطاء الأولوية للإصدارات قليلة الدسم على حساب الأخرى كاملة الدسم.
ويشرح أنه في إطار الدراسات التي استطلعت آراء الأشخاص حول وجباتهم الغذائية، ثم تتبّعت صحتهم سنوات، خلص الباحثون إلى وجود ارتباطات بين استهلاك الألبان وانخفاض مخاطر الإصابة بحالات صحية معينة، مثل ارتفاع ضغط الدم، وأمراض القلب، والسكري من النوع الثاني.
ويضيف أنّ مثل هذه الفوائد وُجِدت أحياناً، بغضّ النظر عما إذا كان الناس قد اختاروا الزبادي أو الجبن أو الحليب قليل الدسم أو كامل الدسم. ورغم احتواء منتجات الألبان كاملة الدسم على نسبة عالية من السعرات الحرارية، وجدت الدراسات أنّ أولئك الذين يستهلكونها ليسوا أكثر عرضة لزيادة الوزن.
دهون الألبان صحية؟
من جهته، يقول أستاذ طب الأطفال بجامعة كاليفورنيا رونالد كراوس، إنّ ثمة تفسيرات محتملة للسبب وراء أنّ دهون الألبان ربما لا تكون ضارّة بالقدر الذي سبق اعتقاده، بل ربما تكون صحية.
ويتابع أنه من بين الأنواع المختلفة من الدهون المشبَّعة التي يمكن العثور عليها في الأطعمة، تحتوي منتجات الألبان على أنواع معينة تبدو محايدة أو مفيدة للصحة، بما فيها تلك المرتبطة بانخفاض مخاطر الإصابة بالسكري من النوع الثاني وأمراض القلب التاجية.
أما مديرة شؤون البحوث في «المعهد الوطني الفرنسي لبحوث الزراعة والأغذية والبيئة» ماري كارولين ميشالسكي، فتقول إنّ دهون الحليب تُعبّأ بشكل طبيعي في بنية فريدة تُسمّى الغشاء الكروي. ويمكن لمكوّنات هذه البنية المساعدة في ربط الكوليسترول في الجهاز الهضمي، ما يُحسّن مستويات الكوليسترول في الدم.
وتستنتج: «ثمة أنواع بعينها من منتجات الألبان قد تكون أفضل عن غيرها».
على سبيل المثال، يبدو أنّ الزبادي والجبن هما الأكثر ارتباطاً بالفوائد الصحية، والسبب المُحتَمل أنهما من الأطعمة المخمَّرة التي يمكن أن توفر البكتيريا الجيدة للأمعاء. ويشير مظفريان إلى أنها تحتوي كذلك على جزيئات مفيدة أخرى تتكوّن أثناء التخمير، بما فيها فيتامين «ك» المرتبط بصحة القلب.
ويبدو أنّ الأجبان الأكثر صلابة، مثل «التشيدر» و«البارميزان»، تؤدّي إلى امتصاص الدهون في الدم بشكل تدريجي أكثر من الأجبان الطرية والزبد، ما قد يساعد على الشعور بالشبع فترة أطول.