تم استخدام الزنجبيل طبيًا منذ آلاف السنين، لكن الأبحاث حول آثاره المضادة للالتهابات لدى البشر كانت ضئيلة. غير ان دراسة صغيرة وجدت أن الزنجبيل لديه القدرة على المساعدة في إدارة بعض أمراض المناعة الذاتية بسبب قدرته على وقف نشاط خلايا الدم البيضاء التي تسبب الالتهاب.
وعلى الرغم من أن الزنجبيل يستخدم منذ فترة طويلة كعلاج منزلي لمجموعة متنوعة من الأمراض، إلا أنه لم يكن هناك الكثير من الأبحاث على الأشخاص الذين يعانون من أمراض المناعة الذاتية لتفسير سبب وجود تأثيرات مضادة للالتهابات في جذر الزنجبيل، كما تقول الدكتورة كريستين ديمورويل أحد كبار مؤلفي الدراسة أستاذة مشاركة بأمراض الروماتيزم بكلية الطب بجامعة كولورادو بأورورا.
وتوضح ديمورويل «في بعض الأحيان، يُنظر إلى المكملات الغذائية على أنها فوائد صحية محتملة أقل، لأن الدراسات التي توضح بالتفصيل كيفية عملها لا يتم إجراؤها بدقة على الأشخاص. وان الجديد في دراستنا هو أننا نظهر مسارًا محددًا يمارس من خلاله الزنجبيل تأثيرًا مضادًا للالتهابات، خاصة لدى الأشخاص؛ وهو ما يدعم بقوة استخدام مكملات الزنجبيل لدى الأشخاص لتقليل الالتهاب»، وذلك وفق ما نشر موقع «everydayhealth» الطبي المتخصص.
كيف قام الباحثون بتقييم تأثيرات الزنجبيل المضادة للالتهابات؟
وفي الدراسة، التي نُشرت يوم (الجمعة) الماضي بمجلة «JCI Insight»، أجرى الباحثون سلسلة من الاختبارات المعملية لتقييم تأثير مكملات الزنجبيل على جهاز المناعة، وتحديدًا النظر في نشاط خلايا الدم البيضاء المعروفة باسم العدلات. فعندما تعمل العدلات بشكل طبيعي، فإنها تساعد الجسم على مكافحة الالتهابات، حسب «كليفلاند كلينيك». لكن عندما تصبح العدلات مفرطة النشاط، فإنها يمكن أن تسبب الالتهاب الذي هو السبب الجذري للعديد من أمراض المناعة الذاتية.
فقد أعطى العلماء أولا مكملات 6-جينجيرول (مادة كيميائية مضادة للأكسدة في الزنجبيل) للفئران التي كانت تعاني من أحد اثنين من أمراض المناعة الذاتية: متلازمة مضادات الفوسفوليبيد (APS) أو الذئبة. إذ كان لدى الفئران أدلة أقل على فرط نشاط العدلات في الاختبارات المعملية بعد أن تلقت مكملات الزنجبيل.
وبعد ذلك، طلب الباحثون من تسعة متطوعين من البشر الأصحاء تناول 20 مليغراما من مكملات الزنجبيل يوميًا لمدة أسبوع واحد. فأظهرت الاختبارات المعملية أن المكملات الغذائية ساعدت أجهزة المناعة لدى المتطوعين على أن تصبح أكثر قدرة على مقاومة العمليات الخلوية التي تؤدي إلى فرط نشاط العدلات.
وفي الفئران والبشر، بدا أن مكملات الزنجبيل تمنع عملية تعرف باسم تكوين مصيدة العدلات خارج الخلية (NET)، والتي تتسبب في فرط نشاط خلايا الدم البيضاء.
وتتطور العديد من أمراض المناعة الذاتية، بما في ذلك APS والذئبة، عندما تهاجم خلايا الدم البيضاء المفرطة النشاط في الجهاز المناعي الخلايا السليمة؛ الذي يظنها غزاة أجانب مثل البكتيريا أو الفيروسات.
وتشرح ديمورويل «ان فرط تكوين الشبكة العصبية متورط في الالتهاب المرتبط بمجموعة من الأمراض كالتهاب المفاصل الروماتويدي، ومتلازمة مضادات الفوسفوليبيد، والذئبة، وحتى كوفيد-19. وعلى هذا النحو، يمكن أن تبدأ النتائج التي توصلنا إليها في التركيز على الأشخاص الذين قد يستفيدون من تأثيرات الزنجبيل المضادة للالتهابات».
لا تكثر من مكملات الزنجبيل
حتى الآن كانت الدراسة صغيرة جدًا وأولية جدًا بحيث لا يمكنها استخلاص استنتاجات عامة حول ما إذا كان وصف مكملات الزنجبيل لعلاج أمراض المناعة الذاتية سيكون آمنًا أو فعالًا. كما أنه ليس من المسلم به أن مكملات الزنجبيل ستكون مفيدة لكل أنواع أمراض المناعة الذاتية، كما يقول لورانس تاو دكتوراه في الطب أستاذ سريري مدير مركز الطب الشرقي والغرب بجامعة كاليفورنيا بلوس أنجليس الذي لم يشارك في الدراسة الجديدة. مبينا «ليست كل الالتهابات متماثلة. قد لا يكون الزنجبيل مفيدًا، أو قد يؤدي إلى تفاقم أشكال أخرى من الالتهابات، بما في ذلك التهاب المفاصل الصدفي، ومرض التهاب الأمعاء، والتهاب الجلد». واستدرك تاو بالقول «مع مكملات الزنجبيل، عليك الحذر من زيادة خطر النزيف بالإضافة إلى التفاعلات المحتملة مع الأدوية، بما في ذلك مميعات الدم».
وهو ينصح أي شخص يرغب في تجربة مكملات الزنجبيل لإدارة مشكلاته الطبية بمراجعة طبيبه أولاً، مشددا «ان استهلاك المزيد من الزنجبيل في الأطعمة أمر يستحق المحاولة. لكن الطريقة الأكثر أمانًا لاستخدام الزنجبيل إذا كنت تعاني من أحد أمراض المناعة الذاتية هي إضافته إلى نظامك الغذائي ومعرفة ما إذا كان يساعد في علاج الالتهاب».
من جانبها، تقول الدكتورة سامانثا هيلر أخصائية التغذية السريرية بجامعة نيويورك لانغون هيلث بمدينة نيويورك التي لم تشارك في الدراسة «من المحتمل ألا يكون هناك أي ضرر في الطهي بالزنجبيل؛ فلقد تم استخدام الزنجبيل طبيًا وفي الطبخ منذ آلاف السنين. فهو يشتهر بخصائصه المضادة للالتهابات ومضادات الأكسدة ومضادات الغثيان. إن إضافة الزنجبيل، سواء كان طازجًا أو محفوظًا أو متبلورًا أو مخللًا أو مجففًا أو مطحونًا، إلى الأطباق قد يوفر بعض الشفاء».