لطالما تعرضنا للدغات البعوض في كل الأوقات من السنة، لكنها قد تكون أشد وأكثر وضوحا في الصيف والليالي التي ترتفع فيها رطوبة الجو.
إناث البعوض هن التواقات دائما إلى وجبات الدم من البشر والحيوانات، كونها لا تستطيع إنتاج البيوض من دون تلك الوجبات.
لكن هل يجب أن نقلق من لدغات البعوض؟
قبل الإجابة عن هذا السؤال دعونا نفهم ما الذي يحدث عند لدغة البعوضة.
عندما تلدغك البعوضة فإنها تخترق جلدك باستخدام جزء خاص من فهما يسمى الخرطوم معد لاختراق الجلد وامتصاص الدم.
ونظرا إلى أن البعوضة تتغذى على الدم فإنها تحقن لعابا في مسام الجلد، وهذا اللعاب يمتاز بسمة مماثلة للتخدير، لذلك لا تشعر باللدغة إلا بعد أن تبتعد هذه البعوضة وتطير.
وفق الباحثين، يحتوي لعاب البعوض على بروتينات مختلفة وغريبة عن جسم الإنسان تسبب الحساسية في الجسم الذي يتعرف على بروتين البعوض كشيء غريب، لذلك تبدأ الخلايا المناعية بمهاجمته مما يسبب الحكة والحساسية والإزعاج.
واقعيا، لا تسبب اللدغة في حد ذاتها الحكة، بل استجابة الجهاز المناعي للمواد التي أفرزها لعاب البعوض داخل جلد الإنسان هي التي تسبب رد الفعل والحساسية، وهذا ما يفسر أن بعض الأشخاص لا يكون لديهم رد فعل قوي تجاه لدغات البعوض، مقارنة بآخرين يمكن أن يطوروا ردود فعل مزعجة وأكثر إيلاما وتورما.
المراكز الأميركية لمكافحة الأمراض والسيطرة عليها تصف لدغات البعوض بأنها الأكثر فتكا في العالم، فالأمراض المنقولة بسبب تلك الحشرات الطائرة يمكن أن تصيب دول العالم بأوبئة مختلفة وخطيرة.
هل يجب فعلا أن نقلق بسببها؟
نعم، يجب أن نقلق إذا أدت لدغة بعوضة إلى أعراض مثل الحمى والقشعريرة والصداع وآلام المفاصل، وتجب استشارة الطبيب. ما عدا ذلك، فلدغة البعوض قد تكون أعراضا مألوفة لبعض الناس.
لكن يجب الأخذ بعين الاعتبار دائما أن بعض الأشخاص ومنهم أطفال وكبار السن لديهم حساسية مفرطة للدغات البعوض، مثلما هناك أشخاص لديهم حساسية للدغة النحل أو غبار الطلع، لذلك يجب توخي الحذر.
يمكن للدغات البعوض الماصة للدماء أن تنقل أكثر من 6 أمراض خطيرة:
حمى الضنك: تحذر اليوم منظمة الصحة العالمية من ارتفاع حالات الإصابة بحمى الضنك في العالم، السبب هو الاحتباس الحراري وندرة الرعاية الصحية في بعض المناطق الفقيرة أو المتضررة من الكوارث الطبيعية والحروب.
البعوض قادر على البقاء على قيد الحياة حتى في حالة شح المياه.
قد تزداد حمى الضنك أثناء حالة الفيضانات وكذلك في حالات الجفاف وارتفاع درجة الحرارة.
خبراء منظمة الصحة يحذرون من أن نصف سكان العالم معرضون للإصابة بحمى الضنك أو حمى تكسير العظام كما يطلق عليها.
بعض الأشخاص لا يعانون أعراضا وقد يتعافون بعد مرور أسبوعين من بداية الحمى، لكن في حالات أخرى شديدة هناك من يحتاج إلى رعاية طبية في المستشفى، فهذه الحمى قد تكون قاتلة في غضون أسابيع قليلة.
الملاريا: أودت الملاريا بحياة أكثر من 600 ألف شخص في عام 2021. كما سجلت في العام نفسه نحو 250 مليون إصابة جديدة.
ويرى خبراء الصحة أن احتمال إصابة الأطفال في المناطق الفقيرة بمرض الملاريا يكون بمقدار خمسة أضعاف مقارنة بغيرهم من أطفال العالم.
الملاريا مرض مهدد للحياة يسببه نوع من الطفيليات تنتقل إلى البشرة بلدغة البعوض وهو يدمر كريات الدم الحمراء، مما يؤدي إلى فقر دم شديد. تشخيص المرض وعلاجه في مراحله المبكرة يخففان من الأعراض.
فيروس غرب النيل: لدغات البعوض الحامل لفيروس غرب النيل تسبب للبشر في اضطرابات عصبية والوفاة في بعض الحالات.
هذا الفيروس الذي يطلق عليه اختصارا WNV، يظهر في بيئات محددة أثناء انتشار البعوض في مواسم معينة كأواخر الصيف أو أوائل الخريف.
إن تمكن الفيروس من عبور الحاجز الدماغي الدموي فقد يسبب التهاب السحايا ويفتك بالأغشية المحيطة به والنخاع الشوكي، وفي الحالات المتقدمة من الحمى والحرارة والخدر، يمكن أن يكون سببا في فقدان البصر وحدوث الشلل.
يشير اختصاصيو الرعاية الطبية إلى أن فيروس غرب النيل يتطلب رعاية طبية خاصة وطارئة لاحتواء المضاعفات قبل أن تستفحل في جسم الإنسان وأعصابه.
وعلى الرغم من عدم وجود أي لقاح مخصص لهذا النوع من الفيروسات في الوقت الحالي فإن الإصابة تستوجب البقاء في المستشفى حتى لا تنتشر العدوى ويتفاقم المرض.
الحمى الصفراء: هذا المرض يهدد اليوم نحو 40 دولة في العالم.
هو مرض نزفي شديد يسببه فيروس ينتقل أيضا بلدغة البعوض يسمى بالزاعجة، وهذا البعوض الذي يتكاثر حول المنازل والغابات يمثل تهديدا محتملا للأمن الصحي العالمي.
الحمى الصفراء النزفية قد تقضي على نصف المرضى الذين يدخلون المرحلة السامة في غضون 10 أيام من إصابتهم.
وعادة يصعب تشخيص الحمى الصفراء بسبب تشابه أعراضها الأولية مع الملاريا ومع التهاب الكبد الفيروسي، لكن في مرحلة معنية من مسار المرض، تتأثر أجهزة الجسم ويصاب الإنسان باليرقان، ويمكن أن يحدث نزيف من الفم أو الأنف أو العين والمعدة.
يعد التطعيم إحدى أهم وسائل الوقاية من الحمى الصفراء، وجرعة واحدة منه تؤمن الحماية مدى الحياة.
ووفقا للوائح الصحية الدولية، توجد اشتراطات صحية على المسافرين منها تقديم شهادة تطعيم من الحمى الصفراء قبل سفرهم إلى الدول التي تقع في دائرة الخطر.
فيروس زيكا: قبل سنوات، عاد اسم فيروس زيكا إلى العلن بعد ارتفاع حالات الإصابة بين الرضع بتشوهات مختلفة أبرزها صغر الرأس، وتقلصات الأطراف وتشوهات في العينين.
آنذاك رفعت منظمة الصحة العالمية من تحذيرها تجاه لدغات البعوض الزاعجة التي تشير التقديرات إلى أن 15% من الرضع الذين يولدون لنساء مصابات بفيروس زيكا لديهم تشوهات خلقية.
وعموما يوصف الآن فيروس زيكا بأنه من الحالات الخفيفة التي عادة ما تزول أعراضها بعد أسبوع واحد، لكن يجب على الحامل طلب المشورة الطبية وعمل الفحوص المخبرية عند تعرضها للدغة بعوض سببت الحمى والتعب وألم العضلات.
داء الشيكونغونيا: هو أيضا مرض فيروسي ينتقل عبر البعوض المصاب بفيروس “ CHKV”.
يؤدي إلى حمى شديدة تترافق عادة مع آلام في المفاصل والعضلات، ونادرا ما تحدث حالات وفاة بسبب حمى شيكونغونيا، لكن هذا المرض قد يؤدي عند بعض الأشخاص من الفئات الخطيرة ككبار السن والأطفال إلى مضاعفات تؤثر على القلب والأعصاب.
حقائق غريبة عن البعوض
على الرغم من الخطر المعروف للبعوض على الناس، فإن هناك بعض الحقائق المسلية عنه:
يمتلك مجسات متطورة جدا ويتفوق على كل المجسات الطبية في تحديد مواقع الأوعية الدموية.
ذكر البعوض يتغذى على رحيق الأزهار وهو كائن مسالم عكس الإناث اللاتي يتغذين على الدم.
أنثى البعوض تتميز بحاسة دقيقة جدا تمكنها من تحديد موقع الضحية، فهي تستشعر تركيز غاز ثنائي أكسيد الكربون المنبعث من تنفس الحيوانات والإنسان، والبعوضة لديها حاسة شم قوية جدا جدا.
البعوض ينجذب للحوامل بنحو ضعف انجذابه للآخرين، ويعود ذلك إلى ارتفاع درجة حرارة جسم الحامل مقارنة بغيرها وازدياد كمية ثنائي أكسيد الكربون المنبعثة منه.
خرطوم الامتصاص لدى البعوض يتمتع بقدرة عالية على الحركة والالتواء، وبمقدوره الانطواء بـ90 درجة.
البعوضة تأكل الدم ولا تمتصه حيث تقوم بتصفية الماء الموجود في الدم وتخرجه على شكل قطرات من الجانب الخلفي من جسمها، وهي تستهلك البروتينات الموجودة في الدم لتنتج البيوض وتتكاثر.