دعا العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز إيران الخميس إلى تغيير "سلوكها السلبي" في المنطقة والاتجاه نحو التعاون، بعد أيام من اتهام الرياض لخصمها اللدود بمساعدة متمردي اليمن على مهاجمتها.
لكن خطاب الملك السنوي في مجلس الشورى جاء أقل حدة تجاه الجمهورية الاسلامية من خطاب العام الماضي حين اتهمها بدعم الارهاب وتأجيج "نيران الطائفية"، علما أن القوتين الاقليميتين منخرطتان في محادثات منذ أشهر.
وبعد تأخير لأكثر من ثلاث ساعات عن موعد بث الكلمة أُبلغ به الصحافيون في البداية، ألقى الملك الذي سيبلغ الجمعة السادسة والثمانين عاما، كلمة مقتضبة عبر شاشة، مشيرا إلى أنّ باقي الخطاب مكتوب وسيوزّع على أعضاء المجلس.
وكان الملك غاب عن قمة دول مجلس التعاون الأخيرة في وقت سابق من الشهر الجاري في السعودية، وقد ترأسها نجله ولي العهد الشاب الامير محمد بن سلمان الحاكم الفعلي للبلاد.
وقال العاهل السعودي في كلمته التي نشرتها وكالة الأنباء الحكومية "إيران دولة جارة للمملكة، نأمل أن تغير من سياستها وسلوكها السلبي في المنطقة، وأن تتجه نحو الحوار والتعاون".
وأضاف "نتابع بقلق بالغ سياسة النظام الإيراني المزعزعة للأمن والاستقرار في المنطقة بما في ذلك إنشاء ودعم الميليشيات الطائفية والمسلحة والنشر الممنهج لقدراته العسكرية في دول المنطقة، وعدم تعاونه مع المجتمع الدولي فيما يخص البرنامج النووي وتطويره برامج الصواريخ الباليستية".
وقال أيضا "كما نتابع دعم النظام الإيراني لميليشيا الحوثي الإرهابية الذي يطيل أمد الحرب في اليمن ويفاقم الأزمة الإنسانية فيها، ويهدد أمن المملكة والمنطقة".
وكان التحالف العسكري الذي تقوده السعودية في اليمن والداعم للحكومة المعترف بها دوليا، اتهم الأحد إيران وحزب الله اللبناني بإرسال خبراء وعناصر إلى مطار صنعاء لمساعدة المتمردين على إطلاق صواريخ بالستية وطائرات مسيّرة تجاه المملكة من المطار.
وقد تسبب أحدها بمقتل شخصين مساء الجمعة الماضي، في هجوم هو الاكثر دموية في السعودية منذ نحو ثلاث سنوات.
واليمن غارق في حرب مدمرة منذ أكثر من سبع سنوات، دفعته إلى شفير المجاعة وسط تدهور كبير في نظام الرعاية الصحية.
وأدّى النزاع منذ 2014 بين المتمردين الحوثيين والسلطات اليمنية، إلى نزوح ملايين اليمنيين. وتوقعت الأمم المتحدة أن ترتفع حصيلة ضحايا الحرب بشكل مباشر وغير مباشر إلى 377 ألف قتيل بحلول نهاية العام الحالي.
و تخوض السعودية، وهي من أهم حلفاء الغرب في منطقة الخليج، منافسة ضارية مع إيران في منطقة الشرق الأوسط حيث يدعم الجانبان فصائل متناحرة في عدة صراعات تسمل اليمن وسوريا ولبنان.
وطردت السعودية ودول خليجية أخرى مبعوثي لبنان في أكتوبر تشرين الأول في خلاف دبلوماسي زاد من حدة الأ زمة الاقتصادية في لبنان. وقال مسؤولون سعوديون إن جذور الأزمة مع بيروت تعود إلى تكوين سياسي لبناني يعزز هيمنة جماعة حزب الله المسلحة المدعومة من إيران.
وقال الملك سلمان "كما تقف المملكة إلى جانب الشعب اللبناني الشقيق، وتحث جميع القيادات اللبنانية على تغليب مصالح شعبها، والعمل على تحقيق ما يتطلع إليه الشعب اللبناني الشقيق من أمن واستقرار ورخاء، وإيقاف هيمنة حزب الله الإرهابي على مفاصل الدولة".
وفي خطوة صوب تخفيف التوتر، التقى مسؤولون سعوديون وإيرانيون في سلسلة من المحادثات المباشرة في وقت سابق من العام الجاري لكنها لم تسفر بعد عن أي انفراجة.
على الصعيد الاقتصادي، جدد الملك سلمان حرص المملكة، أكبر مصدّر للنفط في العالم، على استمرار العمل باتفاق مجموعة أوبك بلاس "لدوره الجوهري في استقرار أسواق البترول".
وفي بداية الشهر الحالي، قرر أعضاء منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) وحلفاؤهم العشرة في تحالف "أوبك+" (بلاس)، مواصلة سياسة زيادة الإنتاج تدريجيا رغم المخاوف المتعلقة بالمتحورة أوميكرون لفيروس كورونا.