بعد سنوات من البرود مع جيرانها الخليجيين صارت سلطنة عمان في قلب منافسة غير معلنة بين السعودية وقطر.
وتأتي الزيارة المرتقبة لولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان إلى مسقط لتأكيد رغبة السعودية في توسيع دائرة التعاون مع سلطنة عمان بعد أقل من أسبوعين على زيارة السلطان هيثم بن طارق إلى الدوحة وحصوله على وعود قطرية لافتة عكستها اتفاقيات عسكرية واقتصادية متنوعة.
وقال متابعون للشأن الخليجي إن السعودية وقطر تدركان أهمية انفتاح السلطان هيثم على المنطقة ومرونته في التعامل مع معطيات إقليمية واستراتيجية متغيرة، مع الاحتفاظ بالأسلوب العماني المستقل الذي شكل السياسة الخارجية للسلطنة على مدى عقود.
وأضاف المتابعون أن سبب البرود السابق في العلاقة بين الرياض ومسقط هو العلاقة مع إيران، وأن السعودية بدورها بدأت تتعاطى مع هذا الملف بأسلوب مختلف وتسعى للحوار مع طهران لتخفيف التوتر ومحاولة فصل الخلاف السياسي الحاد في قضايا إقليمية عن الحاجة إلى تعاون بين البلدين المحوريين في الخليج ولو بشكل محدود.
وأشار هؤلاء إلى أن السلطنة يمكن أن تلعب دورا مساعدا في هذا الحوار، خاصة بعد وُرود أنباء عن نقل الحوار السعودي – الإيراني من بغداد إلى العاصمة العمانية التي باتت تمتلك خبرات كافية في احتضان حوارات مختلفة، سواء أكانت متعلقة بإيران أم بالملف اليمني. ويوفر هذا الوضع فرصة أمام السعودية لتنشيط مساعيها الهادفة إلى تحقيق انفراجة في حرب اليمن.
ولعبت مسقط دور النافذة الخارجية الرئيسية التي تمكّن الحوثيين من الانفتاح على العالم، وهناك أجروا حوارات مع الأميركيين، ومع ممثلي الأمم المتحدة، ومع أطراف يمنية تابعة للشرعية مثل حزب الإصلاح الممثل لجماعة الإخوان المسلمين.
ونقلت وكالة بلومبرغ عن مصدرين مطلعين أن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان يعتزم القيام بأول زيارة له إلى سلطنة عمان خلال الأسابيع المقبلة.
وتقول مصادر عمانية إن الزيارة ستشهد افتتاحا تاريخيا لأول منفذ حدودي بري مباشر بين البلدين، وهو منفذ الربع الخالي.
وينتظر أن يتم افتتاح أول طريق بطول 800 كيلومتر يربط بين السعودية وسلطنة عمان، بعد اكتمال إنشاء المرافق اللازمة لتقديم الخدمات إلى مستخدميه. ويمر الجزء الأكبر من الطريق عبر السعودية ويمتد إلى البعض من أصعب التضاريس في العالم، بما في ذلك الربع الخالي.
ولفتت بلومبرغ إلى أن علاقات السعودية مع سلطنة عمان لطالما اتسمت بالفتور بسبب العلاقة الوطيدة بين السلطنة وإيران، إلا أنها تعززت أكثر خلال العام الماضي.وكان سلطان عمان سافر إلى السعودية في وقت سابق من هذا العام، في أول زيارة رسمية له إلى الخارج، وحظي باحتفاء رسمي سعودي كبير، حيث كان في مقدمة مستقبليه ولي العهد في مطار مدينة نيوم المطلة على البحر الأحمر، وبعد ذلك توجه مباشرة إلى لقاء العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز.