وصلت أعداد الحجاج المحدودة اليوم الإثنين إلى صعيد عرفات لأداء أهم أركان مناسك الحج عشية عيد الأضحى، في ثاني حج في ظل تهديد وباء كوفيد-19 الذي أفرغ الجبل من الحشود التي كانت تتدفق إليه سنويا.
وأكّد المتحدث باسم وزارة الصحة محمد العبد العالي في مؤتمر صحافي مساء الأحد عدم تسجيل أي إصابة بفيروس كورونا بين الحجاج حتى الآن.
ووصل الحجاج الذين كانوا باتوا ليلتهم السابقة في منى الأحد الى مشعر عرفات في مجموعات صغيرة في حافلات وقد وضعوا كمامات طبية وحافظوا على مسافات واضحة بينهم تطبيقا لقواعد التباعد الاجتماعي.
وأدوا الصلاة في مسجد نمرة قبل صعود الجبل لقضاء ساعات من الدعاء والتكبير. وأظهرت لقطات متّلفزة حجاجا يبكون من التأثر وهم يدعون الله في المسجد.
ويبقى الحجاج في عرفات حتى غروب الشمس، ثم ينتقلون الى مزدلفة للمبيت فيها.
ويجمعون الحصى فيها لاستخدامها في شعيرة رمي الجمرات في اليوم الأخير من الحج غدا.
ووزعت بعض الجمعيات الخيرية وحملات الحج مظلات وسجّادات وحصى جمرات معقمة على الحجاج.
وفي اليوم الأول من عيد الأضحى الثلاثاء، يقوم الحجاج بالتضحية بالذبائح ويبدأون رمي الجمرات في منى.
وشهد صعيد عرفات خطبة الوداع التي ألقاها النبي محمد قبل وفاته منذ نحو 1400 عام من جبل الرحمة، أعلى نقطة في عرفات.
•"جسدي يرتجف"
ويتزامن موسم الحج مع ارتفاع في عدد الإصابات بكورونا في مختلف أرجاء العالم، لا سيما بسبب انتشار النسخ المتحورة من الفيروس، ورغم حملات التلقيح المستمرة منذ أشهر.
وسجّلت السعودية حتى الأحد أكثر من 509 آلاف إصابة بفيروس كورونا، بينها 8075 وفاة.
ويقتصر الحج هذا العام على المقيمين الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و65 عاما والذين تلقوا جرعتي لقاح، ومن غير ذوي الأمراض المزمنة.
وأكدّت السلطات أن جميع العاملين في مجال خدمة الحجاج ومساعدتهم لقحوا بالكامل أيضا.
وأعربت المصرية سلمى حجازي (45 عاما) عن "بالغ سعادتها" للمشاركة في الحج هذا العام.
وقالت لوكالة فرانس برس "اشعر أن جسدي يرتجف. ربنا اختارني من بين الملايين".
وقال الشاب نصر أبو الجداير (29 عاما) "اشعر وكأنني في حلم"، مشيرا إلى طغيان مشاعر "السكينة والطمأنينة" عليه.
وبالنسبة للسعودي بارك سراج (58 عاما)، فإنّ مجرد الوقوف أمام جبل الرحمة وسط العدد القليل من الحجاج يشعره "برحمة الله" عليه.
•تكنولوجيا "تواكب العصر
والحج من أكبر التجمعات البشرية السنوية في العالم وبؤرة رئيسية محتملة لانتشار الأمراض، ويمثل تنظيمه في العادة تحدّيا لوجستيا كبيرا، إذ يتدفّق ملايين الحجاج من دول عدة على المواقع الدينية المزدحمة.
وأكّدت وزارة الحج أنّها تتبع "أعلى مستويات من الاحتياطات الصحية" في ضوء جائحة كوفيد-19 ومتحوراتها الجديدة.
وقال مدير إدارة الحج والعمر
في وزارة الصحة سري عسيري لقناة الإخبارية الأحد إنّ "فرق الصحة العامة تتابع الوضع الصحي للحجاج عند وصولهم لمكة على مدار الساعة"، مشيرا إلى "توفير غرف عزل حال وجود إصابات" بالفيروس ورفع جهوزية المستشفيات في العاصمة المقدسة.
واستحدثت المملكة وسائل تكنولوجية لضمان تطبيق التباعد الاجتماعي والحد من انتقال العدوى، فنشرت روبوتات لتوزيع مياه زمزم المباركة واستخدمت بطاقات ذكية ستسمح بوصول الحجاج دون تلامس بشري إلى المخيمات والفنادق ونقلهم في المناطق المقدسة.
وقال المصري ابراهيم صيام (64 عاما) الآتي من الدمام في شرق المملكة، إنّ الإجراءات التكنولوجية منذ بدية التسجيل للحج "جعلت الأمور أسهل كثيرا".
وأضاف الرجل الذي ترافقه زوجته "الأمور تواكب تطورات ومتطلبات العصر".