[ AFP ]
قال ناشطون إن إيران، تكّثف حملة القمع مع اقتراب الذكرى السنوية الأولى لوفاة الشابة مهسا أميني، حيث أطلقت حملة اعتقالات في صفوف شخصيات عامة وناشطين وأقارب أشخاص قُتلوا على أيدي قوات الأمن خلال احتجاجات العام الماضي.
وقال قائد القوات البرية في «الحرس الثوري» محمد باكبور، اليوم: «يجب هزيمة التيار المعادي لإيران الذي يجمع هوليوود ومشاهير والانفصاليين».
ونقلت وكالة «تسنيم» التابعة لـ«الحرس الثوري»، أن بلاده تواجه «حرباً هجينة» بـ«القوة الناعمة وشبه الصلبة والصلبة للضغط على الرأي العام الإيراني». وأضاف: «على ضوء جهود مقاتلينا، تحولت الاستراتيجيات الأميركية اليوم في المنطقة أمنيات».
ودعا باكبور إلى ما سماه «جهاد التبيين» لمواجهة أدوات «العدو»، مثل الفضائيات وهوليوود والإنترنت والمشاهير، و«الانفصاليين» (المعارضة غير الفارسية)، والمسيّرات و«الجماعات الإرهابية المتشددة».
وأدت وفاة الشابة الكردية الإيرانية البالغة 22 عاماً أثناء احتجازها لدى الشرطة في 16سبتمبر (أيلول) 2022 على خلفية «سوء الحجاب»، إلى احتجاجات حاشدة في إيران تضمنت المطالبة بإسقاط الحكام.
وكسرت تلك الاحتجاجات محرّمات ومسّت بالأسس الآيديولوجية للهيئة الحاكمة التي تأسست عام 1979 فرُدِّدت شعارات ضد المرشد الإيراني علي خامنئي وخرجت نساء في مسيّرات في الشوارع من دون حجاب.
لكنّ الاحتجاجات هدأت إلى حد كبير، ما عدا بعض التحركات المتفرقة؛ بسبب القمع الذي أدى إلى توقيف الآلاف بحسب الأمم المتحدة، ومقتل المئات، بحسب ناشطين حقوقيين.
ويؤكّد ناشطون خارج إيران أن السلطات كثّفت حملة القمع، خشية تجدد الاحتجاجات في الذكرى الأولى لوفاة أميني.
ومن بين الأشخاص الموقوفين خلال شهر أغسطس (آب)، المغني الشهير مهدي يراحي بعد نشره أغنية ينتقد فيها إلزامية وضع الحجاب في إيران.
وبالإضافة إلى يراحي، أُوقفت 11 ناشطة في مجال حقوق المرأة في محافظة جيلان (شمال)، وهي إحدى المناطق الأكثر تأثراً بالاحتجاجات العام الماضي، بحسب وكالة نشطاء حقوق الإنسان في إيران (هرانا).
وقالت «هرانا» على منصقة إيكس (تويتر سابقاً): إن «الأوساط الأكاديمية الإيرانية تشهد ضغوطاً متزايدة من المؤسسات الأمنية. وقد واجه ما لا يقل عن 22 أستاذاً جامعياً الطرد أو الإيقاف عن العمل».
من جهتها، تؤكّد منظمة العفو الدولية، أن عائلات المتظاهرين الذين قُتلوا خلال حملة القمع كانوا ضحايا «توقيفات واحتجازات تعسفية لانتزاع صمتهم والإفلات من العقاب» في ما يخص مصير أقاربهم.
وقال هادي قائمي، رئيس مركز حقوق الإنسان في إيران ومقرّه نيويورك، لوكالة الصحافة الفرنسية: «هذه التوقيفات هي محاولة واضحة للسلطات الإيرانية لبث الخوف بين السكان مع اقتراب الذكرى السنوية المقبلة ومنع اندلاع احتجاجات جديدة».
وأظهر تقرير لمنظمة العفو الدولية، أن أُسَر أشخاص قُتلوا خلال حملة القمع، تعرضت لاستجوابات مسيئة وتوقيفات واحتجازات تعسفية وملاحقات قضائية وإدانات مجحفة في الأشهر الأخيرة.
وقالت ديانا الطحاوي، نائبة مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال إفريقيا في منظمة العفو الدولية: إن «قسوة السلطات الإيرانية لا تعرف حدوداً»، متهمة السلطات الإيرانية بـ«محاولة شريرة للتستر على جرائمها».
وبحسب «هرانا» ومنظمة «هنكاو» غير الحكومية ومقرّها في النرويج، أوقفت قوات الأمن الكثير من أقارب ضحايا الأحد، بمن فيهم والدة حنانة كيا، وهي شابة تبلغ 22 عاماً قتلتها قوات الأمن بالرصاص في سبتمبر (أيلول) 2022 في بداية الاحتجاجات.
وقال مركز حقوق الإنسان في إيران ومقرّه نيويورك: إنه خلال ثمانية أيام فقط من هذا الشهر، جرى استدعاء 21 من أفراد عائلات الضحايا إلى المحكمة أو جرى احتجازهم.
وقالت رؤيا برومند، المديرة التنفيذية لـ«مركز عبد الرحمن برومند» ومقرّه الولايات المتحدة: إن «أفراد عائلات الضحايا تم استهدافهم بشكل منهجي للغاية». وأضافت: «لقد تم اعتقالهم واستدعاؤهم بشكل متكرر والتحقيق معهم أو مداهمة منازلهم»، مضيفة أنه تتم ممارسة ضغوط عليهم لعدم نشر أي شيء على وسائل التواصل الاجتماعي أو التجمع لإحياء الذكرى أو التحدث علناً.
وفي تقرير منفصل، نددت منظمة العفو الدولية بعودة حملة القمع على النساء غير المحجبات، مع تسيير دوريات وتثبيت كاميرات. لكنّ صوراً تُنشر على شبكات التواصل الاجتماعي تُظهِر أن العصيان لا يضعف.
من جهتها، أكّدت منظمة حقوق الإنسان في إيران غير الحكومية ومقرّها في النرويج، أن 486 شخصاً أُعدموا في إيران هذا العام «لبث الخوف في المجتمع ومنع اندلاع احتجاجات جديدة».
وأضافت أنه في حين أُعدم سبعة رجال على خلفية الاحتجاجات، وهو أمر أثار غضباً دولياً؛ فإن معظم الذين شنقوا كانت تهمتهم تجارة المخدرات أو القتل وهم «ضحية رخيصة لآلة القتل في الجمهورية الإسلامية».
كما نُفّذت عمليات توقيف في المنطقة ذات الأغلبية الكردية في غرب إيران والتي تتحدّر منها أميني وبدأت منها الاحتجاجات.
وبحسب «هنكاو»، قُبض على سارو مستجر، شقيق أحد أعضاء مجلس إدارتها جيلا مستجر، في سقز، مسقط رأس أميني، واقتيد إلى مكان مجهول. وقالت برومند: إن القمع «الممنهج» «يهدف إلى منع نشر الأخبار ومقاطع الفيديو وصور الضحايا وإحياء ذكرى الضحايا والتجمعات الأخرى وتجنب تجدد التعبئة العامة داخل إيران وخارجها».
من جهته، أعرب هادي قائمي عن قلقه إزاء «صمت المجتمع الدولي» الذي يعدّه بمثابة «ضوء أخضر للأجهزة الأمنية لمواصلة تكميم أفواه المجتمع المدني».