استدعت قطر مئات المدنيين، بمن فيهم دبلوماسيون بالخارج، للخدمة العسكرية الإجبارية، وذلك لإدارة نقاط تفتيش أمنية في الملاعب التي ستحتضن مباريات كأس العالم التي تنطلق 20 نوفمبر المقبل، وفقًا لما نقلته وكالة رويترز.
ويسلط استدعاء المدنيين، الذين يؤجل بعضهم عادة الخدمة العسكرية لضرورات مهنية، الضوء على التحديات التنظيمية التي تواجهها الدولة الخليجية الصغيرة التي ستستضيف واحدة من أكبر البطولات الرياضية في العالم.
وحسب وثائق تدريبية، اطلعت عليها رويترز، يتدرب المجندون الجدد على إدارة طوابير الانتظار الأمنية في الملاعب وتفتيش المشجعين واكتشاف المواد الممنوعة مثل الأسلحة والكحول أو المخدرات المخبّأة.
ويبلغ عدد سكان قطر 2.8 مليون نسمة، ويتوقع أن يعرف البلد تدفقا غير مسبوق، لحوالي 1.2 مليون زائر للبطولة.
وفي أوائل شهر سبتمبر الجاري، أي قبل ثلاثة أشهر من انطلاق البطولة التي ستستمر لـ29 يوما، صدرت أوامر لمدنيين بالحضور في الصباح الباكر، إلى معسكر الخدمة الوطنية شمال العاصمة القطرية الدوحة.
ونقلت رويترز عن مصدر وصفته بأنه مطلع، فقد تم إبلاغ المدنيين عن استدعائهم لتقديم المساعدة في كأس العالم، مشيراً إلى أنّ من "واجبهم الوطني" القيام بذلك.
في تعليقه على الموضوع، قال مسؤول حكومي قطري، في بيان لرويترز، إن برنامج الخدمة الوطنية القطري سيستمر كالمعتاد خلال كأس العالم.
وأضاف البيان "سيقدم المجندون دعما إضافيا خلال البطولة كجزء من البرنامج العادي، تماما كما يفعلون كل عام في المناسبات العامة الكبرى، مثل احتفالات اليوم الوطني".
ومنذ عام 2014، يفرض على الرجال القطريين الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و35 عاما، التدريب في الجيش لمدة أربعة أشهر على الأقل كجزء من الخدمة الإلزامية التي أقرها الأمير الشيخ تميم بن حمد آل ثاني. ويمكن أن يؤدي التهرب منها إلى عقوبة سجنية لمدة عام وغرامة قدرها 50 ألف ريال قطري (13.700 دولار).
الحماية بـ"الابتسامات"
في هذا السياق، تقول الباحثة المشاركة في المعهد الإيطالي للدراسات السياسية الدولية، إليونورا أرديماغني، إن الهدف من استدعاء المدنيين للخدمة في المونديال "بناء الانضباط وتعزيز التماسك الاجتماعي والوحدة الوطنية".
وفي السنوات الماضية، شارك المجندون القطريون في احتفالات اليوم الوطني وترتيبات اليوم الرياضي الوطني، فيما أجّل دبلوماسيون في الخارج الخدمة.
وصرّح مصدر رويترز، بأن المجموعة الحالية من المدنيين المستدعين للخدمة الوطنية، يستفيدون من إجازة مدفوعة الأجر لمدة أربعة أشهر من وظائفهم في مؤسسات قطرية رئيسية، مثل شركة قطر للطاقة المملوكة للدولة ووزارة الخارجية.
واستدعت قطر دبلوماسييها من عدة بعثات خارجية، بما فيها بالولايات المتحدة والصين وروسيا. ومن المتوقع أن يعودوا إلى مناصبهم بعد كأس العالم، بحسب الوكالة.
ويقدّم المجندون تقاريرهم إلى معسكر الخدمة الوطنية كل خمسة أيام، حيث يحضرون دورات تدريبية يجريها مسؤولون من الشعبة الأمنية لمنظمي المونديال القطري واللجنة العليا للمشاريع والإرث.
وقال المصدر، إن المتدربين يتعلمون التعامل مع المشجّعين بـ"لغة جسد إيجابية وتركيز وابتسامة"، مع الالتزام بمقتضيات الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وتجنب التمييز ضد الجماهير على أي أساس.
وفي صباح يوم 22 سبتمبر، شوهد حوالي 30 مشاركا في الخدمة الوطنية في أحد المرافق الأمنية المؤقتة خارج استاد خليفة الدولي، أحد الملاعب الثمانية التي ستقام فيها المباريات، مرتدين أحذية وبدلات رياضية، برفقة اثنين من المشرفين.
واستقبل ملعب لوسيل المحتضن للمباراة النهائية للمونديال، والذي تبلغ سعته 80 ألف متفرج، جمهورا قريبا من هذا الحجم، في وقت سابق من هذا الشهر. واصطف المشجعون بعد مغادرتهم الملعب لساعات للوصول إلى المترو، كما نفد الماء من المنظمين بين شوطي المباراة في أمسية خليجية حارة من أواخر الصيف.
ويعتزم منظمو كأس العالم تخفيف القوانين القطرية الصارمة التي تحد من البيع العام للكحول، من خلال السماح بتقديم البيرة بالقرب من الملاعب قبل ساعات قليلة من انطلاق المباريات.